الجزائر: وثائق 'ويكيليكس' تحرج المعارضة أكثر من السلطة.. في انتظار الباقي
كمال زايت
2010-12-17
الجزائر ـ 'القدس العربي': أحدثت البرقيات التي
نشرها موقع ويكيليكس مباشرة أو تلك التي منحها إلى بعض كبريات الصحف في
العالم هزات عنيفة في عدد من عواصم العالم، لكن ما نقل عن الجزائر من
تسريبات البرقيات الدبلوماسية لم يكن محرجا بالنسبة للسلطة بقدر ما كان
للمعارضة.
معظم البرقيات التي نقلت عن تصريحات وكلام المسؤولين
الجزائريين مع الدبلوماسيين الأمريكيين في مسائل العلاقات الدولية، جاءت
مطابقة للموقف الرسمي المعلن، ولم تكن هناك مفاجآت من العيار الثقيل مثلما
اعتقد البعض، علما أن كل نشر كان عن مواقف المسؤولين من قضية الصحراء
الغربية والعلاقات مع المغرب، مثلا، هي تقريبا كانت معروفة عدا بعض
التفاصيل التي لم تغير شيئا.
لكن مفاجآت 'أسانج' كانت من نوع آخر،
وأصابت سهامها أطرافا لم يكن يتوقع أحدهم أن تأتي أرجلهم في الشرك، ليجدوا
أنفسهم 'أبطالا' في مسلسل لم يتوقعوه ولم يسعوا لأن 'يذاع' عبر وسائل
الإعلام في العالم.
الغريب أن تسريبات 'ويكيليكس' 'ضربت' المعارضة
والصحافة أكثر ـ أو مثل ـ السلطة. فالبرقيات تشير إلى لقاءات تمت بين
دبلوماسيين أمريكيين وصحافيين ومسؤولين سابقين وقادة حزبيين. وأغلب هذه
اللقاءات كانت في مناسبات معينة في مقدمها العيد الوطني الأمريكي في 4
تموز/يوليو، والذي تنظم السفارة الأمريكية بمناسبته احتفالا مثل كل
السفارات الأمريكية وغيرها في العالم.
وكانت عضو مجلس الشورى والفنانة
دليلة حليلو أول 'ضحايا' وثائق 'ويكيليكس' عندما كشفت البرقيات المسربة
أنها تحدثت مع مسؤولين في السفارة الأمريكية عن قضايا 'حساسة' مثل موضوع
صحة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وهو موضوع 'تابو' في الجزائر، مما وضع
حليلو، التي عينها الرئيس بوتفليقة ذاته، ضمن الثلث الرئاسي المعين بمجلس
الشورى، (الدستور يتيح للرئيس اختيار وتعيين ثلث أعضاء المجلس) في حرج
كبير، فبدأت تسعى بكل الطرق لنفي هذه التهمة والتأكيد أنها لم تخض في أي
موضوع مع مسؤولي السفارة الأمريكية. وآخر البرقيات المتعلقة بالجزائر
نشرتها صحيفة 'الباييس' الإسبانية في وقت متأخر من مساء الخميس، وهي عبارة
عن خلاصة لقاءات جمعت بين السفير الأمريكي ووجوه معارضة وصحافيين، وذلك في
كانون الأول/ديسمبر 2007.
وذكر السفير في تقريره أن الصحافيين
والمعارضين رسموا له صورة قاتمة عن النظام الجزائري، وأنهم أبلغوه ان هذا
النظام بلغ مستوى متقدما من الضعف والوهن بسبب ما اعتبره هؤلاء 'غياب
الرؤية' و'الصراعات داخل هرم السلطة'.
وذكرت الوثائق بالاسم سعيد سعدي
رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (معارض) الذي 'أسهب'، حسب
الوثيقة، في الإجابة على الأسئلة التي طرحها السفير الأمريكي، مشيرا إلى
أنه التقى بكبار قادة الجيش وبينهم اللواء محمد مدين المدعو توفيق، مدير
جهاز المخابرات، وأن هؤلاء 'اعترفوا له بأن الأمور ليست على ما يرام، خاصة
فيما يتعلق بصحة الرئيس بوتفليقة'، وأنهم أكدوا له أن الجيش بحاجة إلى ضمان
'بديل سياسي فعال لا يتسبب في زعزعة البلاد'.
وكشفت وثائق 'ويكيليكس'
أن عبد الله جاب الله الرئيس السابق لحركة الإصلاح (تيار إسلامي معارضة)
كان أيضا من بين الشخصيات التي تحادث معها السفير الأمريكي، وأنه أكد أن
الرشوة والفساد بلغا مستويات لا يمكن السكوت عنها، في حين أن سعدي قال انه
ناقش هذه القضية أيضا مع اللواء مدين، وأن هؤلاء 'اعترفوا' أيضا أنه لم يعد
بالإمكان السكوت عن هذا الوضع.
كما وصف سعدي الحكومة التي كانت قائمة
آنذاك بـ'زمرة تكريت' (تشبيها بحكومة صدام حسين) للتعبير عن ضيقه بظاهرة
كون الكثير من الوزراء والمسؤولين في الدولة يتحدرون من منطقة تلمسان بأقصى
الحدود الغربية للبلاد.
وذهب زعيم التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية
إلى حد 'تحذير الأمريكيين' من التزام الصمت تجاه 'تحطيم الديمقراطية' في
الجزائر. ونُسب له حسب ما نسب له قوله إن 'الدعم الخارجي ضروري لاستمرار
الديمقراطية وازدهارها'.
وإلى حد الآن يبقى عدد البرقيات المنشورة بخصوص
الجزائر قليلا مقارنة بعدد البرقيات التي استطاع موقع 'ويكيليكس' أن يحصل
عليها ويبلغ عددها 1000 برقية، ولا أحد يعلم إن كانت بقية البرقيات أكثر
إحراجا أم ان الأسوأ هي تلك التي نشرت خلال الأيام الماضية.
القدس العربي