أترضى يا أمير عبد القادر بأن تنتج الجزائر عنك فيلما كلفته 500 مليار
كاتب الموضوع
رسالة
المدير الادارة
عدد المساهمات : 1780 تاريخ التسجيل : 08/06/2009 العمر : 36
موضوع: أترضى يا أمير عبد القادر بأن تنتج الجزائر عنك فيلما كلفته 500 مليار السبت ديسمبر 04, 2010 6:58 pm
أترضى يا أمير عبدالقادر بأن تنتج الجزائر عنك فيلما كلفته 500 مليار
آسفون.. " الشكارة" وحدها لا تنفع مع السينما ! 500 مليار سنتيم ( حوالي 63 مليون دولار) هي إذن التكلفة المبدئية لإنتاج فيلم حول" الأمير عبد القادر". 500 مليار مبلغ سيتعيّن على الخزينة الجزائريةدفعه كي يرى هذا الانجاز السينمائي النور. لست أنا الذي سأرتكب حماقة القول أنأموال الشعب الجزائري تُهدرُ في التفاهات، لأنني كالبعض منكم أقدّر أيما تقديرقيمة الفيلم، و لا أعير أي اهتمام إلى المال مهما بلغ حجمه عندما يتعلق الأمربإنتاج فيلم سينمائي. و لكن، عندما يراد للأمور أن تتم مثلما ستكون عليه بالنسبةلمشروع فيلم "الأمير عبد القادر" فان ورق العالم قد لا يكفني للتعبير عنخيرتي و استغرابي و قرفي و حزني و أنا أشهد مرة أخرى على رؤية ساذجة لمشروع نريدهأن يخرج عملاقا من رحم لا يمكنه أن يلد إلا الأقزام. بالنظر إلى المعلومات التي تم تداولها منذ أيام قليلة حول مشروع فيلم "الأمير عبد القادر" يمكن غربلة الآتي: 1) الفيلم يمثل مشروعا عزيزا على الرئيس عبد العزيز بوتفليقة 2) 500 مليار سنتيم هي التكلفة الأوليّة للمشروع. 3) وزارة الثقافة تشرف على تسيير المشروع. 4) بوعلام بالسايح أعدّ سيناريو جاهزا للفيلم. 5) يتم البحث عن مخرجين عالميين معروفين قصد انتقاء أحدهم ليتولّى إخراج الفيلم. 6) بوتفليقة يريد للفيلم أن يكون رائعة فنية عالمية.
استنادا إلى هذا الكّم من المعلومات، يمكن الاستنتاج بسرعة و من دون أي جهد ذهنياستثنائي بأن الأمر يتعلق بفيلم مطلوب un film de commande. هذا الصنف من الأفلاممعروف عنه عالميا بأنه موجه للدعاية و الإشهار و الترويج أكثر منه لغرض آخر، و هونوع من الأفلام لا يختلف كثيرا عن الومضة الاشهارية le spot publicitaire . كأنتطلب شركة معينة إنتاج فيلم مدته 26 أو 52 دقيقة، تعرّف فيه بنفسها، و تعرض أكبرقدر ممكن من المعلومات عن طاقة إنتاجها أو نوعية خدماتها بغرض جلب مزيدا منالمتعاملين أو الزبائن أو لترميم صورتها المشوّهة في أعين الآخرين. الفرق بين فيلم سينمائي كما يتفق عليه المنطق الثقافي الفنّي العالمي و بين الفيلمالمطلوب (الدعائي) هو أن الأول عمل فنّي نابع من ذاتية بل أنه بقدر ما يكون مفعمابالذاتية... ذاتية صاحب الفكرة، و كاتب القصة و كاتب السيناريو و المخرج و حتىذاتية الممثلين، بقدر ما يكون ناجحا. و مقياس النجاح هنا يتلخّص في طرف واحد اسمه" المشاهد". بينما الفيلم المطلوب le film de commande هومجرد سلعة سمعية