الاستراتيجيات الاعلانية والترجمة الاستراتيجية
د. حسيب الياس حديد
04/05/2008
قراءات: 1491
بقلم : ماتيو كيديير( ) Par Mathieu Guidère
ترجمة:- د. حسيب الياس حديد
جامعة الموصل- كلية الاداب
ماذا يعني الإعلان الدولي ؟
Qu'est-ce que la publicité internationale?
الشركات
بالاتصال اكثر فاكثر مع المستهلكين لمختلفة اللغات والحضارات وهذا بدوره
سمح بازدهار التسويق الشامل وتعميمه ، وهذا بتوجهه إلى "المستهلك العالمي"
يؤدي أيضاً إلى تماثل طرائق ومحتوى الاتصال التجاري على صعيد الكرة الارضية
قاطبة .
ويشير الاعلان العالمي إلى مرحلة مهمة في عملية العولمة
الجارية . إذ تتطلب هذه الاخيرة الاتصال حول المنتج نفسه في كل ارجاء
العالم وبالاسلوب نفسه . وبعبارة اخرى يتطلب ، التحدث باللغة نفسها ، اللغة
الاعلانية بغض النظر عن الدولة والحضارة المستهدفتين . وينتج هذا المسعى
القسري صوب التقنين للرسائل الاعلانية من ارادة اقتصادية معينة . وتهدف إلى
تقليل الكلف وكذلك المزيد من الاقتصاد وفورات الحجم .
ومن اجل بلوغ هذا
الهدف ، فانه لا شيء تقريبا يمكن مقاومة الالة الموحدة للاقتصاد ، ولا
يوجد سوى اللغة التي يمكن ان تشكل تمردا لهذه العملية المعروفة بالتقنين
فالرسائل الاعلانية مهما كانت درجتها العالمية يجب ترجمتها بلغة المستهلك
المحلي ، ولذلك لا يوجد لحد الان لغة مشتركة لجميع المخلوقات البشرية تسمح
بالاتصال دون الحاجة إلى الترجمة ، فاللغة الانكليزية وعلى الرغم من
انتشارها العالمي لم تصل لحد الآن إلى مرحلة تكون فيها القناة الوحيدة
للرسائل الإعلانية خارج نطاق الدول الناطقة بالإنكليزية .
وفي الحقيقة ،
يؤدي توسع التبادلات التجارية إلى حاجة متزايدة للاتصال منطلقا من الترجمة
، فالكم الهائل للتراجم الاعلانية معتبر ولم يتوقف عن الاتساع ، ويتبع ذلك
افتتاح مجالات لغوية للتجارة الدولية ، فالوسائل الاعلانية متزايدة اكثر
فاكثر :
الصحافة ، الراديو ، التلفزيون ، والشبكة المعلوماتية الانترنت
. حيث تحث الرهانات الاقتصادية التي تحيط بهذه الظاهرة الاستفسار عن
الانتاج الذي تم تحقيقه لحد لان وذلك ضمن اطار وكالات الاعلان من اجل ادراك
طرق النقل وغايته( ) .
لنتذكر اولا وقبل كل شيء ان الدراسة ترتكز
بصورة اساسية على استراتيجيات التقنين وذلك لان هذا الاطار يشترط وبدرجة
كبيرة طبيعة الرسائل الاعلانية والاختيارات الترجماتية التي تمت فعلا .
ويتم نشر المنتج نفسه في كل الاسواق من نفس الرزم والسعر والاتصال . كما
انه يلاحظ ويستعمل الطريقة نفسها في كل مكان . وبالتأكيد فان الشركات
التابعة لها والتي تمارس هذا التسويق نفسه متعددة الجنسيات في معظمها الا
ان هذا التدويل يعد هدفا معلنا للاخرين . وهذا يعود إلى الفوائد إلى لا
يمكن تجاهلها لهذا النمط من المسعى التي هي وفورات الحجم ، والمردود الجيد
وكذلك تعزيز الشهرة ... الخ( ) .
الا ان استراتيجيات الكوكبة لا تنطبق
ولا يمكن ان تنطبق على جميع اصناف المستهلكين ولا على جميع اصناف المنتجات
فقد اظهر تفحص التسويق العملي بأن هذه الاستراتيجيات تتعلق بشرائح معينة من
الزبائن والقطاعات الخاصة بالاقتصاد . وهكذا يبدو ان هدف الاطفال
والمراهقين يخضع للاعلان أو لتوصيل موحد على الصعيد الدولي .
