وظيفة الإعلام وظيفة إنسانية قبل إن تكون مصدر لدر الأرزاق وجني الارباح، ودور الإعلام كبير وفاعل في بلورة كثير من القضايا الراهنة سواء كانت هذه القضايا سياسية او اجتماعية اواقتصادية او ثقافية والإعلام دوره، في هذا المعترك، تسليط الأضواء وفك رموز المستجدات وكشف الخفايا بحيادية وعدم الركون أو الميل إلى جهة دون أخرى. ومن اجل ذلك وجد الإعلام وتبلور دوره وحددت له الخطوط العريضة والملامح التي تؤطره كي يسير على مستقيم واحد ويؤدي الدور المرسوم له بالصيغة المحددة والوقت المعلوم. والإعلام طبعاً متعدد الوسائل: المرئي والمسموع والمقروء، ولعل المهم منه هوالاعلام المرئي لان له تأثيرا مباشرا على المشاهد كون الصورة التي يراها تكون مباشرة والكلام واضح، ولاسيما في عصرنا الراهن، حيث إن (الستلايت) قرب لنا آلاف المسافات واقتصر لنا الزمن، ما أكد على إن العلم قد وصل ذروته وهذه ثماره التي نضجت وقدمت لنا على إطباق متنوعة.
وتأتي أهمية الإعلام المرئي لما لها من تأثير على نفسية المشاهد وانشداده لهذه الصورة التي يراها امامه وهي تنطق وتتحرك لتوصل له المعلومة او الخبر المهم والذي يثير اهتمامه ويجعله منشداً وكله آذان مصغية، لذلك يحرص المهتمون بالإعلام والعارفون بأهميته التأكيد على الاعلام المرئي اكثر من سواه، وقد لاحظنا في العراق، وبعد سقوط نظام صدام قد انبثقت كثير من الفضائيات العراقية في حالة لم يسبق لها مثيل من قبل، وهي خطوة جيدة في النهوض بالإعلام العراقي وبروز ثقافته وان العراق بلد حضاري كغيره من البلدان الناهضة والتي تسعى إلى دعم الثقافة والتأكيد على الهوية الوطنية وما يشغل المواطن في التعرف على قضايا بلده من صغيرة وكبيرة. وكل من هذه الفضائيات لها توجهاتها وسياستها التي راحت تعمل على إيصالها للمواطن العراقي وتعزف على وترها، لذلك فأن الخبر الذي تبثه القناة الفلانية نراه مختلفاً بعض الشيء عن قناة أخرى، وقلنا ذلك يعود إلى طبيعة توجهات هذه القنوات، وان القلة القليلة من هذا الكم الهائل من القنوات التي أثبتت عراقيتها وإنها بالفعل تعمل لصالح الشعب العراقي وتهتم بقضاياه الجوهرية والمصيرية وأرادت المحافظة على وحدته ولم تميز بين مواطن وآخر، وإنها كانت بعيدة عن بث النعرات الطائفية، وطبعاً إن هذه القنوات قد كسبت ود المواطن والعراقي وراح يتابع اخبارها وبشغف ونهم واستمرارية، بينما سواها قد خسرت ثقة المواطن العراقي، وبالتالي فأن هذه القنوات قد فشلت سياستها وانكشفت أوراقها والأفضل لها إن تعلق إعمالها وتوقف بثها، لأنها تبث السموم بعد إن تدسها بالعسل لقتل روح المواطنة لدى الفرد العراقي،وانا اجزم ان مصير هذه الفضائيات مصير كل سياسي أراد تدمير العراق وعمل على تفريق شعبه وناسه من اجل مصالح ذاتية وأجندة خارجية.
إن الذي يريد العراق فعليه العمل للعراق وللشعب العراقي، وان يوحد خطابه السياسي برؤية واضحة بعيداً عن التشنجات وزعزعة الاستقرارالأمني كي يرضي أسياده وولاة نعمته ومن يملون عليه مايريدون من أجندة لتفريق الشعب العراقي حتى يمكن بعد ذلك السيطرة عليه ونهب ثرواته، واخذ أرضه والاعتداء على مقدساته وكرامته، وهذا مالا يرضاه أي فرد عراقي بغض النظر عن توجهاته الفكرية والعقائدية والمناطقية.
للاسف الشديد،ان هذه الفضائيات ذات الخطاب العدواني والراديكالي لاتزال تبث وهناك من يشاهدها ويزمر لها ويطبل ويعتبرها هي القناة التي تلبي طموحه وتأخذ بيده إلى بر الأمان، ولو فكر هذا المشاهد والمتابع قليلاً واستمع الى نداء ضميره وطرق باب عقله لرأى بأن ( تحت السواهي دواهي)، كما يقول المثل العربي، وان الذي يراه هوالموت السريري وقتل روح المواطنة وزرع الحقد بين الشعب الواحد