تعرضت أمتنا العربية والإسلامية لكوارث ونكبات عديدة، وأحاطت بها التحديات والمؤامرات، وأصيب تاريخها المديد بالعديد من المحن والأزمات والمصائب، ولا أحد يختلف على أن العصر الحالي هو عصر الإعلام، والإعلام الغربي يعتبر هو الداعم الأول للإعلام الإسرائيلي، هذا الإعلام الصهيوني القذر الذي آلته الدعائية دائما حاضرة وتعمل جنبا إلى جنب كجزء من آلة الحرب الإسرائيلية التي تشقلب الحقائق وتزيفها وتضلل الشارع العربي والغربي معا، فإعلامهم يتمتع بملاءة إعلامية خطيرة تجعل الإنسان حيران، وتجعل الحق باطلا والباطل حقا، فقد نجحت إسرائيل بالتحكم في العالم عن بعد عن طريق الإعلام، وهي على دراية تامة بأن الشارع العربي تتحكم فيه عواطفه.
فقبل التوغل علينا أن نعترف أن آلة الدعاية الإسرائيلية لها تجارب ناجحة سواء في مخاطبة المواطن الغربي أو في مخاطبة الرأي العام الداخلي في إسرائيل، أما بالنسبة للإعلام الغربي المساند الأول لإسرائيل فالغربيون خبراء في التضليل الإعلامي فلديهم جيوش جرارة من علماء النفس وعلماء الإعلان وعلماء الدعاية، فالبروباجندا أصبحت هي العلم الذي يعتمدون عليه في الحروب، فقد نجحوا في تأليب وتحريض المحيط السياسي العربي ضد المقاومة وتحويل الرأي العالم الدولي والعربي وانقسامه بين المعارض والمؤيد، فقد نجح إعلامهم الخبيث في استقطاب المواطن العربي وإيهامه بأنه المتنفس الوحيد كرمز للديموقراطية وحرية الرأي، ولكن الديموقراطية التي خدعونا بها هم أبعد ما يكونون عنها.. تماما كالديموقراطية التي ساقوها إلى العالم العربي وبالأخص لفلسطين، ألم يقولوا سابقا إننا نريد سلطة فلسطينية ديموقراطية! وبعد أن قيض الله لحركة حماس الفوز والانتصار السياسي من خلال دخول الانتخابات وفوز حماس بصناديق الاقتراع كقوة أولى في السلطة، قاموا بعد ذلك بالتنكر لها وأداروا لها ظهورهم، وهذا أكبر دليل نسوقه لكم على نفاقهم السياسي وكذب ادعائهم الديموقراطي، فهم دائما يعلنون عن شيء ويفكرون بشيء آخر، فهم يؤمنون بشدة بمقولة «ما خلقت عقود السياسة إلا لنكثها»، فقد اتضح مما لا يدعو مجالا للشك أن الديموقراطية التي يتشدقون بها لا تخدم مصالحهم، فقد أصبحت بالوناتهم وتخريجاتهم مكشوفة، وأنا أفهم السياسة الاميركية كالتالي... أميركا تستخدم إسرائيل كأداة لتنفيذ أجندتها في المنطقة، فهي لا تنظر إلا لمصلحتها البحتة فإذا هي حاربت العرب وإسرائيل وحدتهم عليها فهي تقرب واحدا وتدعمه وتبعد الآخر، وهي بذلك تضرب الفريقين واحدهم بالآخر حتى يتفانيا، وفي هذه الأثناء تدمر ما تبقى من الأول المقرب باسم الأول نفسه إلى أن تخور قواه ولم يعد يقوى على المجابهة ولم تعد له القوة على معاندة أميركا، فيأتي إليها راضخا ويطلب المعونة، وفي هذه الأثناء تجهز عليه وتفرض شروطها وتجعله تابعا ذليلا ينفذ أوامرها، وبذلك تسيطر على العالم ويصبح العالم تحت هيمنتها، وإسرائيل تصبح غبية إذا لم تفهم ذلك.
