من المشاكل الاجتماعية التي كثر الحديث عنها في الايام الاخيرة أثر المخدرات على الشباب الناشئ في بلاد العالم المختلفة وكذلك مظاهر الادمان الخطيرة الناشئة عن ذلك .. وأقل من ذلك بكثير كان الحديث عن مخاطر الادمان الناشئ عن أفلام الفيديو والبرامج التلفزيونية ... واجهزة الكومبيوتر والانترنيت .
في هذا المجال قدمت مؤخرا بحوث لفت النظر فيها الى أن القسم الاكبر من اوقات الفراغ عند الطفل امام شاشة التلفزيون ولفت النظر الى أثر ذلك الواضح على إنقاص فرصة التماس مع المحيط التي يحتاج اليها الطفل للأستفادة والتعليم من التجارب الشخصية ولمعاسشة المجتمع الذي ينمو فيه , ولا بد من الاشارة هنا الى أن نضوج الانسان يتحقق على مدار الحياة وبشكل خاص في مرحلة الطفولة ... والطفولة اليافعة , حيث تتفاعل المعايشات الداخلية في الانسان والخارجية مع بعضها فتستوعب وتهضم ثم تجتمع على كل خبرات ... فكيف لذلك أن يحدث في حالة النقص الشديد في فرص التماس مع المحيط ومعايشة المجتمع ؟ وقد قدم معهد الدراسات إحصائيات بين فيها أن الاطفال بين سن 8 و 11 عاما يضيعون من حياتهم يوميا – سوى أيام العطل والاعياد بين 2-4 ساعات أمام التلفزيون .
وأذا غضضنا الطرف مؤقتا عن موضوع الوقت والادمان في هذا المجال ونظرنا الى انعكاسات محتوى القنوات التلفزيونية وأفلام الفيديو وشبكات الانترنيت على نفسية وتطور الطفل لوجدناها ايجابية في قليل من الاحيان ولبية في أحيان كثيرة اخرى ...!
فهي ايجابية عنما تكون هذه الافلام والبرامج موجهة توجيها سليما ومدروسا ومقدمة في الاوقات المناسبة , وهي سلبية عندما يفقد هذا التوجيه المدروس وكثيرا ما يكون مفقودا .
ولنأخذ على سبيل المثال عروض العنف الشائعة – افلام الجريمة – فهي تترك انطباعاتها السلبية بأشكل كثيرة أثبتت الدراسات منها :
- لا تؤدي هذه العروض فقط لتعلم الطفل اعمال العنف ثم تدربه عليها , بل ترفع من نسبة تواترها ايضا , تنخفض قدرة الطفل على التحمل والصبر تجاه الاخفاقات البسيطة وهي نتيجة منطقية لما يراه الطفل من ردود الافعال أكثر عدوانية بعد رؤية افلام العنف .
- من الثابت في مجال الانتحار وأسساليبه وجود تقليد لأشكال الانتحار المعروضة عند الاطفال .
كثيرا ما يلاحظ – مع الزمن - اللا مبالاة وعدم الانفعال عند الاطفال تجاه اشكال الجريمة المعروضة على شاشة التلفزيون , وأود أن أشير هنا الى أن فرضية الادمان على مشاهدة التلفزيون يمكن تعليلها بأن الطفل ينشغل برؤية عالم مرتب ومنظم ومخرج بشكل فني جذاب , ويتمتع بحوادث من أشكال مختلفة بكل راحة وهدوء مما يدعو الى المتابعة والمعاودة ... وهذا هو الادمان !
وهنا يأتي دور المربين في البيت والمدرسة والباحثين في مجالات الاذاعة والاعلام للحد من هذا الادمان من جهة ... ولتوجيه البرامج المختلفة المحتوى من جهة اخرى وبالتالي حماية البيئة العقلية عند نشأتنا والحد من تلوثها !