قناص عضو مجتهد
عدد المساهمات : 31 تاريخ التسجيل : 13/11/2010
| موضوع: الصحافة التي نريد تحددا..... أي نوع من التدريب والعلاقات التي نحتاج السبت ديسمبر 04, 2010 2:47 am | |
| الصحافة التي نريد تحددا..... أي نوع من التدريب والعلاقات التي نحتاجفي شهر فبراير ( شباط ) من العام 2001عُقد مؤتمر فيمدينة لاهايالهولندية تمحور حولالأشياء التي تستطيع أن تقوم بها وسائل الأعلام أو الصحفيون من أجل تخفيف التوترات في مجتمعاتهم، ومنع النزاعات، وحلّهافي حالة حصولها، ومساعدة المواطنينالعاديين في أن يعيشوا حياة أفضل في عدد من البلدان التي حكمتها أنظمة ديكتاتورية جرىأستخدامْأشكال جديدة من الصحافةتجاوزت بكثير الأشكال الصحفية المتوارثة أو المألوفة. وصادف ان تواجد روس هاوارد في عدد من هذه البلدان، وشهد نشوءهذا النوع منالصحافة.ما نوع الصحافة التي ننشدها نحن الصحفيون العراقيون؟الإجابة علىهذا السؤال ستقرر نوعالتدريب الذي نختاره، ونوع العلاقات مع المنظمات الأخرى التي نحتاجها. هناك عشرات المنظمات، ومئات الشخصيات التيبوسعها أن تدعمنا، لكن قبل ذلك علىالصحفيين العراقيين استخلاص فكرة واضحة ( عن أنفسهم )، وإلا، فسوف يتوجب عليهم، على سبيل المثال، أن يواجهوا احتمال تكرار ما حصل فيالبوسنة: عشرات المنظمات الأجنبيةغير الحكومية التي تدعم ( 300 ) محطة إذاعية، أغلبها لا تمتلك كفاءة حقيقية تبث برامجها إلى أربعة ملايين بوسني.
- الصحافة التقليدية ما تزال ضرورية
- المساعدة الخارجية: حالة البوسنة وكومبوديا
- الصحافة غير التقليدية: أفغانستان ومقدونيا
- بإمكان الصحفيين أن يكونوا أكثر من مجرد مراقبين
- خمسة أنواع من وسائل الإعلام تساعد في حل النزاعات
أريد أن أتحدث بهذه المناسبة عن نقطتين :الصحافة التقليدية: وبالذات ذلك النوع الذي يعترفبالحياد،والمتحرر من النوازعالشخصية، ما يزال مهماً جداً في التقليل من النزاعات، وتحقيق الأمان للبلدان التي مزّقتها الحروب. وأظل مندهشاً بأنالجهود العالمية في مثل هذه البلدانوتتبنى الديمقراطية لا يجري التأكيد كثيراً على ضرورة تطوير الصحافة التقليدية.والنقطة الثانية تتعلق بالصحفيين المحترفين، ممن لا شكفي نياتهموالمولجين في بناء عمليةالسلام، والمستعدين لمواجهة الإستحقاقات التي يتطلبها مثل هذا النزاع، فقد برهنت بعض تقنيات الصحافة على أنهاأدوات مؤثرة. هناك أناس أذكياء يعملونفي وسائل الإعلام ينتجون صحافة مؤثرة وغير تقليدية تساهم في تخفيف النزاع. هذه التقنيات الصحفية تستحق المزيد من الاهتمام.يجب أن أوضح بأنني بعد تجربة ثلاثين سنة تقريباً من عمليكصحفيتقليدي بأنني فُوضتشخصياً من قبل منظمة كبيرة ونشيطة وغير حكومية في كندا تسمّى ( IMPACS ) في ( فانكوفر )، وتعني معهد الإعلام ، السياسة والمجتمعالمدني، الذي يوليإمكانية تطور وسائلالإعلام في حل النزاعات جزءاً من اهتمامه. هذه الدراسة تسمّى " إطار عمل الإعلام وعملية بناء السلام" . ويُعنى هذاالإطار بمساعدة المتبرعين، والوكالاتالعالمية، والمنظمات غير الحكومية، والعاملين في وسائل الإعلام على الاعتراف بأهمية الإعلام في حل النزاع، وتقييم الأعمالالتي يمكنهم القيام بها.
