كتاب الأسلوب
تأليف : عثمان العمير
رئيس تحرير صحيفة إيلاف الالكترونية
مقدمة:
لكل مؤسسة إعلامية كبرى كتاب أسلوب يتضمن القواعد الأساسية التي يتوجب استخدامها في صياغة موادها التحريرية. ولا شك أن الأساس في هذه القواعد أن تستند إلى القواعد النحوية المستخدمة في اللغة العربية، لكن هذا لا يمنع من أن يستند بعض هذه القواعد إلى استخدامات جديدة غير ملتزمة بقواعد النحو باعتبارها من الأخطاء الشائعة المقبولة، التي اصطلح على استخدامها، وذلك اعتمادا لقاعدة "الخطأ المشهور بدلا من الصواب المهجور".
فالمهم في أي كتاب أسلوب أن يكون علامة تعكس الشخصية الخاصة للمؤسسة الإعلامية والطابع التحريري الذي تنفرد به، دون إخلال بأسس النحو والصرف التي بنيت عليها اللغة العربية.
وهذه الصفحات تشكل "كتاب أسلوب" خاص بصحيفة "إيلاف"، في طبعتيها الإلكترونية والورقية، يتضمن القواعد الأساسية للصياغة الصحافية، التي يستند معظمها إلى قواعد اللغة العربية، بينما يدخل قليلها في إطار الأخطاء الشائعة المستخدمة حاليا، ليكون مرجعا شاملا يهتدي به المحررون في "إيلاف" بشكل خاص، ويستفيد منه الصحافيون العرب بشكل عام.
وفي ختام الكتاب خصصت "إيلاف" جزءا مفصلا، ضمنته القواعد التحريرية الخاصة بها، التي يلتزم بها محرروها، وتشكل نظاما صحافيا متكاملا تنفرد به "إيلاف".
وحرصت "إيلاف" وهي تعد كتاب الأسلوب الخاص بها على أن تراجع تجارب سابقة لمؤسسات إعلامية كبرى في مجال كتب الأسلوب، وذلك تطلعا منها للاستفادة من عصارات جهود سبقتها، لكنها في النهاية وصلت إلى ما إرتأت أن يكون كتاب أسلوب تنفرد به ويشكل هيكلا أساسيا متطورا يعبر عن شخصيتها المتجددة، ويعكس رؤاها المتطورة، وتطلعاتها المستقبلية بشكل يؤكد، في الأساس، احترامها لقواعد اللغة العربية، في الوقت الذي تسعى فيه إلى التطوير، والتجديد، والتجويد في مفردات اللغة.
وينقسم هذا الكتاب إلى عشرة أجزاء:
الأول: العنوان
الثاني: الصياغة وقواعد اللغة
الثالث: أخطاء وتصويبات
الرابع: يقال ولا يقال
الخامس: الأسماء
السادس: استخدامات متباينة
السابع: التذكير والتأنيث
الثامن: الأرقام
التاسع: كلمات أجنبية
العاشر: قواعد خاصة بـ "إيلاف"
الجزء الأول: العنوان
الأساس في العنوان هو أنه الواجهة لأي عمل إعلامي، وعنصر الجذب الحقيقي نحو المادة المنشورة، والعامل الأساسي وراء إقبال القارئ على متابعة قراءة خبر ما، أو تراجعه، ليس فقط عن قراءة الخبر وتحوله إلى خبر آخر، بل التحول عن قراءة الجريدة كلها، سواء كانت مطبوعة أو إليكترونية، إلى أخرى عناوينها أكثر جاذبية وتشويقا. العنوان الجذاب هو مفتاح نجاح أي عمل إعلامي، لذلك يجب الاهتمام بالعنوان وبذل أكبر جهد ممكن للوصول به إلى المستوى الذي يشد القارئ وبالتالي فإنه يجب أن يكون دائما أحد الهموم الأساسية لمسؤولي الجريدة ومحرريها.
وتنبع أهمية العنوان أيضا من حقيقة أن القارئ العربي، بشكل عام، أصبح يفتقد، بسبب مشاغله وسرعة وتيرة الحياة اليومية، الصبر المطلوب لقضاء وقت أطول في القراءة المتأنية، ولذلك فهو يعتمد، اعتمادا شبه أساسي، على العنوان المنشور أمامه لتقرير ما إذا كانت المادة تستحق القراءة أم لا. وانطلاقا من هذه الحقيقة، فإن شريحة كبيرة من القراء تكتفي بقراءة العناوين، إلا إذا كان العنوان جذابا ومصاغا بشكل جيد، يوحي بأهمية ما تتضمنه المادة المنشورة من تفاصيل.
