اعلامي نزيه عضو مجتهد
عدد المساهمات : 58 تاريخ التسجيل : 20/09/2009
| موضوع: حرية التعبير في الفضاء... بلغة المختبرات السبت ديسمبر 04, 2010 2:06 am | |
| حرية التعبير في الفضاء... بلغة المختبرات لم تعد الفضائيات العربية مجرد «شاشات» مسّطحة تعرض مادةترفيهيةأو سياسية أو ثقافية أوفنية، بل صارت للمشاهد العربي «مساحات» ـ ولست مجرد شاشات ـ للحرية الضالة! عندما عجز المشاهد العربي عن التعبير عنرأيه فيما يحدث حوله وله وفيه،امتدت الأذرع الفضائية إلى تلك «الكمامة» الموضوعة على الفم، لكي تنتزعها وليتحدث صاحبها .. وهكذا صارت الفضائيات العربيةبوسائلها في استطلاعات الرأي وسيلة لنزع وإنهاء حالة «تكميم الأفواه». ولكن: هل حقا تكلم المشاهد العربي بحرية في وسائل تلك،الاستطلاعات؟ وهل حقا استمعت تلك الفضائيات بصدق وأمانة الى المسكوتعنه داخل الإنسان العربي؟! ما هي «فضيلة» استطلاعات الرأي التي تحولت الى مساحات منالحرية المشكوك فيها؟ أم أن الأمر مجرد عرض سخي لنوال حرية الرأي، ولكن بلغةالمختبرات؟ انتشر بشكل ملفت للنظر استطلاعات الرأي الجماهيرية التيتتبناها محطات التلفزيون العربية الفضائية، سواء على مواقعها في شبكة الانترنت!وفي بعض برامجها، وإن كانت تلك البرامج لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، أو يمكنالقول إن البرنامج الوحيد المتخصص في استطلاع رأي الجماهير على الفضائيات العربيةهو برنامج «استفتاء... على الهواء» على قناة العربية. اللافت للنظر أيضا تنوع تلك الاستطلاعات في الرأي، لتشملشتى أنواع القضايا: السياسية، الفنية، الاقتصادية، الدينية، وغيرها. عند زيارة مواقع كثيرة على شبكة الإنترنت للمحطاتالفضائية العربية تجد زاوية خاصة لاستطلاع رأي الجماهير في قضية من القضايا، وعادةتتخذ تلك الزوايا شكل سؤال واحد فقط «رغم العيوب المنهجية لهذا الشكل من استطلاعاتالرأي» وأربعة أو خمسة اختيارات، على الزائر أو المتعامل مع هذه الزاوية اختيارإجابة واحدة فقط، لكي يعبر عن رأيه في القضية المطروحة، وتكون عادة من القضاياالمطروحة على الساحة الراهنة وتشغل بال الناس. ديمقراطية... ملونة من نماذج تلك الاستطلاعات التي تفتحها الفضائيات العربيةعلى مواقعها في شبكة للانترنت أو بعض برامجها، استطلاعات الرأي في القضاياالسياسية، فالهموم السياسية تحظى باهتمام واسع لدى الإنسان العربي الذي يبحث عنمساحة ما للتعبير عن رأيه بصراحة ومن دون خوف، في المشاكل السياسية المزمنة التييتعرض لها العالم العربي الآن. وهناك قنوات تلفزيونية إخبارية، مثل قناة «الجزيرة»و«العربية» (وهما أنشط قناتين في هذا المجال) تكرِّس مساحة مهمة لاستطلاعات الرأيفي القضايا السياسية، سواء على مواقعها الالكترونية أو في بعض برامجها... وهي تسعىإلى ديمقراطية بألوان الشاشات، وكنموذج إيجابي لتلك الاستطلاعات، هناك البرنامجالمخصص الوحيد لقياس الرأي العام العربي (وهكذا يفترض أن هناك رأيا عاما عربياواحدا يمكن لم شمله وجمعه معاً!)، وهو برنامج «استفتاء على الهواء» الذي تقدمهقناة العربية وتخصص له فريق عمل لاستقبال الآراء من شتى أنحاء الوطن العربي بأكثرمن وسيلة: البريد الإلكتروني، الاتصال الهاتفي وموقع قناة العربية على شبكةالإنترنت... إنه حسب تعريف أصحابه يعني استطلاع آراء المستمعينوالمشاهدين في أي قضية تشغلهم على الساحة العربية والدولية، وفي أي مجال سياسي أواقتصادي أو ثقافي أو اجتماعي أو حتى فني... ضيوف البرنامج هم المستمعونوالمشاهدون، وما يقولونه ويعبرون عنه من آراء تؤخذ نتائجه للتعرف على اتجاهات الشارعالعربي إزاء ما نطرحه عليه من قضايا. ويكون استطلاع الرأي بالمشاركة الفعلية، وفيبعض الحلقات يستضيف مقدم البرنامج أحمد حسين أحد المتخصصين في الموضوع أو في قضاياالرأي العام حيث يحلل تلك