مصطلح الصورة
مشتق من كلمة لاتينية تعني محاكاة ومعظم الاستخدامات القديمة والحديثة لهذا المصطلح تدور حول المعنى نفسه ، ومن ثم توجد معاني مترادفة ومتقاربة لهذا المصطلح في مجال الاستخدام السيكولوجي مثل : التشابه ، النسخ ، إعادة الإنتاج ، الصورة الأخرى ، اما في اللغة العربية فكلمة صورة تعني هيئة الفعل ، وكما جاء في لسان العرب تصورت الشيء توهمت صورته فتصور لي ، والتصاوير : التماثيل ، ولعل هذا المعنى ادى الى تنامي النظرة الازدرائية للصورة في الثقافة العربية والتي تم ربطها بعبادة الأوثان .
مع الخطوات الأولى للتفكير ، ومع طلائع منتجات التفاعل الإنساني ، كان للصورة حضوراً ، اساسياً ومعبراً رائعاً لتجسيد تالف الإنسان مع الطبيعة ، ومع تطور قدراته الترميزية كان قد استعان بالصورة ليس فقط كي يخلد حضارته ويُشعر الآخر بوجوده ، بل كان نوعاُ من الإسقاط في أحاسيسه نحو الجهل بالطبيعة وحبه لموجوداتها التي قربها لنفسه بشكل يقترب الى الصورة .
وهكذا بدأت الصورة ملحفاً لأفكاره المترامية وتمنياته على إنها معادل ما نحو ما يريد استدعائيه ، من مكان أو أدوات او شخوص ،وكان تشكيل الحضارات قد أعطى للصورة ابعاداً مختلفة من الاهتمامات ، تبعاً للمكون الايكولوجي الذي أحاط بهذه الحضارة او تلك ،
فكانت الصورة آنذاك تنشط مع الطبيعة الصخرية أو الرملية أو الطينية وهكذا كانت حضارات واقفة شاخصة ، وأخرى راقدة مضمرة الشواهد .
وعند ظهور الطباعة اخذ الفكر الإنساني ينحو منحى آخر باتجاه اللغة السطرية المكتوبة ، بعد أن كانت الشفاهية هي المقود الأساس في عمليات التناقل المعرفي والحسي ، هذه عملت انقلاباً في طرق التخزين والتمثيل وإعادة الترميز باعتبارها مهارة جديدة دخلت ميدان النشاط الإنساني.
وقد تنبأ العالم الكندي ماكلوهان برجوع الصورة وهيمنتها ومن ثم انحسارها على وفق بنية الوسائل الناقلة ، وبذلك أطلق مقولته المشهورة ( الوسيلة هي الرسالة ) مشيرا الى ان نوع الوسائل والتكنلوجيا التي تحكمها تصبح بديلاً عن ماهية ما تنقل ، وقد أشار الى ان الكتابة السطرية ماهي الا امتداد للعين والوسائل المسموعة امتداد للإذن والصورة امتداد للعين .
وكان قد أشار الى دائرية الوظائف لهذه الامتدادات بحسب الوعي الجمعي وبحسب درجات التكيف الإنساني لتلك الحواس .
واليوم وفي ظل هيمنة خطاب الصورة كان لابد لنا من القول (( ان التفكير دون صورة مستحيل )) بحسب ما ذكر أرسطو ، فالصورة ليست بيت الشؤم في هذا العالم بقدر أحداثه ، فلها كل الحق ان تهمين مادام مضمونها يتسع ويتسع ليشمل كل شيء.انها لا تكف عن التدفق والحضور والتوالد بشكل ربما سيثير السخرية من الكلمات .
فقد لعبت الميديا خاصة التلفاز والسينما والانترنت وفنون الإعلان والأعلام دوراً اساسياً في تشكيل وتعليب الوعي الإنساني بشكل ايجابي ، ومثله بشكل سلبي .فخطاب الصورة جاري على قدم وساق في التربية والتعليم وفي الشوارع والمسرح والتشكيل وبطاقات الهوية والحاسوب وفي ملاعب كرة القدم وفي صناعة النجوم ...نجوم الرياضة والسياسة ....
