بناء النشرة الاخبارية !!
إن نجاح النشرة الإخبارية يعتمد إلى حد كبير على بناء النشرة ، حيث يجب أن يكون بناء النشرة محكما في ترتيب الأخبار ، وعادة ما يكون الخبر الأول خبر قويا وجديدا وذا أهمية بالغة والخبر الأخير يكون خفيفا على النفوس ، وبينهما يجب مراعاة التجانس في ترتيب الأخبار بحيث يتم الانتقال من خبر لآخر بطرقة تشد انتباه المتلقي ولا تثير في نفسه الملل.
ويختلف اللقب الذي يطلق على الشخص المسئول على الشكل النهائي لنشرة الأخبار، فرئيس التحرير أو منتج النشرة هو الذي يقوم باختيار الأخبار التي سيتم إذاعتها وتحديد البناء الكلي للنشرة أي التسلسل أو مكان الخبر في النشرة.
والحقيقة أنه ليست هناك قواعد ثابتة ومحددة لترتيب الأخبار، بل الرؤية الخاصة لرئيس التحرير أو منتج النشرة والتقاليد السائدة لدى المحطة هي التي تتحكم في الترتيب، ولكن هناك بعض الممارسات والتقاليد التي يمكن الاسترشاد بها في هذا المجال :
1- القيمة الإخبارية:
حيث يجب أن تبدأ النشرة بخبر له قيمة خبرية مرتفعة، و أن يكون فيه عنصر الجدة أو الحداثة و هذا ما تعتمده أغلب القنوات بالإضافة إلى التأثير والشهرة ، لكن لا يمكن بهذا العنصر (القيمة الخبرية) تحديد بداية الأخبار وتسلسلها بطريقة واحدة في كل المحطات لأن كل محطة تلفزيونية لها عواملها المؤثرة في قيمها الإخبارية، فبينما تهتم القنوات المستقلة والخاصة بالخبر الذي يجذب المشاهد أكثر، فإن التلفزيونات الحكومية غالبا ما تهتم بالأخبار الرئاسية كزيارات الرئيس واستقبالاته وبرقياته أو الأخبار المحلية والإنجازات والمشاريع الحكومية والتنموية ، كما أن المنافسة الشديدة التي تكون بين المحطات الإخبارية تلعب دورا في جعل التوجهات الإعلامية تحدد مصير الخبر الذي سيكون في صدارة النشرة ،
فمثلا تداعيات غرق العبارة المصرية لشركة السلام كانت تطرحه قناة العربية في المرتبة الأولى ، بينما قناة الجزيرة كانت تنوع الخبر الأول في نشراتها وغالبا ما كان حول المظاهرات المنددة للرسوم المسيئة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم التي نشرت بالدانمرك وأعيد نشرها في دول أخرى ، أما عن قناة أبو ظبي فقد كانت تضع اللقاءات بين التيارات اللبنانية المختلفة لحل النزاعات وتنحية الرئيس اللبناني في صدارة أخبارها.إذن يختلف بناء النشرات الإخبارية من محطة إلى أخرى بحسب القيم الإخبارية لكل قناة والعوامل التي تؤثر فيها ، وبحسب الرؤية الشخصية لرئيس التحرير أو منتج النشرة الذي يعمل وفقا لتلك القيم الإخبارية التي يجب أن تكون في نشرته مراعيا في ذلك السياسة الإعلامية للمؤسسة وأهداف الرسالة الإعلامية والجمهور الذي سيتلقى هذه الرسائل. وبعد الاهتمام بالقيم الإخبارية تأتي عناصر أخرى تتحكم في بناء النشرة الإخبارية .
2- التنويع:
يجب التنويع في الأخبار المعروضة بين نشرتين متتاليتين لأن المشاهد لا يريد أن يسمع نفس الأخبار التي سمعها سابقا، لذلك فإنه في غالبية الأحيان وفي حال عدم وجود أخبار جديدة تلجأ المحطات التلفزيونية إلى إهمال بعض الأخبار ذات القيمة المتوسطة أو إلى إعادة ترتيب الأخبار ، ويكمن أيضا إضافة بعض التعليقات والنصوص أو الاتصال بالمراسلين والمحللين السياسيين وخاصة مع سهولة ذلك اليوم مع وجود البث بالأقمار الصناعية ، ومن الجيد أيضا أن تنوع المحطات في نشراتها بين الأخبار المحلية والخارجية والأخبار الاقتصادية والرياضية .
3- التوزيع الجغرافي :
يعتبر من سلاسة النشرة ومرونتها أن تقدم الأخبار متتابعة حسب المناطق الجغرافية من خلال تجميع الأخبار المحلية والإقليمية والخارجية كل مجموعة على حدا ، لكن يمكن إيجاد بعض الاستثناءات مثل الطبيعة المتشابهة للأخبار كالزلازل و الفيضانات أو انتشار نوع جديد من الأمراض كمرض السارس أو أنفلونزا الطيور، هنا يمكن ربط خبر محلي أو إقليمي بمنطقة أخرى من العالم شهدت نفس الحالة فقد يكون الموضوع واحدا مع تعدد المناطق .
