أمريكا تعود لاستراتيجية الحرب بجيوش وأموال الآخرين
4-12-2010 7:48:21
جو بايدن.. سياسة أمريكية تنهض على التوتير وخلق الأزماتأمريكا تعود لاستراتيجية الحرب بجيوش وأموال الآخرين
عماد بن يوسف
يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية قد اتعضت من مغامراتها العسكرية السابقة، وأيقنت أن الحروب المفتوحة بجيشها النظامي كما في فيتنام، وكوبا، العراق، وأفغانستان، هي حرب خاسرة لامحالة، فقررت هذه المرة أن تخوض الحرب ضد إيران بغير جيشها.
والمؤشرات تقول إن العرب سيكونون الضحية كالعادة وهم من سيدفع ثمن الحرب الأمريكية القادمة، على حسابهم وحساب أمنهم ومصالحهم.
وتعتبر السعودية بحسب المحللين أكثر المهيئين لتنفيذ المخطط الأمريكي، فمن ناحية أن الميزانية السعودية شبه متهالكة رغم عائدات الحج السنوية والنفط وغيرها من الموارد الضخمة، بالاضافة لكون السعودية الحليف الاقوى في المنطقة، وهو مايزعج ربيب الولايات المتحدة اسرائيل، فبحثت عن طريقة تحقق فيها مبدأ العصافير بحجر واحد، فهي من ناحية ستوجه ضربة قاصمة لإيران عبر السعودية، ومن ناحية أخرى تضعف من القوة السعودية التي بدأت تبني فيها في الوقت الحالي، وفرصة ثالثة لإشعال المنطقة، فإنّ الخيارات أمام الولايات المتحدة تكاد تكون محدودة، على الرغم من موافقة الكونغرس الأمريكي على استخدام أسلحة نووية تكتيكية ضد إيران، والتهديدات الأمريكيّة بالرد النووي في حال أقدمت إيران على ضرب البوارج الأمريكيّة في مياه الخليج العربي.
وتأتي صفقة الاسلحة الأمريكية للسعودية التي دخلت حيز التنفيذ بعد انتهاء المهلة التي حددت لنواب الكونجرس الأمريكي في 19 من الشهر الماضي دون تقديم اعتراضات في هذا السياق.
وقال أندرو شابيرو، مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية: "ستبعث هذه الصفقة برسالة قوية لدول المنطقة في رغبتنا بدعم حلفائنا المجاورين لإيران، كما أنها ستحسن من قدرة السعودية على الدفاع وحماية حدودها، وهو أمر يقع ضمن نطاق مصالحنا الاقتصادية".
وللمرة الأولى ورغم قيمة الصفقة لم يصدر عن الكونغرس الامريكي أي اعتراض وذلك على غير عادته، حينما كان يضع العراقيل أمام صفقات الاسلحة الى الدول العربية. ويبدو ان هذا المجلس الذي يضم الكثير من النواب المؤيدين لاسرائيل قرر عدم عرقلة الصفقة لأنها "تهدف إلى تعزيز القدرات الدفاعية السعودية لمواجهة القدرات الإيرانية المتزايدة فى الخليج، كما انها لاتهدد ربيب الولايات المتحدة".
وقد طالبت مجموعة من النواب الأمريكيين في رسالة وجهت إلى وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون ووزير الحرب روبيرت جيتس، ضمانات بألا تمس هذه الصفقة بالتفوق العسكري الإسرائيلي فى الشرق الأوسط. ورد الوزيران جيتس وكلينتون على الرسالة بالقول إنهما على ثقة بأنه سيتم الحفاظ على التفوق الإسرائيلي وأن التعهد الأمريكي بالحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل متين وبعيد الأمد.
وأبدت اسرائيل موافقتها بعد تأكيد الإدارة الأمريكية لها أن الصفقة لن تؤثر على التفوق العسكري الإسرائيلي فى المنطقة. وأن الهدف هو الحد من "الخطر" العسكري الإيراني فى منطقة الشرق الأوسط.
وقال السفير الإسرائيلي في واشنطن: "نقدر الجهود التي تبذلها الإدارة الأمريكية من أجل المحافظة على التقدم العسكري النوعي الإسرائيلي، ونتوقع أن نستمر في مناقشة قلقنا مع الإدارة الأمريكية حول هذه المسائل".
ويشير محللون إلى تفاهم إسرائيلي-أمريكي كبير قد تم لجهة مدى جدوى تزويد المملكة العربية السعودية بهذا الكم الهائل من القدرات العسكرية، وفي هذا الخصوص نشير إلى النقاط الآتية التي تحدث عنها كل من الخبير الإستراتيجي الأمريكي جورج فريدمان والخبير الإستراتيجي الأمريكي أنطوني كورديسمان، وذلك فيما يتعلق بتوضيح أسباب الصفقة:
بالنسبة لإسرائيل: لم تعد القدرات العسكرية السعودية تشكل أي تهديد حقيقي لأمن إسرائيل. تمتلك إسرائيل المزيد من القدرات المتفوقة على القدرات العسكرية السعودية. كما توجد ضمانات أمريكية لجهة عدم قيام المملكة العربية السعودية باستهداف إسرائيل بهذه القدرات، وأيضاً لجهة عدم قيام المملكة العربية السعودية بتزويد خصوم إسرائيل بأي من هذه القدرات.
