المراسل عضو مجتهد
عدد المساهمات : 286 تاريخ التسجيل : 20/11/2010
| موضوع: قراءة في قضيتيْ الاعتراض على بناء مركز إسلامي والتهديد بحرق المصحف في الولايات المتحدة السبت ديسمبر 18, 2010 11:24 pm | |
| قراءة في قضيتيْ الاعتراض على بناء مركز إسلامي والتهديد بحرق المصحف في الولايات المتحدة | | | |
السبت, 18 ديسمبر 2010 19:13 | تزامن إذاعة وكالات الأنباء أخبار عن حادثين إثنين من الولايات المتحدة الأمريكية شغلا الرأي العام في العالم الإسلامي، إن لم يكن في العالم كله، الأول عن دعوة قس أمريكي يحمل اسم تيري غونز يعمل مشرفا على كنيسة محلية معروفة باسم ''دوف'' في ولاية فلوريدا الأمريكية لحرق المصاحف الشريفة
في ذكرى هجمات 11 سبتمبر، والثاني عن الاعتراض الواسع على إقامة مركز اجتماعي إسلامي متعدد الاختصاصات في مدينة نيويورك في موقع يبعد مائتي متر من موقع المركز التجاري الدولي الذي إنهار بالكامل بفعل الهجمات الإرهابية الانتحارية التي وقعت في ذلك اليوم الأسود 11 سبتمبر العام 2001 بالنسبة للولايات المتحدة واليهود في أمريكا، وكلا الحدثين يؤجج مشاعر الكراهية والتعصب الذي يبلغ حد التطرف ضد الإسلام والمسلمين، ليس فحسب في الولايات المتحدة، وإنما في مناطق شتى من العالم· وإذا كان الحدث الأول قد تلقته الكنائس والمؤسسات والمنظمات المسيحية في عدد من دول العالم بانزعاج شديد وبشحب ورفض صريحين كما هو الشأن مع منظمة الأديان من أجل السلام التي تعد أكبر منظمة متعددة الأديان في العالم، التي يوجد مقرها في نيويورك، ومع الطائفة الأنجيلية والمسيحية الأخرى في شتى أنحاء العالم، فإن الحدث الثاني لم يلق من الأطراف غير المسلمة تنديدا واسعا ورفضا صريحا للاعتراضات التي ارتفعت في الولايات المتحدة الأمريكية على إقامة المركز الاجتماعي الإسلامي متعدد الاختصاصات، الذي سيكون من بين مرافقه مسجد ومكتبة ومركز مؤتمرات وقاعة معارض ومركز لرعاية الأطفال خاصة من لدن قيادات سياسية أمريكية تنتمي إلى الحزب الجمهوري، ومنهم نيوت غينعريش الرئيس الأسبق للكونغرس الأمريكي الطامح إلى الترشح للانتخابات الرئاسية العام .2012 وإذا كانت الدعوة العنصرية الإرهابية التي أطلقها القس الأمريكي تيري غونز إلى حرق المصاحف الشريفة بمناسبة حلول الذكرى الخاصة بهجمات 11 سبتمبر تمثل تحديا صارحا للأسرة الإنسانية جمعاء وليس فقط للأمة الإسلامية التي تتوزع عبر قارات العالم وتنتمي إلى مختلف الجنسيات، باعتبار أن المسلم في أي مكان من هذا العالم هو جزء من الأمة الإسلامية بقدر ما هو خرق سافر للقانون الدولي الذي يكفل للإنسان حرية الضمير والعقيدة والعبادة والحق في الحفاظ على الخصوصيات الروحية والثقافية والحضارية، وهي أيضا انتهاك للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وخروج عن الإجماع الدولي الذي انعقد حول ضرورة بذل الجهود على كل المستويات لتعزيز حوار الثقافات وتحالف الحضارات وتعايش الشعوب وتفاهمها في إطار من الجوامع الإنسانية المشتركة، فإن هذه الدعوة العنصرية الموغلة في التطرف تمس بالدستور الأمريكي الذي تكفل نصوصه الحق لجميع المواطنين وللمقيمين أيضا ممارسة شعائرهم الدينية في ظل الحماية القانونية ضد أي شكل من أشكال الإضطهاد والضغط والإكراه والاعتداء على المقدسات وازدراء المعتقدات