misou عضو مجتهد
عدد المساهمات : 10 تاريخ التسجيل : 13/07/2009 العمر : 36 الموقع : ...
| موضوع: الجامعة الجزائرية: غياب مشروع النهضة الخميس يناير 27, 2011 10:56 pm | |
|
الجامعة الجزائرية: غياب مشروع النهضة
أضيف في 24 يناير 2011
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
حين تساءلت كيف يمكن النظر إلى واقع تدريس العلوم الإنسانية في الجامعات الجزائرية بعد الاستقلال ولماذا لم تلعب الدور البناء في إحداث النهضة، وفي إنتاج المجتمع الجديد المؤسس على الحداثة والتقدم، وجدتني أفكر بالتزامن في هذا السؤال: هل هناك مشروع متكامل وواضح المعالم لدى الدولة الجزائرية لبناء الإنسان الجديد بواسطة تدريس التعليم بشكل عام، وبواسطة تدريس العلوم الإنسانية على نحو محدد في جامعاتنا؟
إذا كان جوهر تدريس العلوم الإنسانية يتمثل في تشكيل الإنسان الجديد والحديث فكرا وسلوكا، وعملا في الميدان بداخل بيئة المعرفة والعلم فلماذا لم يتم تأسيس هذه البيئة؟ من البديهيات المتداولة أن الجامعة حسب قول أحد المفكرين "تتولى إنتاج المعرفة وتوزيعها وتكوين المواطنين في مختلف تخصصاتها"، منها تخصصات العلوم الإنسانية كالفلسفة، والآداب، والجغرافيا والتاريخ، وعلم النفس، والإثنوغرافيا والإنثروبولوجيا، وغيرها من الحقول المعرفية..
وهنا نتساءل: لماذا لم تنتج جامعاتنا المعرفة الجديدة والمتطورة؟ ولماذا لم تلعب الدور المنتظر منها لتجاوز التخلف وتجلياته في الفكر، والأخلاقيات، والبنيات السياسية والإدارية، والاجتماعية، والاقتصادية، والعلمية، وفي الجماليات المدنية؟.
لا شك بأن التدريس في الجامعات الجزائرية بما في ذلك مجال العلوم الإنسانية غير مؤسس على مشروع وطني تكاملي وتوافقي فكرا، ومنهجا وعقيدة ومحتوى ثقافيا. كما أنه غير مبني على تخطيط وتأطير لهما طبيعة حداثية.
إن هذا التدريس للعلوم الإنسانية يفتقد أيضا إلى المؤسسات المركزية واللامركزية المنتجة للأفكار الجديدة على مستوى تكوين القاعدة البشرية المؤطرة لصالح التجديد المستمر والتطوير والمراجعة لمحتوى ومناهج الدراسة وللبيداغوجيات القادرة على تفجير قوى الإبداع المعرفي والعلمي.
وباختصار فإن وزارة التعليم العالي الجزائرية لم تؤسس بعد تقاليد تطوير الإطارات المكونة في مجال العلوم الإنسانية في داخل الوطن أو بالاستعانة بتجارب الجامعات الأكثر تطورا والأعمق تجربة في الغرب أو في القطب الآسيوي المتقدم مثل اليابان ومنطقة النمور الاقتصادية والمعرفية أيضا.
إن عدم التفتح على مثل هذه التجارب واستيعابها وتمثلها جعل التجربة الجزائرية في تدريس العلوم الإنسانية تقلص من حظ تقدم الجامعة الجزائرية في مجال الإنسانيات.
ومن ناحية أخرى فإن عدم وجود مشروع حداثي للتنمية الوطنية ماديا وثقافيا وسياسيا واجتماعيا وأخلاقيا يعد عاملا سلبيا يغيب أية إمكانية لتشكيل التصور والمفهوم المتعلقين بهندسة جديدة لبيداغوجيات ومضامين تدريس العلوم الإنسانية نظريا وإمبريقيا.
سأنظر الآن وبعجالة في بعض حقول العلوم الإنسانية كما تدرس في الجزائر. إن تدريس التاريخ، مثلا، في الجامعات الجزائرية لا يستند إلى أية فلسفة وإنما يختزل في المعارك وفي سير الأبطال والصراعات على القيادة. وهكذا يقصي هذا التدريس التاريخ كمعرفة وكفكر ويحشر في خانة الحكايات.
