نظرة على وسائل الإعلام الجزائرية
أي نظام ديمقراطي مبني على ثلاثة سلطات، تشريعية، تنفيذية وقضائية، وسلطة رابعة هي وسائل الإعلام بما فيها التلفزيون، الإذاعة والجرائد، فهل وسائل الإعلام في الجزائر تمثل حقا السلطة الرابعة؟ أم أنها جزء لا يتجزأ من السلطات الثلاث؟ أم أنها لم تحقق بعد المستوى المطلوب؟
منذ دستور 23 فبراير دخلت وسائل الإعلام في الجزائر 1989 في دوامة الخوصصة الحكومية، يعني كما يقال “من ليس معنا فهو علينا” ومن هذا المنطلق اتخذت اجراءات واسعة وصارمة تمس مختلف وسائل الإعلام كعدم السماح لقنوات أو إذاعات خاصة بالبث داخل التراب الجزائري وكذلك احتكار مطابع الجرائد، حيث توجد نسبة 83% من الطابعات في الجزائر تابعة للدولة، وما تبقى منها (مطبعة واحدة) للخواص.
التلفزيون الجزائري:
إن ما يشهده التلفزيون الجزائري بكل قنواته من انحياز كامل للسلطة لدليل كافي على أن وسائل الإعلام في الجزائر تخدم طرف واحد ومازالت على عهد قطعته منذ الاستقلال، بغض النظر عن الدور الذي لعبته إبان الثورة التحريرية. ليبقى السؤال مطروحا: هل هذا التلفزيون هو التلفزيون الجزائري أم هو تلفزيون الحكومة الجزائرية؟ لأني بحياتي ما شاهدت برنامج يعرض رأيين أو مناظرة بين طرفين يختلفان فكريا! كل ما نشاهده هو طرف واحد ووحيد وهذا الطرف طبعا هو التلميذ النجيب للسلطة والذي يحفظ دروسه بشكل جيد قبل الظهور على على قناة “عظيمة” كالقناة الأرضية.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى البرامج التي تبث أو المسلسلات والأفلام (المحلية الصنع) لا تحمل أي شيء جديد ولا تحي بأي تطور على مستوى السنما الجزائرية. فكل سنة يعرض حوالي 20 فيلم كلها تمثل قصة الثورة التحريرية لصنع جيل ثوري جديد.
أما من ناحية نشرات الأخبار فحدث ولا تبالي، حينما يحدث حدث ما في الجزائر، نتوجه كلنا لمشاهدة الفضائيات الأخرى عل وعسى نشاهد شيئا من الحقيقة لأن قنواتنا شحيحة في تقديم الخبر وبصراحة سئمنا من الكذب وتزييف الأخبار، ومللنا من أخبار رئيس الجمهورية ونشاطاته، معظم الأخبار في النشرة تتحدث عن “قام رئيس الجمهورية” “تقدم بالتعازي..” “يهنئ..”، ولا بد أن الحاجز الإرهابي الأخير بمدينة المنصورة الذي راح ضحيته حوالي 30 دركيا في شهر جوان لدليل كافي على ما أقول، فكان من المفترض أن يبث خبر عاجل على قناتنا قبل أي قناة، ولكن لا حياة لمن تنادي، وليتها بثت الخبر، بل لم يحصل لها الشرف حتى على المرتبة الأخيرة في بث الخبر.
الإذاعة الجزائرية:
سواء كانت القناة الأولى أو الثانية أو الجهوية فكلها في “سرير واحد”، فالقادم من خارج الوطن لما يستمع إلى إذاعتنا لا يجد شيئا يسمعه يدل على أن إذاعتنا تابعة لدولة تضع في دستورها “دين الدولة هو الإسلام”.
فكل ما تبثه عن الإسلام هو مجموعة آيات من القرآن الكريم صبيحة يوم الجمعة، وأنشودة دينية بعد صلاة الجمعة، ثم تعود للسخط والأغاني المنحطة والمخلة بالحياء إلى غاية الجمعة الأخرى.
برامج “تافهة” تسمى برامج ثقافية في صباح كل يوم كل ما يغلب عليها هو “أهدي تحياتي إلى فلانة وفلان!”، ونشرة أخبار معظمها أخبار دولية، أما الأخبار المحلية فكلها كأخبار التلفزيون عن نشاطات رئيس الجمهورية. ليأتي الليل ويفتح مجال الاتصال لأصحاب العلاقات الغرامية لتحل مشاكلهم على الهواء مباشرة!!! (مسخرة).
الجرائد الجزائرية:
ثم جرائدنا هذه ونحن في سنة 2009 ما زالت لا تتوفر فيها جميع المعايير الدولية، كرداءة صفحاتها واعتمادها على اللونين الأبيض والأسود كألوان أساسية.. هذا من ناحية الشكل، أما من ناحية المحتوى فكلها لا تتعدى صفحاتها 24، إلا إذا كان موسم انتخابات أو حدث سياسي ما. وتتميز بأقسامها تقليلدية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. أما عن صفحاتها الأولى، تزين دائما بعنوان أسود عريض، إما يكون تافه تجاري يتحدث عن فضيحة ما، وإما مفاجئ كقرار جديد لـ بن بوزيد. والمواضيع الأخرى تكون ورغما عن كاتبها مؤيدة لواقع والأحداث الجارية.
أما عن الجرائد التي تتحدث بموضوعية وبحقيقة ستلاقي حتما توقيفا للتشاط وسجن لكتاب مثلما حدث مع الكثير منها سابقا. هذا بغض النظر عن التطاول الذي تشهده زاوية الكاريكاتور الذي يعبر عن نوع من الجرأة من رساميه، لكن هذا يبقى غير كافي لنقول أن لحرية التعبير نصيب في الجزائر.