لذا يجب على الاعلام العربي أن يعي رسالته ويتحد ويعمل كجزء من آلة الدفاع الإعلامي العربي ضد الهجوم الإسرائيلي الأميركي الموحد، فمنطقة الشرق الأوسط مستهدفة فهي على رأس أولويات الأجندة الصهيوأميركية، لذا لزاما علينا أن نستثمر كل وسائل العصر الحديثة كالفضائي من القنوات، والعالمي من الشبكات، ووسائل المعلومات، ونقنع الرأي العام العالمي بالقضايا العربية والإسلامية، فلا أحد يستطيع أن ينكر دور الإعلام بنقل الخبر بالصوت والصورة ومدى تأثيره، فأول من استخدم الصور للتأثير هم اليهود الصهاينة عندما سوقوا صور المذبحة وصور أفران الغاز التي كان يحترق فيها اليهود خلال الفترة النازية، فقد استثمروا هذه الصور في الدعاية بشكل متقن لاستعطاف وإقناع العالم بقضيتهم «محرقة الهولوكوست».
فحرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة هي حرب على جبهتين الجبهة العسكرية والجبهة الإعلامية، فإسرائيل أمضت شهورا في التخطيط للعمل الدعائي الميداني الذي سيصاحب هجوم غزة، وما إن بدأت الهجوم قامت بالترويج بأنها هي الضحية وهذه الحرب هي للدفاع عن نفسها، فجوهر الرسالة الإعلامية الإسرائيلية والإعلام الغربي المتضامن معها الذي ينصب في قالب واحد هو «أن إسرائيل مرغمة على ما تقوم به لأنها ترد على الصواريخ التي تطلق عليها وهدفها البنى التحتية للإرهاب في غزة وكذلك مقاتلو حماس ولا شك أن بعض المدنيين سيقتلون لكن السبب هو كون حماس تخبئ مقاتليها وأسلحتها بين هؤلاء المدنيين»، فيخطئ من يتوهم أن خنجر العدوان الإسرائيلي مقتصر على صدر غزة وحدها بل هو موجه إلى صدر العرب جميعا، وعلى الجانب الآخر نجد الإعلام العربي مرتبكا وغير موحد وأعلن إفلاسه ولفظ أنفاسه في هذه الحرب القذرة على غزة، فهو يتبع سياسة الدول التابع لها، فالإعلام العربي شلت إرادته المهنية بسبب هذه التبعية المفرطة للسلطة السياسية التي تتحكم فيه، مما جعل البعض يترك إعلام بلده ويذهب إلى نوافذ إعلامية أخرى تتمتع بدرجة عالية من الحرية والموضوعية والحياد، لذا لزاما علينا أن نوجه خطابا إعلاميا إسلاميا عربيا موحدا يصل إلى العمق الغربي وينفذ إلى عقل المواطن الغربي وينقل أحداث غزة بالصوت والصورة ليس فقط من خلال اللغة الإنجليزية أو الفرنسية أو أي لغة أخرى وإنما من خلال خطاب عربي إسلامي قادر على الإقناع، وقادر على التعامل مع منهجية المواطن الغربي في التفكير لكي نساعده في فهم ما يحدث من صراعات في الشرق الأوسط، ولكي يتمكن المواطن الغربي من تكوين اتجاهاته الحقيقية والموضوعية، ومهمتنا يجب ألا تقتصر على المواطن الغربي العادي بل يجب أن تتعداه بتوجيه رسائل للشخصيات المهمة في المجتمع الغربي على مختلف مستوياتهم لتوضيح قضايانا بذلك نقوم بتحويل المواطن الغربي إلى قوة ضاغطة على الضمير الغربي لكي تتبنى دولهم سياسة أكثر موضوعية وأكثر حيادية إزاء مشكلة الصراع العربي ـ الإسرائيلي وبالأخص ما يحدث في غزة الآن.
