المدير الادارة
عدد المساهمات : 1780 تاريخ التسجيل : 08/06/2009 العمر : 36
| موضوع: حوار الحضارات أو صدامها شأن يقرره الإعلام الأحد نوفمبر 21, 2010 4:38 am | |
| حوار الحضارات أوصدامها شأن يقرره الإعلام د.مروان قبلان منذأحداث أيلول (سبتمبر) 2001 وبسبب اشتداد الهجمة على العرب والمسلمين في وسائلالإعلام الغربية سارعت جهات عربية مختلفة إلى عقد الندوات والمؤتمرات بهدف فتحقنوات للحوار مع الغرب، لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، وإحداث تحول في طريقة فهموتغطية الإعلام الغربي (الأمريكي على وجه الخصوص) للقضايا العربية والإسلامية،وكانت أبرز هذه النشاطات الندوة الإعلامية الدولية التي انعقدت في دبي فينيسان/ابريل 2005 ودعي إليها عدد كبير من الإعلاميين البارزين من العالم العربي والغرب، ورغم أهمية مثل هذه الندوات و صداها الثقافي والفكري إلا أن النتائج التيخرجت بها كانت خجولة و المناقشات التي تخللتها لم تتجاوز المواقف العامة المعروفةلكل طرف حيث تجنب الجميع التطرق إلى حقيقة المشكلة في الوعي العربي والغربي علىالسواء وفي إشكالية فهم كل طرف لإعلام و ثقافة الطرف الآخر. سجالات ساخنة المتحدثونالعرب و بحكم كونهم الطرف الأضعف في المعادلة كانوا على عادتهم اعتذاريين وتركزتمعظم طروحاتهم على أن من يسموا بالأصوليين أو المتطرفين لا يشكلون إلا جزءً بسيطاًجداً من الطيف السياسي العربي الواسع وهم لا يمثلون الإسلام الصحيح... المعتدل...المتسامح....الذي تدين به الأغلبية. وأن الجزء الأكبر من النخبة العربية (الثقافيةخاصة) ليبرالية القلب والعقل وهي كانت تنظر إلى الولايات المتحدة (قبل التغييرات التيفرضتها أحداث أيلول/سبتمبر) على أنها قلعة الحرية ومقصد كل من له هوى ديمقراطي.وشدد بعض المحاضرين أيضا على أنه ليس هناك من سبب آخر لتفسير الغضب الشديد اتجاهالولايات المتحدة إلا سياساتها في المنطقة (العراق وفلسطين على وجه الخصوص) مفندينبذلك مزاعم أصوليي إدارة بوش من أن الكراهية ناجمة عن حقد متأصل اتجاه القيمالفكرية والثقافية الأمريكية. وأكد المتحدثون العرب على ضرورة أن يتوخى الإعلاميونالغربيون درجة أكبر من الموضوعية في تغطيتهم لقضايا وأخبار المنطقة كما تمسكوابقناعتهم المتجذرة عن وجود سيطرة يهودية على وسائل الإعلام في الغرب (خاصة فيالولايات المتحدة). و حذروا أيضا من خطورة اعتماد الإعلام الأمريكي على مصادرإخبارية وتسريبات إسرائيلية ورأوا في ذلك بعضاً من أهم أسباب تحيز الإعلامالأمريكي ضد العرب والإسلام. ومن جملةالحلول التي طرحها العرب في هذه المناسبة وغيرها من مناسبات، إنشاء قنوات فضائيةباللغة الإنكليزية لشرح وجهات النظر العربية، عقد ندوات و لقاءات دورية لرجالالإعلام العرب والغربيين لرفع مستوى الحوار بين الطرفين، والقيام بحملة علاقاتعامة لتجميل صورة المسلمين في الخارج وتصحيح الانطباعات الخاطئة عنهم إلى غير ذلكمن طروحات. الأوروبيونمن جهتهم ممثلين بالصحفي الفرنسي و السفير السابق إلى أنقرة ايريك لورو اتخذواموقفاً وسطاً بين العرب و الأمريكيين فهم عبروا عن تفهم كبير للطروحات والأفكارالعربية دون أن يخفوا قلقهم من تنامي نزعات التطرف في المنطقة متأثرة بتصاعدالتوتر في الأراضي العربية المحتلة والعنف المتزايد في العراق وتزايد الضغوطالأمريكية على الدول الممانعة لسياسات إدارة الرئيس بوش في المنطقة (سوريا وإيرانعلى وجه الخصوص). الأمريكيونكانوا على الطرف الآخر من المعادلة وكان أبرز ممثليهم توماس فريدمان وهو على سوءتغطيته لأخبار المنطقة يعتبر من أكثر الصحفيين الأمريكيين خبرة بالشؤون العربية.