اما فيما
يخص الاهداف الاخرى فانه ينبغي اعتبار المشكلة ضمن اطار الاصناف الاجتماعية
المهنية ، فالاطر العليا (الرجال والنساء) تحول دون التمييز بين البلدان
الاتصال نفسه وبعبارة اخرى تسمح هذه الجماهير بنقل الرسائل الاعلانية كما
هي وكذلك ترجمتها .
اما فيما يتعلق بالمنتجات فانها حالة يصعب تجاهلها
لان اولئك الذين يستطيعون ان يكونوا موضوعا للاعلان الدولي المقنن ينقسمون
إلى اصناف ثلاثة : منتجات ذات تكنلوجيا عالية وتسهيلات الاستعمال والمنتجات
عالية العدوى أو النقل .
وهكذا فان السمة الموحدة للاستراتيجيات تحمل
حملات الكوكبة على المنتجات الحديثة دونما اية جذور حضارية . والاكثر من
ذلك فان هيمنة منتجات السلع الكمالية تؤكد على انتقائية استراتيجيات
العولمة على مستوى الجمهور المستهدف .
وفي الحقيقة وعلى الرغم من ان
الرهانات المالية للحملات الدولية وجهود الاتصال ترتكز وبصورة كلية على
الطبقات الاجتماعية التي تعدد وبصورة تقليدية مواجهة محتوى الرسائل أي
الطبقات الليبرالية للدول المستهدفة وهذا يعني انه على مستوى الاستقبال
يقوم الاعلان الدولي بخلق فصيلة وطبقة ابعد من المستهلكين ، صنف متحسس
للخطاب نفسه يطمح بالطريقة نفسها للحياة ، ان فكرة "الامة" تتطاير هنا على
الاقل ضمن اطار هذا المفهوم( ) .
وفي الحقيقة يدل التطبيق الاعلاني على
انه ليس من الضروري ان يكون متخصصا بعلم الاخلاق لتحقيق حملة دولية . حيث
يقوم المعلنون عادة بنشر وسائلهم خارج الحدود التي بداخلها تمت بلورة ذلك .
ان مثل هذا الارسال يمكن ان يبدو احتماليا ، وفي الواقع يرتكز على كل
اصناف الوسائل التي تستحق التحليل . ان تفحص التكييفات التي تصيب الرسالة
الاعلانية من اجل تحضير وتهيأة تدويلها أي بالعبور من سوق إلى اخرى ومن لغة
إلى اخرى يسمح بتحديد عملية العولمة الجارية على الصعيد التواصلي من اجل
ادراك افضل لالية اداء الاعلان الدولي .
2- الترجمة في خضم الاعلان الدولي :
La traduction au sein de la publicité internationale
تعد
ترجمة الرسائل الاعلانية اولا وقبل كل شيء احدى المعطيات الاقتصادية التي
تدار بقوانين سوق أي معتمدة على العرض والطلب ولكن أيضاً على حلقات النمو
والازمة .
وبصورة متناقضة اتضح بأن الاعلان - ونقله - له اتجاه للازدهار
في وقت الازمة لكي يثير المستهلكين المتحفظين على الشراء . ومن اجل ادراك
جيد للثوابت الاقتصادية في مجال الترجمة الاعلانية ينبغي الاخذ بنظر
الاعتبار نقطتين تابعتين وتكميليتين ، هما : الكلفة الترجماتية والقيمة
اللغوية المضافة اللتان تعودان إلى اشكالية الاموال في خضم التواصل
الاعلاني .
وتحدد الكلفة الترجماتية كلية التكييفات الضرورية لنقل
الرسائل الاعلانية من منطقة لغوية إلى اخرى ، وعلى نقيض ما يمكننا الاعتقاد
به لا تتعلق هذه التكييفات فقط بالعد اللغوي المحض للتواصل وانما تتعلق
أيضاً بالنواحي الاساسية والتي يصعب في الغالب التكييف عليها وهذه هي صيغة
الرسالة ، الضرورة والنموذج .
وهكذا تضم كلفة الترجمة الاستثمار المالي
اللازم لنقل الرسالة إلى اللغة المرغوب فيها هذا من جهة ومن جهة اخرى تضم
الاستثمارات الملحقة التي تتم التوصية بها وبصورة عامة من قبل الملتزم وذلك
بغية نجاح النقل . ويمكن ان تكون هذه الكلفة باهضة الثمن ولا يمكن تبريرها
الا مقابل الرجوع إلى الاستثمار المقنع ، ونتيجة لذلك يتعلق الامر هنا
بمجازفة محسوبة في استراتيجيات التدويل التي تمت دراستها بصورة جيدة .
