العلاقات
العامة والرأي العام
مقدمة
الإنسان بطبيعته لا يعيش في عزلة عن الناس، بل تقتضي
ظروف الحياة الاتصال
بالآخرين والتعاون معهم، وفي أثناء هذا الاتصال بالآخرين والتعاون
معهم، أما أن
يترك الشخص أثراً حسناً لدى بقية الناس وأما أن يترك أثرا سيئا.
فإذا ترك أثرا حسنا ساعده هذا على قضاء أعماله بسرعة
وبأقل مجهود والعكس
صحيح وهكذا فتكيف الأفراد و الجماعات مع الواقع الاجتماعي أمر مهم
وضرورة لا غنى
عنها من اجل الصالح العام كذلك الأمر بالنسبة لأية منظمة فهي لا تعيش بمعزل عن الجمهور وعن
المجتمع المحيط بها، فهي تحتاج إليه وهو يحتاج إليها، ولا بد من وجود علاقات طيبة بينهما و تعرف
كل منها على أهمية الدور الذي تقوم في المجتمع.
وبدون الصلات الطيبة بين المنظمات و بين الجمهور المتصل
بها أو المجتمع
المحيط بها لا يمكن لهذه المنظمات أن تضمن لنفسها السلام و
الاستقرار، و كلما
كبر حجم المنشآت بعدت المسافة بينها و بين جمهورها و المجتمع المحيط بها، و أصبحت الحاجة ملحة إلى
معرفة آراء الآلاف أو ملايين الأفراد
والجماعات، لكي ترسم سياستها بما يلائمهم، ثم تقوم بشرحها لهم بغية
كسب ثقتهم و
احترامهم وتأييدهم.
كما أن الحكومات الديمقراطية تسعى إلى التعرف على رغبات
الجمهور وكسب ثقته
وتأييده، لأنه هو الذي سيقوم بتنفيذ السياسات التي ترسمها وعليه
يتوقف زوالها أو
بقائها، فلقد تشابكت مصالح الناس وتباينت رغباتهم وزادت العلاقات الاعتمادية بين المنظمات، كما زادت قوة
الرأي العام وأصبحت الحاجة ملحة لفهم دوافع و مطالب الأفراد و الجماعات، وأضحى كسب تأييد وتعاون و ثقة الآخرين عن طريق
الاقتناع، جزءاً من العمل اليومي للمدير في أي نوع من أنواع المنظمات، سواء كانت اجتماعية أو
دينية أو سياسية أو اقتصادية، إذ أدركت هذه المؤسسات أنها لا يمكن أن تحقق نجاحا إذا عاشت بعيدة عن الجمهور أو عزلت
نفسها عنه.
و من هنا نشأت الحاجة في عصرنا الحالي إلى إسناد هذه
المهمة- مهمة إقامة
علاقات طيبة بين منشاة و جمهورها- إلى أشخاص متخصصين في هذه
الناحية، وبذلك
أنشئت إدارة العلاقات العامة في الوزارات والمنشآت المختلفة، والتي أصبحت من ضروريات وقتنا
الحاضر.
ومن جانب آخر أصبح الرأي العام يلعب دوراً مهماً في
المجالات السياسية
والاجتماعية والاقتصادية، وبات من الضروري التعرف على عوامل تكوين
وتنشيط الرأي
العام، والوسائل المؤثرة فيه، وكيفية توجيهه والتأثير في مساراته.
خلاصة القول أن العلاقات العامة والرأي العام يمثلان
اليوم مجالين مهمين
في العمل الإعلامي، لذا ينبغي التعمق في دراستهما، والتعرف على
الوسائل الإعلامية
المناسبة للتأثير فيهما. وفي هذه الورقة سيجد الطلبة تلخيصاً لأهم المفاهيم والدراسات التي تناولت العلاقات
العامة والرأي العام، ولعل من المفيد أن يرجع القارئ أحياناً إلى المصادر الأصلية للمزيد من التعمق والتوسع في الموضوع.
أولاً: تعريف العلاقات العامة:
ظهر مصطلح العلاقات العامةPublic Relation قرابة نهاية القرن التاسع عشر، وشاع استخدامه في منتصف القرن
العشرين، وتعددت تعريفاته، وبالرغم من شيوعه في أوساط الأعمال إلا أنه كان يستخدم لوصف مجموعة
متنوعة وواسعة من النشاطات مما ألبسه غموضاً وإبهاما، فها هو قاموس (وبسترWebster’s
New Collegiate Dictionary) يعرف العلاقات العامة
بأنها مجموعة من النشاطات تقوم بها هيئة أو اتحاد أو حكومة أو أي تنظيم في البناء الاجتماعي،
من اجل خلق علاقات جيدة وطيبة وسليمة مع الجماهير المختلفة، التي تتعامل معها، كجمهور
المستهلكين والمستخدمين وحملة الأسهم، وكذلك الجمهور بوجه عام، وذلك لتفسير نفسها للمجتمع حتى تكتسب رضاه.
وأهم ما أشار إليه هذا التعريف هو انه لم يقصر العلاقات
العامة على نوع
معين من المؤسسات أو الأجهزة أو على نوع معين من المهن، بل انه أوضح
أن العلاقات
العامة تمارس في كافة المؤسسات والأجهزة المختلفة، سواء كانت حكومية أو غير حكومية، صناعية أو تجارية أو خدمية
أو غيرها، كما أن هذا التعريف اهتم بتوضيح الهدف من العلاقات العامة، وهو تكوين علاقات طيبة بين تلك المؤسسات وبين الجماهير
التي تتعامل معها أو تتصل بها، حتى تكتسب تلك المؤسسات في النهاية رضى المجتمع الذي تعيش فيه.
كما أن هذا التعريف لم يغفل نوعية الجماهير، سواء كانت الجماهير الخارجية(ممولين أو مستهلكين) أو الجماهير الداخلية، أي أولئك
العاملين في هذه المؤسسات.
ويؤخذ على هذا التعريف أنه اعتبر العلاقات العامة نشاط
من جانب المؤسسات،
واستخدام كلمة نشاط فيه خلط بين مفهوم العلاقات العامة واستخدامها
كمرادف لبعض
وظائفها مثل الإعلام والدعاية والإعلان عن المنظمة، ولكن مفهوم العلاقات العامة أوسع واشمل
من مفهوم هذه المصطلحات، كما أن هذا التعريف اعتبر العلاقات العامة نوعا من النشاط الإنساني دون
أن يضفى عليها طابع الفن أو العلم، فهو لم يحدد الأسس العلمية التي تقوم عليها العلاقات العامة، باعتبار أن العلاقات
العامة لا تقوم على الارتجال، بل أنها تقيس وتحلل وتخطط وتنفذ وتتابع وتقيم، ويتطلب القيام بها
أخصائيين مدربين على عملياتها.
ومن التعريفات ما اعتبرت العلاقات العامة جهوداً تبذل
لكسب الجمهور، فقد
عرفها (كريستيان) بأنها الجهود التي تبذل للتأثير على الجمهور عن
طريق وسائل
الإعلام المختلفة، حتى تكوّن لديها فكره صحيحة عن المؤسسة فيساندونها في أزماتها ويعضدونها في