قائمة الإعلام العربي السوداء
بقلم: جلال الخوالدة - لماذا تعتقد بعض فئات المجتمعات العربية أن الإعلام بكافة أشكاله هو مطيتهم السهلة لتحقيق أهدافهم واحلامهم والترويج لها بشكل منظم أو فوضوي، مقبول أو مرفوض مباشر أم من "تحت الطاولة"؟!
في البداية نعترف ان وسائل الإعلام سلمت منذ زمن بعيد بأهمية الإعلان ليكون جزءا من العملية الإعلامية بهدف التمويل الذاتي لكن تحت مراقبة صارمة من رجالات الإعلام الذين كانوا (!!) يدققون كل ما ينشر إعلانيا وترويجيا للناس، وقد كانت هناك خطوط حمراء كثيرة لم يستطع احد تجاوزها او تخطيها، وكانت كثير من الشركات تحاول أن تتحايل على ذلك بكافة الوسائل ولكنها كانت تقع دائما في مصيدة الأوفياء الذين يعنيهم كثيرا ما يقال للناس وما لا يقال، ما يمكن وما يستحيل نشره، ما يعد ذا فاعلية وما لا يعد.
أكثر من يحاول أن يستفيد من الإعلام "مجانا" هم أهل السياسة، وهناك أذكياء منهم يبثون سمومهم وإبتساماتهم "الخادعة" لبعض الصحفيين فيقتنع الصحفي أن وجود علاقة بينه وبين ذاك السياسي المعروف يحتم على الصحفي أن يجعل الناس كلهم يحبون هذا السياسي رغما عنهم، فهو مقتنع به ومقتنع ببرنامجه وأجندته ومخططاته السياسية، مع أنه يعلم في اعماقه أن هذا "المتحذلق" قد لا يكون اكثر من كذاب، او دجال ومنافق وأن أجندته معظمها شخصية ومع ذلك تجده يروج له "مجانا" وظنا منه ان علاقته مع هذا السياسي لسوف تأتي ثمارها آجلا أم عاجلا.
ثم تأتي الأجهزة الأمنية والمخابراتية والأجهزة الحكومية المختلفة التي تستميل الصحفي لأن ينهج حسب نهجهم ويخط مخططهم ويمشي على أثر خطاهم أو يتبرع لوحده فتجد قلمه هزيلا ضعيفا لا يخرج عن سقف "التطبيل والتزمير" لللبرامج الحكومية "الحكمية" مع أنه يعلم علم اليقين بأنهم ليس لديهم مايقدمونه للناس، فيقوم بتكبير كل ما هو صغير ثم يعود لتصغير كل ما هو كبير، ومجانا دون أي مقابل ، سوى رضى تلك المؤسسات التي لم يسبق أن رضيت من قبل.
وفي قائمة المستفيدين من الإعلام "مجانا" تجدون تلك المؤسسات التي تدعي انها غير ربحية باسم المرأة والطفل والإنسان، وقد أثبتت تجربة عمرها 50 عاما في الوطن العربي أنه ليس هناك مؤسسة عربية واحدة ( غير ربحية) قد حققت هدفا واحدا حقيقيا، غير تلك المنافع الشخصية للمؤسسين والمدراء والمستنفعين، وكل ما قدمه لهم الإعلام بكافة أشكاله (المطبوع والمرئي والمسموع والإلكتروني) لم يسد حاجة فقر واحدة في قرية ما في الوطن العربي ولم يحصل على إدانة واحدة لطفلة صغيرة مغتصبة ولم يقدم للمرأة سوى التراجع والتقهقر والظلم الذي جاء في أحيان كثيرة باسم التحرر.
القائمة طويلة وفيها اهل الفن والطرب الذين استثمروا الإعلام العربي لأكثر من 70 عاما ومجانا وتجدهم في المقابل أكثر الجهات التي تحارب الإعلام وتسبه وتطلق عليه أبشع الأوصاف وخاصة في جلساتهم الخاصة وصالوناتهم المغلقة، وبمجرد ان يظهر اسم الواحد منهم وبالكاد تعرفه الناس يسن حرابه ليشتم ويسب الصحافة والإعلام ويدعي أنهم يحاربونه ويميزون بينه وبين فنان آخر ويصفهم "جميعا" بالمرتزقة والمرتشين والمخادعين.
القائمة لا تنتهي ولكنها تخلو من الإنسان البسيط العادي الذي ما زال يحسب ألف حساب للإعلام وقوته وتأثيره ويعتقد أن كلمة واحدة منشورة عنه وعن قضاياه تعد إنجازا خطيرا وهاما ، مع ان هدف الإعلام الأساسي أصلا يقوم على خدمة قضايا هؤلاء والإعتناء بهم من تغول فئات قائمة الإعلام العربي السوداء.
ماذا بعد..!؟
الإعلاميون العرب سوف يستيقظون يوما ويقررون جميعا وقف هذا النزيف، فتصبح المسألة عكسية، فلا يركض الصحفي العربي وراء الوهم والسراب، بل يركض مسرعا خلف قضايا الناس وليركض خلفه هؤلاء.. محاولين اللحاق به.