- الصحافة التقليدية ما تزال ضرورية
إن ملاحظتي الأولى والتي تتعلق بأهمية الصحافة التقليديةفي حلالنزاع تقوم على المعاينةوالدليل. في مناطق مختلفة من العالم الآن، وفي أغلب المجتمعاتيتفاوت مفهوم الديمقراطية قياساً لوجود المنافسة، والاختلاف، وحرية وسائل الإعلام. وإذا امتلكت أحد هذه العوامل فإنك تمتلك الآخروالعكس بالعكس.هذه الكلمات الثلاث بمجملها: المنافسة، والاختلاف، والاستقلالية ، مهمة جداً. وإذا كانت وسائلالإعلام متنافسة، فهذا يعني أنهادقيقة ويُعتمد على حيادها ونزاهتها. وأنها تعطي الإنذار المبكر عن احتمالات اندلاع ، أو إحياء ، النزاعات العنيفة. وأنها تقوم،ايضاً ، بواجب الرقيب اليقظ للقادةوالمسؤولين، وتراقب حقوق الإنسان. وسائل الإعلام المتعددة الأشكال تعكسالتنافس في الأفكار والمصالح، وتمكّن المواطنين من اختيار المصادرحسنة الإطلاع. الصحافة المستقلةهي شيء جوهري تحرك العوامل الأخرى للمجتمع المدني الكامنة وراء الحكومة من التجمعات المشتركة إلى الأحزاب السياسية.الشيء الآخر الذي يتعلق بالمنافسة، والتنوّع ووسائلالإعلامالمستقلة هو امتلاكهامقدرة فطرية للمساهمة في حل النزاعات. الصحافة الجيدة توفر قنوات اتصال تبطل إمكانية سوء الإدراك. إنها تستطيع أنتؤطر النزاع وتحلله. الصحافة الجيدةتستطيع أن تحدد الخسائر المحتملة في المصالح وتوفر، ضمن أشياء أخرى ، متنفساً آمناً للعواطف. وكما تخبرنا تجربة المتخصصينوالخبراء المستشارين في ميدان المصالحةالوطنية بأن هذه العناصر بالضبط هي ما يجري استخدامه كلاسيكياً لفض النزاعات، لكن الصحفيين نادراً ما يقرون بهذا الأمر، وفيالأعم الأغلب يجدون انفسهم من غيرخبرة او دربة على ممارسة دورهم المنتظر.
-
- المساعدة الخارجية: حالة البوسنة وكومبوديا
إن المنطلقات النظرية للجهود التي تبذلها الوكالاتالمحليةوالعالمية، والمؤسسات،والمنظمات غير الحكومية تركز على التدريب الصحفي في المجتمعاتالتي تخلصت من الحروب حديثاً والتي إنبجست فيها الديمقراطيات تواً.إن أغلب المبادرات المألوفة توفر التدريب الأساسيللصحفيين لكييحققوا الدقة والاستقامةفي تقاريرهم، ويحققوا المنافسة التقنية أيضاً. وهناك أيضاً شرط للتقنيات الجديدة التي تستطيع أن تُحدث ثورة فيإنتاجية وسائل الإعلام وجعلها فيمتناول اليد. ومؤخراً كان هناك تأكيد على المنافسة الإدارية، وعلى المقدرة على البقاء والإستمرارية . هذه المقدرة تعني استمرار الصمودالمالي في اوضاع اقتصادية غيرمعتادة على المردود الإعلاني الذي يعتبر شريان الحياة بالنسبة لوسائل الإعلام. إن المقدرة على البقاء تعني أن يستمرالإرسال بعد أن يعود المتبرع الأجنبي إلى وطنه .والتحدي الذي تواجهه بعض هذه المبادرات كبير للغاية.لنأخذ تقديراتالعام الماضي في البوسنةوالهرسك التي اعدها " معهد الحرب والسلام في لندن".