نحو صناعة إعلام مهني.. حر ومحترف
تميز رد رئيس الوزراء سمير
الرفاعي على مناقشات النواب حول البيان الوزاري الذي نالت بعدها الحكومة
ثقة مجلس النواب يوم أول من أمس، بكثير من الصراحة والشفافية والوضوح بل
الحزم والمصداقية والحديث بصوت عال عن كافة الملفات والقضايا والاراء التي
طرحها نواب الشعب قائلاً في وضوح وحسم ان الاصلاح السياسي شوط أساسي لبناء
مستقبل الأردن وان الحكومة منفتحة على جميع الآراء لتطوير قانون الاحزاب
والحريات العامة.
من هنا، وفي اطار هذه الرؤية المتكاملة التي تستند وتلتزم في الوقت نفسه
بتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني جاءت اشارة الرئيس الرفاعي اللافتة
الى عزم الحكومة تنفيذ التوجيهات الملكية والقيام بكل ما يلزم لتطوير صناعة
الاعلام المهني المحترف الرسمي والخاص..
العبارة السابقة تستدعي التأمل والتوقف طويلاً عندها وبخاص ازاء مفهوم
الاعلام المهني المحترف والذي هناك لن يطال الاعلام الرسمي وحده بل الخاص
ايضاً.. والرؤية عند الحكومة في هذا الشأن واضحة ومدروسة على الصعد كافة
ليس فقط في ضمان حق وسائل الاعلام في الوصول الى المعلومة ونشرها بحرية
واستقلالية وانما ايضاً في توفير الحماية للمجتمع من جميع الممارسات
الخاطئة التي تزور الحقائق وترتكب كل اشكال الاساءة والقدح والذم والمسّ
بالوطن والمواطن..
معنى ذلك الكلام بوضوح انه لن يسمح بعد الان بأي خرق واضح لتقاليد المهنة
واخلاقياتها ونحسب ان في هذا الحزم الحكومي تعبير عن رأي الغالبية العظمى
من الاسرة الاعلامية التي تشارك الحكومة رأيها في هذا الشأن ناهيك عمّا
استطاعت مدونة السلوك الاعلامي التي اقرتها حكومة الرفاعي الاولى قبل نحو
عام هي تحقيقه وخصوصاً انها جاءت من قناعات راسخة بأن كل ما ورد فيها ينسجم
مع افضل المعايير العالمية في احترام دور الاعلام المهني وايجاد الشروط
الكفيلة بتطويره وممارسته لدوره بحرية واستقلالية.
ثمة رسائل عديدة انطوت عليها اشارة الرئيس الرفاعي في قراءته العميقة
المشهد الاعلامي الاردني وبخاصة ان ما تحدث عنه الرئيس انطلق من رؤية تنهض
على مفاهيم عصرية تفرق بين العمل الصحفي والاعلامي وبين ما يمكن وضعه بحق
دعماً غير مشروع لافراد على حساب المواطن وليس دعماً بالتأكيد لحرية
الصحافة من الباب الواسع الذي أشّر اليه الرفاعي وهو انفاق المال العام في
الاشتراك والاعلان بصحف لا تطبع ووسائل اعلام لا انتشار لها..
لا أوهام لدى الحكومة في معنى توظيف الصحفيين في مؤسسات الدولة التي فيه
اعتداء مرفوض على المعايير الدولية والمهنية إن لجهة استقلالية وسائل
الاعلام أم وخصوصاً بما هو تجاوز على اخلاقيات المهنة وتقاليدها..
ولعل ما يستدعي التوقف عنده والشعور ازاءه بالرضى والنقد ايضاً هو التوصيف
الدقيق الذي اورده الرئيس الرفاعي في رد الحكومة على مناقشات النواب للبيان
الوزاري في اعتباره ان استرضاء اشخاص بمنحهم ميزات واعطيات استجلاباً لمدح
او درءاً لقدح بما هو تقديم للمصلحة الخاصة على المصلحة العامة وفساد لن
تقبل هذه الحكومة به ولن تمارسه..
ولأن حكومة الرفاعي تقرن القول بالعمل تلتزم توجيهات سيد البلاد في هذا
الشأن وفي كل شأن فإنها ستدرس وبالتعاون مع مجلس النواب جميع التشريعات
الناظمة للعمل الاعلامي من اجل ايجاد البيئة التشريعية التي تتيح تقوية
العمل الاعلامي الحر والمحترم والمستقل..
جملة القول ان رد الحكومة ازاء المشهد الاعلامي اتسم بالدقة والتشخيص
الواقعي والعملي بما ان الاعلام لا يتجزأ من مسيرة الاصلاح وايضاً بما هو
حاجة للوطن وركيزة من ركائز الديمقراطية التي يواصل قائد الوطن العمل بدأب
وثبات لتجذيرها وتكريسها انموذجاً يحتذى في المنطقة باسرها على نحو لا مكان
فيه لمن يعتمدون الابتزاز وينتهجون تزوير الحقائق ويسيئون للناس باسم
الاعلام وعلى الجميع التكاتف والعمل بجدية والالتزام لحماية الأردن
والأردنيين من الخطر الذي يمثله هؤلاء على الوطن والمواطن.
الرأي الأردنية