من هنا كان لا بد من الاهتمام الشديد بصياغة العنوان، بحيث يقدم المعلومة بأسلوب شيق يتسم بالرشاقة، والجاذبية، لكن دون إسفاف، أو تضخيم لشئ غير موجود أصلا في المادة المنشورة.
ولذلك يجب مراعاة القواعد الأساسية التالية في صياغة العناوين:
1- تفترض المدرسة الغربية الحديثة الاختصار الشديد في العنوان بحيث لا يتعدى بضع كلمات، لكن مزاج القارئ العربي، خصوصا قارئ الجريدة الإلكترونية، مختلف فهو يحتاج إلى تفاصيل أكثر في العنوان لأن شريحة كبرى من القراء العرب يعتمدون، كما ذكر سابقا، على العنوان كمصدر وحيد للاطلاع على المادة المنشورة. لذلك يفضل الالتزام بالوسطية في العنوان بحيث لا يكون طويلا وفي الوقت نفسه يجب أن يكون وافيا ويعكس الرسالة المطلوب نقلها للقارئ.
2- المعلومة التي يتضمنها العنوان يجب أن تكون موجودة في مقدمة الخبر وليس في وسطه أو نهايته، وإن كان يمكن تكرار ما يرد في العنوان في وسط الخبر أو نهايته إذا توفرت تفاصيل أكثر يصعب إيرادها في المقدمة.
3- الكلمات الواردة في العنوان يجب أن تختار بعناية شديدة بحيث من الضروري أن تتسم هذه الكلمات، وهي تلخص ما هو وارد في الخبر، بالجاذبية والرشاقة وألا تكون منفرة. فالمفروض الابتعاد عن استعمال الأفعال الضعيفة أو صعبة القراءة أو اللفظ. والأفضل في هذه الحالة اللجوء إلى صيغ أخرى أو جملة بدون فعل.
4- يجب ألا يتضمن العنوان أي كلمات مكررة فلا يقال مثلا الرئيس الألماني يؤكد أن القوات الألمانية...كما يجب عدم استخدام الألقاب في العناوين إلا في حالة الملك والأمير وفي ما عدا ذلك ينشر الاسم فقط إذا كان معروفا، أو الوظيفة إذا لم يكن. فلا يقال مثلا الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى..كل ذلك يمكن اختصاره في كلمة أو كلمتين: موسى أو عمرو موسى. والوضع نفسه بالنسبة للرؤساء فلا يقال رئيس الولايات المتحدة جورج بوش يكفي بوش فقط. أما إذا كان الاسم غير معروف مثل نائب وزير الخارجية الروسي يوري فيدوتوف، في هذه الحالة يمكن إما استخدام وظيفته فقط أو اعتبار أي تصريح يصدر منه تصريحا رسميا وفي هذه الحالة يمكن استخدام الخارجية الروسية تعلن أو موسكو تعلن.
5- من الضروري عدم قطع سياق الجملة أو الجمل الواردة في العنوان، وضرورة الحفاظ على سياق الكلمات وارتباطها بعضها ببعض وذلك عند الرجوع إلى أول السطر إذا كان العنوان من سطرين أو أكثر. فالعنوان التالي مثلاً الذي ورد في "إيلاف" لم يراع هذه الديناميكيّة:
سوق الأسهم السعودية يتراجع 7
نقاط بعد صعوده القياسي أمس
ولا بجب أن ينتهي السطر الأول بحرف جر على الإطلاق. إضافة إلى ذلك فإنه كل ما تضمن العنوان فعلا كان ذلك أفضل، إذ أن استخدام المصدر يضعف العنوان، كما يجب الحرص على أن يتضمن السطر الأول التالي للعنوان التمهيدي (الكيكر) فعلا بعكس العنوان التالي، الذي نشر فيه الفعل في السطر الثاني بهدف الحفاظ على تساوي السطرين الأمر الذي كان يتطلب ضرورة إعادة صياغة العنوان من أساسه:
المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان
يعتزم ربط علاقات مع الأمم المتحدة
6-في كثير من الحالات يفرض العنوان، ولاسيما عدد كلماته، تجاوز الأصول القواعدية. ولكن بصفة عامة من الخطأ فصل المضاف عن المضاف إليه مثل أن يقال "حكومة وشعب السودان"، فالصحيح هو "حكومة السودان وشعبها ".
7- يجب الابتعاد تماما عن استعمال الصفات وافعال التفضيل، فالقارئ يتجه مباشرة إلى الفعل أو المصدر في العنوان لأنهما هما اللذان يحملان معنى العنوان، كما يجب تحاشي استخدام التساؤل قدر الإمكان، وأيضا يجب عدم استخدام علامات الاستفهام أو التعجب أو الفواصل أو النقاط في العنوان لأن أيا منها يشعر القارئ بأنها استخدمت لتغطية عجز المحرر الذي صاغ العنوان عن التعبير عما يريد أن يقول. ويجب أيضا تجنب استخدام الأسماء الموصولة مثل "الذي" و"التي".