نقتبس الفقرة التالية: " ليس ثمة وجود لتدريبٍ صحفيشامل فيالبوسنة ، كما تفتقدمراكز التدريب والتثقيف. المعاهد الإعلامية الموجودة افسدتها السياسة، وهي مهملة، وغير قادرة على التنافس. والعديد منالصحفيين الموهوبينهاجروا، ولن يعودوا إلىبلدهم ابداً. الجيل الأحدث من الصحفيين يحتاج إلىأساتذة يعلمونهم مهنة الإعلام. . . بعض المراسلين الشباب الذين حضروا حصصالتدريب تعرضوا فيما بعد إلى الطرد على يد رؤوساء التحرير الذين ينظرون بريبة إلى تعلم وممارسةصحافييهم الطراز الغربي.التعديات والتجاوزات العرقية التي كانت أمراً مألوفاًخلال الحرباستعيض عنها بلغة تخفيفيةوأقل وضوحاً مما في السابق. ومع ذلك فإن الرسالة الإعلاميةلبعض وسائل الإعلام – حيث كانت المساواة العرقية ومساعي الإندماج والتعايش مستحيلين - لم تتغيّر. وتعمل مؤسسات ووكالات الأنباءالحكومية ضمن تقاليد سياسية ترتكز على السرية وعلى حجب أغلب المعلومات التي لها اهمية حيويةبالنسبة للجمهور." الموقف في البوسنة ليس سيئاً تماماً، لكنه يحتاج إلى عدةسنوات لكييفرز لنا صحفيين محترفين.ويحتاج إلى سنوات اخرى عدة لترسيخ الإحساس بالديمقراطية وتأصيلها.وقد واجهت ، شخصياً تحدٍ مماثل في كمبوديا حيث كنت أعملمع المركزالعالمي للصحفيين، وأدربالمراسلين المحليين على تغطية الانتخابات وخصوصاً الانتخاباتالكمبودية المحلية التي كانت تجرى للمرة الأولى هناك.بينما يسمح الدستور الذي وضعته الأمم المتحدة لكمبوديا ،منالناحية النظرية لوسائلالإعلام الحرة غير المندثرة تماماً في جنوب شرق آسيا أن تمارسدورها، ولكن في الحقيقة، لا يوجد مطلقاً أي تقاليد لصحافة محلية مستقلة وموثوق بها. وغالباً ما تكون هذه الصحف حزبية وذات لغة" نضالية " ، وتتبنى التوصيفاتوالتهم والتلميحات والشعارات السياسية بوصفها حقائق دامغة. ولأنه لا وجود لمحطات اذاعة مستقلة فأن محطتي الراديو والتلفزيونتتبنيان مواقف الحكومة وتنحازان لهاوبالتالي فهي غير تنافسية مطلقاً. ويتعاطى العديد من الصحفيين الرشاوى لتعزز ببساطة رواتبهم الضئيلة. والاقتصاد ضعيف جداً بحيث أن أيمطبوعة لا يمكن لها أن تستمرمن دون معونة مادية أو سياسية أو أي دعم آخر.إذاً، كيف سندرّس الصحافة الاحترافية هناك؟ بإتباع منحىصبورللغاية . وستجريالإستفادة من قسط بسيط للغاية مما درّسناه في الدورة الدراسية ، وما قدّمناه في طبعة واحدة هائلة، في صحيفة واسعةالانتشار، وفي حلقة إذاعية سيتمرن عليهاالصحفيون الكومبوديون كقاعدة يومية مثلما علّمناهم.الصحافة ، كما الديمقراطية ، في كومبوديا ضعيفة ، وتحتاجإلىوقت.من الواضح أيضاً بأن تطوير الصحافة امر ابعد من مجردوجود الصحفيينوالتكنولوجيا اللازمة .أنت تحتاج إلى دعم بنية تحيتة إعلامية. وتشمل هذه البنية أنظمة،ووكالات، ومواثيق عمل، وقوانين، ومنظومة من الإلتزامات السياسية لكي نضمن صحافة حرة ومتنوعة. فمثل هذه الصحافة المتنوعة،المستقلة، القائمة على مبدأ التنافس لايمكن أن تعمل لفترة طويلة من دون مؤازرة بنية تحية قانونية وسياسية. وواحد من اهم ابعاد هذه البنية الداعمة هو : حمايةالصحفيين اثناءالعمل .هذا الوعي بأهمية الصحافة التقليدية لم يحدث من دونأخطاء هائلة.