بصرية لا غاية لها عدا الترويج لسلعة أخرى، و لا مجال أبدا لإجراءأي مقارنة بينه و بين الفيلم السينمائي الروائي أو حتى الوثائقي. لأن ذلك النوع منالأفلام خال من الروح و هو ببساطة كالماء تقريبا لا ذوق و لا لون و لا رائحة له. منذ عقود من الزمن، أبهر السينمائي العالمي فرانسيس فورد كوبولا برائعتهالسينمائية " نهاية العالم الآن" apocalypse now الذيفي سبيل توفير ميزانية إنتاجه ( حيث كان كوبولا هو المخرج و المنتج في آن واحد)باع كل ممتلكاته و إلى غاية اليوم ... حوالي 30 سنة من بعد، لا يزال فيلمه حيّايسيل لعاب المشاهدين و يثير الجدل بين النقاد و الباحثين، و يُذكر عنوانه على سبيلالمرجعية الحاسمة في تاريخ السينما العالمية. لماذا برأيكم ؟ السبب بسيط و هو أنالفيلم كان ثمرة لذاتية صاحبه، لأن الفيلم السينمائي كأي عمل فنّي آخر لا يمكنه أنيكون إلا مرآة عاكسة لذاتية الشخص الذي أبدع ذلك الفيلم. منذ عقود من الزمن أيضا، مشى سينمائي هوليودي من أصل سوري، اسمه مصطفى العقّاد ،مشى حافيا على الجمر - كما يقال- في سبيل إنتاج رائعته السينمائية التي لا تموت"الرسالة" و تعرّض إلى أفظع الطعنات من قبل ملوك و رؤساء العرب الذين لميدعموه ماليا فحسب و إنما أيضا عمل أغلبهم جاهدا - كالعادة- على عرقلته و غلقالأبواب في وجهه و خيانته و التخلّي عنه، حتى أن المشروع كاد أن يُقبر في ربعالطريق لولا "رُجلة" العقيد معمر القذافي ( شهادة أستنجد بها بفضلالتاريخ)، و قد يكفني ربما أن أذكّر بأن رائعة " الرسالة" بقي عرضهاممنوعا في مصر ( أم الكنانة ... أم العرب ! ) إلى غاية السنوات القليلة جداالماضية. بالنهاية، عندما أنهى مصطفى العقاد (رحمه الله) عمله، كيف كانت "الرسالة" ؟ ... زهرة لن تذبل و لن تموت ! لماذا ؟ فقط لأن "الرسالة" و مع أنه فيلم كان يروي قصة الإسلام التي يعرفها المسلمون و حتى بعضغير المسلمين، إلا أن قصة الإسلام كما صوّرها لنا مصطفى العقّاد جاءت سحرية ومؤثرة و سريعة التسلّل إلى القلب و الذهن في آن واحد لأنها فقط كانت قصة مدموغةبذاتية المخرج مصطفى العقاد. الأمثلة عديدة، و لكني أفضل أن أتوقف عند فيلمي كوبولا و العقاد. في هاذين الفيلمين العملاقين، لم يقف وراء إنتاجهما لا رئيس دولة و لا وزيرة ثقافةو لا رئيس مجلس دستوري لتولّي كتابة السيناريو. لقد تعلق الأمر بعملين سينمائيين،لم تقف ورائهما إلا أحلام صاحبيها و كوابيسهما و ذاتيتهما و نقاط قوتهما و ضعفهماكبشر. الآن، ما من شك أن فيلم " الأمير عبد القادر " يراد له أن يكون فيلماعملاقا من شاكلة " الرسالة" أو " نهاية العالم الآن"... أوربما " عمر المختار" الذي يجب التذكير بأن مصطفى العقاد هو الذي أخرجه. عند فيلم " عمر المختار" سنتوقف، ثم نعود إلى موضوع فيلمنا حول الأميرعبد القادر". عندما كان المنتج و المخرج السوري الأصل الراحل مصطفى العقاد يعمل على تصوير مشاهدفيلم " الرسالة" في صحراء المغرب، بموافقة و دعم الملك الحسن الثاني،فوجئ العقاد بهذا الأخير ( أي الملك الحسن الثاني) يسحب البساط من تحت قدميهملتمسا منه بلباقة، مغادرة المغرب و البحث عن بلد آخر يصوّر فيه فيلمه. لماذا ؟