النتائج ويلقي الضوء عليها مع أخذ مشاركات من المستمعين. وتنتقل كاميرا البرنامج بين الأستديو الإذاعي وغرفةعمليات أو اتصالات تضم مذيعة وفريق عمل لمتابعة ما يصل عبر الفاكس والإيميلوتفريغها وإطلاع المشاهدين والمستمعين عليها بين الحين والآخر، ليتسنى تزويدالمشاهد بشكل متواصل بنتائج الاستفتاء وبعض التحليلات أولا بأول. هكذا يعرف البرنامج نفسه، وبالفعل تتنوع القضايا التييتناولها هذا البرنامج وتتنوع فمن قضايا سياسية على شكل أسئلة مثل: «هل تؤيد الدعمالخارجي للحركات السياسية العربية؟»، إلى قضايا فنية مثل: «هل تؤيد ظهور المحجباتفي الفيديو كليب؟!»، إلى قضايا إعلامية مثل: «هل تؤيد فرض رقابة على الإنترنت؟»،إلى قضايا إجتماعية مثل «هل توافق على حق الوالدين في اختيار جنس الجنين؟»، وقضايااقتصادية مثل: «المنتديات الاقتصادية هل تعزز حكم الغني على الفقير؟». وهكذا يحاول هذا البرنامج أن يفتح ثغرة في أجواء الصمتالمخيم على قطاعات عريضة من الوطن العربي. روبي الأولى.. وأم كلثوم التاسعة! فازت «روبي» مؤدية الفيديو كليب الشهيرة بالمركز الأولكأحب مطربة إلى الشبان، وجاءت «أم كلثوم» (سيدة الغناء العربي) في المركز التاسعفي الاستفتاء نفسه الذي أجرته إحدى القنوات الفضائية الغنائية الشبابية (!!).وجاءت الصاعقة على جميع المتخصصين في الفن الموسيقى، واستنكروا بشدة تلك الترهاتأو الاستفتاءات التي تجرى لأهداف تجارية ترويجية، واعتبروها تزويرا للرأي العامالفني. هذا الاستفتاء ونتيجته العجيبة ليس سوى نموذج لخوضالاستفتاءات أو استطلاعات الرأي في المجال الفني. فالجمهور هنا، ـ والشاب تحديدا ـ يستخدم كوسيلة أو أداةلتحقيق أغراض معينة، تجارية أوغيرها، تحت ستار التعبير عن الرأي وحرية التعبير. استطلاعات... وتجارب علمية اجتماعية! وهنا... يعترض الكثير من الأكاديميين والمتخصصين فيالإعلام على فوضى استطلاعات الرأي التي تجريها الفضائيات العربية والتي فتحتالأبواب على مصاريعها لآراء المشاهدين من دون اعتبارات مهنية إعلامية خاصة بأصولاستطلاعات الرأي وذلك لأغراض معينة... أهمها هو إجراء «تجارب» على الرأي العامالعربي(!!) باستطلاع رأي الجماهير في قضية ما. وطالما أن هناك غيابا شبه تامللمؤسسات العلمية المتخصصة التي تجري استطلاعات الرأي العامة المنظمة، تنتهزالفضائيات العربية فرصة غياب الساحة من التعبير عن الآراء، بحرية وتفتح النوافدوهنا تتحول الجماهير إلى أداة «لجس نبض» الشارع العربي في قضايا الساعة ومعرفةاتجاهاته! وهنا تأتي أراء المدرسة النقدية في دراسة الرأي العام والتي ترى أناستطلاعات الرأي العام هي أداة من أدوات السيطرة الاجتماعية وتوجيه الرأي العاموتزييفه! من خلال إدعاء أن الأغلبية تقول «نعم» أو «لا»، وبالتالي تأييد سياسة ماأو رفضها بل إن واحدة من علماء الاجتماع وهي «اليزابث نويمان» وصلت إلى رأي مفادهأن الشخص الواحد يميل إلى تشكيل رأيه حسب رأي الأغلبية في المجتمع أو حسب ماتدعّيه استطلاعات الرأي العام والتي تروّج لها وسائل الإعلام، وذلك حتى لا يشعرهذا الشخص بالعزلة. نوافذ مشرعة... للحرية ولكن هناك إيجابيات لموجة استطلاعات الرأي الحالية فيالفضائيات العربية.... ومنها أنها صارت وسيلة ضغط على احتكار الجهات الرسميةللمعلومات، كما أنها تفرض شيئا فشيئا «ثقافة التعبير عن الرأي»... وربما تمر هذهالثقافة بمرحلة عدم نضج، كما هو الحال الآن، لكنها قد تكتسب نضجا واعيا يوما بعد يومبالممارسة والتطبيق كأن يشعر المشاهد العربي بأن ثمة نافذة مفتوحة له تستقبل رأيهالحر (والحرية هنا نسبية)، فهذا شعور لم يكن متاحاً له من قبل بهذه السعةوالانتشار... كما أن استطلاعات الرأي استطاعت جمع آراء من شتى أنحاء الوطن العربي،مما يعطي، ولو بشكل نسبي، صورة عامة ووحدة في الرأي العربي.
نقل للفائدة
| |
|