أما ما هو أكثر أهمية وخطورة فيتمثل في النوايا الأمريكية الخافتة لجهة توريط المملكة العربية السعودية في سلسلة الحروب الإقليمية الدائرة والمتوقعة في المنطقة. فهناك نوايا أمريكية متزايدة لجهة توريط القوات السعودية في اليمن والصومال، وإضافةً لذلك أيضاً، فإن ما هو أكثر أهمية لواشنطن يتمثل في تحقيق حلم محور واشنطن-تل أبيب القائل بإمكانية إشعال مواجهة سعودية-عراقية لاحقاً، وذلك طالما أن مصير العراق سوف يكون في نهاية الأمر بيد الشيعة العراقيين باعتبارهم أصحاب الأغلبية، الأمر الذي سوف يؤدي بالضرورة إلى استدراج إيران في مواجهة مع السعودية يكون مسرحها جنوب العراق، بما يمكن أن يمتد إلى بقية مناطق الخليج الأخرى.
ورغم أن المملكة حافظت في خطابها الرسمي باستمرار على الحذر والهدوء في تصريحاتها ازاء الجار الايراني الكبير. إلا أن الوثائق الدبلوماسية السرية التي نشرها مؤخرا موقع ويكيليس تظهر مخاوف الرياض ازاء البرنامج النووي الايراني وتمدد النفوذ الاقليمي لطهران، كما ترى انه من غير الممكن تجنب نزاع عسكري في المنطقة لوضع حد لطموحات طهران النووية. لدرجة ان الملك عبدالله قد يكون طلب من الامريكيين بوضوح ضرب ايران.
واشارت احدى الوثائق الدبلوماسية الامريكية ان سفير المملكة في واشنطن عادل الجبير ذكر في نيسان/ ابريل 2008 بان الملك عبدالله دعا الولايات المتحدة "مرارا الى ضرب ايران لوضع حد لبرنامجها النووي".
وبحسب الوثيقة، فان الملك نصح الامريكيين بـ"قطع راس الافعى" "ايران" وشدد على انه ينظر الى التعاون مع الامريكيين لكبح نفوذ طهران في العراق كاولوية استراتيجية بالنسبة لحكومته.
وفي كانون الثاني/ يناير 2009، حذر مساعد وزير الخارجية الامير تركي الكبير من ان دول الخليج ستجد نفسها مضطرة الى تطوير اسلحة نووية اذا ما نجحت ايران في ذلك، بهدف المحافظة على الردع.
وتظهر برقية حررت في شباط/ فبراير 2010 ان الملك عبدالله كرر التحذير نفسه لمستشار الامن القومي الاميركي حينها الجنرال جميس جونز. وبحسب الوثيقة فان "الملك قال للجنرال جونز انه اذا نجحت ايران في تطوير اسلحة نووية فان الجميع في المنطقة سيقومون بالامر نفسه، بما في ذلك السعودية".
وقد رحب البعض بصفقة الاسلحة بين الرياض وواشنطن بوصفها وسيلة لحماية الأمن القومي السعودي، في حين تساءل البعض الآخر حول خلفيات الصفقة وأسبابها، مرددين.. لماذا الصفقة بهذا الحجم وفي هذا التوقيت؟.
ويرى منتقدو الصفقة أن السعودية ليست بحاجة إلى هذه الأسلحة، إذ أن المملكة- حسب عقيدتها العسكرية- لا يوجد لديها عدو مُشخص"، ويضيف المراقبون أن "المملكة لا تخشى وقوع هجوم من أي دولة أخرى، كما أنها ليست بقادرة على الدخول في مواجهة مع إيران".
ولا يختلف الحال بالنسبة إلى الخطر الإسرائيلي، فالسعودية لا تستطيع الدخول في حرب لا توافق عليها أمريكا، كما أن الأسلحة الأمريكية في السعودية سوف تصبح بلا فائدة في أي مواجهة مع إسرائيل، وهو ما تؤكده التصريحات الأمريكية الرسمية المتكررة التي تضمن التفوق العسكري لإسرائيل، ففي الوقت الذي تقدم فيه واشنطن للسعودية مقاتلات اف- 15، تقدم لإسرائيل مقاتلات إف- 35 الأكثر تطورا.
ويقول خبراء إن"الصفقة نزعت منها تجهيزات لأنظمة صاروخية بعيدة المدى، وبالتالي لا تسبب قلقا لإسرائيل، مؤكدا أن الدول الخليجية ستظل في حاجة إلى الدعم الأمريكي في هذا المجال، مهما زادت كميات الأسلحة لديها.
على مدى عشر سنوات مضت والسعودية تعد بترسانة عسكرية ضخمة جداً فاقت قدرات دول الشرق الأوسط، بمباركة أمريكية وتسهيلات عقد الصفقات، حتى أصبحت السعودية الدولة الشرق أوسطية الوحيدة التي تملك طائرات تجسس "إي واكس".
ومنذ عام 2007 سعت ادارة الرئيس الامريكي السابق جورج بوش الى بيع اسلحة الى حلفائها العرب في الخليج في مواجهة ايران المتهمة بالعمل على التزود بالسلاح النووي. ووسط المرحلة الاقتصادية الصعبة الراهنة يرحب الامريكيون بما ستنشئه الصفقة الهائلة من وظائف جديدة.
ويرى مراقبون أن الصفقة تستنزف ثروات المملكة لتمويل مشاريع الولايات المتحدة للهيمنة على المنطقة كما أنها في تساهم في تحريك عجلة الاقتصاد الأمريكي المتضرر جراء الأزمة المالية العالمية الأخيرة.
Alarab Online. © All rights reserved.