أجمع علماء الاعلام أن الاعلام ينطلق من مبادئ أربعة تتعاضد كل أجهزته و تقنياته و وسائله و أساليبه على المحافظة عليها... و هي ملخصة في التالي :
الحقائق المدعمة بالأرقام و الاحصائيات .
التجرد من الذاتية و التحلي بالموضوعية في عرض الحقائق .
الصدق و الأمانة في جمع البيانات من مصادرها الأصلية .
التعبير الصادق عن الجمهور الذي يوجه اليه الاعلام .
فإن الاعلام الذي لا ينطلق من هذه المبادئ، فإنه يفقد مسماه كاعلام يخدم الحق ، و ان اذاعة الحقائق مدعمة بالأدلة هي الأساس الذي قامت عليه دعوة الإسلام و اعتمدته منهجاً .
القران الكريم : إن القرآن الكريم كتاب إعلامي نزل بالحق: لتحقيق غرض معين و هو الدعوة إلى الله و تعالى ، فالاعجاز في القرآن هي الحقيقة الاعلامية الخالدة ، حيث يستعين باللغة الفصيحة و العبارة البليغة الواقعية القادرة على غزو القلوب و العقول .
و نستنتج من ذلك أن القرآن الكريم ظاهرة تاريخية منفصة عن العصر الحاضر.. أي أنه لم يتوقف تأثيره في صنع الأفكار و تعيين العادات و التقاليد و التأثير في النفوس في فترة ، و لا يزال محتفظاً بالدفاع عن أصالته و ثباته و قدرته على المعاصرة .
و القرآن الكريم كتاب اعلامي نزل من عند الله تعالى لتحقيق غرض معين ، هو هداية البشر كافة إلى الله تعالى و تثبيت عقيدة روحانية صافية .
فهو يتميز بمقومات خاصة :
* التنوع في الأداء ،و الواقعية في الأدوار .
* البيان المعجز.
* التزام الصدق.
* المواجهة الصريحة.
* الشمول لمختلف القضايا.
* تقديم الحقائق العلمية في قدرة الانسان على الاستيعاب.
* اتباع أسلوب الاداء الامثل في التنوع و التغيير .
.... فما أحوج الاعلام الإسلامي – اليوم- و هو يدعو و يعلم و يصحح ان يعلم أنّ القرآن الكريم : هو الوسيلة الاولى في الاعلام و التبليغ .
***السنة النبوية :
كان الرسول – صلى الله عليه و سلم- في جميع أحواله ،و في كلّ ما ينطق به من اقوال و أحاديث يمثّل القرآن الذي نزل عليه ..
الحديث الشريف هو و سيلة اعلامية شديدة الفاعلية : فلا تزال أعمال الرسول – صلى الله عليه و سلم- ووسائله ،و احاديثه و خطبه أكبر مصدر للعلم و الثقافة
المقوم الاول : التزام الصدق و الامانة .
الصدق و الامانة في جمع البيانات من مصادرها الاصلية .
ان التزام الصدق مسألة بالغة الاهمية في الاعلام الناجح ، و في الدعوة إلى الله .
و لقد ذمّ القرآن الكريم الذين يقولون بغير علم ..
﴿اذ تلقّونه بألسنتكم و تقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هيّنا و هو عند الله عظيم ﴾ النور" 15"
﴿و لا تقف ما ليس لك به علم ان السمع و البصر و الفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ﴾ الاسراء " 36"
يا ايها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ﴾ الحجرات" 6"
و في الحديث : " كفى بالمرء كذبا ان يحدّث بكل ما سمع " اخرجه الامام مسلم عن ابي هريرة.
و تظلّ المصادر الاساسية في الإسلام مهيمنة على كلّ نظرية ..توصف بأنها "اسلامية " في أيّ ميادين المعرفة.
فان من الخصائص التي يقوم عليها الاعلام في الإسلام .. أولا : الصدق ...
ذلكم ان الصدق سمة من سمات القرآن الكريم في الرسالة و الدعوة الإسلامية
الكريم كتاب الدعوة جاء من الحقّ –جلّ في علاه- بالحقّ ..
فهذه الصفة تنهى عن الكذب و الخداع ..
حتى في النوايا : لا بدّ من الصدق مع الله ، و اخلاص النية ؛ لسلامة العمل !!!!..
و الصدق هو احد الركائز الاساسية ضمن المنهج الاعلامي الإسلامي :* صدق الخبر.
* صدق الكلمة.
* صدق الحكم.
\و انّ التزام الصدق صفة بالغة الأهمية في الاعلام الناجح – بشكل خاص- ..و في الدعوة إلى الله –بشكل عام-
المقوم الثاني:
التجرد من الذاتية ،و التحلي بالموضوعية في عرض الحقائق
يعتبر التجرد من الذاتية و التحلي بالموضوعية في عرض الحقائق : الصفحة المميزة لدعوة الإسلام على ما سواها : اذ تعرض الحقّ بموضوعبى بعيدة عن الأهواء و الرغبات ..