فالعوائد التي يتم جمعها بالحملة الدولية تعتمد على طبيعة استراتيجيات
الترجمة التي يتم وضعها موضع التنفيذ .
ومن وجهة النظر الاقتصادية ،
تعتمد هذه الاستراتيجيات على عناصر متعددة : حضارة المؤسسة والطريقة
التنظيمية وقدم خبرة الشركة ... الخ ، وتؤثر العوامل ، في الحقيقة على
المسعى الترجماتي الذي سوف يتم تبنيه حول هذا الموضوع ومن الممكن تمييز
نوعين من المساعي ، الاول ذا نزعة مركزية تتم بادارة داخلية للعملية كلها
فالمترجمون هم موظفون في المؤسسة ويرتبطون بصورة عامة بقسم المنشورات
ويعملون بتنسيق دقيق مع الاقسام الاخرى المتعددة فالعمل اذن منجز من قبل
المترجمين المقيمين في الدول التي هي منشأ الاعلان . اما النوع الثاني من
الاستراتيجية فانه من الممكن ان نصفه "باللامركزي" طالما ان الترجمة تعمل
في هيئات خارجة عن المؤسسة . وتوجد حالتان متميزتان : ان العمل يمكن ادارته
من قبل مركز للترجمة الدولية أو ان يعهد به إلى وكالات متعددة الجنسيات
لها دعائم في الاسواق المستهدفة وفي الحالتين تتم بلورة الترجمة وفق معايير
مجردة بحيث تضمن صورة العلاقة التجارية للمؤسسة والنجاح التجاري للحملة
الاعلانية( ) .
الا ان العلاقة الاصلية المقامة بين ترجمة الرسالة
والربح المخصوم يثير مشكلة القيمة اللغوية المضافة . فاذا كان نجاح الاعلان
الدولي يعتمد على قلب الرسالة الاصلية إلى مجموعة رموز لغوية للمستهلكين
من غير الوطنيين فان اللغة تمتلك قيمة جوهرية مضافة . وفي هذه الحالة يجد
المعلن نفسه امام مشكلتين اثنتين : الاولى مشكلة معايير تقييم هذه القيمة
اما الثانية فهي مشكلة اقصى حد للزيادة . ولكن كيف يمكن في الحقيقة الحكم
على جودة اية ترجمة قبل ملاحظة انعكاسات ذلك على المبيعات ؟ وكيف يمكن ضمان
ان ذلك سوف يسمح بافضل اتصال إذا لم يكن هناك ترجمة مقارنة ؟
وفي
الواقع ، يتصرف الاشخاص المنهمكون في عملية التواصل الاعلاني - كممثلين
محترفين - فالمكانة التي يحتلها كل ممثل في الدائرة اللغوية وكذلك
الاستثمار التواصلي الذي يلزم بها تعرف عددا معينا من الادوار التي هي
وظيفة المعطيات السياقية المتعلقة بحضارة اللغة الاصل . ولغتها وكذلك لغة
الهدف وحضارتها ، وتعتمد طبيعة الرسالة أيضاً على العوامل الاقتصادية ،
سمعة وشهرة العلامة التجارية في لغة الهدف وخصوصية السوق المستهدفة وسياق
الاستهلاك ... الخ . وهنالك العديد من العناصر الاخرى التي يتوجب اخذها
بنظر الاعتبار بصورة جدية وثابتة بسبب اهميتها لكل عملية النقل اللغوي
للهدف التجاري .
3- استراتيجيات الترجمة والتكييف :
Les stratégies de traduction et d''adaptation
في
التطبيق العملي ، تعتمد استراتيجيات الترجمة والتكييف على الانموذج
التنظيمي للشركة وإستراتيجيتها الخاصة بالتدويل ، وهنالك نوعان من
الاستراتيجيات الترجماتية : استراتيجية هجومية تتضمن ايصال الرسالة
الاعلانية نفسها مترجمة حرفيا دون الاخذ بنظر الاعتبار خصوصيات لغة الهدف ،
والاستراتيجية الدفاعية التي تضمن (بالنسبة للشركة) تكيف خطابها بغية
تطمين كل اصناف الموزعين والمستهلكين وتعد الاولى انعكاسا لمفهوم مركزي
للمؤسسة يهدف إلى دمج كل الممثلين الاقتصاديين ضمن اطار هيكل موحد موضوع
لكل قمة الهرم . اما في الثانية فنؤكد على توزيع خاص للعمل ورقابة لا
مركزية لبلورة الرسالة ، وفي هذه الحالة يعمل المترجمون في خضم وحدات
متخصصة للشركة .