خذ مثلاً اندفاع العالمالغربي باتجاه البوسنة بعد اتفاقيات دايتون عام 1995. لقد وفرّت فرص التدريب، حماية الصحفيين، المعدات، الدعمالمادي المباشر للمنابر الإعلاميةبقيمة عشرات الملايين من الدولارات. كانت النوايا تذهب الى تأمين تنوع في وسائل الإعلام البوسنية، والتي كان يفترض بها من الناحيةالمهنية نشر معلومات حرة وأمينةلانتخابات عام 1996 غير ان ما حصل هو انشاء سوق اعلامية مشبعة اصطناعياً، تعتمد بشكل شبه كلي على التمويل الأجنبي ، مع أدنى حد منالمسؤولية تجاه الجمهور البوسني،وتجاه المبادئ العميقة للصحافة. واستمرت محطات الإذاعة الحزبية ببث برامجها بطريقة ماكرة معتمدة على محطات شعبية تابعةللدولة بحيث أن كل مواطن ظل مواظباًعلى الإصغاء إليها. كانت المبادرات الغربية في مجال الإعلام تعاني بشكل تعيس من نقص في التدريب، وعدم كفاءة ، بما في ذلك تلكالمنابر التي ظهرت حديثاً أو تمخلقها على وجه السرعة.وبلغ سوء الوضع بحيث انه قبل سنتين مضتا كانت البرامجوالمطبوعاتالإعلامية في البوسنةتقدم للفرد الواحد ضعف حصتة في بريطانيا العظمى. هناك في البوسنةقرابة ( 300 ) اذاعة وتلفزيون لشعب تعداده السكاني أربعة ملايين مواطن لا غير.
- الصحافة غير التقليدية: أفغانستان ومقدونيا
اطروحتي الثانية عن الصحافة غير التقليدية وحل النزاعتقوم علىحقيقة مفادها: قابليةوسائل الإعلام في أغلب المجتمعات للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناس وفي مساحات واسعة جداً هي حقيقة لا يمكن إغفالهابسهولة.حقيقة أن التكنولوجيا الرخيصة هي التي جعلت من الميديامنتشرة فيكل مكان من العالموغالباً ما تُقارن بانتشار الهواء. أنها موجودة في كل مكان، وحتى في الأماكن المظلمة. لذلك فإن بناة السلام يحتاجون إلىعناصر أخرى للتماسكالاجتماعي للعمل معها مثلحكومة مسؤولة، لكي يعملون بالتالي مع وسائل الإعلام. وقد أصبحواضحاً بأن وسائل الإعلام تستطيع أن تغيّر السلوك الاجتماعي والسياسي وتساعد في حل النزاعات كما تستطيع أن تؤججها في الوقت ذاته.كذلك لا يمكن إهمال وسائل الإعلامالملهبة لمشاعر الناس والإذاعة المثيرة للبغضاء التي كانت تعمل وتبث برامجها في رواندا اثناء الحرب الأهلية نموذج على ذلك .هذا النوع من التفكير يذهب وراء ما تنجزه الصحافةالتقليديةفالتركيز هنا يجيء علىاهداف ونوايا وسائل الإعلام أكثر من مجرد حضور منابر اعلامية وممارستها. القصد هنا هو ان بوسع انتقاء النواياالمناسبة ان يوجه مشاعر الجماهير نحو حلالنزاع. ولهذا يطلق على العملية " برمجة النتائج المقصودة ". و تصبحوسائلالإعلام من خلالهامسهّلاً وممهداً للتغيير الاجتماعي الإيجابي أكثر من كونها مجرد مراقب محترف ونزيه .إن اسلوب برمجة هذا النوع من استخدام وسائل الإعلام يمكنأن ينطويعلى استخدام لتقنيات الصحافةالتقليدية بتركيز مختلف، مروراً ببرامج الموسيقى الشعبية،إلى المسلسلات الإذاعية أو التلفزيونية، أو برامج تسلية الأطفال التي تجذب الجمهور وتقدم له رسالة إسترضائية، أو إلى وسائل الإعلامغير التقليدية مثل مسرح الشارع،أو الملصق، أو إلى التقنيات الجديدة مثل الإنترنيت والمواقع الإليكترونية. إجمالاً القصد هو إنجاز نوع من التماهي بين المهاراتالموجودة لدى العاملين المحترفينفي وسائل الإعلام وبين المقتربات الموجهة نحو العنصر البشري من اجل اطفاء النزاعات.