اعلامي نزيه عضو مجتهد
عدد المساهمات : 58 تاريخ التسجيل : 20/09/2009
| موضوع: متى يكون الخطاب الإعلامي مؤثراً؟ السبت ديسمبر 04, 2010 2:02 am | |
| متى يكون الخطاب الإعلامي مؤثراً؟
أ.د. عبد الرحمن بنسليمان الطريري أسأل نفسي كثيرا: هل يوجد خطاب مؤثر وآخر غير مؤثر؟ وإذاكانتالإجابة بنعم فما الخطابالمؤثر وما غير المؤثر؟ أي بعبارة أخرى ما مواصفات وخصائص الخطاب المؤثر؟ وهل التأثير إيجابي أم سلبي؟ الخطاب نجدهفي مجالات عدة، فالمعلم يمارسالخطاب والخطيب في الجامع يمارسه والإعلامي سواء كان في إذاعة أو تلفزيون يفعل ذلك. الجميع يمارس الخطاب، الوالدان يمارسانه معأبنائهما وكذلك الناس في تفاعلهممع بعضهم بعضا. الخطاب قد يكون مكتوبا أو مسموعا ومرئيا كما في البرامج الإذاعية أو التلفزيونية وكل هذه الأنواع من الخطابيفترض أنتؤديه في المتلقي لأن المرسل لديه هدف أو أهداف يرغب فيإيصالها إلىالمتلقي الذي قد يكونطالبا أو مستمعا ومشاهدا لوسيلة الإعلام أو قارئا للمقال أو الكتاب والقصة. من مشاهدات الواقع لمست أن بعض المتحدثينمن خلال البرامج الإذاعية أوالتلفزيونية يغلب عليهم الانفعال والعاطفة الجياشة حتى أنهم يرفعون أصواتهم وتتداخل كلماتهم وجملهم مما يجعل المستمع ينفر من متابعةهذا البرنامج أو ذاك، أما الخطابالمكتوب فتجد اللغة الحادة والكلمات الشديدة الوقع هي البارزة في المقال أو الكتاب. كثيراً ما أجد نفسي مضطراً لتغيير القناةالتلفزيونية إلى أخرى بسبب الصراخ والزعيقوالحركات التي تخرج المتحدث من عالم الرزانة والهدوء إلى عالم التهور، كما يحدث الشيء نفسه مع بعض المتحدثين في بعض الإذاعات، إذبصورة عفوية وسريعة أغير الإذاعةنظراً لصعوبة الاستمرار في متابعة المتحدث. لقد لمست وأنا أتابع الإذاعات ومحطات التلفزيون إننا نحن العرب نميل إلى رفع الصوتوالإكثار من حركات اليدين والرأسحتى أن البعض يميل شماغه أو غترته من على رأسه، بل ربما توشك على السقوط لشدة انفعاله وهو لا يعلم ذلك. ترى لماذا يحدث هذاالشيء؟ لتفسير هذا الأمر يلزم الإشارة إلى الثقافة العامة، إذ إن رفع الصوتوالمبالغة في ذلك قد تكون بسبب الثقافة التي اعتاد عليها الفرد، فهو يسمع والدهووالدته ومعلمه وخطيب الجامع يمارسون هذا الشيء، وبتكرار مشاهدة هذه الممارساتيبدأ بتقمص هذه الشخصيات، ومن ثم يكتسب هذا السلوك ويكون أشبه بالعادة، أما السببالآخر فهو الاعتقاد لدى البعض أن رفع الصوت هو السبيل الأقصر للإقناع وإيصالالرسالة المقصود إيصالها للآخرين، وهذا التفسير لا يمكن فصله عن تأثير الثقافةالعامة السائدة في المجتمع، ففي بعض المجتمعات يؤكد على الناشئة أن حفظ الحقوق، أواسترداد المسلوب منها يتم من خلال رفع الصوت، والصياح والزعيق. إن شعور الفرد بضعفحجته أمام الآخرين يؤدي به إلى اختيار أسلوب رفع الصوت والانفعال والإثارة ظناًمنه أن الإقناع يتم بهذه الصورة. لاحظت أن الضيوف الأجانبالذين تستضيفهم بعض القنوات الفضائية يبدو عليهم الهدوء والرزانة في الطرح وخفضالصوت، وقلة في الحركات الجسدية مما يبعث على التساؤل: لماذا هم على هذه الشاكلةونحن بصورة مغايرة، هل بالفعل الثقافة المجتمعية لها الدور الأكبر، أم أن التدريب،والمران على الخطابة والحديث لهما فعلهما وأثرهما لدى هؤلاء؟ كما أن طبيعة الشخصيةبسماتها وخصائصها وما تتميز به من هدوء وسكينة لها دورها في الأسلوب الذي يختارهالفرد عند حديثه إلى الآخرين سواء بصورة مباشرة، أو غير مباشرة. بعض المواضيع التي يتمالحديث عنها إلى الآخرين لا تحتمل في طبيعتها إخضاعها للانفعال ورفع الصوت، ومعذلك يصر المتحدثون عن هذه المواضيع على ذلك، مما يفقد الموضوع أثره وينفر المشاهد،أو المستمع من مشاهدة هذا البرنامج، أو من سماع هذا المتحدث. كم تمنيت لو أن بعض مقدميالبرامج - في إحدى إذاعاتنا المحلية - أخذوا دورة تدريبية في الإلقاء وتجنبواالانفعال، ورفع الصوت في كل الحالات، وقصروا ذلك على الحالات التي تستدعي ذلك، لأنالمواضيع التي يتحدثون عنها مهمة وتمثل درراً لا تضاهيها درر أخرى، لكن شدةالانفعال والحماس يضيع على هؤلاء الهدف الذي من أجله تعبوا وأعدوا هذا البرنامج. ما من شك أن المتلقي قديتأثر عند سماعه أي خطاب لكن نسبة التأثر مع الاقتناع تزيد وتنقص حسب الحالة التييقدم فيها الخطاب، فخطاب الهيجان والحماس، قد يكون له أثر وقتي، لا يلبث أن يزولبانتهاء الخطبة، أو البرنامج. حقا لا يمكن الفصل بين العاطفة والعقل، إذ يؤثرأحدهما في الآخر، لكن الأهم أن تكون السيادة في الموقف للعقل فبه توزن الفكرة، ومنخلاله تضبط الجملة، ومن خلاله أيضا يتم انتقاء الكلمات. العاطفة الجياشة قد تضيعالفكرة المراد إيصالها للمتلقي وتثبيتها لديه، والعاطفة قد تؤدي إلى سوء اختيارالجملة أو الكلمة ومن ثم لن يبقى إلا الصوت الثائر الرنان، وهذا للأسف هو الغالبعلى بعض الأفراد حينما يتحدثون، ومثل هذا الخطاب قد يكون مفيداً في بعض هذهالمناسبات، والظروف، لكن إدمانه، والاستمرار عليه يفقد صاحبه ثقة الجمهور ويشعرهمبضعف حجته، ومن ثم يولد عدم الرغبة في المتابعة. إن الإقناع العقلي القائم علىمواجهة الحجة بالحجة والدليل بالدليل والرقم بالرقم ودحض الفكرة بالفكرة سيكونأبلغ وأجدى من محاولة رفع الصوت ولا غير. إن طريقة الأداء لها أثر مهم وأساسي فيالمستمع، ويدخل ضمن طريقة الأداء الإيقاع الجيد، حيث يرفع المتحدث نبرة صوته فيموضع ويخفضه في موضع آخر، ويحسن مخارج الحروف، ويعرف أين يتوقف ومتى يستمر، وهذهلا بد لها من تدريب ومران يكسب الفرد مهارات الحديث الجيد والمؤثر. إن تعمد السجعمن قبل بعض المتحدثين قد لا يكون مناسباً في موقف أو مع موضوع من المواضيع رغمجاذبيته وإطرابه للمستمع، ولذا فإن تجنبه في بعض المواضيع قد يكون هو الأفضل، وكمايقول المثل العربي الشهير لكل مقام مقال. لا عجب فكبار رؤساء الدول يتدربون علىإلقاء الخطب تحت إشراف متخصصين في هذا المجال وأتذكر أن برنامجاً تلفزيونياأمريكياً عرض في يوم من الأيام الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريجان وهو يتدرب علىإلقاء كلمة ويتبع إرشادات المدربين بشأن صوته من حيث الارتفاع والانخفاض، وحركاتيديه، وتعبيرات وجهه، وذلك لما لهذه الأشياء من دلالات ومعان يمكن تفسيرها منالأطراف الأخرى ولعله من المناسب أن اقترح من خلال هذا المقال إقامة ورش عمل منقبل محطات الإذاعة والتلفزيون يدرب فيها المشتركون في البرامج التي تقدمها هذهالمحطات خاصة ذوي المشاركات الكثيرة إذا أردنا لبرامجهم ومشاركاتهم أكبر أثروفائدة، وليس في خضوعهم لهذه الدورات منقصة لهم، فالحياة كلها مواقف ومران وتدريب. وكل ذلك بحسب رأي الكاتبفي المصدر المذكور نصا ودون تعليق. المصدر: aleq
| |
|