فهو يحمل شهادة الماجستير في دراسات الشرق الأوسط و يتكلم العربية بطلاقة وعملمراسلاً لصحيفة النيويورك تايمز في المنطقة العربية لسنوات طويلة وكان مكلفاًتغطية الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982. في ندوة دبي مثّل فريدمان العنجهيةالأمريكية أفضل تمثيل فهو رفض كل الطروحات العربية ودافع عن سياسات بلاده فيالمنطقة ورفض الاتهامات العربية بوجود معايير مزدوجة لدى الولايات المتحدة. وهوفوق ذلك والتمسك بمواريث ثقافية تشكل بيئة مناسبة لنمو وتكاثر منظمات متطرفةعلى حد تعبيره. وبشكل أو بآخر ردد فريدمان ما جاء في بيان المثقفين الأمريكيينعندما دافعوا عن سياسات بلادهم و برروا الحرب الأمريكية على الإرهاب. أسئلة ملحّة علىالصعيد العملي واصلت وزارة الخارجية الأمريكية جهودها لتلميع صورة الولاياتالمتحدة في المنطقة العربية من خلال إحداث إدارة جديدة أطلق عليها اسم (إدارةالدبلوماسية العامة) يرأسها مساعد لوزير الخارجية وتم اختيار كارين هيوز لشغل هذاالمنصب. وتعتبر هذه الخطوة استمراراً للسياسة التي بدأتها إدارة الرئيس بوش بعدأحداث أيلول/سبتمبر 2001 لكسب معركة العقول والقلوب في المنطقة العربية واستهلتهابإنشاء محطة سوا التي بدأت البث في 23 آذار/مارس 2002 على موجات قصيرةومتوسطة انطلاقاً من عدد من دول الخليج بغرض شرح السياسات الأمريكية للجمهورالعربي ونشر القيم الثقافية الأمريكية في مجتمعات المنطقة. وقد أعقب هذه الخطوةإطلاق محطة الحرة الفضائية الموجهة للمنطقة العربية والتي جاءت نتيجة إدراكالإدارة الأمريكية لأهمية السلاح الإعلامي المتلفز خلال حربي أفغانستان والعراق. كلامفريدمان في ندوة دبي والخطوات العملية للخارجية الأمريكية تضع الجانب العربي أماممعادلة صعبة: فإذا كان هذا رأي فريدمان وهو على ما ذكرنا الخبير بشؤون المنطقةوالحاصل على درجة جامعية في دراسات الشرق الأوسط والمتحدث للعربية، وإذا كان هذارأي جزء مهم من النخب الثقافية الأمريكية وبعضها على دراية واسعة بالثقافة العربيةوالإسلامية، فهل يمكن التأثير فعلاً في الإعلام الغربي وجعله أكثر ميلاً لتفهموجهة النظر العربية؟ وهل يمكن حقاً مزاحمة وسائل الإعلام الغربية في عقر دارهاوسرقة جمهورها منها عن طريق إنشاء محطات فضائية والتحدث مباشرة إلى الرأي العامالغربي بلغته والعمل على تغيير نظرته الخاطئة عن الإسلام والعرب تمثلاً بما فعلتهالخارجية الأمريكية بإطلاقها (سوا و الحرة)؟. جوانب لابد من فهمها إذا كانالمرء من دعاة التفاؤل يمكنه أن يزعم إمكانية تحقيق بعض هذه الأهداف الطموحة لكنعليه أولاً أن يدرك السبب أو الأسباب الكامنة وراء التغطية الإعلامية الغربية لأخبارالعرب والعالم الإسلامي حتى يمكن كسبها أو على الأقل التأثير فيها بشكل إيجابي.لبلوغ ذلك يجب: أولا:التخلي عن الفهم الكلاسيكي للإعلام الغربي والخروج من مصيدة الفهم الدعائي لهذاالإعلام. صحيح أن لليهود نفوذ كبير في الإعلام الأمريكي وصحيح أيضا أن بعض المؤسساتالإعلامية الكبرى أو جزء منها مملوكة لهم لكن الصحيح أيضا أن هناك حساسية كبيرةاتجاه هذا الأمر في الولايات المتحدة. فمنذ الحرب الأهلية الأمريكية والتأثيرالسلبي لمحازبة الصحف للأطراف المتحاربة حرصت وسائل الإعلام الأمريكية الكبرى علىفصل الملكية عن التحرير، وفي ظل منافسة شديدة على سوق القراء راحت تختفي الفروقالأيديولوجية بشكل مطرد أملاً في كسب كل التيارات الفكرية والثقافية الموجودة علىالساحة الأمريكية، وعليه