مهما تكن الظروف فإنه لا يمكن قبولعمليات بث ونشر المعلومات المنحازة غير الصحيحة، أو وجهات النظرالتمويهية على أنها صحافة موضوعية. هذا الأمر لا يمكن أن يكون دعامةً لبناء السلام.أحد أفضل الأمثلة الناجحة لبرمجة النتيجة المقصودة هوشبكة ال ( بيبي سي العالمية ) الموجهةنحو أفغانستان. في السنوات الثماني الأخيرة حتى 11 سبتمبر بثت ال ( بي بي سي ) إلى أفغانستان عبر أجهزة إرسالهاالموجودة في الباكستان برامج متنوعةتمتد من تقليل النزاعات إلى ألحماية من الألغام إلى تغذية الأطفال إلى تقليل استخدام العنف ضد النساء. كل الرسائل والأفكار تمتمريرها عن طريق المسلسلات الإذاعيةالمسلية، والدراما الاجتماعية المكتوبة للراديو. المسلسلة الإذاعية التي كانت تسمى ( البيت الجديد، الحياة الجديدة ) كانتالبرنامج الوحيد الذي يحضى باستماعالكثيرين في الوطن.وجد مبرمجو الـ ( بي بي سي ) بأن الشعب الأفغاني متعطشلبرامجالتسلية، ومن خلال هذهالبرامج كانوا يتلقون معلومات مهمة عن الوقاية من المخاطر المهلكة والمعرفة المتصلة بتطوير وتحسين السلوكالاجتماعي. وفي الحقيقة كانت ال ( بي بيسي ) تقوم بفحص دقيق ( مسح ) للمستمعين في أفغانستان وأكدت على نجاح هذه البرامج في تغيير السلوك الاجتماعي، بحيث توقف الأطفالعن التقاط الفراشات الملغمة، وكذلكتوقفت النساء اللواتي يعانين من سوء التغذية عن الريجيم في أثناء مرحلة الرضاعة.وبطريقة مماثلة في مقدونيا دعت المنظمة الأمريكية غيرالحكوميةلاستخدام التلفزيون كبنيةأساسية للبحث عن أرضية مشتركة. وقد تمّ العمل مع منتجين معروفينعلى عمل برنامج يدعى( Sesame Street ) حيثمزجوا بين الفيلم والصورة المتحركةليوجهوا رسائل بارعة لتخفيف التوتر الاجتماعي وتقوية العلاقات ما بين القوميات . ولجأت قصة البرنامج الى استخدام خمسة أطفالمن خلفيات عرقية مختلفة، يعيشونفي بناية واحدة. الأطفال فقط يعرفون السر، الشقة في البناية تستطيع أن تتحدث كما في الفيلم. والبناية التي تعرف بـكارمن ( Karmen ) شجعت الأطفال على التسامح والكرم.ومنحتهم خيارت ومخارج سلمية تخلو من العنف في أزماتهم اليومية. إنه عرض أطفال ذكي أكثر تطوراً من ( Sesame Street )، وأكثر تألقاً في حبكته وتأثيره.الأطفال المقدونيون يقولون بأنهم وجدوا هذه المسلسلةأصيلةومتطابقة مع مشاكل الناسالذين يعيشون في مجتمعات مقسّمة، وقد استمتعوا بالقصص التي كانت تقترح حلولاً لتلك المشكلات، كما أحبوا روح الدعابةفيها. والمعيار الأكبر لنجاحهذا البرنامج ربما يكون ثيمة أغنية المسلسل التي تعتمد على موسيقى الروك والتي غنّاها ثلاثة مطربين من ثلاث اثنيات مختلفة. وعلىما يبدو فإن الأطفال في مختلفأنحاء القطر كانوا يغنون هذه الأغنية وهم في طريقهم إلى المدرسة. هذا النوع الصريح من وسائل الإعلام المبرمجة وصل إلى مرحلة بحيث أنأغلب الوكالات العالمية الرئيسيةوبالذات الأمم المتحدة( UN ) في كل بعثة حفظ سلام تؤسسمشروعاً إعلامياًمماثلاً ضمن عملياتهاالواسعة.