النشر الإلكتروني و مصداقية الخبر.
بقلم: عبد الرحمن بن عبد العزيز الهزاع.
تطالعنا المواقع الإلكترونية بكم هائل من الأخبار والاستطلاعات، وقد أصبحت لدى الكثيرين مصدرا هاما لمعرفة كل ما يجري داخل المملكة وخارجها من أحداث أو مناسبات. المهتمين بالشأن الخبري، وعلى مدى سنوات طوال، بنوا بينهم وبين مصادرهم الإخبارية التي يعتمدون عليها علاقة ثقة ومصداقية تمت تجربتها وتقويتها عبر أحداث ومناسبات متعددة ومقارنات مع مصادر إخبارية أخرى.
وكالات الأنباء والقنوات والمحطات المتخصصة في الأخبار تسعى من جانبها بكل ما تملك للبقاء في ميدان المنافسة والسبق والمصداقية الخبرية، ومن أهم ما تحرص عليه في هذا الشأن التأكد من صحة المصدر.
بالأمس القريب قرأت ما أرى أنه تحول في السياسة الإخبارية لدى واحدة من أهم وكالات الأنباء الإخبارية، حيث أعلنت وكالة (أسوشيتد برس) الأمريكية، وبعد سنوات من الرفض، اعترافها رسميا بمواقع الأخبار غير الأعضاء بهيئات أو منظمات صحفية، ومواقع النشر الإلكتروني والمدونات كمصدر للأخبار والمعلومات، وستقوم الوكالة بنسب الخبر للمواقع أو الجهات أو المدونات التي تنشر الأخبار. وقالت الوكالة في بيان لها في عالم الويب، يعد جلب المعلومات من مصادر موثوقة أمرا مهما ومصيريا، لذلك يجب أن يكون جلبنا للأخبار أكثر شفافية ومتناسقا مع المصادر الأخرى، وستقوم الوكالة بنسب الخبر للمواقع أو الجهات أو المدونات التي تنشر الخبر أولا، سواء كان الموقع أمريكيا أو غير أمريكي، وسواء كان ضمن المسجلين لدى الوكالة أو من غير المسجلين، بعد توثيق الخبر بصورة تامة وشفافة.
وقد ظلت وكالة «أسوشيتد برس» تحارب الإنترنت كمصدر للخبر، خاصة المواقع والمدونات، حتى إن رئيس الوكالة وفي خطاب له في عام 2009 قلل وبشكل كبير من المدونات حين قال «نحن من أفضل المصادر العالمية لجلب الأخبار وكل ما تقدمه الوكالة يمثل أفضل معايير نشر الأخبار ونشر التقارير حول العالم»، كما زادت الوكالة من حربها على المدونيين والمواقع حينما فرضت رسوما لنقل أي محتوى لها، ووضعت نظاما لحساب الكلام المقتبس من أي تقرير لها.
بهذا الإعلان تنفتح أمامنا صفحة جديدة في مصادر الأخبار ستعتمد عليها وكالة من أهم وكالات الأنباء العالمية، وهذا الفتح يضع صحفنا الإلكترونية ومدوناتنا ومواقعنا عبر الإنترنت أمام تحد كبير ومسؤولية بالغة. من هنا تبرز أهمية التأكد من مصداقية كل ما ينشر من أخبار بكافة أنواعها، خاصة مالة علاقة بالوطن والمواطن.
إقدام هذه الوكالة العالمية على الاستفادة من المصادر الإلكترونية بقدر ما هي خطوة جريئة ومشجعة للتنافس على المصداقية، إلا أنها تثير أمامنا مخاوف في النقل من مصادر لا يتحرى القائمون عليها الدقة والمصداقية فيما يكتبون، وبذلك نشرع أبوابنا للمتلقي الأجنبي وغيره في أن يسيء إلينا عبر ما ينقله من مصادرنا، وهو الحريص على انتقاء وتلمس نوعيات محددة من الأخبار كل ما يمكن أن يقال عنها إن فيها إساءة للوطن.