المدير الادارة
عدد المساهمات : 1780 تاريخ التسجيل : 08/06/2009 العمر : 36
| موضوع: عقبات أمام الحريات بالمنطقة العربية الأحد أكتوبر 25, 2009 7:39 pm | |
| عقبات أمام الحريات بالمنطقة العربية كمال العبيدي الحديث عن تعهد الدول العربية باحترام الحق في حرية التعبير والحصول علىالمعلومات ونقلها إلى الآخرين بكل حرية أينما كانوا، لم يعد يثير الكثير منالاهتمام خاصة في أوساط المدونين العرب. إذ سمعت أكثر من مرة الأشهر الماضية مدونين ممن ساهموا بكل شجاعة في رفع سقفحرية التعبير بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا وكلفتهم شجاعتهم ثمنا باهظا، يرددون أنهلا فائدة في تذكير دول مستبدة بالتزاماتها بتطبيق ما نص عليه الإعلان العالمي لحقوقالإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في مجال حرية الكلمة. فهؤلاء الشباب الذين أدركوا أهمية التدوين والتواصل عبر شبكة الإنترنت بحرية لميسبق لها مثيل في تاريخ البشرية، يعتبرون مطالبة الدول العربية بحماية حقوق الإنسانومن بينها الحق في حرية التعبير وضمان تدفق المعلومات والحصول عليها من باب إضاعةالوقت. لأنهم يؤثرون ممارسة حقهم في حرية التعبير وحقوق أساسية أخرى، مهما كان الثمن،على مخاطبة حكومات بينت التجربة أنها لا تخجل من انتهاك حقوق شعوبها ولا تكترثبالأصوات والبيانات المطالبة بحماية هذه الحقوق الأساسية. تعهدات عربية غير محترمةيجدر التذكير بتعهد الدول العربية باحترام ما نصعليه البند التاسع عشر للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوقالمدنية والسياسية، من ضمان لحق كل إنسان في حرية الرأي والتعبير والحصول علىالمعلومات والأفكار ونقلها إلى الآخرين دون اعتبار للحدود وبجميع الأشكال والوسائل. كما يجدر التذكير أيضا بأن كافة الدول العربية تعهدت تحت مظلة منظمة اليونسكومنذ أحد عشر عاما بالعمل على تنفيذ ما نص عليه إعلان صنعاء حول "تعزيز استقلالوتعددية وسائل الإعلام العربية" وأقرت بأن النزوع إلى "وضع خطوط حمراء خارج نطاقالقانون ينطوي على تقييد لهذه الحريات ويعتبر أمرا غير مقبول." لكن إعلان صنعاء الذي تمت صياغته في العاصمة اليمنية عام 1996 من قبل ممثلين عنالحكومات العربية ومنظمات صحفية عربية ودولية وخبراء في الإعلام، لم يتم احترامه منالحكومات الموقعة عليه وكان شأنه شأن المواثيق الأخرى. وليس بالأمر الغريب أن تتكاثر منذ سنوات الدراسات الحقوقية والأكاديمية التيتبين بوضوح قصور التشريعات العربية الخاصة بالنشر والصحافة، عن الارتقاء إلى مستوىالمعايير الدولية لحرية التعبير وضمان تدفق المعلومات والحق في تداولها ونشرهاتداولها. كما أنه ليس من المستغرب ألا تعبر الدول العربية عن استعدادها لاستقبال المقررالأممي الخاص بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير. ولعله من العدل الإشارة قبل ضرب أمثلة عن نسق تدفق المعلومات وما يعترض سبيلهامن عقبات إلى أن هامش حرية التعبير يضيق ويتسع من دولة عربية إلى أخرى، فالمتصفحللجرائد المصرية أو المغربية مثلا يدرك مدى اتساع دائرة الجرأة وتراجع دور الرقيبخلال السنوات القليلة الماضية حتى في بعض الصحف التي تملكها الدولتان المصريةوالمغربية. أما الصحف التي تملكها أحزاب سياسية أو شركات تجارية في هاتين الدولتين، فقدأعلت سقف حرية التعبير بشكل لم يسبق له مثيل منذ أكثر من خمسين عاما رغم ما تتعرضله من مضايقات أمنية وملاحقات قضائية وضغوط اقتصادية. ومن بين هذه الصحف الدستور وصوت الأمة والفجر والمصري اليوم والكرامة والعربي فيمصر، والمساء ولي جورنال وتل كيل والأحداث المغربية والجريدة الأولى في المغرب. استهداف الصحفيينوتوثق