تتزايد أهمية الإنترنت يوماً بعد يوم كوسيلة إعلامية هامة إلى جانب الوسائل الإعلامية الأخرى فضلا عن الفوائد المتعددة التي تقدمها للمستخدمين ، ويوضح التقرير الذي صدر مؤخراً عن مركز دراسات الاقتصاد الرقمي (مدار) أن عدد مستخدمي الإنترنت في العالم العربي يقدر حالياً بـ17 مليون مستخدم وسيتزايد إلى 52 مليون مستخدم بحلول عام 2008 .
وقد أدي الإقبال الكبير على الإنترنت إلى ظهور مايسمي بالصحف الإلكترونية وهي تلك الصحف التي تنشر صفحاتها بالكامل على الإنترنت كما تستخدم أحدث التقنيات التي تربط بين الصوت والصورة ، وسرعة نقل وتحديث الخبر ، الأمر الذي جذب العديد من مستخدمي الإنترنت إلى هذا النوع من الصحف ، بالإضافة للمساحة الكبيرة من الحرية التي تقدمها هذه الصحف وذلك بعكس الصحف التقليدية التي مازالت تخضع للرقابة.
وقد تنبهت بعض الصحف الورقية إلى أهمية الإنترنت كوسيلة إعلامية هامة فأنشأت لها مواقع على الإنترنت لتجذب بعض الشرائح التي لا تقبل على قراءة الصحف التقليدية وخاصة شريحة الشباب .
ونتيجة لانتشار الصحافة الإلكترونية نشأت الحاجة لوجود جهة ترعي هذه الصحافة فتضع لها الأسس الصحيحة التي تسير عليها بعيد عن التخبط والعشوائية ، وترعي مصالح العاملين فيها ، فتم تأسيس " الإتحاد الدولي للصحافة الإلكترونية " ومقره في القاهرة وذلك على يد مجموعة من الصحفيين والإعلاميين ، حتى يكون المرجعية الأولي للعاملين بمجال الصحافة الالكترونية والمنسق لكل أنشطتها ، والذي يمنح الشرعية لأعضائه ، ويدافع عن حقوقهم وحرياتهم ، ويكون القناة الشرعية لأعضائه أمام الجهات الرسمية في المحافل الدولية .
وحول مستقبل الصحافة الإلكترونية أجرت شركة ميكروسوفت دراسة تؤكد أن العالم سيشهد طباعة آخر صحيفة ورقية في عام 2018 م .
وقد انقسم العاملين في مجال الصحافة والنشر والإعلام العربي إلى فريقين بين متشائم ومتفائل!!
حيث يري الفريق الأول أن الصحافة الالكترونية لا يمكن أن تكون بديلا للورقية وذلك لارتفاع نسبة الأمية في الوطن العربي والعزوف عن القراءة الأمر الذي يؤدي إلى عدم قراءة الصحف الورقية أصلا فكيف الحال بالنسبة للصحف الإلكترونية؟
وكذلك إرتفاع أسعار أجهزة الكمبيوتر وخطوط الإنترنت مقارنة بدخول الأفراد ، وعدم إنجاز البني التحتية لشبكات الإتصال الحديثة في كثير من الدول العربية ، بالإضافة لذلك تحتاج الصحف الإلكترونية إلى تقنيات متطورة ذات تكلفة عالية من أجل إستمرارها ، كذلك يعتقد الفريق الأول أن الصحف الإلكترونية لا تتمتع بالمصداقية الكافية كما هو الحال في الصحافة التقليدية الأمر الذي سيؤدي بالنهاية إلى إنصراف القراء عنها بحثا عن مصداقية الخبر، وهذه المعوقات من وجهة نظرهم ستقلل من إنتشار الصحف الإلكترونية .
بينما يري الفريق الثاني المتفائل بمستقبل الصحافة الإلكترونية أن هناك إقبال كبير من قبل جيل المستقبل وهم الشباب على الصحف الإلكترونية التي أصبحت الوسيلة الأساسية للحصول على الأخبار والمعلومات الحديثة في أي زمان أو مكان بمجرد ضغطة زر ، وذلك بعكس الصحف الورقية التي لا يمكنها متابعة الحدث والتفاعل معه بصورة فورية ، ناهيك عن مساحة الحرية الكبيرة المتاحة خلالها والتي وجد بها الشباب العربي ضالته المنشودة للتعبير عن آرائه وأفكاره المكبوته سواء أكانت صحيحة أو خاطئة .
وأعتقد أنه من العوامل المشجعة لهذا الصحافة أيضا هو الإقبال الكبير على الهواتف النقالة وما تحمله من تكنولوجيا متطورة قد سهلت على الكثيرين التعاطي مع الإنترنت حيث أظهر تقرير حديث لمركز دراسات الاقتصاد الرقمي (مدار) أن معدل إستخدام أجهزة الهواتف النقالة في العالم العربي يقدر حاليا بـ44 مليون مستخدم سيرتفع إلى 110 مليون مستخدم خلال عام 2008 ، وكذلك أدي إنتشار الأجهزة المحمولة (اللابتوب) والأجهزة الكفية إلى تيسير الدخول على الإنترنت في كل مكان وزمان ، فأصبح ليس مستغربا رؤية أحد الأشخاص يجلس في أي مكان عام كالمقاهي أوالفنادق أوالمطارات أو ... غيرها ينجز أعماله أو يتصفح المواقع أوالصحف الإلكترونية بدلا من تصفحه لكتاب أو صحيفة ورقية .
ومما لاشك فيه أن إتجاه الدول تدريجيا لإعتماد نظام الحكومة الإلكترونية سيؤدي أيضا إلى زيادة أعداد مستخدمي الإنترنت لإنجاز معاملاتهم الحكومية ، وبالتالي حاجتهم لوسائل إعلامية تكون على مستوي الحدث ، بحيث تتابع القوانين واللوائح والتعليمات التي تضعها الحكومة فتقوم بنشرها وتفسيرها وتوضيحها للناس فتساهم بدورها بزيادة الوعي في المجتمع .
ومما سبق يتبين لنا أنه على الرغم من تزايد أهمية الصحف الإلكترونية وإستقطابها للعديد من الشرائح ، إلا أن هذا لا يلغي أهمية وجود الصحف الورقية التي لها عشاقها ومحبيها و ستظل لفترة طويلة وسيلة إعلامية في متناول الجميع لمعرفة الأخبار والحصول على المعلومات .