لأن المملكة العربية السعودية (التي لا سينما فيها لأسباب دينية) لم يكن ملكها وأمراؤها ضد فيلم "الرسالة" فحسب، و إنما أيضا مارسوا ضغوطا لا توصف علىالملك المغربي الراحل الحسن الثاني كي يمنع العقاد من مواصلة العمل على أرضه، ووصل الأمر بالمملكة السعودية إلى حد التهديد بعدم حضور اجتماع للجامعة العربية كانتالمغرب ستحتضنه. مصدوم، اضطرّ مصطفى العقاد إلى البحث عن بلد عربي مسلم آخر يعيرهرمل صحرائه ليصوّر عليه فيلم عن الإسلام، و لم يكن ذلك البلد إلا ليبيا. أثناء أومباشرة بعد إنهاء تصوير " الرسالة" و بعدما أُعجب القذافي (طبعا) بمستوىالعقاد، الرّاقي، يُقال بأن القذافي شخصيا هو الذي طلب من العقّاد أن يحقق لهرغبته في رؤية فيلم يُنجز حول شخصية البطل الليبي التاريخي عمر المختار. و يُقالُأيضا أن العقاد لم يكن من نوع السينمائيين الذين " يُطلبُ" منهم إخراجأفلام على المقاس. و لكنه كان محرجا أمام القذافي الذي يعتبر بالنسبة إليه "صاحب فضل"، و القول " لا" للقذافي كان بمثابة إنكار للجميل، فماكان إلا أن قبل العقاد و أشرف على إخراج فيلم "عمر المختار" ، و لكنالفيلم على الرغم من الإمكانيات الضخمة التي سُخّرت له و النجوم العالميين الذينشاركوا في تمثيله، لم يأت أبدا - باعتراف النقّاد- كما كان يراد له أن يكون أي فيمستوى " الرسالة". السبب؟ ذاتية المخرج كانت ناقصة في ذلك العمل أو لنقلعنها أنها كانت غائبة أصلا. العبرة: فيلم "مطلوب" تحقيقا لرغبة رئيس، و أموال ضخمة، و مخرج عالمي...لا يعطون بالضرورة فيلما ناجحا بالمقاييس العالمية. إن أجمل الأفلام و أنجحها على الإطلاق في العالم، هي تلك التي تولد في عقول و قلوبأصحابها من منتجين و مخرجين. تلك التي يثمرها جنون العبقرية الذاتية. تلك التي لاترى النور إلا بعد مخاض عسير. و أنا هنا أتحدث عن مخاض الولادة الفنية التي تحدثعنها علماء الجمال. الأفلام قضية أشخاص ... فنّانين مبدعين، لا قضية رئيس دولة، ووزارة. كم ذُهلنا و نحن نكتشف أن وزيرتنا للثقافة خليدة تومي تتحدث عن مشروع فيلم "الأمير عبد القادر" لنواب البرلمان ! الحكومات سادتي الكرام لا تنتج أفلاما ولا تناقشها مع نوّابها، و إنما هي هنا لتنفّذ سياسة الدولة في مجال السينما ...