أحد الأمثلة المبكرة لاستخدام وسائل الإعلام في بناءعملية السلامحدثت في راديو ( UNTAC ) أي " محطة إرسال الأمم المتحدة في كومبوديا "في عام 1992.وقد تركز دورها على إرشادالمواطنين الى كيفية التصويت، وقد أضاف المديرون على البرنامجموسيقى شعبية وتقليدية، نشرات أخبار، برامج حوارية، دراما، ووقت مفتوح للتعليق السياسي. وقد أصبحت من أفضل المحطات الإذاعيةالتي يُستمع لها في البلد، وقدولّدت معرفة بالعملية الديمقراطية وحقوق الانتخابات. واعطي لراديو ( ANTAC ) الفضل في النسبة الواسعة ( % 90 ) من المصوتين في عام1993. وهو أطلق ايضاً طوفاناً منالصحافة المستقلة في كومبوديا وإن لم تكن محترفة ومهنية تماماً وهو النوع الذي عارضته قبل ذلك . ومن سوء الحظ فقد سحبت الأمم المتحدةالدعم عن المحطة الإذاعية ( UNTAC ) بعد الانتخابات مباشرة، لأنها لم تتلق مساعدات محليةتبقيها بشكل مرضٍ.المنظمة التي كنت أعمل معها ( IMPACS ) جمعت خيوط مؤسسة راديو ( ANTAC). وقامت ( IMPACS ) بإطلاق برنامج تدريبي للصحفيين الإذاعيين ـ والراديو هو أكثر وسائل الاتصال قوة في أغلب مناطق جنوب آسيا ـ يهدفالى بناء مراكز محلية لتدريبالصحفيين الإذاعيين الذين بوسعهم امداد الناس المتعطشين ، من غير المناضلين والمتحزبين ، بالمعلومات الموثوقة والبرامج الترفيهية .
- بإمكان الصحفيين أن يكونوا أكثر من مجرد مراقبين !
كما قلت قبل قليل بأن التحقيق الصحفي المستقل وغيرالمتحيّز يلعببشكل طبيعي دور الوسيط فيالنزاع. وأغلب الصحفيين يقر بذلك. ومع ذلك فإن ما نحتاج إليه هو اقرار واضح من الصحفيينبأهمية تأطيروصياغة مقالات كثيرة تصبفي اتجاه فض المنازعات. مثل هؤلاء عليهم أن يستخلصوا بأنهم أكثر من مجرد مراقبين ووسطاء لنقل الحقائق، ذلك أنرسالتهم لها تأثير كبير في إثارة الشغبأو في مصالحة المجاميع المتنازعة.بعض الناس يسمون هذا النوع بالصحافة ما بعد ـ الواقعية،أي صحافةحل النزاع أو صحافةالسلام بالأحرى . إنه نوع يجعل الصحفيين والمراسلين ينغمسون بالموضوعات الحساسة لتقنيات حل النزاع. إنها تتمسك بأنتتضمن التقارير والمقالات ماىخلف الحدث والأسباب الداخلية للنزاع مثل الفقر. إنها صحافة تبحث أيضاً لاستكشاف فرص لحل النزاع مثل نظام التربية....في العالم الثالث خصوصاً يبحثالصحفيون عن فرص للتدرب على زيادة تحسس النزاعات بوصفه الموضوع الوحيد الذي يستحق التدريبفي مثل هذه الأقطار المكتضة بالنزاعات. هناك العديد من المنظماتغير الحكومية مثل منظمة ( Intrnews ) فيأندونيسيا تقدم هذا النوع من التدريب الآن. أنهم يقيمون دور وسائل الإعلامبإعتباره اشد تعقيداً من اعتبار الصحفيين مجرد مراقبين أو مجرد وسيط ينقل المعلومات .أنهم واعون بأن الرسائل التي تحملهالم تكن حيادية قط. خلف الحقائقالأساسية تستطيع وسائل الإعلام ان تعطي تحليلات بوسعها المساعدة على حل النزاع على المستويينالمحلي والقومي.