4- الربط الطبيعي :
فالنشرة تتضمن أخبارا متنوعة لا يمكن لأي كان أن يتجنب عدم التجانس فيما بينها ، و لكن يجب العمل على ذلك واغتنام الفرص المتاحة للربط بين خبرين أو مجموعة أخبار ، فمن غير المنطقي أن تتوفر لدي أخبار معينة عن نفس الملف وأخبار مختلفة عنه فأذهب للمزج بينهما ، .
ويدخل في مراعاة الربط الطبيعي المرونة في ربط المواضيع المتشابهة والمواقع الجغرافية والمجالات المتعددة فيمكن تقسيم الأخبار إلى محلية وعالمية وخاصة بمنطقة ما، أو اقتصادية ورياضية وهذه الأخبار تجمع في وحدات طبيعية مهما اختلف مكان وقوعها.
5- الشرائط:
تضيف الشرائط صوتا مختلفا عن مذيع النشرة ويزيد من حيوية النشرة ونعومتها ويضيف نوعا من الإيقاع والسرعة ، والذي من شأنه إثارة اهتمام المتتبع للنشرة ، زيادة على أنها تحمل قيمة خبرية بحكم أنها تنقل المتابع إلى العالم الخارجي الواسع .
6- الوحدات :
تصبح مهمة بناء النشرة أكثر تعقيدا كلما زاد الوقت المحدد لها ، والواجب اتباعه في هذه الحالة هو تقسيم النشرة إلى عدة قطاعات أو وحدات مستقلة من خلال وضع الأخبار المحلية والخارجية والرياضية والاقتصادية كل في وحدة مستقلة حيث يصبح ترتيب الأخبار داخل كل وحدة أكثر سهولة ، ويمكن الفصل بين وحدة وأخرى من خلال الإعلانات أو ربما قصة خبرية خفيفة، وأحسن الأساليب وأسلمها وأكثرها استعمالا هو تولي مذيع آخر قراءة الوحدة التالية عن المذيع الرئيسي للنشرة .
7- الإعلانات :
تكثر المحطات التجارية من إذاعة الإعلانات حيث يعتمد تمويلها على الإشهار كمورد رئيسي، وقد امتدت الإعلانات أيضا إلى نشرات الأخبار في كثير من المحطات حتى أنه في البعض منها أصبحت الخطوة الأولى هي وضع وتحديد الإعلانات التي ستذاع ثم اختيار الأخبار التي سيتم إذاعتها في الوقت المتبقي وذلك يعرض إلى الابتعاد عن قيمة النشرة وهدفها لأجل غاية التمويل ، وقد تتعرض أخبار مهمة إلى الإهمال وهو تعدي على حق الجمهور في الإعلام، وهذا الأسلوب لا ينصح بالاعتماد عليه في النشرات .
8- الخبر الختامي :
ويكون الخبر عبارة عن قصة إخبارية خفيفة تختم بها النشرة في الغالب ، ويقوم رؤساء التحرير عادة بالاحتفاظ بالأخبار الخفيفة فهي ليست أخبار محددة بوقت معين ويمكن إذاعتها بعد أيام من حدوثها ، وتوضع في آخر النشرة لقلة أهميتها إضافة إلى أنها تعتبر جسرا للانتقال من النشرة إلى البرامج العدية ، فمن غير المنطقي الانتقال من أخبار عن الكوارث والمجازر والصراعات إلى أغان عاطفية وهو أمر غير مستساغ لدى غالبية الجمهور.
9- التوقيت :
لكل نشرة فترة زمنية محددة في الغالب ، ولكن المضمون غير محدد باعتبار اختلاف الأحداث من يوم لآخر فقد تكون حافلة بالأخبار وقد تكون غير كافية ، وهنا يجب التحكم جيدا في توقيت النشرة من خلال إلغاء الأخبار ذات القيمة الخبرية المنخفضة واختصار المتوسطة القيمة منها أو استبعد بعضها ، وقد يكون هناك خبر واحد ذو أهمية كبيرة ويستغرق وقتا طويلا مما يؤدي إلى إلغاء العديد من الأخبار الأخرى أو إلغاء بثه هو رغم أهميته. وبسبب صعوبة تحديد فترة زمنية للنشرات من هذا المنطلق فإن معظم المحطات تترك زمن الفترة الإخبارية مفتوحا .
هذه الممارسات والتقاليد موجودة في العديد من المحطات الإذاعية أو التلفزيونية ، غير أنه يمكن خلق عادات أخرى قد تكون مستساغة أكثر بالنسبة للجمهور وتجذبه أكثر ، والحقيقة أن هناك العديد من الطرق الحديثة في إذاعة الأخبار مثل :
- تقديم عناوين الأخبار في البداية وإعادتها في نهاية النشرة ويمكن ذلك في وسط النشرة أثناء بث فترة إعلانية.
- الاتصال بالمراسلين ومصادر الخبر لمزيد من التفاصيل، وهذا يجعل المتابع يتلقى أخبار مفصلة من مصدر الخبر.
- استضافة أو الاتصال بمحللين سياسيين أو أشخاص لهم علاقة بالأحداث، ولا حبذا لو كانت الآراء مختلفة مثلما تفعل الجزيرة، وهذه الطريقة تجعل المشاهد حكما للأحداث ولا تسيطر على رأيه.
- تحدث مذيعين مع بعضهما عن خبر ما ثم عرض التقرير الخاص بالخبر، .