لوسائل الإعلام دور كبير و تؤثر تأثيرا كبيرا في بناء أو تخريب الأسرة . أي تعتبر وسائل الإعلام سلاح ذو حدين ، فقد تؤثر إيجابا على الأفراد من خلال تعليمهم السلوكات الصحية ، وقد تؤثر عليهم سلبا حيث تساهم في جعلهم مدمنين أو منحرفين و مجرمين ، لكننا و للأسف الشديد قلمّا نجدها في النوع الأول ، و كثيرا مانجدها تؤثر سلبا و تحرِّض على الإنحراف ، وهذا ليس حكم عن طريق التلقائية و إنما عن كثرة وجود الباحثين و المهتمين بعلم النفس و علم الإجتماع لنتيجة التأثير السلبي لوسائل الإعلام ( أن موضوع التأثير السلبي لوسائل الإعلام لا سيما التلفيزيون و السينما يثير جدلا كبيرا بين المهتمين بهذا الموضوع و على وجه الخصوص علماء النفس و الإجتماع ...ويكاد يكون من المسلم به أن التأثير السلبي لوسائل الإعلام يتجلى خصوصا لدى الأشخاص الذين لديهم الإستعداد للتأثير بالجوانب السلبية التي تبثه وسائل الإعلام ، بحكم تكوينهم الشخصي و تنشئتهم و ظروفهم الإجتماعية و الحالة النفسية التي يوجدون فيها أثناء تلقيهم للرسالة الإعلامية . ) .
و من الأمور الصعبة هي أن الإعلام أصبح ينافس الأسرة و المدرسة ( يتفق عدد من المهتمين بقضايا التنشئة الإجتماعية إلى أن وسائل الإعلام ، ولا سيما التلفيزيون ، تلعب الآن دورا معارضا الدور الإيجابي لكل من الأسرة و المدرسة فيما يخص التأثير على الأطفال و الشباب . و يشير الخبير الإعلامي { هالوران } إلى أن إحدى الدراسات الميدانية في هذا المجال توصلت إلى نتيجة مرعبة على حد تعبيره . و تتمثل هذه النتيجة في أن 87% من الأطفال في سن الحادية عشرة ، الذين شملتهم الدراسة ، أعلنوا أنهم يثقون بالتلفزيون أكثر من ثقتهم بأي مصدر آخر . و يضيف { وعندما سألنا هؤلاء الأطفال : إذا سمعتم قصة من والديكم أو من مدرسكم أو من التلفزيون ، فأية رواية تصدقون ، أجاب 54 % من هؤلاء أنهم يصدقون التلفيزيون . ) .
و يميل عدد من الخبراء الذين تناولوا بالدرس ظاهرة تأثير وسائل الإعلام على السلوك الإنساني إلى تأييد و جهة نظر { هالوران } . و يرى هؤلاء : ( أن الكثير من القيم التي كانت تتمسك بها الأسرة و المدرسة – خاصة في المجتمعات الغربية - أخذت في الإضمحلال لتحل محلها قيم مأخوذة من وسائل الإعلام و لا تستند إلى معايير أخلاقية و إجتماعية . و هذه الظاهرة بدأت تغزو بلدان العالم الثالث ، بما فيها المجتمعات العربية ، حيث بدأ جيل الشباب يفقد تدريجيا المرجعية الثقافية الوطنية و أصبح أكثر تأثرا بما ينقله إليه الإعلام الغربي مما أضعف تمسكه بما يسود مجتمعاته من قيم روحية و أخلاقية و من عادات و تقاليد ... ) .
ونجد عالم الإجتماع البريطاني غيدنز في أشكال الإعلام في التأثير على الجماعة يعتبر ان ( طبيعة الوسيلة الإعلامية المستخدمة في المجتمع تؤثر في بنية المجتمع أكثر مما يتركه المضمون أو المحتوى أو الرسالة التي تنقلها وسائل الإعلام ) . كما نجده يضيف أن ( وسائل الإتصال في الوطن العربي ، مع إستثناءات قليلة هي بنت السلطة أو ربيبتها ، و هي الأدوات الأساسية للتعبئة السياسية ، أو الشحن العاطفي النفسي ) . و في أخرى نجد غيدنز يعتبر ( المواطـن العربي مجرد هدف للإتصال الذي يستهدف قولبته في قوالب ذهنية معينة ، ذات أبعاد محددة ، تزيد من سلبيته ، و قلة مشاركته في الحياة السياسية ، هذا و إن كانت مشاركته السياسية مطلوبة أصلا أو مرغوبا فيها