إلى جانب ذلك فإن دراسة التاريخ كمكون للوعي الاجتماعي أو كتجل له، أمر غير وارد في التدريس الجامعي الجزائري وليس هنالك أيضا التاريخ الذي يفكر في بنيات الشخصية الوطنية ووعيها ولا وعيها الثقافيين أو ذلك الذي يعمل على تشكيل هذه البنيات داخل مسار ابتكار الهوية الجديدة.
فتدريس التاريخ في الجزائر يطمس غالبا فاعلية النقد للتاريخ نفسه كمفهوم وكوقائع وفضلا عن ذلك فإنه يستبعد مساءلة كل ذلك بشجاعة البحث العلمي غير المنحاز.
يحصر تدريس الجغرافيا في الشكليات التقليدية والنمطية الأمر الذي يعتم إمكانيات تفعيل جغرافيات الأفكار، والهويات، والثقافات والحضارات والمدنيات وكذلك جغرافيات الثروات وبؤر الفقر والأمية والبطالة والآفات الاجتماعية والإدارية.
فعلم الاجتماع في الجامعات الجزائرية تقليدي حيث لا يربط عضويا نفسه بمهمة المبادرة ببناء تصورات ونماذج أولية للتنمية في كل المجالات التي تشكل رهانات التقدم الاجتماعي. وهو أيضا يعتمد على إخضاع الواقع للنظريات الجاهزة المستوردة غالبا بدون فهم للظروف الاجتماعية التي شكلتها.
إن الاستخدام المعياري الميكانيكي للمفاهيم وللنظريات المستوردة قد عطل ولا يزال يعطل طاقات الإبداع النظري، وتعديل النظريات المتبناة وإخضاعها للتجربة الخاصة لدى طلابنا وطالباتنا. بهذا الخصوص فإنه يلاحظ غياب علم اجتماع- تحليلي نفسي يدرس مثلا أشكال السلطة ومعادلها الثقافي في المجتمع أو يدرس ظواهر العشيرة أو القبيلة كبنى ثقافية لاواعية يعاد انتاجها في تشكيل المؤسسات وتسييرها في السياسة والاجتماع وهلم جرا.
إن ظاهرة العنف، المستشري في مجتمعنا، تحتاج إلى تضافر شتى التخصصات في العلوم الإنسانية لفهمها في أبعادها الكلية ومن ثم البحث عن سبل علاجها. فهذه الظاهرة ذات البعدين الرمزي والمادي ليست نفسية فقط وإنما هي تاريخية واجتماعية وثقافية. فالفهم الحقيقي لها يستدعي تضافر علم اجتماع التاريخ والإثنيات، والنوع "الجندر"، والثقافة، وصناعة السلطة وعلاقات القوة والمناهج الأخرى مثل التحليل النفسي في تطوراته النظرية والكلينيكية.
إن عنف هذا الفرد أو ذاك قد يكون نتاجا أو عرضا لرضة نفسية، أو لتهميش اجتماعي، أو لقمع سياسي، أو لإنكار ثقافي، ولكن ظاهرة العنف الجماعي شيء آخر أي أنها مقاومة جماعية للمظالم.
وهنا تتعدد المداخل للنظر في هذه الظاهرة المتكررة في مجتمعنا. هنالك أوجه القصور والضعف في تدريس تخصصات أخرى ضمن العلوم الإنسانية في جامعاتنا مثل الفلسفة أو الآداب إلخ... وتعد في مجموعها من مظاهر هشاشة التعليم العالي عندنا التي هي في حاجة إلى تغييرات جذرية لنخرج من طور التخلف إلى أفق التقدم، ومن سياج المعرفة الظنية إلى طور المعرفة العالمة والعلمية اليقينية.
الجزائر تايمز / أزراج عمر
| |
|
عبد الكريم 28 عضو متميز
الأوسمة : عدد المساهمات : 79 تاريخ التسجيل : 11/12/2009 العمر : 39
| موضوع: رد: الجامعة الجزائرية: غياب مشروع النهضة الجمعة يناير 28, 2011 5:04 pm | |
| شكرا موضوع مهم ونقطة سوداء ليس للجامعة وحسب بل في جميع الاطوار التعليمية ولا ننسنا أنفسنا نحن كذلك فنحن جزء من المشكلة | |
|