نحن نعيش فوضى أخلاق. وهي فوضى حقيقية لا يمكن تجاهلها أو المرور من فوقها. فوضى تكاد تطغى على كل مناحي حياتنا سواء منها الاجتماعية أو الثقافية أو العلمية. وهي تتجلى بأوضح صورها في الأسواق التجارية وأماكن الاختلاط العامة التي يتقابل فيها الناس.
لم نعد متسامحين بل عدوانيين ولم نعد متفهمين بل متعصبين. فقدنا ملامح الحس الاجتماعي السليم لصالح المستورد غير المجزي. فوضى أخلاق تتعدي حدودها تسامحنا ولا يمكن التغاضي عنها.
لم يعد كبيرنا يتساهل مع صغيرنا لأن صغيرنا لم يعد يوفر كبيرنا. لقد فقدنا الثقة في نظامنا الاجتماعي بسبب الممارسات المغلوطة التي يلجأ إليها الكثير منا. أصبح الكذب والغش والاحتيال والسرقة والاعتداء على حرمات الآخرين أمورا عادية يتفاخر البعض ويتباهى بممارستها.
التجار يغشون في بضاعتهم ولا يهتمون ولو أدى ذلك إلى موت الآخرين أو إصابتهم بأمراض خطيرة. المهم أن تتضخم جيوبهم بالمال ولا يهم إن كان حلالا أو حراما. ثم يتباهى الكثيرون منهم بدفع الصدقات في العلن ويسرقون الناس في الخفاء ويزيدون في رفع الأسعار وليس مهما لهم إن مات الناس جوعا أو ظمئا المهم أن لا يموتوا هم فقرا.
فوضى الأخلاق أصبحت ظاهرة لا يمكن التغاضي عنها وهي فوضى سريعة الانتشار لا يلحظها من يمارسها ولكن الزائر للوطن أو القادم إليه بعد غياب يلحظ التغير السريع الذي يحصل على الممارسات الاجتماعية التي اعتدنا عليها. فقد انعدمت الثقة وغابت الأمانة وانتشر الكذب والغش وتحولت أسواقنا إلى أماكن تمارس فيها كل أنواع الرذائل الأخلاقية. شباب عابث ماجن فقد كل مقومات الأخلاق وكل همهم أن يحصلوا على المال ولا يهم الوسيلة أو الطريقة. وتجار يلجئون إلى أساليب لا تخطر على البال لخداع الناس.
فوضى الأخلاق تجاوزت العقد الاجتماعي ووصلت إلى الأمور الدينية فلم نعد نميز بين الخطأ والصواب وفقدنا كل معايير الالتزام، أصبحنا لا نأمن على أعراضنا أو أموالنا.
نحن بحاجة إلى مراجعة لأنفسنا وسلوكنا وتصرفاتنا والعودة إلى أصول العقد الاجتماعي الذي نشأنا عليه والذي يستمد مقوماته من ديننا الحنيف ومن عاداتنا الاجتماعية السليمة التي نشأنا عليها وعدم الانجرار خلف أهواء النفس وعلينا تغليب العرف الاجتماعي على السلوك غير السوي.
يجب أن نعمل على نبذ الفئة أو الفئات التي تعمل على تغيير نمطنا السلوكي وعقدنا الاجتماعي نحو الأسوأ. ويجب أن نتذكر أن الأخلاق السليمة هي المقوم الأساسي في تقدم أي مجتمع يريد أن يتطور نحو الأفضل