التفكير بالصورة :
يرتبط التفكير البصري بالصورة ، والتفكير البصري كما يراه ارنهايم (( محاولة لفهم العالم من خلال الشكل والصورة ، والتفكير بالصورة يرتبط بالخيال ، والخيال يرتبط بالإبداع والإبداع يرتبط بالمستقبل ، والمستقبل أمر ضروري لنمو الأمم والشعوب والجماعات والأفراد ، والصورة ضرورة للمساعدة في الخروج من الواقع الادراكي الضيق المحدود ، لكنه المهم الى آفاق المستقبل الأكثر حرية والأكثر إنسانية .
وعلى الرغم من الأهمية الكبيرة التي تضطلع بها عملية التفكير بالصور ، والتي تساعد في تجاوز الواقع المدرك اللحظي ، عبر إطار زماني منفتح وممتد ، متحرراً من قيود الزمان والمكان ، والبيئية والأشخاص .
الصورة والكلمة تبادل ادوار
لقد حذر الكثير من المفكرين المجتمع الإنساني من طغيان التلفاز على حساب على حساب الكلمات في أروقة التفاعل الاجتماعي ، وان دور الكلمات سيكون مقتصراً على المخاطبات المكتبية وعلى طباعة الكتب التي سيصبح قراءها محدودي العدد ، بافتراض ان الرؤية البصرية تتطلب معرفية في حدود أدنى من التلقي المطبوع ، وان القراءة ستتراجع لمصلحة المشاهدة .
لكن الواقع في عمليات التلقي للمطبوع يشير الى عكس ذلك ، فلازالت القراءة - مع تدني نسبتها – تحتل أهمية كبيرة في العلميات الاتصالية في الدول المتقدمة ولازالت دور النشر المرموقة تقذف بملايين النسخ من قبيل الأدب والشعر والتاريخ والرواية وهكذا ...
ذلك ان عملية التلقي يرتبط بها عادات وسلوكيات تبدو باهته وغير واضحة ...فللورق رائحة وللورق ملمس وللمقروء حركة وخيال لا يقل امتاعاً عما نرى من جمال ولون وحركة .
ففي ميادين الدعاية والحرب النفسية ...تتقدم الصور على الكلمات ..فالصورة الان لم تعد بألف كلمة كما شاع في المثل الصيني ...إنما غدت مع التكنلوجيا بملايين الكلمات ..
فصور هجوم الطائرات على مركز التجارة العالمي في 11 سبتمبر ، وسقوط تمثال صدام في قلب بغداد ، وصورة استشهاد الطفل الفلسطيني محمد الدرة بين ذراعي والده ، وسقوط رئيس الوزارء الإيطالي اثر نوبة مفاجئة أثناء خطاب جماهيري ....وصور لوحات كالموناليزا لدافنشي ، والصرخة ( لمونش ) والتي لا يمكن بأية حال أن تشكل اقتراباً في حدود المقارنة في التأثير ، فلا يمكن أن تؤثر إلا عن طريق الصورة ...وهنا تصبح الكلمات مجرد أقاويل .
وقد تنبأ بعض خبراء الاتصال بان هذا العقد سيشهد اندماجات منقطع النظير بين جهاز الكومبيوتر والتلفاز تحت تسمية ( Teleputer ) وبهذا سيصبح المستخدمين أكثر نشاطا وفاعلية مع هذا الوسيط الجديد .
هكذا يتغير العالم حرفيا أمام أعيينا نتيجة التطورات الكنلوجية المذهلة في (عصر المعلومات) وتمتد هذه التكنلوجيا من تلك الأدوات التي تقدم لنا واقعاُ افتراضياً جديداً .
وعلى مستوى الصورة العلمية أصبح هناك الطب المرئي ( Tele Medicinc ) والذي يمارس بواسطة أجهزة كثيرة تعتمد الروية والمشاهدة والتصوير من بينها أشعة اكس ، والتصوير بالأشعة فوق الحمراء وتحت الحمراء والمناظير ، والتي تتم ويرى صورها المرضى والأطباء وطلاب الطب ، والتي تجعل من الممكن تحليل عينات أنسجة المرضى وتحليل صور المخ ، وتسجيل ضربات القلب ...هذه تجرى على بعد آلاف الأميال عن طريق شاشات عالية التحديد .، وهناك محاولات جارية لإجراء جراحات عبر الأقمار الصناعية لمسافات ممتدة .