- خمسة أنواع من وسائل الإعلام تساعد في حل النزاعات
في نهاية المطتف اشير الى ما استخلصته من دراستي لمهمةبناء السلاموعلاقتها بوسائل الإعلامواقول : هناك خمسة انماط او انواع من وسائل الإعلام تستطيع أن تساهم في حل النزاع ، وهي مفيدة عند استخدامها فيتحليل ما يجب أن نقوم به. النوع الأول: في نهاية عرضي سأشخص بضعة مبادرات للتغلبعلى قصورالصحافة الناجم عنافتقارها إلى المنافسة، والتنوع، والحرية، والتقنيات. والتدريب على هذا النوع البدائي من الصحافة يتوجه الى وسائلالإعلام غير المؤهلة مهنياً وغير الدقيقةفي كتاباتها والمسكونة بهواجس النزاعات، او تلك المنحازة بسبب التزاماتها الحزبية والنضالية . وغالباً ما كانت او تكون وسائلالإعلام هذه تحت تصرف وسيطرة الدولة،أو أطراف لها مصالح خاصة تعكس وجهات نظر ضيقة أو أنها نوع من البروباغاندا الدعائية. وغالباً ما لا نجد معها أطر شرعية ملائمة تنظموتحمي وسائل الإعلام.الأداة الأولى لبناءالسلام في مثل هذا الوضع هي : التدريب على المهارات الأساسية في الصحافة هي النزاهة، الدقة ، والتوازن. ورفع الوعيبالممارسات الديمقراطية، وبالذاتتغطية الانتخابات التي يعد أمراً جوهرياً، تماماً كما هو الأمر بشأن التدريب التقني، وحماية الصحفيين من التهديد. النوع الثاني: النمط الثاني لأسهام الصحافة يركز علىالمزيد منالصحافة المسؤولة أبعد منمسألة المهارات الأساسية كتطوير مهارات كتابة التحقيقات والملفاتالبحثية، التوضيحية، والتقارير الخاصة، والتقارير التحليلية حسنة الإطلاع. تتضمن المبادرات هنا تحسين هيكلية وسائل الإعلام وبناهاالتحتية التي تحتاج الى منظميننزيهين، تأمين متطلبات الأداء الإعلامي ، الوصول إلى المعلومات، مجالس وهيئات صحفية، ومعايير لتحديد تعريف لمعنى التشهيروالافتراء. وتطوير وسائل الإعلام المتنوعةوقادرة على البقاء من خلال التأهيل الإداري هو أداة أخرى. فالهدف الأساس هو خلق وسائل إعلام تخدم المجتمع من خلال عملها كأليةلحل النزاعات، وتأييد الحكم الديمقراطي.النوع الثالث : ويقع بين الصحافة التقليدية وصحافةالنشطاءالمنحازين ( أي صحافةالأحزاب والمنظمات غير الحكومية ـ المترجم ) . الصحفيون هنا يُشجعون دوماً على مراجعة ادوارهم بوعي من أجل الإقراربأن حل النزاعات جزء من ذلك الدور.