قبل الأنترنت كنت رجلاً بين الرجال فرداً بين جمهور الخصيان العربي الذي أسمه رجال العرب , لقد منحني الأنترنت العربي في مواقع مثل الحوار المتمدن ومرآة سورية و السياسة و الحزب السوري القومي الأجتماعي فضيلة أن أكون رجلاً بحق أعطاني حرية الكتابة بعدما سحب مني رجل المخابرات و رجال الأمن و فطاحل الحزب الحاكم حرية القول و الكتابة بالتدريج.
تجربتي مع الصحافة المطبوعة سيئة و قصيرة لأنها سيئة كما أنها طويلة زمنياً ليس في النشر و إنما في الكتابة دون نشر , فمن أنت لكي تنشر إذا لم تكن صديقا لرئيس التحرير أو مدير التحرير أو محرر الصفحة الفلانية . من أنت لتنشر إذا لم تكن حماراً في الحزب الحاكم – عذرا من جمهور الحمير و لاسيما الحمار الأمريكي – أو كلباً لدى فرع الأمن الفلاني السياسي العسكري الأقتصادي الثقافي الأعلامي الداخلي الخارجي الشرقي الغربي الجنوبي الشمالي و ما هب و دب من أمن دولة أمن جنائي أمن بطيخ و خيار و فقوس فول بحمص تسقية بسمنة وزيت ... وهكذا في النهاية الرزق على الله !! الكلمة الأحب لجمهور الصحفيين العرب الذين رفضوا التنازل
كانت الصحافة الألكترونية العربية و الحوار المتمدن في رأسها حلاً بل حلاً شاملاً لي وللمئات من ناحية البوح والقدرة على الكتابة العلنية دون أسماء مستعارة أو تنازلات " بسيطة" هي عملياً تنازلات تلغي الكتابة و الصحافة من أساسها , تنازلات نشك أن يقدمها صحفي غير عربي و نشك حتما أن يطلبها رئيس تحرير صحيفة غير عربية فما بالك بوزير ثقافة أو وزير اعلام لسبب بسيط هو أنه سوى في حكومات العرب لا توجد وزارات أعلام أو ثقافة فما هو هذا الأعلام الذي تجعل له شخصاً يقوده و رسناً يقاد به و الأمر عينه للثقافة , لأنه ببساطة الثقافة تقود الرجال و العقولا و ليس الرجال من يقودون الثقافة و الإعلام لاسيما إذا كانوا بلا عقول . هكذا كانت الحوار المتمدن و سواها حلاً , حلاً ثورياً بمعنى الكلمة المعنى الممتلئ باستثناءات صغيرة ...
أجل صار بامكان العربي أن يصبح رجلاً على شبكة الأنترنت العربية بل صار بإمكان المرأة المفكرة أو الشاعرة أن تصبح رجلاً و نصف – ليس بالمعنى الذكوري طبعاً- من أجل ذلك أصبح من دأب الرقابة الحكومية الأمنية العربية أن تحجب كل المواقع العربية التي تتيح للعربي أن يصبح رجلاً فحجب الرقيب السوري موقع أيلاف و موقع أخبار الشرق و أسلام أون لاين و العشرات غيرها , بل أصبح يعيق وصول رسائلهما اليومية للمشتركين كما يحصل معي شخصياً , فالرقيب و من ورائه العقل المخابراتي للأنظمة الشمولية تخشى من الرجولة رجولة الكلمة التي ترجّ الأرض تحت معاقلهم رجّا , فمقتل أي نظام عربي ليس بحرب مسلحة لكن مقتله بالكلمة كلمة الحق مثلما بقاءه وقف على كلمة باطل و ما أكثر كلام الباطل و التضليل و ما أكثر حملته , كل وزارات الإعلام و الثقافة في الأنظمة الشمولية تحمل لواء البهتان و الكذب و التضليل , لذا سعى هؤلاء لحجب ما يستطيعون و التضييق على ما يستطيعون من مواقع الكترونية
بهذا المعنى فالأنترنت العربي الحر- و الحوار المتمدن بالطبع - أداة ثورية بحق , فقط لأننا في عصر المعلومات و الكلمة , العصر الأقرب إلى المثال الأعلى للبشر في كل عصر , عصر العقل المثال .
- 2 -
سؤال يطرح نفسه هل الصحافة الألكترونية يمكن أن تلغي صحافة المطبوع و المرئي و المسموع , نعتقد أن أحدا لا يلغي أحد لكن أحدا يتميز عن سواه و هذا حق و مطلب . فما يميز الصحافة الألكترونية أمر جديد بل و غريب على العرب على الأقل في العصر الحديث , هذا الغريب هو الحرية و جرأة الكلمة , وهنا نستطيع القول أن الصحافة الألكترونية العربية مرشحة لمزيد من حقن الحرية و الشفافية و الأمر كله مرهون بالحلول التقنية الجديدة التي تمكن المواقع الجريئة السياسية خصوصاً من التغلب على الحلول التقنية لأجهزة الرقابة الأمنية العربية التي صار في كل نظام أمني فرع مخابراتي خاص بالمعلوماتية و الأنترنت كما في سورية مثلاً , و هذا السباق بين أجهزة المخابرات للأنظمة الشمولية العربية من جهة و بين مواقع الأنترنت السياسية العربية و المتصفحين العرب من جهة ثانية لابد أن يصل إلى مرحلة حاسمة إما للأمن أو للعلم و هنا ننتظر من العقول العربية الحرّة كلمتها في هذا المجال لأن الأنظمة المخابراتية القمعية تستقطب عقولا عربية مهمة للأنتصار على أي حل يقوم به المستخدم العربي- السوري خصوصاً- يفك به المواقع المحجوبة العربية نذكرّ هنا بالحرب القائمة بين المهندس السوري بافل علي و الرقيب المخابراتي السوري على الأنترنت , فكلما وضع بافل علي حلاً أو أقام موقعا جديدا للدخول إلى مواقع سياسية محجوبة في سورية قام الرقيب الأمني بحجب هذا الموقع الجديد ... و هكذا الحرب مستمرة
الشركات الغربية في مجال الحلول التقنية ستتعاون بالطبع مع أجهزة المخابرات لأنها ببساطة تدفع أكثر كما أن هذه الأجهزة لا تعدم عونا تقنيا من دول و جهات خارجية تساعدها على سياستها القمعية , لذلك أعتقد أن على الأحزاب العربية أحزاب المعارضة و حقوق الأنسان و المواقع العربية السياسية الجريئة أن تقيم أمتن علاقات التعاون و الصداقة مع شركات تطور الحلول التقنية الجديدة التي لا يمكن حجبها و كذلك أن تحرص على كسب العقولا المبدعة في مجال التقانة المعلوماتية , بذلك يمكنها أن تخوض الحرب بثقة