عندما يكون لتلك الدولة خيارا سياسيا في مجال السينما طبعا. عندنا في الجزائر، لميبق إلا عدد لا يستحق الذكر من قرابة 400 قاعة سينمائية ورثنها البلاد عنالاستعمار، و المؤسسات العمومية التي كانت تتكفل بالإنتاج السينمائي و السمعي بصريتم حلّها عام 1997، ما يعني أن السينما عندنا أصبحت لا سياسة للدولة في ما يخصهابل أن الدولة نفضت يديها من ملفّها ، و اليوم تعود نفس الدولة لـ "تقرّر" إنتاج فيلم عن الأمير عبد القادر، معتقدة أن رصد 500 مليار للفيلم،وحده يضمن منذ الآن نجاح هذا الفيلم. لو يعود لنا الأمير عبد القادر لبضع لحظات و نسأله: ماذا تفضل يا أميرنا أن ننفق500 مليار في سبيل إنتاج فيلم حولك أو ننفقها لانجاز قاعة سينمائية فخمة لكل واحدةمن ولايات الوطن الثمانية و الأربعين ؟ أنا واثق من أنه سيفضل من دون تردد الخيارالثاني. الجزائر التي لم تبق فيها قاعات سينما تقريبا تريد أن تنتج فيلما حول الأمير عبدالقادر بتكلفة لا تقل عن 500 مليار، هل سألت نفسها هذه الجزائر: أين ستعرض هذاالفيلم ليشاهده الجزائريين؟! نرجو ألا يردّوا علينا بالقول بأنهم سيعرضونه فيالتلفزيون الجزائري، لأن هذا الرد كاريكاتوري مضحك، فالأفلام "السينمائية" لا تُنتجُ لكي تُعرض في التلفزيونات ، و إنما هي تُعرضُ في قاعاتسينما. صحيح أن السينما كجهنم تبتلع الأموال، و تظل تقول: هل من مزيد. لكن، الصحيح أيضاأن أفلاما زعزعت العالم و حصدت أكياسا من الجوائز في أكبر و أشهر المهرجاناتالسينمائية العالمية مع أنها أُنتجت بميزانيات مضحكة. صحيح أن البلدان الغربية حتى لا نقول الدول المتقدمة، و منها فرنسا، تدعم السينماماليا، حتى عندما تكون تلك السينما منتجة من قبل الخواص، لأنها ترى في ذلك حماية وتحصينا لخصوصيتها الثقافية، حتى أن بلدا مثل فرنسا مثلا، و هي تفاوض في إطار منظمةالتجارة العالمية (الغات سابقا) اتفقت مع الولايات المتحدة الأمريكية على كل شيء ولم تتعثّر المفاوضات إلا عندما وصل الأمر إلى الإنتاج السمعي البصري. هنا قالتفرنسا: " ستوب ! " لا مجال لأن تدخلوا لفرنسا ما تريدون من أفلام. لكنتلك البلدان تدعم إنتاج أفلام (بالجمع) و تدعم صناعة سينمائية، و لا تنفق أموالاطائلة من أجل فيلم... فيلم واحد كما يراد للحال أن يكون و سيكون عندنا في الجزائرمع فيلم " الأمير عبد القادر". لا أحد من الجزائريين يجرؤ على إنكار وزن شخصية الأمير عبد القادر. لكن ليس منالحتمي أن ننفق 500 مليار سنتيم من أجل فيلم حول شخصه. فإذا كان الهدف، إبرازشخصية الأمير عبد القادر بكل أمانة تاريخية تجاه الشخص و إزاء الوقائع كما كانت،فنظن أن أفضل وسيلة يمكن الاستثمار فيها بهذا الخصوص، هي تمويل عملية بحث و تنقيب واسعةالنطاق في الأرشيف العالمي حول كل ما له صلة بشخصية الرجل، و انطلاقا من ذلك البحثالأرشيفي الدقيق الذي قد يدوم سنين طويلة، نوفّر المجال لكل من يريد أن يؤلف كتباأو دراسات أو ينتج أفلاما وثائقية أو روائية أو أعمالا تلفزيونية أو مسرحيات حولالأمير عبد القادر، و من دون تدخل لا الرئيس و لا الوزيرة و لا البرلمان و لا أيكان من رموز الحكم. لقد كانت للجزائر في الثمانينات، تجربة مع فيلم