المعلن..واختطاف الإعلام
بقلم: محمد الهمزاني* - المتابع لواقع الإعلام المحلي يرى انقلابا كبيرا في مستوى المهنية المطلوبة، خاصة في الثلاث أو الأربع أعوام الماضية، والتي يعتبر هامش الحرية فيه في قمة عنفوانه. وأعتقد أنه لو أجري دراسة علمية لواقع الرقيب في الإعلام وبخاصة الصحافة منه، ليجد أن هناك تحولا كبيرا، بعدما كانت الصحف تتحرى الدقة في كثير من الأخبار التي تمس مؤسسات الدولة وغيرها. وبات الرقيب الآن متقوقعا في خانة الصفحات الاقتصادية في الصحف، وحتى في البرامج التلفزيونية، حيث لم نعد ترى نقدا موضوعيا للواقع الاقتصادي في البلد بالرغم من مرور العالم كله وبلا استثناء بأكبر أزمة اقتصادية في تاريخ البشرية.
الآن نحن نرى حرصا كبيرا من الإعلام المحلي على مصالحه أولا، وذلك بإرضاء كبريات الشركات المعلنة. ونظرة واحدة للصفحات والأقسام الاقتصادية في الصحف ولمدة أسبوع واحد، كافية لكشف واقع اختطاف الإعلام من قبل كبار المعلنين. ومن حق الصحافة (كونها تعتمد على الإعلان) إرضاء المعلن، لكن ليس على حساب المهنية، ولا على حساب القارئ الذي لديه من المشاكل الكثيرة مع بعض المعلنين، وبخاصة القطاع البنكي. ولا يوجد أي مستوى رضاء عن البنوك المحلية، ومع ذلك نجد أن الصحافة والكتاب لا يستطيعون حتى فتح مثل هذه النقاشات الاقتصادية، حتى إن إذاعة (إف أم) المحتكرة من قبل مؤسسة واحدة، هي الأخرى باتت مختطفة ولا تراعي الذوق العام للمستمع، وإجازة الصيف على الأبواب وبرامج (البي آر) سوف نستمع لها من (جنقدلاند) و(صيف أبها). وطالما أن الإعلام وبخاصة الصحافة قد اختطفت من (المعلن) أو في طور الاختطاف، فإنه من الواجب الآن البحث عن حلول وسط لا تفسد العلاقة مع المعلن ولا تترك القارئ بعيدا عن همومها. فالواقع يؤكد أن قدرة الصحف وكتابها تحديدا هو الهجوم وتشخيص واقع الوزارات والمسئولين. والمطلوب حاليا هو طرح هذه القضية للرأي العام الإعلامي في السعودية، فمن غير المعقول أن تظل الصحافة بلا (معايير أخلاق) تتفق عليها كل الصحف. والدور المطلوب من هيئة الصحفيين السعوديين أن تبادر إلى ذلك، أو على الأقل أن تعقد ندوة يشترك الجميع فيها والخروج بتوصيات تراعي مصالح الصحف ومصالح القراء.
* صحفي في جريدة الشرق الأوسط