منظمات عربية ودولية معنية بقضية حرية التعبير منذسنوات حالات صحفيين ونشطاء حقوقيين تم فصلهم عن العمل أو زج بهم في السجن أو اضطرواللهجرة، بسبب مقالات وآراء لا تكلف صحفيين في مصر الخاضعة لقانون الطوارئ أو المغربثمنا باهظا. لكن هذه المنظمات أصبحت منذ أكثر من سنة شديدة الانشغال بما تعتقد أنه تراجع فيمجال حرية التعبير وتشديد للقيود المفروضة في كل الدول العربية، بما في ذلك مصروالمغرب وموريتانيا التي حققت تقدما أكثر من جل شقيقاتها العربية في سنوات قليلةعلى درب التحرر من قيود الرقابة. يُذكر أن لجنة حماية الصحفيين وضعت عام 2007 كلا من مصر والمغرب على قائمة أسماءعشر دول من مختلف أنحاء العالم، شهدت تراجعا مثيرا للانشغال في حرية الصحافة. لكن رغم ما طرأ من تراجع في مصر والمغرب، يظل الحق في حرية التعبير يتعرض لحصارأشد في دول عربية أخرى كثيرا ما تتذرع بما يسمى الحرب على الإرهاب بقيادة الإدارةالأميركية أو ذرائع أخرى لارتكاب مزيد من الاعتداءات على حرية التعبير وتقييد الحقفي الحصول على المعلومات وتلفيق القضايا الجنائية ضد الصحفيين. والجدير بالتذكير أن الأحكام الصادرة ضد الصحفيين والمعارضين بقضايا الرأيوالنشر في مختلف الدول العربية، تبدو اليوم أكثر قسوة من أحكام صدرت في قضايامماثلة في عهد الاحتلال الأجنبي. فقد جاء على سبيل المثال في شهادة أدلت بها أستاذة الصحافة بكلية الإعلام جامعةالقاهرة د. عواطف عبد الرحمن في يونيو/ حزيران الماضي بطلب من إحدى محاكم الاستئنافبالقاهرة، أن القضاء المصري في النصف الأول من القرن العشرين كان أكثر ميلا لإصدارأحكام ببراءة الصحفيين من القضاء المصري بداية القرن الواحد والعشرين. وتم الإدلاء بهذه الشهادة في إحدى الجلسات الخاصة بقضية رفعها منذ أكثر من عاماثنان من أعضاء الحزب الوطني الديمقراطي الذي يقوده الرئيس مبارك ضد رؤساء تحريرأربعة صحف خاصة هم: رئيس تحرير الفجر الأسبوعية عادل حمودة ورئيس تحرير الكرامةالأسبوعية سابقا عبد الحليم قنديل ورئيس تحرير صوت الأمة سابقا وائل الإبراشي ورئيستحرير الدستور اليومية إبراهيم عيسى. واستشهدت د. عواطف عبد الرحمن بأحكام القضاء المصري في قضايا مماثلة تضمنت نقداعنيفا وجهه صحفيون لرموز السلطة منذ أكثر من ثمانين سنة وانتهت بإنصاف الصحفيينوتبرئتهم. ومن أبرزها الحكم الصادر من محكمة جنايات مصر في يناير/ كانون الثاني 1925 ببراءة د. محمد حسين هيكل من تهمة السب والقذف في حق زعيم الأمة سعد باشازغلول الذي كان آنذك رئيسا للوزراء. محاصرة القضاة عائق أمام حرية التعبيروتأتي اليوم مثل هذه الأحكام القاسيةبحبس الصحفيين والمدونين والمؤثرة سلبا على حركة إنتاج وتداول ونشر المعلومات فيمختلف الدول العربية، في وقت تشتد فيه قبضة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية،وتتكاثر حالات اعتداء رجال الأمن على القضاة ومضايقة وتهميش المدافعين عن المؤسسةالقضائية التي كثيرا ما وضعت في الماضي قضية حرية الرأي والتعبير فوق الاعتباراتالسياسية. وطبيعي أن يتساءل المرء: كيف يمكن أن تزدهر حرية الفكر والتعبير والصحافة والنشراللازمة لبناء مستقبل عربي أقل فسادا واستبدادا وفقرا في غياب قضاء مستقل؟ فرغم وجود قضاة يتسمون بالنزاهة، فان المؤسسة القضائية لم تتحرر بعد حتى فيالدول التي شرعت نهاية القرن الماضي في القيام بخطوات إصلاحية جريئة. كما أنهناك حقيقة أخرى قد يكون من المفيد الإشارة إليها وهي أن ارتفاع عددحالات الاعتداء بالدول العربية على الصحفيين والمدونين ومحاصرة الحق في الحصول علىمعلومات صالحة للنشر، تتعلق باحتجاجات اجتماعية أو كوارث ناجمة عن غياب حسن التخطيطوالإدارة يتزامن مع ارتفاع مؤشر الفساد. فالمطلع على التقارير السنوية لمنظمة الشفافية الدولية يلاحظ أن مؤشر الفساد فيجل الدول العربية في ارتفاع مذهل. وفي غياب القوانين الحامية للحق في الحصول على المعلومات بكل الدول العربية،يشتد الحصار على وسائل الإعلام والنشر على جميع الجبهات بما في ذلك البث الإذاعيوالتلفزي الذي تعرض في فبراير/ شباط لهجمة لا مثيل لها منذ أن بدأت الدول العربيةتسمح نهاية القرن العشرين بإنشاء محطات إذاعية وتلفزية خاصة. فقد جاءت "وثيقة مبادئ تنظيم البث الفضائي الإذاعي والتلفزيوني في المنطقةالعربية" التي أقرها وزراء الإعلام العرب –باستثناء ٌقطر- في القاهرة بتاريخ 12فبراير/ شباط لتؤكد أن القوى المسيطرة على صناعة القرار بالدول العربية ما زالتتنظر إلى الحق في حرية الصحافة والتعبير من زاوية مصلحتها الضيقة، وترى في الإعلاممجرد وسيلة لضمان استمرارية قادتها في الحكم مهما كان الثمن والتطور الإعلاميوالديمقراطي في بقاع أخرى من العالم. وليس من الغريب أن تحدث مثل هذه الهجمة في وقت أصبحت فيه بعض الفضائيات العربيةتنقل مشاهد عن تصاعد الاحتجاجات والاعتصامات والكوارث الاجتماعية المتتالية، وتلقيالضوء على قضايا جد مسيئة إلى صورة الحكومات العربية كقضية التعذيب مما يزيد منإقبال الناس على مشاهدتها وعزلة المحطات الإذاعية والتلفزية الرسمية. ولعل قضية التعذيب وفضح مرتكبيه قد ساهمت أيضا في حث الحكومات العربية على مزيدإحكام قبضتها على الإعلام الكتروني، وملاحقة واعتقال المدونين الذين أصبحت كتاباتهمالناقدة مصدر إزعاج لهذه الحكومات ولمختلف أعداء الحق في حرية التعبير بالمنطقةالعربية. وحسب دراسة أعدتها منذ عامين مجموعة أكاديمية تدعى مبادرة الإنترنت المفتوح (أوبن نت) فان هناك ست دول في العالم تتصدر قائمة الدول الأكثر تضييقا على شبكةالإنترنت وحجبا للمواقع الإعلامية والسياسية، وهي: بورما والصين وإيران وتونسوسوريا وفيتنام. وجاءت هذه الدراسة نتيجة شراكة بين جامعات أوكسفورد وكامبريدج البريطانيتينوهارفارد الأميركية وتورنتو الكندية. كما تجدر الإشارة من جهة أخرى إلى أن الحكومات العربية ليست الجهة الوحيدةالمقيدة لحركة تدفق المعلومات والرقيبة عليها وعلى نشرها. إذ للمؤسسات الدينية،سواء كانت إسلامية أم مسيحية بالمنطقة العربية، وكذلك لعدد من الشيوخ المتشددينكلمة مؤثرة وأحيانا مخيفة فيما يتعلق بالكتب الممنوع تداولها والمواقع الإلكترونيةالواجب حجبها والصحفيين اللازم جلدهم وحبسهم. فعندما يعتبر رئيس المجلس الأعلى للقضاء بالمملكة السعودية الشيخ صالح اللحيدانقتل ملاك الفضائيات التي تبث في نظره برامج "مفسدة" أمرا ضروريا أو يطالب عضو هيئةالإفتاء السعودية سابقا الشيخ عبد الله بن جبرين في سبتمبر/ أيلول الماضي بمعاقبةالصحفيين الذين ينتقصون من شأن المشايخ عبر المقالات أو اللقاءات التلفزيونيةبالفصل عن العمل أو الجلد أو الحبس، يدرك المرء خطورة أوضاع الكتاب والصحفيينوالمدونين وكل الراغبين في إبداء أرائهم في الشأن العام بالمنطقة العربية. هل يمكن معالجة هذه الأوضاع الخطيرة وضمان تدفق المعلومات اللازمة لبناء غد أفضلوأكثر طمأنينة عبر المؤسسات التعليمية ومختلف وسائل الإعلام في ظل دول عربية يرأسهاأفراد أقوى من كل المؤسسات، ويرفضون التعلم من تجارب ناجحة في جنوب إفريقيا ودولأخرى في أوروبا وأميركا اللاتينية تحتل اليوم مكانة مرموقة بعد ما كانت حتى الربعالأخير من القرن العشرين غارقة في مستنقع الفقر والأمية والاستبداد؟الجواب حسباجتهادي لا يكون إلا بالنفي. ــــــــــــــــــــــــــ *صحفي تونسي وممثللجنة حماية الصحفيين بالشرق الأوسط وشمال أفريقياالمصدر: الجزيرة
| |
|