الإعلام الاجتماعي بين القلدنة والحداثة - بقلم محمد خضر
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] قبل
سنة من الآن فاجأت مجلة "تايم" الأمريكية الشهيرة جمهورها باختيارها لـ
"أنت" YOU كشخصية عام 2006م، على أساس أن كل شيء في العالم يتجه نحو ما
يسمى بـ "التشخيصية" Personalization، أي إعطائها البعد الشخصي الخاص
بالمستخدم، حيث سمحت التكنولوجيا للشركات أن تمنح الناس القدرة على عمل
خيارات كثيرة تعكس أذواقهم ورغباتهم واحتياجاتهم في كل شيء يعملونه بما في
ذلك استهلاك المادة الإعلامية واستخدام الإنترنت والجوّال وحتى السياسيين
وصناع القرار صاروا يفهمون أكثر قيمة الفرد ويتجهون إليه بذكاء أعلى
لإقناعه بقراراتهم السياسية والاقتصاد
Personalization، أي إعطائها البعد الشخصي الخاص بالمستخدم، حيث سمحت
التكنولوجيا للشركات أن تمنح الناس القدرة على عمل خيارات كثيرة تعكس
أذواقهم ورغباتهم واحتياجاتهم في كل شيء يعملونه بما في ذلك استهلاك
المادة الإعلامية واستخدام الإنترنت والجوّال وحتى السياسيين وصناع القرار
صاروا يفهمون أكثر قيمة الفرد ويتجهون إليه بذكاء أعلى لإقناعه بقراراتهم
السياسية والاقتصادية.
بينما في الوقت الراهن حدث عدد من التغيرات السريعة التي أكدت أن ما يسمى
"الإعلام الاجتماعي" Social Media والمتمركز حول الفرد من خلال مواقع
الشبكات الاجتماعية يتمدد بسرعة ليأخذ مساحة واسعة في حياتنا اليوم. وقد
نجد أن أشهر مواقع الإعلام الاجتماعي موقع Face book وموقع My Space وموقع
You Tube وغيرها من مئات المواقع التي تستخدم الأفكار نفسها في اتجاهات
متخصصة، فهناك مواقع خاصة بالربط بين الباحثين عن أعمال وأصحاب الأعمال،
ومواقع للتواصل بين الأصدقاء حول الكتب وغيرها من المواقع التي تحدثت عنها
في مقالات سابقة.
ليس هذا فحسب، ففي هذا العام انتقلت الشبكات الاجتماعية إلى جهاز الموبايل
وبدأت تنمو بسرعة خرافية، بحيث سيتحول الموبايل خلال العالم المقبل (ولا
شك) إلى جهاز يربطك بكل مجموعات الأصدقاء من خلال هذه الشبكات لكن الخطير
في هذه التحولات لهذا العام ليس نمو مواقع الإنترنت بل كونها بدأت تغير
جذريا في مفهوم الإعلام الكلاسيكي نفسه، فبينما كانت وما زالت الرسالة
الإعلامية متوجهة من "مرسل مؤسساتي" إلى "الجمهور" صارت تتوجه من الجمهور
إلى الجمهور، في اتجاه يهدد أصل الصناعة الإعلامية بالخطر.
وقد تحول كثير منا وبشكل تلقائي إلى مرسلين جماهيريين، وهناك من فعل ذلك
في أعوام سابقة، وبقيت مجموعات بسيطة ستتحول خلال الأعوام المقبلة، ولا
أستغرب إذا صار الناس يحصلون على معلوماتهم من بعضهم بدلا من وسائل
الإعلام بمجرد أن تجد مواقع الشبكات الاجتماعية والمنتديات وسيلة لتوثيق
مصداقية هذه المعلومات المتبادلة بين الجمهور. للتوضيح أكثر، إذا استطاع
موقع مثل YouTube إيجاد وسيلة تكنولوجية تلقائية توثق المعلومات المطروحة
في الفيديوهات المنشورة عليه فإنه سيتحول مباشرة لدى قطاع لا بأس به من
الجمهور إلى مصدر إعلامي أساسي بدلا من وسائل الإعلام الكلاسيكية، وهذا
أمر ليس بالصعب على الإطلاق إذا وجدت الجهود الملائمة له.