الدينية· وعلى رغم أن الحدثين منفصلان من حيث الشكل، فإنهما من حيث المضمون يلتقيان في كراهية الإسلام والمساس بالمقدسات الإسلامية واتخاذ الموقف المعادي للمسلمين والمتعارض كليا مع حقوق الإنسان ومع القوانين الدولية، فكراهية الإسلام وكراهية العرب والمسلمين بوجه عام تؤديان دائما إلى إتخاذ إجراءات تكون غالبا ضد القوانين في حق المسلمين حتى ولو تعلق الأمر بممارسة حق من حقوقهم التي تكفلها لهم القوانين المحلية والقانون الدولي، ومثال ذلك إقامة مركز اجتماعي إسلامي ذي أغراض متعددة بمبادرة من مواطنين أمريكيين طبقا للقوانين الجاري العمل بها، وبناء على ترخيص من المجلس البلدي لمدينة نيويورك وعلى موافقة لجنة الحفاظ على المباني التاريخية، فجميع الأشخاص المسؤولين عن مشروع إقامة هذا المركز مواطنون أمريكيون مارسوا حقهم الدستوري في بناء مسجد لأداء شعائرهم الدينية ضمن مركب اجتماعي متكامل الخدمات وفي نطاق القوانين المحلية، وعلى غرار ما هو موجود فعلا في مناطق كثيرة من الولايات المتحدة الأمريكية والدستور الأمريكي يكفل للمواطن الأمريكي الحق الكامل غير المنقوص في ممارسة الحرية الدينية وفي بناء الأماكن المخصصة لذلك سواء أكانت كنائس أم مساجد، وليس من بين هؤلاء المواطنين الأمريكيين المسلمين من يتهم من طرف السلطات بإحدى هذه التهم التي تكال للمسلمين وللعرب عموما في الغرب، فهم مواطنون أسوياء سجلهم المدني نظيف، والخلاصة هي أن هذا التهديد الذي تبناه أحد القساوسة في ولاية فلوريدا بحرق نسخ من القرآن الكريم في ذكر الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر قد أساء إلى مقدسات المسلمين، هذا في وقت أبدى رؤساء الطوائف المسيحية في جميع أنحاء العالم وجميع المؤمنين الصادقين من جميع الأديان، أبدوا رفضهم لهذا النوع من الإساءة إلى الدين الإسلامي، وأبدوا تضامنهم المعنوي مع المسلمين ورفضهم لما وجه لهم من إهانة وظلم، وفي الوقت نفسه فإن الغالبية العظمى من المسيحيين شعروا بالحزن من جراء هذا التهديد الفاضح الذي يظهر وكأن المسيحية تدعو إلى عدم احترام الإسلام، ورأوا بأن كل جماعة دينية هي عرضة لمثل هذا النوع من الهجوم الذي يسيء فيه المتطرف استخدام دينه لمهاجمة الآخرين، ويشعر بالنجاح إذا تمكن من خلق التوتر والاستقطاب بين الأديان والحصول على رد فعل من المجتمع المهاجم، هذا في وقت يعتبر فيه موضوع الاعتراض على بناء مركز اجتماعي إسلامي في نيويورك هو ضرب من التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ولكن الأمر هنا بخلاف ذلك، لأنه يمس حقا من الحقوق المشروعة للمسلمين أيا كانت جنسياتهم، وهو حق تكفله القوانين الدولية، لذلك فإن الاعتراض على إقامة هذا المشروع الاجتماعي الديني في نيويورك هو موقف موجه ضد الإسلام والمسلمين وليس موجها إلى مجموعة من المسلمين المواطنين الأمريكيين، فحسب مما يجعله يتسق من وجوه عدة مع الدعوة العنصرية الإرهابية المتطرفة التي أطلقها القس تيري غونز للتحريض على حرق كتاب الله إمعانا في إهانة المسلمين في كل أقطار العالم، وهذا معناه أن الوقت قد حان للتحرك على أكثر من صعيد لنشر الحقائق عن الإسلام وعن الحضارة الإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية بكل الوسائل المتاحة كثيرة. بقلم: أحمد كرفاح - أستاذ |
الجزائر نيوز | |
|