الصحافة المتخصصة
أولاً : نشأة الصحافة المتخصصة :
الإعلام هو أساس الحياة البشرية ، وإنما خلقت الحضارة الإنسانية يوم خلق الإعلام
ونحن نفهم الإعلام بإعتباره عملية تبادل الأنباء والمعلومات والآراء والأفكار داخل أي مجتمع إنساني ، كما شمل أيضاً سائر مضامين ومخرجات وسائل الإتصال
وتعتبر الصحافة المتخصصة من أهم مصادر الثقافة العامة والمعلومات العامة ، فالصحيفة اليوم عليها القيام بتلبية إحتياجات القاريء في المعرفة العامة والخاصة ، ومن منطلق ذلك ظهر دور الصحافة المتخصصة في المجتمع.
ولقد سجلت الدراسات الإعلامية التاريخية أن أول مجلة متخصصة علمية ظهرت في فرنسا عام 1665م بإسم (العلماء) ، وذلك في عصر النهضة ويعني هذا ظهور الصحافة المتخصصة جاء مرادفاً لظروف كل عصر نشأت فيه ، بيد أنه يمكن إعتبار القرن التاسع عشر هو المرحلة الحقيقية الجديدة لظهور الصحافة المتخصصة بمعناها الصحيح وأنماطها وأهدافها الجديدة ، فظهور الملاحق التي تفرعت عن الصحف الكبيرة في فرنسا يمثل بداية الصحافة المتخصصة الحديثة.
ولقد عرفت مصر والوطن العربي الصحافة في أول الأمر كصحافة متخصصة ، ففي مصر كانت أول جريدة ظهرت 1828م بإسم (جورنال الخديوي) تقوم علي خدمة الحاكم وحده حتي أن إسمها إرتبط به ، وعندما إنتشرت الصحافو وتطورت بعد ذلك في مصر في عهد الإحتلال البريطاني نمت معها الصحافة المتخصصة بمفهومها الحديث.
ثانياً : مفهوم الصحافة المتخصصة :
تعتبر الصحافة المتخصصة وسيلة لمواجهة المنافسة القوية من وسائل الإعلام الحديثة وخاصة التلفزيون والإنترنت للصحافة ، فهي تحاول أن تلم بكافة جوانب التخصص الذي تصدر فيه للمحافظة علي القاريء.
ويري بعض الباحثين أن الصحافة المتخصصة أصبحت تمثل فرعاً هاماً من فروع الصحافة وأننا نعيش في عصر المعلومات المتخصصة ، ويسند هؤلاء الباحثين في رأيهم علي أن مفهوم الصحافة المتخصصة يشمل الصحف المتخصصة والصفحات المتخصصة في الصحف العامة ، علي إعتبار أن الصفحات المتخصصة في الجرائد اليومية العامة والمجلات الأسبوعية العامة تشكل جوهر الثقافة العامة التي يحصل عليها المواطن العادي القاريء للصحف.
ومن منطلق ذلك يمكن تعريف الصحافة المتخصصة بأنها الصحيفة أو المجلة أو الدورية التي تغطي أكبر قدر من إهتماماتها لفرع واحد من فروع التخصصات التي يهتم بها نوع معين من القراء ، بحيث يكون معظم نشاطها في جميع الأخبار والتحليلات وكتابة المقالات والتحقيقات التي تدور حول هذا الفرع.
أو هي تلك الصحافة التي تكون علي شكل صفحات جرائد في صفحات مستقلة تعالج قضايا وموضوعات خاصة بمهنة معينة أو قطاع من القطاعات أو علم من العلوم أو فن من الفنون ، وهي مجموع أكثر من مجهود لنقل المعلومات أو تهيئة خبر للمناقشة ونشر الأفكار والمبتكرات وتبادل الخبرات والتجارب وسعيها إلي التأثير علي متخذي القرارات ، وتعزيز فكرة الإبداع في الكثير من المجالات الساسية والأدبية والفنون والأعمال التجارية وعلوم الطبيعة والحياة والتكنولوجيا. وهذا التعريف هو الذي يتناسب مع طبيعة هذه الدراسة لأنها تقوم علي تحليل صحافة متخصصة في مجال معين ولكن تتجه إلي جمهور عام.
ثالثاً : عناصرالصحافة المتخصصة :
هناك ثلاثة عناصر أساسية للصحافة المتخصصة وهي :
1 – المادة الصحفية المتخصصة.
2 – جهاز تحريري أو محرر صحفي متخصص.
3 – الجمهور المتخصص من القراء.
ونعرض تباعاً لكل منها علي حدي بقدر من الإيضاح ولكننا في هذا البحث سوف نستثني الجمهور المتخصص من القراء لأن دراستنا تنطوي علي صحافة متخصصة في مجال أو قطاع معين تتجه نحو جمهور عام .
1 – المادة الصحفية المتخصصة :
الصحافة المتخصصة تكمن أهميتها في كونها أكثر من مجرد نقل للمعلومات ، إذ تهيء منبراً للمنافسة ونقل الأفكار والمبتكرات ولتبادل الخبرات والتجارب وقد تسعي هذه الدوريات إلي التأثير علي متخذي القرارات أو لتعزيز القدرة الإبداعية.
2 – جهاز تحريري أو محرر صحفي متخصص :
وفي ذلك نوضح أن الصحافة المتخصصة تتطلب خبرة وكفاءة خاصة في أعضاء جهازها التحريري ، وخاصة بالنسبة لكل نوع أو فرع من مجالات التخصص العديدة والمتنوعة ، فالصحفي المتخصص أشبه ما يكون بالباحث العلمي ، ولذا يجب أن يتجاوز دوره مجرد الأداء الصحفي المعتاد وهو تقديم جرعة من الأنباء للقراء عن الأحداث ، بل يمتد إلي دور آخر أعمق وهو التحليل وكشف الأبعاد والخلفيات الفنية الدقيقة ، علي أسس علمية ومنطقية.