دأبت وسائل الإعلام الأمريكية (الصحف بشكل خاص) على تقديمنفسها على أنها صحافة خبر و ليست صحافة رأي و هو أمر يجمع عليه معظم خبراء الإعلامهذه الأيام. ثانيا:الابتعاد عن الفهم السياسي لعلاقة الإعلام بالسلطة، فالصحف الأمريكية لا تعبربالضرورة عن رأي الإدارة الأمريكية في شأن سياسي أو اقتصادي معين خاصة في غيرأوقات الأزمات، صحيح أن الصحف الأمريكية تعتمد في كثير من الأحيان على تسريباتالمصادر الرسمية لمختلف إدارات الحكومة وينظر إليها الكثيرون في الخارج على أنهامصدر مهم لمعرفة ما يدور في خلد صناع القرار في واشنطن لكن الصحيح أيضا أنالصحف لا تعكس بالضرورة حقيقة التوجهات السياسية والاستراتيجية للولايات المتحدةوليس من غير المألوف أن يقوم صناع القرار باستخدام الصحافة لتضليل المراقب المحليأو الخارجي عن طريق تمرير معلومات خاطئة في شأن معين، فمعظم المعلومات المتوفرةاليوم حول احتمال حصول هجوم عسكري أمريكي واسع ضد منشآت إيران النووية مثلاً مصدرهالصحافة الأمريكية وقد تكون هذه المعلومات غير دقيقة أو تم تسريبها عمداً لزرعالرعب في نفوس الإيرانيين أو لجس نبض أطراف معينة ومعرفة ردود أفعالها على مثل هذاالتحرك. ثم أن الصحف الأمريكية تعكس وجهات نظر كل ألوان الطيف السياسي في واشنطنبحيث يصعب تحديد أي منها يعكس وجهة نظر صانع القرار. و لطالما جرى استخدام الصحففي معارك داخلية بين أجنحة السلطة المختلفة عن طريق تسريبات تعرقل أو تعزز فرصنجاح سياسة معينة، يؤيدها أو يعارضها هذا الطرف أو ذاك. أما في أوقات الأزماتفيتوقع الجميع من الإعلام أن يكون ملتزماً وذلك من خلال الوقوف إلى جانب السياسةالرسمية وتعبئة الرأي العام وراء الإدارة و شرح وجهات نظرها وهو أمر لم تشذ عنهالصحف الأمريكية إلا في حالات نادرة وضمن شروط أهمها حدوث انقسام شديد في أوساط صناعالقرار يكون عادة مدفوع بفشل سياسة معينة، و أفضل الأمثلة على ذلك حرب فيتنامعندما انقلب الإعلام على الإدارة بسبب الفشل في تحقيق نصر سريع، ارتفاع الكلفةالبشرية للحرب، وانقسام أقطاب الإدارة حول إمكانية الاستمرار في القتال حتى آخرقطرة دم فيتنامية، و هناك مؤشرات قوية على احتمال تكرار هذا السيناريو في العراقاليوم. ثالثا:بعد انتهاء الحرب الباردة تخلص الإعلام الأمريكي من القيد السياسي-الأيديولوجيالذي ظل يقيده لمعظم فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وعاد لإبراز هويتهالثقافية التي تعكس تجربة فكرية، سياسية وتاريخية معينة قد لا تراعي بالضرورةالمصالح الاقتصادية والاستراتيجية للولايات المتحدة والتي تتطلب حمايتها رؤيةمكيافيلية وتحالفات تكتيكية قد لا تروق في أحيان معينة لوسائل الإعلام. إن النظرإلى تغطية الإعلام الأمريكي من زاوية حضارية - رسمتها أقلام المستشرقين الجدد -بدلاً من التمسك بالجانب الدعائي أو السياسي لفهمه هو ما برهنت عليه أحدث الدراساتالأكاديمية في هذا المجال. ففي دراسة تناولت موقف الصحيفتين الأكثر نفوذاً فيالولايات المتحدة (النيويورك تايمز والواشنطن بوست) من الصراع بين الدولةوالإسلاميين في مصر والجزائر خلال فترة كلينتون الرئاسية الأولى تبين أن الصحيفتينالأمريكيتين عارضتا وبشكل واضح سياسة كلينتون التصالحية خاصة مع جبهة الإنقاذالإسلامي في الجزائر، وأن معارضة الصحف الأمريكية لسياسة استمالة الإسلاميينانطلقت في معظمها من موقف حضاري أكثر منه سياسي أو دعائي ما يفسر بشكل واضحالتغطية السلبية للإعلام الأمريكي و ترويجه لرؤية صدام الحضارات. لفهم هذهالرؤية الحضارية التي حلت محل