من خلال تطور هذه الصحافة الانتقالية على الصحفيين أن يعيدوا تحديد نوعية الأخبار ذات الجدوى في توفير معلومات افضل تشجعالمصالحات. المتخصصون الأعلاميون من ذويالحس المهني يمكن أن يلجأوا احياناً الى جمع طرفين متنازعين للوصول الى نتيجة . بعض المتخصصين والكتاب من اصحاب الفكريسمون هذا النوع بـ " صحافة السلام " ، من اجل ان تنعكس الطبيعة المزدوجةلعملهم كصحفيين معنيين بحل النزاعات على اعتبار أنها واحدة من قيمهم المهمة والمميزة . النوع الرابع: على خلاف الصحافة التقليدية فأن هذا النوعمنالصحافة هو صحافة النشطاءوهو مصمم لممارسة دور يلبي حاجة جمهور محدد، وغرض محدد. وهيغالباً ما تنشأ على يد قوة حفظ السلام أو منظمة غير حكومية تعمل في بيئة النزاعات أو بعدها. وبوسع هذا النوع من وسائل الإعلامالوقوف ضد البروباغاندا الدعايةالتي تنتهجا صحافة البغضاء والكراهية أو لتقديم معلومات عملية مثل الانتخابات، وممارسة عمليات التصويت، وتوحيد شملاللاجئين، والخدمات الصحية. في نهاية هذا الطيف من الأنواع النوع الخامس: ومحصلتهالمنتظرة هيبرمجة محددة بإتجاه تغييروجهات النظر والمواقف وتشجيع وتكريس المصالحة الوطنية . إنهاليست الصحافة التقليدية، وعادة ما تمارسها المنظمات غير الحكومية. وفحوى هذا النوع من الصحافة تقرره ملاءمة الموضوعات التيتغذيالنزعات السلمية .وبرنامجها كما حصيلتها يمكن أن ترتكز على تبني التقاليد الجماهيريةوالشعبية مثل المسلسلات الإذاعية والتلفزيونية، والأعمال الدرامية، ومسرح الشارع، والملصقات وأشياء أخرى كثيرة. هذهالمبادرة والبرمجة ممكن أن تتحد وتتراصفالى جانب عوامل ومشاريع أخرى. العاملون في وسائل الإعلام أنفسهم ممكن أن يلعبوا دوراً كوسطاء صلح ميدانيين.تفاصيل هذه البنية تتضمن عدداً كبيراً من الأمثلة التيتبين كيفيةاستخدام وسائل الإعلام فيتقليل النزاع في كل نوع من أنواع هذه الصحافة. وهذه الأنواعموجودة في التقرير. وستكون موجودة على قسم الإعلام في موقع ( IMPACS ) وهو التالي: Hyperlink [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] لا يمكن أن ننكر بأن النوع الثالث من وسائل الإعلام هوالنوعالأكثر تواصلاً. وللنقادالذين يحاجون ذلك بالقول : انه يذهب بدور الصحافة بعيداً ، عندي ردين الأول: هي أننا يجب أن نقر بحقيقة ان دورالصحافة يمكن أن يكون مدمراً للمجتمع،وممكن بالأحرى أن يكون بناءاً بقوة، ولكنه لا يمكن أن يكون الاثنين معا في الوقت ذاته . والحياد داخل مؤسسة الأعلام من خلال التمسكبالصيغة التقليدية يسهم في العنفالذي يحدث في العالم. وثانياً: فإن روبرت كارل مانهوف، مدير" مركز الحرب والسلاموالصحافة الخبرية " في جامعة نيويورك يفسر الأمركالتالي: الذين يدرسون ما يسمى بالصحافة الموضوعية يصرون على أنهم لا يستطيعون أن يتدخلوا بالأحداث التي يغطونها، وبالتالي لايتحملون أية مسؤولية عما يحدث،ولكن هل هناك من يؤمن حقاً بأن للتقاليد الصحافية الاحترافية قيّمة أكبر من الإلتزامات الإنسانية الأساسية والأخلاقية بضرورة إنهاءالصراع؟ | |
|