عندما نصبح منتجات إعلانية
د.مطلق سعود المطيري
خارجياً :
من طاف بعد 11 سبتمبر على الصحافة الغربية يجد ان الدين الاسلامي ، في
الكتابات هناك، يحاكم محاكمة سياسية ، الزكاة آلية لتمويل الارهاب ، الحج
مؤتمر سنوي لوضع المخططات التي تهدد العالم المتحضر ،الصلاة رياضة روحية
تشحن المسلم بجرعة شيطانية للجهاد، وأصبحت هذه المقولات حقائق في الوجدان
الشعبي الغربي ، وتقدم له هذه الوجبة عن طريق فن الإغراء الاعلاني ،
وتستقبلها تلك الشعوب كما تستقبل اعلانا يسوق لمنتج مثل الصابون ،
والعطورات ، هذه ليست دعوة للكراهية ، بل هي دعوة لفهم ثقافة الكراهية ،
التي كان من مخرجاتها الرسوم المسيئة لنبي الحق عليه الصلاة والسلام .
فلسفة بعض رجال الدين :
هذا العفن المعرفي القائم على احتمالات الفلسفة ، وليس على قوانين
العلم ، أشغل في الوقت الحاضر بعض رجال الدين فتفلسفوا للتشكيك في المشكوك
فيه اصلا ، وابتعدوا عن العلم الشرعي ، من اجل فهم الفلسفة التي تعطي بشكل
ميكانيكي مسببات الظهور الجماهيري ، واصبحنا نسمع عن الشيخ النجم ، كما
نسمع عن النجم السينمائي ، وما سقطات بعض المجتهدين في فلسفة الدين مؤخرا
إلا نتيجة لاغراءات النجومية ، من اجل ان يصبح بطلا شعبيا في المرحلة
القادمة ، وهذا الكلام ينطبق أيضا على المتفلسف شعبيا وفكريا ، عندما يعلن
كتابةً عن رصد وتحليل الظاهرة التي يسميها الصحوية ، وبدون أن يذكر بأنه
غاب عنها صحوة الفكر والإيمان ، وتلبست هذه الكتابات اشكالا كاريكاتورية
لتسلية المتابع على حساب منفعته ، لحظة خرجت عن سياقها التاريخي ليجد
المفكر الشعبي نورا لدعوته التنويرية ، نورا يجهر ولا يضيء إلا داخل مصنع
الكراهية ، لنصبح منتجات مذهبية وفئوية نسوق إعلانيا مثل الصابون .
انا لا أعترض على الفلسفة كفن ومهارة ووجه من اوجه الاحتمالات العقلية
، ولكن الاعتراض على ابتلاع منطلقاتها النظرية واعتبارها الحقيقة الوحيدة
المنشودة للترقي والتحضر ، إلا إذا كان التحضر يقصد منه أن نصبح مستهلكين
بنهمٍ لمنطلقات الفلسفة المادية ونكتفي بالواقع عن الغيب ..
يقول العالم الفلكي المشهور جيمس جنتز بعد دراسة استمرت خمسين عاما :"ان مشاكل العلم لا يحلها إلا وجود الله" .
وهذه رسالة من العالم الفلكي الى من يحاول ان يفهم الدين على أساسات فلسفة اثينا قبل الميلاد .
داخلياً :
مثل ما كان الاسلام يحاكم في الخارج محاكمة سياسية فانه في الداخل
يحاكم محاكمة اجتماعية تصدى لهذه المهمة اصحاب الفكر الشعبي (ازكرت
السبعينيات) ومساعدوهم من التكفيريين السابقين ، وبين أصحاب الأهواء
والندم ظهر لنا خطاب درامي لايختلف كثيرا في منطلقاته عن تبرير بعض
الممثلات اللاتي يبررن تأديتهن بعض المشاهد الصارخة بالضرورة الدرامية ،
والا فهن لسن كذلك بالواقع ، وما على المجتمع الا ان يتعلم من هذه الضرورة
وأخذ العبر من ثقافة الفضح لترسيخ مبدأ اخلاقي !
ولا أريد ان أطيل في هذا المحور وما عليك عزيزي القارئ الا ان تنظر كيف تفسر الفتاوى في الكتابات التي تتنفس من الفلسفة الشعبية .
وبين صحافة الغرب وفلاسفة الدين واصحاب الفكر الشعبي يخلق مفهوم
الكراهية التي يتغذى عليها السذج ، وتقدم لهم الازياء السلوكية الملونة
بالاهواء والانحرافات ، حتى يصبح هؤلاء الاتباع مثل بعض جمهور الكرة يشجع
بتعصب ، ويبحث عن الفوز والنيل من الخصم بدون اعتبار لمبدأ اللعب النظيف ،
ولكن مازال دوريهم يبحث عن راع إعلاني يقدمه حيا مباشرا على الهواء في
سوقنا الإعلاني .