فالكل يتفق على أن الشبكات الإلكترونية أصبحت وسيلة إعلام وأداة اتصال شديدة الأهمية في العصر الحالي تواكب تطورات العصر، فلابد أن نحمل رسالة الاسلام والعرب الحقة ونعمل على إيجاد قنوات إعلامية تبث قضية فلسطين وقضايانا الإسلامية الأخرى بلغة الغرب أنفسهم، وأن نخلق موجة شعبية عربية إسلامية عبر شبكات الإنترنت ونبعث برسائل إلكترونية مصورة لكي يرى المواطن الغربي حقيقة الأحداث الجارية في غزة الآن، فأمتنا مليئة بالكفاءات، وثرية بالطاقات، وزاخرة بالقدرات، فهل تعجز الأمة بكفاءاتها ومواردها البشرية والمادية عن أن ينبري منها من يقوم بملء المخزون الإعلامي العربي ويقر عيون العالم الإسلامي بإنشاء قنوات إعلامية عربية وإسلامية وشبكات معلوماتية نستخدمها في إدارة الصراع العربي ـ الإسرائيلي، ونقدم من خلالها المعلومات التي تصحح مفاهيم المواطن الغربي عن أبعاد الصراع الحاصل بين العرب وإسرائيل، ولن أقول الصراع الحاصل بين حماس وإسرائيل، فالبعض يحاول جاهدا أن يحصر الصراع الدائر الآن بين حماس وإسرائيل، وهو في حقيقة الأمر صراع أزلي بين العرب وإسرائيل، وأن حقيقة الحرب الدائرة الآن ليست على الإرهاب كما يدعون بل هي الحرب على الإسلام.
أيها الأحبة.. إن أميركا وإسرائيل ودول الغرب عندما ينظرون إلى الكرة الأرضية من فوق لا ينظرون إلى العالم العربي على أنه دول وأديان وثقافات وحضارات ولغات، بل يرون العالم العربي على أنه حزام نفط، وحزام غاز، وإلى آخره من الثروات، وكل خططهم وإستراتيجياتهم هي كيفية القفز والاستيلاء على هذه الثروات بالقوة، وإن كل ما يدعونه من القضاء على الإرهاب وغيره من المصطلحات كلها مرام إستيراتيجية أميركية للسيطرة على هذه الثروات، فهم لن يستطيعوا أن يهيمنوا ويستولوا على هذه الثروات إلا بالقضاء على إرادة المقاومة وكسر شوكتها واجتثاثها من المنطقة، وما حكاية شرق أوسط جديد التي أعلنتها رايس في حرب لبنان في صيف 2006 إلا لخلق عالم عربي مستسلم للإرادة الأميركية ومجرد من ثقافة المقاومة ويقبل بتعويم الكيان الاسرائيلي الصهيوني داخله تعويما استراتيجيا وسياسيا كاملا، فأميركا تريد شرق أوسط جديدا لا يحمل أي مشروع لأهله إنما تريده جزءا من السوق العالمية،لأن أساس المشروع الأميركي الأوروبي هو توحيد السوق العالمية لخدمة الاقتصاد الغربي، وغزو العراق أكبر دليل على هذه الأطماع، فالنفط الاحتياطي العراقي يساوي الاحتياطي في نفط أميركا والصين والمكسيك وروسيا مجتمعين.
فكل ما أعلنته أميركا من أهداف في حرب العراق سواء حول حقوق الانسان والمذابح أو عن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل وغيرها من الأهداف ما هي إلا شعارات أطلقتها للبهرجة الإعلامية لتغطية هدفها الخبيث للسيطرة على النفط العراقي، ولنرجع بالذاكرة إلى الوراء قليلا وتحديدا إلى مارس 2003 فإن أول ما دخلت القوات الأميركية إلى بغداد توجهوا مباشرة إلى وزارة النفط العراقية وحرسوها حراسة مشددة وتركوا باقي الوزارات وأرض العراق مستباحة للسلب والنهب.