الرؤية السياسية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وانكفاء الشيوعية ينبغي فهم المنطلقات و القيم الفكرية التي تحكم سلوك الإعلامالأمريكي وتغطيته الإخبارية ومدى توافقها أو اختلافها مع ثقافة العالم العربي والإسلامي. فالإعلامالأمريكي كما يقول عالم الاجتماع المعروف هربرت غانز هو وليد البيئة الفكريةوالثقافية للمجتمع الذي يمثله وهو بالتالي محكوم بمجموعة من القيم الفكريةوالمجتمعية التي تتضح بشكل أكبر عند الحديث عن مجتمعات مختلفة فكرياً وثقافياً. ولعل أبرز القيم التي تحكم الإعلام الأمريكي هي النزعة الفردية الطاغية،الديمقراطية، الرأسمالية، الاعتدال السياسي (بمعنى الابتعاد عن التطرف والميولالثورية)، الليبرالية الاجتماعية والفكرية. والمؤسسات الإعلامية الكبرى فيالولايات المتحدة معروفة أيضا بمعارضتها الشديدة للفكر الديني وتمسكها المتأصلبالعلمانية. و إذا قمنا بإسقاط هذه القيم على العالم العربي و الإسلامي نجد أنمعظمها لا ينطبق على عدد كبير من الحكومات العربية و الإسلامية في حين لا ينطبق أيمنها على المجتمعات الإسلامية التي مازالت شديدة الحرص على قيمها الفكريةوالثقافية إضافة إلى الدور الكبير الذي مازال الإسلام يلعبه في الحياة الخاصةوالعامة للشعوب الإسلامية. لا عجبإذاً أن ينظر الإعلام الأمريكي بارتياب شديد للفكر والثقافة السائدة في العالمالإسلامي وهو أيضاً في جزء منه يفسر أسباب التعاطف مع إسرائيل التي تبدوللأمريكيين أكثر قرباً من الناحيتين التاريخية و الفكرية-الثقافية. لتجاوز المشكلة إنالسبيل الوحيد للتأثير في التغطية الإعلامية الأمريكية للعالم العربي والإسلامييتمثل في رأينا بإقناع الأمريكيين بضرورة تطبيق ديمقراطيتهم في علاقاتهم معالآخرين، ويتم ذلك باحترام معتقدات وثقافات الشعوب الأخرى والتخلي عن محاولةإرغامها على اعتناق مفاهيم فكرية وثقافية لا يتوافر لها بيئة خصبة للنمووالاستمرار، كما يجب إقناع الإعلام الأمريكي - والمستشرقين الجدد الذين يغذونهبمعظم الصور النمطية التي ينشرها عن العالم العربي والإسلامي ـ بالكف عن إعطاءالمحاضرات فيما يجب أو ما لا يجب تضمينه في المناهج الدراسية والتعليمية للدولالعربية والإسلامية. فالعرب والمسلمون – كما تبين عبر الضغوط التي مورست عليهمخلال السنوات القليلة الماضية – أنهم ليسوا في وارد التخلي عن ثقافتهم ناهيكعن اعتقاداتهم الدينية مهما اشتدت الحملة الإعلامية والدعائية ضدهم ولاهم في موقعالقادر أو الراغب في دفع الآخرين إلى فعل الشيء نفسه. وحتى لا تتحقق نبوءةهنتنغتون ونصل إلى مرحلة الصدام الحضاري على الإعلام الأمريكي أن يضطلع بدورهالتثقيفي والمعنوي بصدق وذلك عن طريق مساعدة حكومته ومواطنيه على فهم حقيقةالمشكلة بدلاً من تأييد التفسير المبسط الذي تروج له بعض التيارات الفكريةوالسياسية في الولايات المتحدة. فالقضاء على التطرف لا يتم بممارسة النشاط الدعائيخاصة إذا كان مصدر الرسالة الدعائية وحاملها غير جديرين بالثقة كما لا يتم بوسائلعسكرية تضاعف درجة الكراهية بين الطرفين بل يتم بمعالجة أسباب التطرف وجذوره،فالتطرف هو في منشأه الفكري والاجتماعي رد فعل على فعل مضاد يشكل في منطلقه خطراًفكرياً أو وجودياً يستشعره الطرف المنفعل ويحاول مقاومته بأشكال مختلفة والأولىبالإعلام الأمريكي لفت النظر إلى هذه الحقيقة بدلاً من مماهاة وسائل الإعلامالعربية في تمجيد ذاتها والانزلاق بالتالي إلى فخ الصراع الحضاري. مجلة ميديالوجيا العدد الثالث أضيفت بتاريخ 23/05/2006 عدد الزيارات2231
| |
|