وسائل الإتصال الجماهيرية
ناجي نهر
العمر وتأثيره على تطور تكنولوجيا الاتصال الجماهيرية
السينما نموذجآ:
يعرف الاتصال بإنه عملية نقل معلومة من شخص لآخر. وهي عملية تتضمن مرسل ومستقبل ، ورسالة ، ووسيلة إيصال ، ورجع صدى بمعنى رد فعل لتأثير المعلومة المستلمة على المتلقي بمختلف الآشكال والنتائج : -
والسينما كوسيلة اتصال ثقافية واجتماعية كانت فى الماضي ناجحة ومزدهرة لكن عصرها بدأ بالأفول التدريجي ,كأي ظاهرة تمر بأدوار : ولادة ، ترعرع ، نمو ، عنفوان ، عطاء كهولة ، شيخوخة ، هرم ، إندثار ، موت .
إن هذا القانون يسرى على جميع من على وجه الأرض من أحياء بالتساوي ,يسري على تطور الأنسان وعلى التطورالتكنلوجي ووسائل المواصلات المختلفة فالولادات التكنلوجية الحديثة كالأنترنيت والتلفزيون والأقراص المدمجة والعدسات الضوئية وغيرها تتأثر بعملية التطور التكنلوجي ويكون هذا التأثيرلأول مرة بشكل إيجابي حينما كانت الآلة تمر بدور الشباب والعطاء وتزدهر بالعز والعنفوان على حساب وسائل مواصلات سبقتها بالولادة وأفناها العمل المتواصل أيام شبابها وعطاءها ثم زحلقها تقدم العمر وإحدرها الى شيخوختها وفنائها برغم إنفها ,كالصحافة والسينما والراديو التي حان وقتها لتتأثر بالتطورالتكنلوجي سلبآ وإنحدرت متدرجة الى حيث مثواها الأخير من الأندثار حيث ستتحول فيما بعد الى فلكلور للتندر مقارنة بما جرى من تطور مذهل على الولادات الجديدة لتنكلوجيا وسائل الأتصال الأخرى ,ومن ذلك ما يحصل اليوم للسينما وللصحافة بشكل خاص فالسينما فى طريقها الى التحول فى القريب العاجل الى أشكال غير محددة بعد ربما ستتحول الى مطعم أو مكتبة أو فندق شعبي بحسب أذواق المالكين فلم يعد للسينما بعد شيخوختها ذلك البريق الذي كان لها في الأربعينيات والخمسينات وفترة ما قبل ظهور التلفزيون وتطور الوسائل الإلكترونية الحديثة التي تستخدم الصوت والصورة التلفزيونية وملحقاتها من .. تسجيل فيديو واسطوانات وأقراص مدمجة متنوعة. وأخيراً ظهور الانترنت التي تطورت فيما بعد إلى استخدام وسائل إتصال متعددة الأهداف Multimedia أما السينما فقد تراجع الاهتمام بها عالميا كظاهرة اجتماعية إشتهرت وهي فى ريعان الشباب وكان لها الدورالمميز فى تقديم العروض للأفلام الممتازة حيث يذهب إليها الجمهور بشكل منتظم لمشاهدة الأفلام التي كان يجد فيها غاية المتعة والراحة الذهنية ويتعلم منها العلوم والتاريخ والكثير عن حياة الشعوب الأخرى وعن تاريخ الحضارات السابقة وغير ذلك من المواضيع التي تغطيها عادة قصص السينما أو الأفلام الروائية.
أما الجانب الأخر من المؤثرات الحادة على السينما فشملت مجمل الاستخدامات في التوثيق والتعليم والأخبار والثقافة والإبداعات الإنسانية الأخرى وتأثرت إلى حد أكبر بظهور كاميرات الفيديو التي تتمتع بالقدرة على القيام بكل مهام السينما التوثيقية بكفاءة واقتدار مع مرونة فائقة وسهلة وتوفير الجهد الذي تتطلبه السينما .. فالفيلم السينمائي يحتاج إلى كاميرات معينة Cine Camera وملحقات عديدة كالأفلام والكيماويات ومعدات المعامل التي يتم فيها إعداد الفيلم مرورا بالتحميض وإعداد النسخة السالبة ثم الطبع حتى مراحله النهائية كالمونتاج والمؤثرات الصوتية ... الخ.