إن نمو "الإعلام الاجتماعي" سمح بالعودة الهائلة لمصطلح "صحافة المواطن"
وهو مصطلح نما خلال العقد الماضي للدلالة على محاولة جعل صوت الشخص العادي
جزءا من معطيات الوسيلة الإعلامية، والآن صارت صحافة المواطن جاهزة
للسيطرة على الساحة، وربما كان على وسائل الإعلام وعلى المعلنين قريبا جدا
أن يبحثوا عن المواطن الذي يسمح لهم بالوصول من خلاله إلى الشبكات
الاجتماعية التي يشترك فيها.
وفي
الوقت المعاصر انضم نحو 100 مليون شخص إلى شبكات الإنترنت الاجتماعية، ولو
نظرت إلى الرقم لأدركت أن هناك هجرة جماعية إلى مواقع تركز على العلاقات
الشخصية والاهتمامات المتخصصة جدا وتخلق مجتمعا إلكترونيا لم يكن يخطر
ببالنا قبل عامين من الآن.
بينما في الوقت اللاحق سيتغير العالم أكثر، وسيكون للإنترنت والموبايل شأن
أكبر، وستأتي التكنولوجيا لتحكم العالم وتحدد مسار حياتنا المستقبلية،
وستصبح الرسالة الفردية قابلة للانتشار والتأثير بشكل أوسع بكثير، وسيحكم
كل من يتجاهل هذه التغيرات على نفسه بالنهاية في عصر سحيق القدم.
وقد نجد زيادة نسبة الإنفاق الإعلاني على الميديا الاجتماعية مع تعزيز وعي
مدراء التسويق بأهمية الذهاب إلى عملائهم الحاليين والمستقبليين بدلاً من
الإعلان في أوساط إعلامية قلما يشاهدها أو يقرأها أحد من عملائهم.
ويناسب
الإعلام الاجتماعي قطاعات المنتجات سريعة الاستهلاك بكل تأكيد إضافة إلى
المنتجات الفاخرة وحلول التعليم. أو أي قطاع يستهدف المستهلكين الفرديين
أو المؤسساتيين الذين يتقنون استخدام القنوات الالكترونية.
بينما ازدهار الإنفاق على الإعلانات يبقى مرهوناً بنسبة انتشار مواقع
الإعلام الاجتماعي في أوساط المجتمعات وتأثير هذا الإعلام على المستهلكين
المستهدفين من الشركات المعلنة.
ويتناسب ذلك مع تعاطي المستهلكين أو العملاء من مؤسسات حكومية إلى شركات
قطاع خاص على اختلاف أحجامها ، بكل بساطة، إذا تمثل الهدف التسويقي بتوصيل
رسالة محددة إلى العملاء وهؤلاء العملاء يتداولون بالميديا الاجتماعية،
فهذه القنوات المبتكرة هي مثالية للاستخدام للوصول إلى الجماهير المستهدفة.
ولا
تنحصر الميديا الاجتماعية بخدمة العملاء بل بتعزيز عمليات البيع على المدى
القصير وتعزيز سمعة المؤسسات وصورتها أمام جماهيرها المستهدفة على الأمد
البعيد ، كما أنها تناسب المستهلكين الشباب أكثر من غيرهم من المستهلكين،
وذلك لشغف هذه الفئات العمرية بالانترنت وإجادة كبيرة لتطبيقاتها. ويخطئ
من يظن أن الميديا الاجتماعية هي أداة تسويقية للمدى القريب فقط ، وأن
دورها لا يناسب التسويق وترسيخ العلامة التجارية على المدى البعيد. هذا هو
اعتقاد خاطئ، فتعزيز تواجد العلامات التجارية على الانترنت وتطوير مناقشات
إيجابية عنها يعزز من سمعتها ويزيد من قيمتها التجارية بأضعاف وأضعاف عن
القنوات التقليدية ذات التغطية الجغرافية المحدودة.
وفي النهاية فإن هذه التغيرات السريعة والأهمية العظيمة للإعلام الاجتماعي
يحمل في ثناياه الكثير من الأمل، ولو أردت أن تعرف الأمل في ماذا فاقرأ
السطور أعلاه مرة أخرى ."أنت" سيد العالم الجديد !!!
بقلم
محمد
خضر - معيد بقسم الاجتماع - جامعة جنوب الوادى