أنواع الصور في الأدبيات المختلفة :
- الصورة البصرية
- الصورة الحسية
- الصورة الذهنية ( التي في الدماغ )
- الصورة التي تشير الى الاتجاه العام نحو قضية او ظاهرة ...اي التقويم او الحكم
- التخييل
- صور الخيال
- الصور اللاحقة
- الصور الارتسامية
- صور الذاكرة
- الصور الرقمية
- الصورة الفوتو غرافية
- الصور المتحركة
- صور التلفاز
- صور الواقع الافتراضي
- الصورة التشكيلية
هناك فرقاً جوهرياً بين صور اليوم وصور الماضي ، ذلك ان صور اليوم تسبق الواقع الذي يفترض انها تمثله بينما صور الماضي تجيء تالية للواقع ومتوقفة عليه
الصورة والفضائيات :
الكثير مما يقدم عبر التلفاز يعتمد الإبهار البصري على الرغم من فجاجة الكلمات وسطحيتها في أحيان كثيرة ، فالمهم بالألوان والإضاءة والتصوير والإغواء بالتلميحات او التصريحات الجنسية في الحركة والكلمة ، وإبراز بعض مكونات الجسد الأنثوي على نحو خاص ، لم تعد هذه ألاغاني ترتبط بمنطقة الكلمة والعقل والمشاعر ، بل بمناطق الإغواء والشبق والتحريض الجنسي .
وتشير الإحصاءات على ان عدد من شاهد الإعلانات التجارية الخاصة بدورة الألعاب الاولمبية في اثنا 2004 الى ما يقرب 4 مليار شخص كما قالت وسائل الإعلان ، لقد ادى ابتكار الصور التكنولوجية الى تحول بارز من عصر الإنتاج الى عصر النسخ ...فالصورة الأهم ثم المعنى .ولذلك نستطيع ان نصف عصرنا هذا على انه ليس فقط عصر الصورة ، إنما عصر الصورة التي تنتج صوراً.
فضائيات الترفيه :
لقد اصبح الترفيه يدخل حتى في مجال الأخبار في كثير من أحوالها وطرائق تقديمها ...فلم تعد الاخبار تقتصر على السياسة إخبار الاقتصاد والأزياء والرياضة والاختراعات والفنون والناس العاديين ، وهذه الأخبار لا يحركها هدف او حدث ..دون صورة ...فالصورة هي الموضوع .
قنوات تسويق الصورة
1- عالم الشهرة والمشهورين
في عالم عروض الميديا حيث يكون المشاهير اهم عروض ثقافة الميديا ، نجوم الحياة اليومية النهارية والليلية ، لقد اصبح نجوم أمثال مادونا وتوم كروز ومايكل جوردن وجنفر لوبيز بمثابة المنتج الاول للصورة .
كما وتعمل الميديا على اختلاق الفضائح بالصورة ليتم تغطيتها بالصورة ايضاً كما حدث مع لاعب كرة السلة اوجيه سيمسبون الذي اتهم بقتل زوجته مع صديقها ، وفضيحة الريس الامريكي بيل كلنتون المعروفة مع مونيكا لوينسكي في منتصف وأواخر التسعينيات .
2- الألعاب الرياضية :
الألعاب الاولمبية ومباريات كاس العالم وبطولات القارات ، وما يصاحبها من إعلانات بالصورة والتي في الأغلب تجسد قيم ( المنافسة ، الفوز ، الصراع ، النقود ، الإنجاز ) بل وحتى ساحات الملاعب نفسها عبارة عن صورة كبيرة من عدة صور ولافتات وإعلانات عملاقة ، وقد تكون منتشرة في المطاعم والساحات الكبرى وبذلك يتم الارتباط بين التشويق والتسويق والصورة .
3- السينما :
كما في عالم هوليود في أمريكا وبوليود في الهند حيث الأضواء والأزياء والشهرة والإبداع ...وهذا بمجمله أدوات لإنتاج وصناعة الصور .
4- التلفاز :
5- المسرح :
6- عروض الازياء
7- الفنون التشكيلية
8- العمارة
9- الموسيقى العامة
10- الطعام
11- عروض العاب الفيديو والكومبيوتر
يتبع ........الحلقة الثانية
أ.م.د.كامل القيّم
- العراق - جامعة بابل
--------------------------------------------------------------------------------
(*) أستاذ مساعد / جامعة بابل أستاذ مادة الإعلام والاتصال الجماهيري / أستاذ مادة البحث العلمي للدراسات الأولية والعليا