تشكل التربية التعليمية بكل مستوياتها وأشكالها الوعاء الحاضن لمجموع الطاقات الوطنية ذات الفعل الإيجابي على المستوى الاجتماعي. إذ إن التربية التعليمية تسعى إلى تشكيل الإرادات واكتشاف المواهب ، والتعرف من قرب على القابليات والميول ، والعمل على تزويد هذه الطاقات الفتية بالمهارات التي تمكن المرء من الرقي من مستوى كفاءته وعطائه الفعلي .
وبالتالي فإن التعليم هو التنمية، وهو الرحم الذي تزرع فيه الأجنة وتتعهد لتنطلق في جميع مجالات الحياة.
وإلى هذا فإن العملية التعليمية في مختلف مراحلها ينبغي أن تكون فلسفة وأهدافا ومحتوى متجهة نحو تطوير قدرات الإنسان العقلية والفكرية حتى يتسنى للطالب مواكبة التطورات العلمية الهائلة التي تشهدها البشرية في هذه الحقبة من الزمن .
وتأسيسا على أهمية العملية التعليمية والتربوية في رقي المجتمعات وتقدمها، تنبع أهمية الإعلام التربوي لأنه الجسر الذي ينقل فلسفة وتطلعات العملية التربوية من دائرتها الخاصة والنخبوية إلى دائرة المجتمع بكل شرائحه ومستوياته.
لذلك فإن الإصرار على نجاح وتطوير العملية التعليمية بكل أركانها وهياكلها، يقتضي العمل الجاد لتطوير أداء مؤسسات الإعلام التربوي
إذ إن هناك علاقة عميقة تربط المسألة التعليمية بالإعلام التربوي بكل أدواته وآلياته.
وعلى هدي هذه الحقيقة نستطيع القول: إن الإعلام التربوي وتطويره على مختلف المستويات يعد من الأسس الجوهرية للنجاح في تنفيذ خطط التنمية في المجتمع لأنه يؤسس القواعد النفسية والعقلية، لاستيعاب برامج التنمية الوطنية وخطواتها المختلفة وعلى هذا فإن مشاريع التعليم والتثقيف الاجتماعي لا تعد مشاريع استهلاكية بل هي من صميم العمليات الإنتاجية لأنها تتجه لبناء الإنسان وهو الرأسمال الحقيقي لأي مجتمع ؛ فالتعليم ليس مفصولا عن العملية الاجتماعية وإنما هو جزء منها لذلك من الضروري أن تنبع فلسفة التعليم وخلفيته الأكاديمية من حاجات المجتمع الجوهرية حتى يكون هناك انسجام وتناغم بين ما يأخذه الإنسان في قاعات الدرس ، وما يجده في الشارع..
وفي إطار التفكير والتخطيط لتطوير الإعلام التربوي شكلا ومضمونا نود التأكيد على العناصر التالية :
إن مسؤولية تطوير الإعلام التربوي في وطننا، ليست مسؤولية التربويين وحدهم، بل هي مسؤولية وطنية عامة، ولابد أن تشترك جميع الفعاليات والمؤسسات والشرائح في الاهتمام بهذه المسألة, وذلك لأن نجاح الإعلام التربوي في أداء مسؤوليته ووظيفته التربوية والوطنية, هو نجاح للجميع, وفشله سينعكس سلبا على الجميع. لذلك من الأهمية بمكان أن نتعطى مع شؤون تطوير الإعلام التربوي في وطننا, باعتبارها من القضايا الوطنية الملحة, والتي تتطلب دعم ومشاركة الجميع في هذه العملية .
إن امتلاك ناصية المستقبل, لا يتحقق على الصعيد الواقعي وضمن المعطيات المتوفرة, إلا بتطوير العملية التعليمية والتربوية في وطننا, وذلك لأن العديد من المشاكل والإخفاقات التي نعانيها في سوق العمل أو في طبيعة المكونات المعرفية والثقافية لإنساننا, هي من طبيعة الاختيارات التربوية والتعليمية, لذلك فإن تطوير
العملية التعليمية والتربوية, هي حاجة وطنية وتنموية وتتطلب إرادة جادة للتخلص من ثغرات نظامنا التعليمي والتربوي.. وكل الأمم والشعوب, لم تتمكن من التقدم النوعي في حياتها بدون تطوير تعليمها وأنظمة التربية لديها.
لذلك فإن امتلاك ناصية المستقبل, وبدون الدخول في سجالات أيدلوجية أو سياسية هو بحاجة إلى تطوير العملية التعليمية والتربوية لدينا.
والإعلام التربوي ينبغي له أن يباشر دورا إيجابيا على هذا الصعيد.
إن العمود الفقري في مشروعات التنمية البشرية المؤهلة والقادرة على تيسير وتنفيذ خطط ومشروعات البناء والتنمية, هو التعليم بكل مستوياته ومراحله. لذلك فإن تطوير التعليم ومسائل الإعلام التربوي , يعد من الضرورات القصوى التي تساهم في تطوير مشروع التنمية البشرية الذي هو جسر عبورنا إلى المستقبل وخيارنا للتخلص من ثغرات واقعنا.
وعلى ضوء ذلك فإننا نعتقد وبشكل عميق: أن تطوير العملية التعليمية والتربوية, هو حجر الأساس في مشروعات البناء والتقدم على مستويات الحياة المختلفة.
وإن الإعلام التربوي بكل أدواته وهياكله ينبغي أن يكون بمستوى الأهداف الوطنية المرسومة, وبمستوى التحديات التي نواجهها في هذه اللحظة التاريخية العصيبة .. فلا خيار أمامنا إلا الانخراط في مشروع التطوير والتحديث لأوضاعنا التعليمية والتربوية..