وفيما يخص الصعيد اللغوي بصورة محددة ، يتعلق الامر هنا
بمترجمين يمتلكون اللغات الام للاسواق المستهدفة ولكن يقيمون ويعملون في
الدول الاصل . ويمتدح متعددو الجنسيات التقنين بعدم دعوى المترجمين
"المحليين" كما انهم لا يعاملون ترجمتهم بمستودعات ، وفي وجهة النظر هذه
يصاحب تصدير المنتجات والخدمات تصدير طبيعة لغوية وحضارية( ) .
في هذا
النوع من الاستراتيجية نادرا ما يثير المترجم مشكلات يتم حلها في الغالب
حول نفس الهدف ولغة الاستقبال ، فانه موجه صوب صعوبات النص الاصلي وصوب
الحضارة التي يثيرها هذا التواصل ويضع نفسه بجانب الناشر - المصدر .
فالمستقبل المستهلك لا يستفيد على الاطلاق من الحيادية التي تتم ملاحظتها
بصورة تقليدية من قبل المترجم وهذا بدوره يشكل قناة للشك في نقل الرسالة
اللغوية .
ولكن في معظم الحالات ، يعتبر المترجم اقرب إلى المتلقين من
المرسلين ، ويستقبل المنتج المصنع في الوقت نفسه بالنسبة للمنهج الخاص
بالكتابات المقدسة . إذ ان اهتماماته تتمحور في النص الهدف وعلى حضارة
الاستقبال فالمسائل الترجماتية تتم اثارتها من وجهة نظر الاستقبال وليس من
الارسال ، وعلى العكس من زميله المبعد فانه يضع نفسه بجانب قرائه الذين
يواجههم يوميا . ولكن على بعد مركز القرار هنالك حاجة ملحة للتقنين . ويخضع
الترجمة إلى تقادم تعسفي على مستوى الشكل كما هو الحال على مستوى التعبير .
وتقاس جودة الرسالة هنا بمهارة المترجم الذي سوف يكون قادرا ام لا على
ايجاد تسوية صعبة بين هوية النص الاصلي وخصوصية الاستقبال التي تحكمها
السمة الاقليميةو وبعبارة اخرى تناسب هذه المنطقة الجغرافية هذا النمط من
صيغة التعبير اللغوي وهكذا فان المستهلكين الالمان يفترض فيهم تقييم
المعلومات التقنية وانهم ليسوا مرفوضين بملاحظات تساؤلية طويلة كما ان
المستقبلين الانكليز سوف يكونون على درجة من الحساسية للنكتة اللاذعة
والحادة .
وهكذا يقاد المترجم إلى تكييف الكتابة نفسها للرسالة
الاعلانية وذلك حسب ذوق المتلقي ، ومن وجهة النظر التواصلية فان هذا
المفهوم الجغرافي - اللغوي يثير مشكلات عدة إذا اعتمدت الرسالة على قناة
لغوية مستعملة ، كيف اذن يمكن ان نأخذ بالحسبان خصوصيات لغة الاصل وكذلك
لغة الاستقبال ؟
ان هذه الطريقة المفتوحة للخصوصيات الوطنية والمتنوعة
في وسائل التطبيق لا تقاوم ضغط التسويق المقنن . وتعمل تعدية الترجمات تبعا
للمناطق على زيادة نفقات اضافية ومعتبرة احيانا ، لذلك فان انصار "الارضية
اللغوية" قد اقتيدوا إلى رؤية تقليل ادعاءاتهم بخصوص الاحترام الشديد
للاقليمية ، وفي التطبيق لا تعود اللغة إلى جغرافية بقدر ما تعود إلى
الجيوبوليتك (الجغرافية السياسية) وهكذا ولكي لا نقتبس الا مثالا مألوفا
فان الحملات الاعلانية بالانكليزية والامريكية مستعملة بصورة متماثلة في كل
الدول الناطقة باللغة الانكليزية . وبذلك لم تؤد الجغرافية خدمة كمعيار
مميز بخصوص الترجمة وهذه في حالات لا تعرف كثيرا وهكذا بالنسبة للدول
العربية التي تستلم الرسائل المترجمة نفسها عن طريق وسائل الاعلام العربية
(النشرات والجرائد والتلفزيون) وهذا الشيء نفسه بالنسبة للدول الناطقة
بالفرنسية في افريقيا .