يضاف إلى ذلك كله عامل الزمن. فالفيلم يحتاج إلى فترة طويلة ليعد ويكون جاهزاً للعرض، أما الفيديو فهو جاهز فوراً، وعملية المونتاج تتم بسرعة فائقة الكترونية كانت أم يدوية. واستخدام شريط الفيديو اقتصادي للغاية إذ يمكن مسحه وإعادة التسجيل عليه أكثر من مائة مرة أما الفيلم فبمجرد تعرضه للضوء يفقد صلاحيته للقيام بأي عملية أخرى.. فهو يستخدم لمرة واحدة فقط ... ومجال المقارنة واسع ويستغرق مساحة أكبر. ولكن الذي يهمنا ويعنينا هو واقع السينما أو الفيلم السينمائي اليوم.
فى ظهور وسائل الاتصال الالكترونية الحديثة وخاصة التلفزيون وتطوره التقني السريع أثرعلى وسائل الاتصال الجماهيرية الأخرى كالصحافة والسينما وكل الإعلام المطبوع .. ولكنه لم يلغها ولم يقدم نفسه بديلا عنها بل ظلت تقوم بدورها ولكن في إطار أضيق.. وتحتفظ لنفسها بالقدرة على إحداث التأثير الفعال في من يتعاملون معها
لقد نمت صناعة التلفزيون بدل السينما وتطورت وزادت الاستثمارات في إنتاج الأفلام المعوضة عن الأفلام السنمائية .. وزاد أيضاً جمهوره وعدد المستهلكين والمشاهدين للأفلام الروائية المعروضة عليه .. وبدلا من أن يذهب الناس لمشاهدتها في دور السينما فإنهم يشاهدونها من خلال التلفزيون .. فالأفلام التي مضت عليها فترة زمنية معينة تعرض في التلفزيون بشكل مستمر ومكثف ولا يكاد يخلو يوم في أمريكا مثلا أو في أوروبا إلا ويعرض فيلم من خلال برنامج تلفزيوني .. أما تلك الأفلام الجديدة فبدلا من أن يذهب بعض الناس إلى دور السينما لمشاهدتها فإنهم يفضلون مشاهدتها وهم في منازلهم عن طريق التلفزيون المدفوع PAY TV .. وبدلا من أن يدفع رب الأسرة قيمة التذاكر في شباك السينما لأسرته فى يوم واحد فإنه يدفعها للشركة التي تقدم له خدمة التلفزيون المدفوع لشهر أو أكثر وبمجرد ان يربط جهازه بالشبكة عبر الأسلاك.
لكن العالم مازال في حاجة ماسة إلى الاستفادة من الدور الذي تلعبه السينما الروائية وخاصة في إطار الاتصال الثقافي بين الدول والشعوب .. ففي استطاعتها تناول كثير من المواضيع الحضارية والثقافية والاجتماعية ومعالجتها بطريقة تغري أغلب سكان العالم على متابعتها والاستفادة منها.. وخاصة وأن السينما قد درجت منذ فترة طويلة على دبلجة الأفلام بالصوت واللغة التي يفهمها أهل البلد أو بالترجمة المصاحبة للفيلم أثناء العرض الأمر الذي يضمن مشاهدة نفس الفيلم في أكثر من بلد ولأكثر من شعب وتكون النتيجة مزيداً من التلاقي الثقافي بين الشعوب ومزيداً من حسن التفاهم والتعرف على بعضها البعض برغم تخوف أنظمة العربان من هذه الصلات بين الشعوب .. بل أن السينما نفسها كانت لديها القدرة على الاتصال والتأثير على الشعوب دون إستخدام أية لغة من اللغات ,فالتمثيل المتألق هو لغة يفهمها كل الناس.
هناك أفلام توثيقية تنتج للتلفزيون نفسه ولأغراض التعليم والبرامج التعليمية educational programmers داخل وخارج المدارس والجامعات والمؤوسسات العلمية المختلفة .. وفي نطاق أوسع تقدم هذه الأفلام لمجموعات خاصة وفي مراكز الثقافة وقاعات المحاضرات وفي قطاعات التجارة والصناعة والتنمية العامة والمعاهد والجامعات العلمية .
لم تجد الثقافة الفنية بأنواعها من المسؤولين فى حكوماتنا العربية المسيسة للدين ما يستحق الاهتمام برغم حاجة الجماهيرالترويحية لهذه الفنون خوفآ من طيران الدين من تحت العمائم الملونة المثبتة بالأساس بواسطته بهدف أضطهاد الفقراء لا غير .