الثقافة العربية والمتغيرات العالمية
في حمأة المتغيرات العالمية, والانتقال من عصر الى عصر, تتوالى المستجدات الثقافية, وبمعزل عن قدراتنا الثقافية العربية, فإن قانون التأثر والتأثير يحكم الواهر الإنسانية كما المادية, كيف تبدو الثقافة العربية أمام زحف العولمة وتقدم ثقافات الغرب؟ وهل ثمة فرصة للتعبير عن خصوصية ثقافية, أو لحماية الخصوصية الثقافية ؟
تصف المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الكسو) حال الثقافة العربية في نهايات القرن العشرين, فتحدد ثلاث سلبيات أساسية هي: قصور الاستشراف المستقبلي, وثقل القيود على الحريات ,وسيادة الإعلام الترفيهي السطحي.
ولعل هذه السلبيات تختصر جانباً واسعاً تختصر جانباً واسعاً من أزمة الثقافة العربية, وتحث المعنيين لمعالجتها بتبصر وموضوعية.
ويمكننا إضافة سلبيات أخرى كظواهر القمع أوالتسلط, والانبهار بالغرب أو التبعية, وتزايد الفردية والشطط القيمي عند المثقفين العرب, وقصور الأنظمة التربوية والتعليمية, ومحدودية الفكر النقدي المستند الى العقلانية.
وصحيح ان الثقافة العربية, كتعبير اساسي عن الحضارة الإسلامية, بلغت في الماضي مرتبة عليا في السلم الحضاري العالمي.
فحضارتنا هذه من الحضارات الكبرى في التاريخ – كما يؤكد المؤرخ الإنكليزي أرنولد توينبي – وقد تركت إيجابيات عظيمة في مسيرة الحضارة الإنسانية, واسست للنهضة الأوروبية الحديثة.
وكثيراً مانقرأ اليوم عن تلك الثقافة في معرض الدفاع عن الخصوصية القومية والوطنية, ونراجع في ذاكرتنا وكتبنا وكتاباتنا أجيالاً من الرواد الكبار في الحضارة العربية – الاسلامية .. كل ذلك صحيح.
غير ان الصحيح كذلك هو انكفاء هذه الحضارة ,وتالياً الثقافة العربية, منذ زمن تحت وطأة المشكلات الداخلية, والعوامل الخارجية الضاغطة التي تندرج في إطار صراع القوى الدولية.
ومما يؤسف له أن يأتي تصنيف الدول العربية في نهاية القرن العشرين في مرتبة متأخرة في مجالات البحث العلمي ,والتطور التقاني, والنمو الاقتصاديوالاجتماعي, وتطبيقات حقوق الانسان وحرياته الأساسية.. وبتعبير آخر, أين هو حاضرنا من ماضينا المجيد الذي نتغنى به وقد صنعه أجدادنا الراحلون.
في المقابل ,نشهد الثورة الالكترونية المعاصرة بقيادة الغرب, وقد شهدنا ,ومانزال, تطوراً إدارياً هائلاً في الغرب هائلاً في الغرب مكن الدول الغربية من توظيف إمكاناتها المادية والبشرية بصورة فضلى – وان بطريقة نسبية بين دولة وأخرى – لتقطع أشواطاً متقدمة في إنجاز البنى التحتية المادية والثقافية, وتطوير نظمها السياسية والاقتصادية ,وتحقيق ثورة العلوم والاتصالات..
هذه وقائع نعيشها, بصرف النظر عن معتقداتنا وسياساتنا وأهدافنا.. سواء أأعجبنا الغرب أم لم يعجبنا.