ملحمة الشيخ بوعمامة الذي من غرائبالصدف كتب نصّه (حتى لا أقول سيناريو) وزير الثقافة الأسبق رئيس المجلس الدستوريالحالي بوعلام بالسّايح الذي يُقالُ بأنه واحد من أحفاد الشيخ بوعمامة. و أنفقتالدولة أموالا كبيرة بالنظر إلى تلك الفترة، و لكن الفيلم لم يكن في نهاية المطافأكثر من " فرجة" le spectaculaire مفعمة بالفرسان و البارود و المعارك والغبار. الذين شاهدوا فيلم " بوعمامة" لم تحتفظ أذهانهم بشيء عن شخصيةبوعمامة. لماذا ؟ لأن ذلك العمل السينمائي الذي استنجدت فيه الجزائر بالخبراءالأجانب وقتها، لم يقدم للمشاهد أكثر من " الفرجة" و كأننا كنا بحاجةفقط لأن نثبت للآخرين بأننا قادرين نحن كذلك على إنتاج فيلم " كوبوي" ! فيلم وثائقي عميق و ناضج حول الشيخ بوعمامة، لا يكلّف الكثير على الإطلاق، كانيمكن له أن ينفع الجزائريين و غير الجزائريين و أن يبقى مرجعا تعود له أجيالالباحثين في كل مرة. إن إنتاج السينما الروائية كما هو معترف به من قبل صنّاع و محبّي السينما فيالكوكب، ليست بالضرورة " فرجة" ، و إن كانت " الفرجة" جزءا لايتجزأ من الفعل السينمائي. و لكن " الفرجة " ليست حتما عساكر و جيوش ومعارك طاحنة و بارود و أشلاء جثث تتطاير. إن هذا الصنف من المشاهد أصبح في عالمناالحديث أقرب إلى الكاريكاتور السينمائية. فيلم papillonلفرانكين.ج. شفنير ( 1973) واحد من أروع الأفلام التي أنتجت في القرن الفائت. و معذلك، لم يعتمد هذا الفيلم على ما يمكن أن نسميه " المشاهد الصاخبة". فيلم " معركة الجزائر" la Bataille d’Alger للمخرج السينمائيالايطالي الراحل جيلو بونتكرفو، كان أيضا واحدا من أجمل أفلام القرن المنصرم حولالثورات و الحروب. لكن بونتكرفو لم يهدر جهده في الفرجة الصاخبة بقدر ما ركّزه علىالتركيب الذكي (المونتاج) لتبليغ فكرة واحدة و هي: كيف كانت تعمل منطقة الجزائرالحرّة أثناء حرب التحرير الجزائرية و كيف كان أفرادها يفكّرون و كيف كانوا يخططونلعملياتهم و كيف ينفذونها و من ينفذها و بواسطة ماذا و أين و متى و كيف كان رد فعلالمستعمر. الفيلم ذكي إلى درجة أن الولايات المتحدة الأمريكية استنجدت بعرضه ودراسته علّه يفيدها عمليّا للخروج من مأزق العراق. أحد منتجي هذا الفيلم، الرجلالتاريخي ياسف سعدي لا يزال حيّا و يمكنه أن يفيد من يريد، بتكلفة الفيلم آنذاك (في الستينات). و يمكن لمن يرغب في التسلّي بالحساب أن يحوّل تكلفة ذلك الفيلمالمالية في ذلك الوقت إلى قيمة الدينار الحالية، و هو يستنتج بأن الفيلم لم يكلّفميزانية تستحق الذكر. إن السينما في حاجة إلى ذكاء قبل المال. و لكن عندنا، يبدو أننا قلبنا الآية،فرحنا نوفر المال ثم نكلف أحدنا بالبحث عن الذكاء. ألم يكلّف أحمد بجاوي بالعثورعلى من يتكفل بإنتاج " الأمير عبد القادر". نحن هكذا في جزائر اليوم، لانحسن إلا التبجّح بمال البترول السهل ... 