وتجد ترجمة النص الاعلاني نفسها مأخوذة ضمن مجموعة ثوابت خارجية والتي رهاناتها تكمن في المجال اللغوي بدرجة كبيرة .
وتعد
هذه الثوابت راسخة وبراغماطيقية . وفي الحقيقة فان المشكلات المثارة من
قبل النقل الاعلاني على الصعيد الاقتصادي كما هو على الصعيد اللغوي ناجمة
عن اهتمامات غزو على الاجل القصير واستراتيجيات الغرس على الاجل الطويل .
وتحقيق هذه الاهداف التي هي شرعية بقدر ما هي متناقضة محددة على الصعيد
الدولي للترجمة ان مثل هذه الثرثرة السحرية نأخذها بالحسبان وذلك بكيميائية
الفعل اي تحويل الفعل "كيميائيا" وتحويل الكلمات إلى ذهب .
4- الترجمة الاستراتيجية La tradcution stratégique
تعد
الترجمة "استراتيجية" وذلك لانها تقدم فائدة ومزية لتواصل المؤسسة . فانها
لا تستطيع فقط ان تتدخل من اجل زيادة العوائد المباشرة لتعدد الجنسيات
وذلك عن طريق عملها كمؤثر على المبيعات في الخارج . ولكن من الممكن أيضاً
اعتبارها وسيلة استراتيجية بوجه المنافسة وبهذا المعنى تسمح بتمييزها في
سوق تنافسية . ويمكن ادراك توضيح هذه الخيارات الاستراتيجية عبر ظاهرتين
واضحتين وتكميليتين : "النص المتعدد" و "والترجمة المتعددة" أو تعددية النص
وتعددية الترجمة .
ويحدد النص المتعدد كل النتاجات الحضارية والفكرية
للاعلان (الاعلانات ، الملاحظات ، الكراريس الخاصة بالاستعمال ... الخ) .
فالنشر الدولي الذي يسبقه
عادة ترجمة الرسالة يمثل نتاجا متعدد اللغة
ومتعدد وسائل الاعلام . الا ان النص المتعدد لا يحدد بالاحرى بهذا الربط
بين اللغات والوسائل الاعلانية .
وفي الحقيقة ان الرسالة ليست مترجمة
فقط بعدد معين من المصطلحات وانما هي تميل إلى اتخاذ تراجم سواء على
المستوى الوطني أو الدولي فانه من الممكن ان نجد صيغا مختلفة للاعلان
للرسالة نفسها وبوسيلتها الاعلامية نفسها . ومن وجهة النظر هذه يتبع تعدد
النص تنوع الصيغ وتنفيذ النص الذي من الممكن ان تتسم بها الرسالة نفسها
وباللغة نفسها ان علامات الهوية كما هو الحال مع علامات الغيرية (فيما يخص
الاخر مقابل الانا) يمكن ادراكها على مستوى التعبير كما هي الحال على مستوى
الشكل .
اما فيما يتعلق "بتعددية الترجمة"( ) فانها تعكس اسلوبا جديدا
للنقل بين اللغات ، ويتجلى ذلك عبر استراتيجية ومنهجية أيضاً ، فالاشارة
إلى الاولى تشير إلى السمة المتعددة والتكتيكية والبرامجية للمساعي
الترجماتية في الاعلان الدولي . ويؤكد توضيح الثانية على اهمية الرهان
والتقنين المؤسساتي للمارسة متروكة إلى حد الان لتقييم الفرد المترجم .
وضمن
هذا المنظور هنالك نواحٍ عديدة لتعددية الترجمة التي تنسق عمل فرق متخصصة
للعمل . ويعد هذا التحليل مهما لانه يعرف تعددية الترجمة بمقابل الزمانية
الملازمة لها . ولا تتعلق هذه بالمدة أو بالاجال الخاصة بتحقيق الترجمات
وبمتطلب الملازمة والانتاج المشترك لتراجم مختلفة . ان مثل هذا المتطلب
يحسب له ضمان هوية التواصل وذلك بتعددية اللغات والصيغ .