يا أمة الإسلام.. إن حربهم هي الحرب على الإسلام، فأكثر ما يرعب أميركا وإسرائيل ودول الغرب وأكثر ما يخشونه هو الاسلام، فهم يعلمون جيدا أن الاسلام هو المحرك الرئيسي والحيوي للشعوب والجماهير الاسلامية والعربية، ولكم أن تنظروا الى وقوف الشعوب العربية والاسلامية المشرفة في وجه الكيان الصهيوني في حربه على غزة الآن، فالإسلام هو الذي يدفع ويحث الشعوب على الممانعة والمقاومة، وهذا الذي يرعب أميركا، فقوى الممانعة والمقاومة تشكل خطرا كبيرا على أهداف أميركا وإسرائيل التي ترغب في الاستيلاء على أراضينا وثرواتنا ومقدراتنا، لذا لزاما علينا كدول عربية وإسلامية أن نستند ونعتمد ونتكئ على المنظومة الإسلامية وندعم المقاومة التي تود أن تقضي عليها أميركا بكل ما أوتيت من وسائل بما فيها قمع المقاومة والتضليل الإعلامي المصاحب لهذا القمع، فالوسيلة الفعالة لصد الهجمة الصهيوأميركية الشرسة على قطاع غزة الأعزل هو الدين الإسلامي والدعوة إلى المواجهة العسكرية والجهاد، فأزمتنا معهم تاريخية وأزلية لا يحلها مجلس الأمن الذي هو أصلا صناعة أميركية إسرائيلية، ولا تحلها قرارات دولية التي لم ينفذ منها أي شيء لمصلحة فلسطين منذ عام 1948 وحتى وقتنا الحالي، ولكن تُحل بالمقاومة وفي الميدان، ولا ينبغي أن نضع السلاح ونبدأ بالعمل السياسي والمفاوضات.. فالسلاح يجب أن يكون دائما موجودا، لأن فكرة نزع السلاح التي تطالب بها أميركا خطيرة جدا، فعلينا أن نكون على درجة عالية من الحيطة والحذر واليقظة ونلتف حول المقاومة لأنها مستهدفة، فبالمقاومة نرفع راية الإسلام خفاقة.
يا أمة الإسلام.. علينا جميعا أن نبدأ من الآن بالتصدي للغزو الفكري الغربي ونقف في وجه موجات التخويف والترهيب التي يستخدمها الإعلام الغربي والإسرائيلي في دعايته والتي يصدرها للعالم العربي، وعلينا أن نقوم بكنس الوهم الذي يعشش في أذهاننا وعقولنا وهو تفوق الغرب علينا، ونفيق من وهم قوة الغرب وفكرة أننا انتهينا وما علينا إلا الاستسلام، فحرب لبنان وحرب غزة الآن جعلتانا نزيح هذه الفكرة الوهمية التي أقنعنا أنفسنا بها على مدى هذه السنين وهي التفوق العسكري الإسرائيلي، فنقطة الانطلاق التي تحرر إرادتنا من هذا الوهم هي المقاومة والجهاد.
سبوت لايت
أقول لأبناء جلدتنا الذين يطبلون لثقافة الاستسلام وثقافة عدم قدرتنا على المواجهة، لا نستطيع إلا ان نعتبركم طابورا خامسا ليس له أي قيمة، وأناشد جميع المدونات والمنتديات الخليجية والعربية والإسلامية أن يهبوا لنجدة شعب غزة من خلال إرسال رسائل بريدية إلكترونية إلى الـ facebook و youtube وإلى كل المدونات والمنتديات الأميركية والغربية لنشر صور الأطفال والنساء والشيوخ القتلى والجرحى من شعب غزة الأعزل الذي يباد بسبب الهجوم العدواني الإسرائيلي الوحشي التتري لأن الصور هي خير من يتحدث عن مأساة شعب غزة الجريح