800 مليار للجزائر عاصمة الثقافة العربيةو النتيجة تعرفونها كلكم، لست أدري كم من مائة مليار أخرى لانجاز جامع الجزائرالكبير ثم لا نجد مهندسا معماريا يصمم المشروع، 500 مليار لإنتاج فيلم حول الأميرعبد القادر ثم... يعلم الله. و لكي نكمّم الأفواه منعا لأي تعليق أو نقد، يكفي أننقول في كل مرة " إن الرئيس يريد ذلك " ! الرئيس هو رئيس كأي رئيس و ملكيريد أشياء جميلة و يطمح لانجازات عملاقة و يحلم بأن يتحقق في بلاده ما تحقق فيبلدان متطورة أخرى، و لكن من العيب علينا أن نغلّط الرئيس و لا نواجهه بالحقيقةحتى عندما تكون مرّة في بعض الأحيان. إن الخوف من قول الحقيقة لصدام حسين هو الذيأوصل الرجل إلى حبل المشنقة في يوم العيد و أدى بالعراق إلى ما هو عليه اليوم. إن الطريقة التي بدأ بها الحديث عن فيلم " الأمير عبد القادر" توحي بمافيه الكفاية بأننا اليوم أبعد ما نكون عن السينما و منطق السينما و مع ذلك نريد أننبهر العالم بسينمائنا ! .. سينما لا نتوفر منها إلا على المال ... كثير من المال! و لكن آسف، سادتي المحترمين، " الشكارة" لا تنفع وحدها مع السينما. هذه الطريقة كما اطلعتم عليها ربما، تجعلكم تتصورون أن الأمر لا صلة له بفيلمسينمائي و إنما يتعلق بمشروع انجاز مصنع أو مجموعة من السكنات. و لا ينقص إلا لوحيعلّق، يتضمن البيانات التالية: مشروع انجاز فيلم حول الأمير عبد القادر. صاحبالمشروع: الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. تكلفة المشروع: 500 مليار.المقاول: فلان الفلاني. مدة الانجاز: يعلم ربّي. مكتب الدراسات: أحمد بجاوي. ما هذا الذي يحدث ؟! دولة لا سينما لها، تقرر إنتاج فيلم، ترصد له ميزانية بـ 500 مليار، تحدّث عنهانوّابها في البرلمان و تقول لهم على لسان وزيرتها للثقافة بأنها تبحث عن مقاولةتكون " شريكة ڤادرة" لتنجزه ! بـ10 % فقط من المبلغ المخصّص لفيلم " الأمير عبد القادر" يمكن لأي منتجسينمائي أجنبي أن ينجز فيلما حول الأمير عبد القادر يقيم الدنيا و لا يقعدها، لأنهسيقدّم شخصية الأمير عبد القادر كبشر بعيوبها و تناقضاتها و نقاط ضعفها و لحظاتهزيمتها و انتصاراتها. و هذه هي ثقافة الاستهلاك الفكري العالمي في زمننا الحالي.بينما قد لا يجد فيلمنا نحن من المشاهدين من يطيق مشاهدته من البداية إلى النهاية،لأنه سيجد نفسه أمام نموذج سردي لوقائع عاشتها شخصية هي أقرب إلى الملائكة...شخصية البطل المغوار الذي يموت " واقفا" كالعادة. إن أفلام من هذا النوع لا تصلح للعرض إلا لحصّة واحدة، هي تلك التي قد يحضرهاالرئيس ما دام هو الآمر بإنتاج الفيلم على ما يُنسبُ له. ثم بعد تلك الحصة، يمكنوضع الفيلم في الخزانة و الغلق عليه بإحكام.متى نستفيق ؟!
جمال الدين حريز / سليمان.ع/ رتيبة محمدي
أترضى يا أمير عبد القادر بأن تنتج الجزائر عنك فيلما كلفته 500 مليار