ومن ناحية اخرى
، تتجلى تعددية الترجمة بعدد خاص من الوسائل التي تؤدي إلى غاية . وتمتلك
تعددية الترجمات غاية معلنة على مستوى البلورة وعلى النشر وانها مهمة
بهدفها الاستراتيجي . فان ترجمة الرسالة نفسها بلغات مختلفة ليس لها هدف
لمصاحبة وضع المنتجات للبيع في السوق . ويمكن ان تنشر الترجمة في حالات
معينة دون ان يكون المنتج متوفرا في المنطقة اللغوية المستهدفة . في هذه
الحالة يتوجب تفحص تعددية الترجمة على ضوء الفائدة التكتيكية للنص التواصلي
. وبصورة عامة لها وظيفة هي ان تحتل بصورة استدلالية شرفة مقابل المنافسة
التجارية التي تم تقديمها . ويعمل نشر الترجمة لدى المتلقين اعتقادا بوجود
المنتجات والخدمات المشار اليها وتوفرها وتسمح هذه المناورة التي هي
كلاسيكية قديمة في التسويق العالمي ليس فقط بتأجيج انتظار المستهلكين لمنتج
جديد وانما تعمل أيضاً على غلق كل المبادرات للمنافسات التي نجد انها
تفاجأت بأثر بسيط للاعلان .
5- ترجمة التطبيق العملي اللغوية Traduire la praxis langagière
من
الاهمية بمكان ان نرى ان الرسالة الاعلانية تعرف وفقا للتطبيق العملي
وتقدم هذه وجها سلبيا مثبتا في هياكل أو تراكيب الرسالة المعدة للترجمة
ووجها
ايجابيا موجها صوب المتلقي يهدف إلى التأثير عليه من ناحية تعلق
الامر باثر اللغة المرمزة والمعمولة على مستوى المحتوى والتعبير الاعلانيين
. ومن ناحية اخرى تقوم اللغة بالتأثير وتعتبر موجهة ومؤشرة عقائديا نحو
غاية محددة الا وهي الاستهلاك .
فالترجمة الفعالة هي تلك الترجمة التي
تسمح باحداث ذات الاثر مثل الاصل . ومقابل الترجمة التقليدية المقامة على
قيود خاصة بالامانة بالنص الاصلي فانها تتمتع هذه الترجمة بحرية لا يوجد ما
يضاهيها ولكن مع التزام بالنتيجة . انها فاعلة بهذا المعنى الذي يترجم
ذاتها باعمال حقيقية للشراء . ومع هذا النوع من الترجمة تكتسب الكلمات قوة
ملموسة فالمرادفات المعطاة لا يتم اعتبارها والحكم عليها باسبقية وفقا للنص
الاصلي ولكن وفقا لقيمتها الاساسية في النظام التواصلي الذي يستعملها .
فلم يعد المترجم مغشى بالاصداء لانه يقوم بتقييم المصطلح الذي يجده
بالاشارة إلى استقباله . وفي حالة التردد بين عدة مصطلحات يلتزم بالمصطلح
الذي يحدث ابلغ الاثر .
الا ان الاثر الذي يحدث ينبغي ان يكون ذلك الاثر
الذي توقعناه وذلك لأن الجملة نفسها يمكن ان تحدث اثارا متباينة مثلما هي
الحال عندما يكون هناك جمل مختلفة تؤدي إلى النتيجة نفسها . فالاشكالية
المحورية في هذا النمط من الترجمة يتعلق بطريقة السيطرة والرقابة على
التطبيق العملي اللغوي اولا وقبل كل شيء - ترميزه ثم مماثلته على مستوى
التراكيب اللغوية الاصلية وبعد ذلك استعادة المراسلة بين اللغات والمراسلات
التواصلية البسيطة والثابتة ، واخيرا وضع طرائق يعتمد عليها للتحقق من
الفعالية الترجماتية .
وتثار هذه الاسئلة بصورة اساسية في مصطلحات
الاقتصاد : كيف يمكن احداث ابلغ الاثر باقل الوسائل ؟ وبعبارة اخرى ، كيف
يمكن جني اكبر قدر ممكن من النتائج باقل ما يمكن من النفقات ؟ انه السؤال
الذي تم تلخيصه في حصيلة الترجمة والقيمة اللغوية المضافة . وللاجابة عن
هذا السؤال ، تتوجب القدرة على تقييم قيمة المكونات الاعلانية ، وبيقين تام
وكذلك فاعلية الوسائل التي هي بحوزة المترجم من اجل بلوغ هدفه .