رابعاً : وظائف الصحافة المتخصصة :
ويمكن تحديد وظائف الصحافة المتخصصة كما يلي :
-تقديم الأخبار والمعلومات النادرة والدقيقة والتفصيلية حول موضوعات محددة تهم فئة معينة من القراء سواء كانوا متخصصين أو لهم إهتمامات حول هذه الموضوعات بما يحقق لهم الفائدة العلمية
-المساعدة علي التربية والتثقيف وشغل الوقت بطريقة مفيدة تنمي القدرات الذهنية ، وخاصة بالنسبة لصحافة الأطفال والشباب .
-إحاطة القراء بتطورات وظروف العصر الذي يعيشونه في مختلف أنحاء العالم بنشر أحدث الأبحاث والمبتكرات في مجال التخصص .
-إعطاء المجال والفرصة للمتخصصين والخبراء للإقتراب من القراء ، وتقديم مالديهم من معلومات وخبرة وبما يحقق فائدة أكبر ، وعدم الإقتصار علي الصحفيين الذين يلمون إلماماً عاماً بالموضوع الذي يكتبون فيه ، وهذا لا يلغي دور المحرر بل يصنع صحفيين ومتخصصين وفقاً لنوع الصحافة وتخصصها التي يعنل فيها.
-تجديد فنون الإخراج الصحفي وأساليبه إذ أن كل تخصص يحتاج إلي أسلوب إخراج يلائم نوع التخصص ، فإخراج مجلة نسائية يختلف عن إخراج مجلة للأطفال أو مجلة أدبية أو علمية ، كل نوع من هذه المجلات له أسلوبه وفنونه الخاصة سواء من ناحية إستخدام الألوان والصور وعدد الأعمدة ، وغير ذلك من الأساليب الخاصة بالإخراج الصحفي .
خامساً : سمات الصحافة المتخصصة :
وتتكشف أهم سمات الصحافة المتخصصة وتتلخص في الآتي :
-أنها صحافة جادة ومتعمقة وهادفه بطبيعتها وتتسم بالإهتمام بالكيف أكثر من إهتمامها بالكم.
-أنها تعتمد بشكل أساسي علي أساليب الكتابة العلمية من إستخدام البحث والتحليل المتعمق والتفسير والوصول إلي نتائج مسببة منطقياً وعقلياً بناء علي سند علمي صحيح.
-أنها تقوم علي واقع الإحتياجات والمتطلبات الفعلية لمختلف الإهتمامات الخاصة بجماهير القراء علي تعدد وتنوع شرائحهم أو فئاتهم ، ومن ثم فهي صحافة متطورة ومتجددة بإستمرار سواء في مادتها ومحتواها أو في مجالات تخصصها.
-أنها بما تحتويه من درارسات وتحليلات متعمقة تناسب أكثر الجماهير النوعية والمتخصصة وتتيح السيطرة علي ظروف التعرض ، كما يمكن الإحتفاظ بها لمراجعتها مرة أخري.
سادساً : أنماط الصحافة المتخصصة :
يمكن تقسيم الصحف المتخصصة إلي نوعين :
النوع الأول : الصحف التي تقدم مادة متخصصة لجمهور متخصص من القراء فالصحيفة النسائية أو
الطبية أو الإدارية أو الرياضية تقدم مادة صحفية متخصصة لقراء متخصصين .
النوع الثاني : الصحف التي تقدم مادة متخصصة لجمهور عام من القراء كالصحف الرياضية أو
الصحيفة الفنية تقدم مادة صحفية متخصصة لجمهور عام غير متخصص .
ويدخل هذا النوع من الصحافة غالبية الصفحات المتخصصة في الصحف العامة مثل الجرائد اليومية العامة والمجلات الأسبوعية العامة.
ويمكن هنا رصد خمس دوائر متداخلة يمثل كل منها شكلاً أوقالباً صحفياً مجمعاَ يعالج من خلاله المضمون الصحفي المتخصص علي النحو التالي :
الدائرة الأولي : الأكثر إتساعاً هي الملحق supplement الذي يضم مجموعة من الأقسام المتشابهة في المضمون أو المتقاربة ، أو التي لا يجمعها فقط سوي أنها مواد متخصصة .
الدائرة الثانية : الأقل إتساعاً هي القسم section الذي يضم مجموعة من الصفحات المتخصصة التي تعالج مواد متشابهة في تخصصها أو أركان متخصصة أو أبواب متخصصة .
الدائرة الثالثة : أقل إتساعاً من السابقة وهي الصفحات المتخصصة specialized pages وتعالج مواداً متشابهة في المضمون ، وتضم أركاناً أو أبواباً متخصصة تعالج مضمون واحد كالأدب والفن.
الدائرة الرابعة : وهي أضيق من الدائرة الثالثة ، وهي الركن الثابت المتخصص الذي يحتل جزءاً أقل من الصحافة ويعالج مضموناً متخصصاً واحداً مستخدماً أشكال صحفية مختلفة.
الدائرة الخامسة : وهي أضيق الدوائر شكلاً ومضموناً ، وهي الباب الثابت المتخصص الذي يعالج مضموماً متخصصاً من خلال شكل صحفي واحد أو عدة أشكال صحفية مثل باب رسائل القراء أو عمود أخبار رياضية له عنوان ثابت.
® منقول ® للفائده