والخلاصة
أن العلم ينطوي على الإدارة أو المعرفة، والفن ينطوي على العمل. وتشير
بعض التعريفات إلى أن العلاقات العامة فن، والمقصود بالفن هنا الفن المهاري،
وليس بالمعنى الجمالي، والفن المهاري هو القدرة على التعامل مع الناس و مسايرتهم ومجاراتهم،
أي أنها تحتاج إلى مهارة و لباقة و حسن تصرف والى تجديد وابتكار مستمر حسب مقتضيات الظروف
والمواقف، وهي فن في كيفية التعامل مع الجمهور والحصول على رضاه و محبته وكسب ثقته و تأييده، و يتحقق ذلك عن طريق الاتصال
بالجماهير لنقل الحقائق إليهم، و تفسير هذه الحقائق حتى تلقى هذه المؤسسات والهيئات تأييد الجماهير لها.
فها هو بلومفليدD.Bloomfield يرى أن
العلاقات العامة هي فن التأثير على الآخرين لسلوك الطريق نفسه الذي تتبعه تلك المؤسسات
كما عرف ( هوارد بونهام Howard Bonham) عضو
مجلس إدارة الصليب الأحمر الأمريكية العلاقات العامة بأنها فن التفاهم مع
الجمهور، مما يؤدي إلى زيادة الثقة بالأفراد و المنظمات.
وهناك من التعريفات ما اعتبر العلاقات العامة علماً له قواعده
وأصوله، فهي تُعنى بدراسة سلوك الأفراد والجماعات و قياس وتحليل الرأي العام، بقصد تنظيم العلاقات الإنسانية على
أسس من التعاون والمحبة والوعي، ويتضمن
التخطيط العلمي لبرامج العلاقات العامة، ويهتم بالتوصيل الجيد
للمعلومات بين
الهيئة التي يعنيها الأمر وبين جمهورها، بهدف تحقيق المصلحة المتبادلة بينهما، والوصول إلى درجة
عالية في المساندة الكلية و المشاركة الوجدانية.
ويرى أصحاب هذا الاتجاه أن المجتمعات قديماً لم تكن
بحاجة إلى هذا العلم،
لأن العلاقات العامة كانت عادية و بسيطة. وبتقدم الحضارة وما صاحب
التصنيع من تخصص
و تقسيم العمل، بدأت المجتمعات تتعقد، وبالتالي العلاقات الاجتماعية بين الأفراد و الجماعات، ونتيجة لهذا
كان ضرورياً أن يحدث توازن في المجتمع، قوامه التفاهم المتبادل والتساند الوظيفي بين الأعضاء. ومن هنا كان هدف
العلاقات العامة متمثلا في رعاية العلاقات الإنسانية السليمة بين أعضاء المؤسسة من
جانب، وبين المؤسسة و الجماهير من جانب آخر. إذ يهتم علم العلاقات العامة بالكشف عن
الأسس والمبادئ التي تساعد على إقامة علاقات مفعمة بالثقة بين فئات الشعب
المختلفة، بقصد نجاح المشروعات النفعية.
يؤخذ على موضوع دراسة وتفسير السلوك الإنساني انه ـ أي
السلوك الإنساني- بحر واسع ليس له حدود، وغير صحيح القول أن العلاقات العامة
تدرس النشاط الإنساني كله. وهناك وجهة نظر أخرى تعتبر أن العلاقات العامة هي علم وفن أو مهارة، فها هو ركس هارلو
وبلاك R.Harlow & Black، وكذلك موسوعة المعارف الأمريكية يشيران إلى أن
العلاقات العامة هي علم وفن، فهي علم من ناحية أنها تستند إلى علم الاجتماع الإنساني، وهي
علم من حيث أنها تتبع الأسلوب العلمي في البحث والتشخيص. وهى فن إذا نظرنا إليها من الناحية التطبيقية، أي من الناحية
التنفيذية، كما يدخل في تشكيلها جوانب ذاتية، حيث أن أساليب تطبيق مبادئ هذا العلم تختلف من
أخصائي إلى أخصائي آخر، متأثرة بمنهجه واستعداداته وطريقة إعداده.
ومن حيث البناء اللفظي فان كلمة(علاقات) تعني عملية
الصلة والاتصالات
والارتباطات التي تتوفر بين هيئة أو مؤسسة والجماهير المتعاملة معها.أما كلمة(عامة) فتعني كل جماعة أو
شريحة من المجتمع تكون المنظمة على علاقة بها، وكل جمهور العاملين أو العملاء، أو الموردين،
أو حملة الأسهم أو الممولين، أو الهيئات الحكومية.
ولسنا بحاجة إلى أن نشير إلى أن بعض الجماهير التي تدخل
في نطاق علاقات
هيئة واحدة، قد تكون متعارضة المصالح، وبالتالي فإن مشاكل العلاقات
العامة بالنسبة
لهيئة أو إدارة تبدأ بالتعرف على الجماهير المختلفة وفهمها وإدراك توقعاتها، والعمل على استمرار
الصلات بينها وبين الهيئة في حالة طيبة.
ويرى بعض الكتاب أن العلاقات العامة الطيبة يمكن التعبير
عنها بالمعادلة
الآتية: (( الأداء الحسن + الأخبار الصادقة = علاقات عامة طيبة))
وجملة القول فإنه
يمكن استخلاص النقاط الآتية من تعريفات العلاقات العامة:
- العلاقات العامة علم يستعين بالأسلوب العلمي، ويستند
إلى النظريات العلمية والخبرات المقننة والتجارب المدروسة.
- العلاقات العامة فن، بمعنى أنها تعتمد تطبيقات العلوم
الاجتماعية، وتعتمد على مهارات خاصة في تطبيق النظريات المختلفة، واستعدادات فردية تختلف من متخصص لآخر.
- تحتاج العلاقات العامة إلى متخصصين على مستويات
مختلفة، يتخرجون من خلال معاهد وكليات متخصصة، فهم يقومون بتحديد وتقييم
الرأي العام من الزاوية التي تهم المنظمة وتتعلق بها، كما أنهم يقدمون النصح والمشورة إلى المديرين بالنسبة لطرق
التعامل مع الرأي العام.
- تعد العلاقات العامة وسيلة لتدريب وإعداد الجماهير
لتقبل أفكار وآراء جديدة أو للقيام بمسئوليات مطلوبة.
- تتضمن العلاقات العامة التفاهم بين المؤسسات
وجماهيرها، وتعمل على الترابط وتحقيق التعاون بينها.
- تستخدم العلاقات العامة أدوات الاتصال والإعلام
والبحوث العلمية لتحقيق أغراضها.
- أصبحت العلاقات العامة ضرورية، ولابد من وجودها في
جميع المؤسسات، على
كل المستويات، فهي تدخل في مجال التجارة والصناعة والإدارة والتعليم والصحة والجيش غيرها، كما
توجد في المجتمعات المتقدمة والنامية، على السواء، وبين الجماهير في مختلف المجتمعات.
(المصدر: الجامعة العربية المفتوحة في الدنمارك - كلية
الآداب والتربية،قسم الإعلام والاتصال، من إعداد: د. محمد جاسم فلحي،