وهكذا
يتوجب التطرق إلى الفعالية الترجماتية ضمن هدف تقييم افضل الوسائل ، اولا
وقبل كل شيء وسائل المساهمات السياقية من كل الانواع (الزمان والمجال
والوسيلة الاعلانية) وبعد ذلك وسائل المحتوى والتعبيير الاعلانيين (اختيار
المعلومات واسلوب الكتابة) ، واخيرا وسائل التقييم الايقونية والكتابية
(الصورة وتنظيم الصفحة والطباعة) .
وفي الحقيقة ، تقع الرسالة الاعلانية ضمن استراتيجيات الكتابة والاتصال
نفسها
، ويخضع كل عنصر من الاعلان سواء معلوماتيا كان ام كتابيا إلى معيار
الملاءمة فالكلمات والاسلوب والاشارات التقنية تمت فهرستها بصورة دقيقة جدا
وقد تمت غربلتها من اجل الوقوف على صلاحيتها : هل انها ملائمة لمتلقي
الترجمة ؟ وبعبارة اخرى ، هل انها تقدم قيمة مضافة للنص الهدف ؟ يعد مفهوم
الاختيار الترجماتي اساسيا من اجل فهم طبيعة المفردات المقترحة للرسائل
الاعلانية وترجع إلى ثلاثة انواع من الخيارات التأويلية التي قام بها مترجم
الاعلان :
اولا الاختيار الموضوعي الذي يحدد الطابع الذي يصف الموضوع
الذي بموجبه سوف تتم الترجمة . وعلى هذا المستوى لا ينشط المترجم المفسر
بصورة عامة سوى جزء من الموضوع الذي ادخله مدرك الاعلان الاصلي . ويحصل
احيانا انه يدخل بعض المواضيع التي لم تكن متوقعة ولكنها مفيدة لهدف
الرسالة . وبعد ذلك الاختيار الخاص بعلم القيم واليحث عن قيم الاخلاق الذي
يتضمن انتقاء علامات داخل الاعلان الاصلي خاصة بالتقييم الخاص بالمنتج ويجب
ان تكون هذه العلامات ملائمة للسوق المستهدف وحسب الاعلانات ويمكن ان
يرتكز هذا الخيار على نواحٍ عديدة : جمالية اخلاقية تاريخية ورمزية ... الخ
. وينبغي على المترجم ان يضع نصب عينيه نظام يلائم هدف الاعلان المترجم .
واخيرا الخيار البلاغي الذي يتعلق باستراتيجيات الاقناع والحوار الذي يمكن
نقله من لغة إلى اخرى .
وهكذا تمر وسائل انتاج الرسالة عبر خيارات على
مستوى التعبير والمحتوى الاعلانيين . ولكن تبقى هذه دونما اثر ودونما أي
تجانس وترابط ولو بحد ادنى على المستوى الكلي ، وفي الحقيقة ، فان الاختيار
الاخير لمؤسسة النقل يتعلق بتقديم الكل أي الاخراج الايقوني والكتابي ،
وهكذا يتضمن العمل المنجز على الصورة الاعلانية وعلى التعديلات التي يتم
ادخالها على اخراج الصفحة والطباعة . ولكي تكون اكثر فاعلية فان الصيغة
المترجمة يجب ان تحافظ على الترابط الاساس للعلاقات الاعلانية ، وبعبارة
اخرى ، يعتبر المترجم محددا بملاءمة الكلمة مع الصورة والعلامة اللغوية
والعلامة البلاستيكية في كل تكييف والنص المترجم بصورة الاصل وفي بعض
الحالات الصورة المستهدفة للنص الاصلي .
6- الاشكالية الحضارية في الاعلان الدولي
La problématique culturelle en publicité internationale
بصورة
كلية من الملائم التركيز على حقيقة ان العلاقات التي تربط الاعلان
بالحضارة الموجودة في سياق خاص الا وهو العولمة . ويعود هذا السياق إلى
القرارات والتحريرات السياسية والعقائدية . ومن وجهة النظر هذه تعود مواجهة
المسألة الحضارية في ممارسة الاعلان الدولي وتعود إلى التساؤل حول جدواها
أو على الاقل حول تأدية وظيفتها . وذلك بسبب وتحت ظل ضغط المنطق الاقتصادي
وليس فقط ممثلي الاعلان يعالجون هذه المسألة في وجهة نظر عملية وانما
الاسلوب الاعلاني للحقائق والمعطيات الحضارية تعتبر خاصة وتثير المناظرة
حولها إذ لا يمكن مواجهة الحضارة في المطلق أي بصورة اجمالية ومنظمة فانها
ترتبط بالاهتمامات التجارية للاتصال . ويتم فقط تفحص العناصر الحضارية
المنعكسة بالنقل . ولهذا ليس من الضروري غربلة كل الحضارة إذ يدل المذهب
التجريبي للاعلان إلى كم من الاهتمامات المعينة المفصولة عن الواقع
الاقتصادي - الاجتماعي .
