[center]تعريف العنف على النحو التالي:
"كل حدث يتم فيه استعمال للعنف الجسدي بشكل واضح وقاطع؛ مثل إلحاق ضرر، قتل أو تهديد به بكل سياق ممكن".
بينما الباحثة دفنا لميش تعرفه بالشكل التالي: "العنف عبارة عن إلحاق ضرر بشكل مقصود أو غير مقصود لإنسان، حيوان أو ممتلكات".
السؤال المركزي الذي اعتمد عليه الباحثون هو: هل الإعلام يعكس بواسطة تلك المضامين العنيفة التي يمررها الواقع كما هو، أم أنه يبني واقعا مُغاير أكثر عنفا منه في الواقع؟
الأبحاث التي فحصت نسبة العنف في المجتمع، مقابل نسبته في وسائل الإعلام، وجدت أن وسائل الإعلام تبالغ في إظهار العنف.
ومن هنا، تم طرح سؤال آخر: هل العنف هو ميِّزة هامة وإجبارية في البرامج التلفزيونية؟
وقد وجدت تفسيرات عديدة لكثرة العنف في التلفاز:
1. الواقع عنيف، والتلفاز يعكس في نهاية الأمر الواقع العنيف الذي هو جزء منه.
2. منتجو البرامج محكومون لاعتبارات اقتصادية، والمحرك الأساسي لهم هو مقياس نسبة المُشاهدة (Rating).
3. العنف له قوة جذب كبيرة للمشاهدين، خاصة أن المشاهد يتعاطف عادة مع القوي.
4. في كثير من القصص العنف يعكس الطريق الأبسط والأنجع لحل المشاكل.
5. العنف يُمَيِّز بين الأشرار مقابل الأخيار، وبالتالي نستطيع أن نتماثل مع الطيب الذي هو بشكل عام الجميل، القوي، المستقيم....الخ.
ومن خلال الأبحاث التي أجريت على البرامج المختلفة في وسائل الإعلام خرج الباحثون بأربع نظريات هامة فيما يتعلق بموضوع العنف وتأثيره على المشاهدين، وتلك النظريات هي:
1. نظرية التطهير\ التنفيس:
ادعى أرسطو قديما، بأن الدراما وسيلة هامة للتنفيس عن الهموم، المخاوف، الضغوطات والأحزان...الخ، وانطلاقا من ذلك تدعي هذه النظرية بأن التعرض للعنف (مشاهدته) في وسائل الإعلام يقلّل من استخدامنا للعنف بالفعل، لأننا نُطهِّر أنفسنا من العنف بواسطة مشاهدة العنف في التلفاز، لأنه يساعدنا على التخلص من ضغوطاتنا النفسية وأفكارنا السلبية، وبالتالي نقلّل من استخدامنا للعنف أو حتى مجرد تفكيرنا به.
2. نظرية التعلم والتقليد:
الباحث الأكثر تحمسا لهذه النظرية هو "بَندوره" (Bandura)، الذي ادعى بأن أفضل طريقة لتعليم الأطفال وتلقينهم التصرفات الصحيحة هو أن تعرض أمامهم التصرف المطلوب كنموذج للتقليد، من خلال العقاب والثواب.
وبالتالي السؤال المركزي الذي طرحته هذه النظرية، هل العنف هو أمر مُكتسب يمكن للإنسان تعلمه؟
وتجيب هذه النظرية على هذا السؤال بادعائها بأن التعرض للعنف بكثرة قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى تقليد العنف وتعلمه من قبل المشاهدين،
فالأطفال الذين يتعرضون لمضامين عنيفة التي يظهر بها العنف كأمر صحيح ومرغوب به يتعلمون التصرف بعنف، خصوصا عند تعلقهم بشخصية معينة مثل شخصية البطل فيحاولون تقليدها وتقليد تصرفاتها تقليدا أعمى، بينما الأطفال الذين يتعرضون لمضامين يكون فيها العنف أمر غير مقبول ويوجب العقاب لمستخدميه يتعلمون رفض مثل تلك التصرفات العنيفة.
3. نظرية التحفيز:
هذه النظرية تختلف عن سابقتها بادعائها أن التعرض لمضامين عنيفة في التلفاز تحفّز (توقظ) مشاعر قد تقود إلى استخدام العنف، فكثرة التعرض للعنف في وسائل الإعلام يُحفِّز المشاهدين على التصرف العنيف، حيث تزيد من ضغوطاته النفسية وتشحنه بطاقة سلبية كبيرة وأفكار عنيفة، وبالتالي التصرف العنيف الذي قد ينتج عن المشاهد سيكون سببه التحفيز على العنف وليس تقليدا له.
4. نظرية التعزيز:
تدعي هذه النظرية بخلاف النظريات الأخرى، بأن العنف في وسائل الإعلام يعزِّز من التصرف العنيف عند بعض المشاهدين عند التعرض لمشاهد عنيفة لأن هؤلاء بطبيعتهم يميلون إلى الطبع العنيف، بينما المشاهدين الغير عنيفين بطبعهم فإن تعرضهم للمشاهد العنيفة لا يؤثر في تصرفاتهم ولا يجعلهم يتصرفون بعنف. حسب هذه النظرية العنف لا ينفجر بعد مشاهدة التلفاز ولكن هو نتيجة للبيئة التي تربى بها المشاهد, وهذا متعلق بالتقاليد الاجتماعية والأفكار التي ترعرعوا عليها . مثال: رجل يضرب زوجته أو آباء يضربون أبناءهم- هم كانوا قبلا مضروبين وليست مشاهدة التلفاز هي التي علمتهم التصرفات العنيفة.