و اما الصدق و الامانة في جمع البيانات من مظانها و مصادرها الرئيسة فهما ميزتان بارزتان في الاعلام الإسلامي ،و اصل من اصول منهجه.
و الإسلام متميز في عرض الحقائق : بانه لا يثبتها عن طريق الحدس و التخمين ، و لا يوضحها بأسلوب التدليس و المغالطة ..و انما يبني حقائقه على العلم الموصل إلى اليقين ،و على الصدق المؤدي باذن الله إلى الثقة و الاطمئنان.
و أنبياء الله و رسله المبلّغون عنه : صفتهم الرئيسة : الصدق و الامانة..
و المؤمنون هم الوارثون عن رسل الله : الدعوة و البلاغ و الاعلام بالاسلام ،و قد أمروا بالتحقق بالصدق
﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و كونوا مع الصادقين ﴾التوبة 119
و حذّر ان يعتبر القول من غير علم و سند صحيح
﴿ و لا تقف ما ليس لك به علم﴾
و أما المبدا الرابع المرتبط بالصدق : فيعني التعبير عن الجمهور ..
و هذه ميزة خاصة بالاعلام الإسلامي ؛ لأنه يخاطب الفكرة بفكرة الفطرة ..و أسلوب الفطرة!!!
الثالث:
التنوّع في الاداء القرآني
فالقرآن الكريم في حقيقته تركيب معجز ، غاية في الاعجاز في بناء آياته في الموضوعات و القضايا التي يتناولها.
* الواقعية في الحوار: و المقصود بالواقعية أنه –وهو وحي من السماء: إلا انه واجه الاحداث و الوقائع ...
ذلكم أن الفكرة النابعة من الواجهة تتصف بالحرارة و الحيوية، و تتميز بقدرة فائقة في التاثير على النفوس ..بعكس الافكار النظرية اذ تفقد تأثيرها على النفوس.
* و من أسس الاعلام في الشرعة المطهرة : الحقائق المدعمة بالبراهين ..
*و كذلك القصة القرآنية : استخدمت كأسلوب من أساليب الاعلام ،و الدعوة القرآنية : التي خاطبت العقل و الشعور جميعا
و في الأساليب القرآنية و الاعلام : نجد التكرار قد استخدم بطريقة فعالة و مؤثرة ..قبل أن يعرف علم التفس و دراساته الحديثة
المقوّم الرابع: التعبير الصادق عن الجمهور .
الأساليب القرآنية للدعوة و الاعلام:
* اليسر و السهولة ،و مخاطبة كلّ العقول.
* الحوار باسلوب يقدّر كرامة الانسان ،و حريته و عقله.
* مخاطبة عقل الانسان ، و قلبه و جوارحه باسلوب شامل جامع : أحاط كلّ ملكات الانسان.
باختصار: تقدير عقل الانسان ،و حريته في الاختيار ..و ادانة الجمود ،و الوقوف عند مألوف المادة..
فقد بني الاعلام على اساس حرية الانسان المنضبطة ؛ ليميز الخير من الشر.
الاعلام في القرآن الكريم :د. عبد القادر حاتم ، ص 201-221
*** ترشيد المادة الترفيهية لتحقيق مقاصد التربية ***
هذا الاقبال قد أدى إلى تعلق و افتتان شديد بكلّ ما هو غثّ و هزيل ..و في نفس الوقت : اعراض و صدود عن كل ما هو جاد و هادف.
و في سيرة الرسول صلى الله عليه و سلم و صحبه ،و من تبعهم باحسان : ومضات مشرقة في هذا الجانب ..
اذ انهم سبقوا إلى " الترويح" ..و هو التسلية و الترفيه في أرقى الصور ..كلّ ذلك بلا افراط أو تفريط.
المادة الترفيهية ينبغي ان تصيد عصفورين في آن معا: ترفّه عن الجمهور ،و في الوقت نفسه تؤثر عليه في اتجاه فلسفة مرسومة للمجتمع ...
و يطلق على هذا النوع من الترفيه " الترفيه الموجه" : حيث يستغل الرغبة في الترفيه بالشكل المتفق مع منهج الشرع المطهر.
المقوم الخامس: البيان المعجز ،و اعتماد أفضل أساليب القول في الدعوة .
و الدعوة إلى اعتماد أفضل اساليب الاداء في ممارسة الاعلام ،و مخاطبة "الآخر" ...
* القول الحسن
﴿و قولوا للناس حسنا﴾ سورة البقرة 83
* اللين في القول و الخطاب
﴿فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى﴾ سورة طه 44
* البصيرة في الاداء و التوصيل
﴿قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة انا و من اتبعني ﴾ سورة يوسف 108
* الحكمة في العرض ،و اختيار الموعظة الحسنة
﴿ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي احسن﴾ سورة النحل 125
والان بعد ان استعرضنا سويا مقومات الاعلام فى الاسلان هناك سؤال يفرض نفسه هل نحن نملك اعلام اسبلمى يشار اليه بالبنان ام اننا حتى الان لا نملك هذا النوع المهم والفعال من الاعلام....؟