ظاهرة غسيل الأدمغة يغلب عند الحديث عنها تصور قصص المخابرات أو ألاعيب الحواة... لكنها أعقد من هذه التصورات بكثير، كما أن الأكثر تعقيدا فيها هو الجهات التي تقوم بها بما لديها من وسائل و إمكانيات جماهيرية.
سنفرد الحديث هنا عن وسائل الإعلام، و بالضبط عن التلفاز بوصفه أكثر وسائل الاتصال جماهيرية و متابعة و تأثيرا، لما له من أهمية بالغة في عصرنا.
و عندما نتحدث عن التلفاز تقفز إلى ذهننا القنوات الفضائية، لأنها باتت لغةَ العصر، خصوصا و ألا مناص لأحد من متابعتها لمعرفة الجديد على الساحة في شتى المجالات ثقافيا و عسكريا و سياسيا و اقتصاديا... و هلم جرا.
تقوم القنوات الفضائية بتبني آراء و مواقف تجاه أشخاص أو قضايا معينة، و تقوم على نشر مواقفها بوسائل مختلفة: برامج حوارية، أفلام وثائقية، وصلات إشهارية... و مع الزمن و عامل التكرار تصبح هذه المواقفُ ذاتَ شعبية بين جمهور المتتبعين، و يقوم أغلبهم بالتحرك تجاهها و تبنيها على أنها مسلمات إما بشكلٍ واعٍ أو غير واعٍ!
و هنا تلزمنا وقفة متأنية مع هذه الظاهرة، خصوصا أن من لا يسير في اتجاه ما تروج له وسائل الإعلام يصبح كمن يسبح ضد التيار، و هم للأسف قلة، أما الأغلبية فتسير مع هوى القنوات الفضائية، و هنا يحدث غسيل الأدمغة، فكثير من الأفكار الخاطئة تم ترويجها إلى جانب مواقف محددة و بعينها عبر وسائل الاتصال الأكثر جماهيرية (التلفاز)، لذلك بتنا نرى في مجتمعاتنا ظواهر غريبة لا تمت إليها بصلة، لكن ما إن تفتح جهاز التلفاز حتى تدرك أن غسيل الدماغ منطلقه كبسة زر!.