وفي الحقيقة ، هنالك نواحٍ معينة في الحضارة
تثير مشكلة في الاعلان الدولي بنقاط معينة تم توضيحها بصورة عامة من قبل
الممثلين الاجتماعيين في الدولة المستقبلة وتحتاج هذه إلى اهتمام خاص . ولا
يمكن مواجهة هذه النقاط الدقيقة نفسها في المطلق ويتم فهمها مع الاشارة
إلى التواصل الاعلاني أي وفقا لموضوعها ومحتواها . وهكذا فانه من الممكن
تمييز اثنين من المكونات الاساسية . الاول المكون الجتماعي الحضاري المتعلق
بالدين والتقاليد والمواقف العرقية والروح القومية وعادات الشراء . اما
النوع الثاني فهو المكوّن القانوني المتعلق بصورة اساسية بالمنتجات
الممنوعة من الاعلان والتشريعات الخاصة بصيغ معينة من الترويج التجاري
(مثال الاعلان المظلل أو المقارن) .
لا تختلف هذه الناحية الاخيرة وحدها
حسب الدول والمنتجات المعينة بالاعلان( ) انها مطورة وفي الغالب رديئة
للنظام والوضع السياسيين . اذن يعتبر المترجم محددا بأن يأخذ بالحسبان
تشريعات الدولة المستلمة مع مخاطرة ملاحظة رفض أي حملة اعلانية . ولا ينظم
القانون محتوى الرسائل الاعلانية فقط وانما ينظم تعبيرها أيضاً أي كتابة
هذه الاعلانات نفسها . وفي فرنسا يجبر قانون ايفين استعمال اللغة الفرنسية
حصرا في الاعلان . وفي كيوبك تكون الملصقات الاعلانية بلغتين . وفي القانون
السعودي يشترط المنظم للاعلان "يمنع اظهار جزء أو كل من جسم الانثى ما عدا
ملامح الوجه أو ايجاد اية تلميحات مهما كانت بخصوص العلاقة بين الرجل
والمرأة أو استعمال الصور التي تحط من الشخص الانساني" .
وتجعل هذه
الطريقة العلمية للحضارة دون التوصل إلى درجة الكمال المسألة الحضارية
ثانوية فان وجه ابداء الرسالة يؤكد على انتقاء مسبق للعناصر الحضارية التي
يجب اخذها بنظر الاعتبار ادخال اشارات في اتصالاته يفترض فيها ان تكون
عالمية أو على الاقل منسجمة مع الحضارة التي سوف تستلم الرسالة .
وفي
هذا المنظور ، يمكننا ان نميز وبصورة معتادة اربعة انواع من المؤسسات وفقا
للموقف المتبنى بخصوص حضارة الدولة المستهدفة . وتتبنى المؤسسة التي تهتم
بالسلالة البشرية موقفا يرتبط ارتباطا وثيقا بسياق الاصل وتعمل على ايجاد
اقل قدر ممكن من التكييفات في حين تدمج المؤسسة المتعددة الاهتمامات
الخصوصية الحضارية لكل دولة بتكييف افضل لرسائلها الاعلانية . والمؤسسة ذات
الاهتمام الاقليمي التي تكيف حملات وفقا للاقاليم وليس للبلدان . واخيرا
المؤسسة ذات الاهتمام الجغرافي التي تهتم بالعوائق الجغرافية والحضارية مع
اخذ الرسائل التي لها سمة عالمية .
وهكذا فان الثابت الحضاري انخفض في
الاعلان إلى درجة مناسبة الا انه لا يبقى اقل اثرا محددا . إذ يؤدي تجاهل
أو عدم احترام دلالات معينة اثناء الترجمة إلى فشل افضل الحملات الاعلانية .
وتشير هذه الاشارات إلى تبئير الاهتمام حول العناصر التي حددتها الحضارة
نفسها باعتبارها لها دلالات مهمة . وبعيدا عن اقامة اسلوب مقلل أو خاطئ
للحضارة يشكل مسعى المترجم الاعلاني مفهوما جديدا للتفاعل الحضاري الذي
يعمل على التوفيق بين الضرورات الاقتصادية والمتطلبات اللغوية .
د. حسيب الياس حديد