8- يجب الابتعاد عن استعمال الفعل المجهول إذا كان بالإمكان استعمال الفعل المعلوم، كما يجب تجنب المبني للمجهول في العنوان التمهيدي (الكيكر) إلا إذا كان السطر التالي له يبدأ بالمعلوم المبني عليه مثل النموذج التالي الذي يتضمن خطأين مركبين:
تشكل برئاسته نوفمبر المقبل
مصادر أردنية: الأمير حسن
كبيرا لأمناء عرش العراق لعامين
فالتاء في "تشكل" المفروض أن تعود على مجلس أمناء عرش العراق وليس على مصادر أردنية ولذلك المفروض أن يبدأ السطر التالي للعنوان التمهيدي (الكيكر) بـ "مجلس أمناء عرش العراق". والخطأ نفسه تكرر في رئاسته، فالهاء في رئاسته تعود على الأمير حسن وليس للمصادر الأردنية، ولذلك يجب في هذه الحالة أن يبدأ السطر التالي للعنوان التمهيدي (الكيكر) بـ "الأمير حسن" أو يكتب كالتالي:
المجلس يشكل برئاسة الأمير الأردني في نوفمبر
الحسن كبيرا لأمناء عرش العراق لعامين
9- في حالات الحوادث ووقوع ضحايا لا داعي لاستخدام كلمة شخص لأنه من الواضح في النهاية أن القتلى أشخاص وتأكيد ذلك يوحي بالاستخفاف بعقل القارئ ..فهناك عناوين تقول مثلا:
مقتل 50 شخصا في تحطم طائرة
والأفضل أن يقال
مقتل 50 في تحطم طائرة
10- يفضل للاختصار في العناوين استخدام الأرقام حتى 999 ثم بعد ذلك يستخدم "ألف" و"ألفان" ثم 3 آلاف وهكذا. وبالنسبة للنسب يفضل استخدام % بدلا من في المائة.
11- لا يستخدم اسم العاصمة أو اسم البلد متبوعا بنقطتين فوق بعضهما إلا إذا كان ما سيأتي بعد النقطتين تصريح رسمي أو مضمون بيان صدر من هذه العاصمة أو البلد فمن الخطأ صياغة عنوان بالشكل التالي :
الأردن: خلاف داخل الحكومة
حول ترشيحات المجالس البلدية
والمفروض أن يكون العنوان كالتالي:
خلاف داخل الحكومة الأردنية
حول ترشيحات المجالس البلدية
أما الحالات المسموح فيها باستخدام اسم العاصمة أو البلد
في بداية العنوان فتكون مثل التالي:
الأردن: القمة ستعقد في موعدها
12- يجب عدم تضارب عنوانين في صفحة واحدة وعدم تكرار كلمة أو كلمات في عنوانين أو اكثر في الصفحة الواحدة.
13- يجب توفر الشكل الجمالي في العنوان وبالنسبة لـ "إيلاف" فالمفروض أن يكون من ثلاثة أسطر الأول عنوان تمهيدي (كيكر) وعادة ما يكون ببنط مختلف أصغر من السطرين الرئيسيين التاليين له. والعنوان التمهيدي يفضل أن يكون وحدة واحدة في حد ذاتها أي منفصلا عن السطرين الرئيسيين إلا إذا كان يمهد لهما مثل..محافظ البنك المركزي السوري لـ"إيلاف": ثم يأتي تصريح على لسانه. كما يمكن أن يكون مربوطا بهما إذا كان يضيف تفصيلة خاصة بالشخص أو الشخصية المذكورة في أول السطرين التاليين مثل: في حديث لـ"إيلاف": محافظ البنك المركزي السوري يؤكد كذا وكذا.. وهنا تلعب النقطتان":" دور الرابط.
14- نموذج لعنوان مليء بالأخطاء التي يجب تجنبها، فهو طويل دون مبرر وحتى العنوان التمهيدي (الكيكر) أطول من سطري العنوان الرئيسي، إضافة إلى قطع سياقه بين "في" و"عملية"، وسطره الأول ينتهي بحرف جر ومحشو بكلمات توحي بتكرار لا مبرر له:
أسئلة لكوادر الحزب حول الديمقراطية والحرية
والاشتراكية وإمكانية فتح الحزب للجميع
حزب البعث السوري يشرع في
عملية تطوير فكرية وتنظيمية داخلية