تقارير: ادارة بوش غضت الطرف عن تدفق شحنات اسلحة اوكرانية للجنوب السوداني.. والقراصنة الصوماليون كشفوا عنها
2010-12-09
لندن ـ 'القدس العربي': قالت صحيفة 'نيويورك تايمز' ان ادارة الرئيس الامريكي السابق جورج بوش غضت الطرف عن شحنات اسلحة تشمل دبابات سوفييتة الصنع من اوكرانيا نقلت عبر كينيا الى حكومة جنوب السودان، وان هذه الحكومة تلقت شحنتين بين عامي 2007 ـ 2008 لكن الشحنة الثالثة والاخيرة تم الكشف عنها عندما قام قراصنة صوماليون بالاستيلاء في ايلول /سبتمبر 2008 ، على الفرقاطة الاوكرانية (فينا) قرب خليج عدن والمحملة بـ 32 دبابة، ولم يتم الافراج عن الشحنة الا بعد فدية قيمتها 3.2 مليون دولار للقراصنة حيث نقلت بعد ذلك لكينيا.
وفي الوقت الذي اكدت فيه الحكومة الكينية في حينه على ان الاسلحة هي جزء من صفقة اتفقت مع الحكومة الاوكرانية في كييف من اجل شحنها لتعزيز قدراتها العسكرية الا ان الوثائق الامريكية التي كشف عنها موقع ويكيليكس تؤكد ما قاله القراصنة الصوماليون في حينه من ان الاسلحة هي جزء من صفقة عقدتها الحكومة الاقليمية في جنوب السودان لتعزيز قدراتها العسكرية قبل موعد استفتاء التاسع من كانون الثاني/ يناير 2011 والذي يتوقع المراقبون ان يؤدي لانفصال الجنوب عن الشمال بعد خمسين عاما من الحروب.
ونقلت الصحيفة عن مستشار الرئيس السوداني، غازي صلاح الدين قوله ان الحكومة كانت تعرف بالصفقة وبالموقف الامريكي، مشيرا الى ان غض الطرف الامريكي عنها يعني 'اننا لا زلنا اعداء' لامريكا. وحذر المسؤول من امكانية تحول الاسلحة الى قضية سياسية ساخنة. ويعتبر نقل السلاح للسودان خرقا للحظر على تصدير الاسلحة للسودان الذي تعتبره بلدا معاديا وتتهمه بانتهاكات حقوق انسان في دار فور.
وتظهر الوثائق الامريكية التي كتبت من نيروبي وكييف الى ان الدولتين انكرتا ان تكون الشحنات العسكرية كانت في طريقها الى جنوب السودان ولكن السفراء الامريكيين هناك واجهوا حكومتي البلدين بالادلة وصور التقت بالاقمار الصناعية تظهر كيفية نقل الاسلحة من الموانئ الكينية وتحميلها على عربات القطارات ووصولها لحكومة الاقليم في الجنوب.
ويقول تقرير كتب في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2009 ان المسؤولين في كييف بعد ان ووجهوا بالادلة شعروا بالاحراج حيث قام مسؤول كبير في الخارجية هو فان فان ديبن بتقديم الادلة لهم. خاصة انهم اكدوا في عام 2008 ان الاسلحة كانت في طريقها للجيش الكيني. وتقول الصحيفة ان ادارة اوباما التي انتهجت سياسة جديدة مع السودان هددت كلا من البلدين بعقوبات شديدة، وهو ما تراجعت عنه ادارة اوباما لاحقا.
وفي حوار بين رئيس هيئة الاركان الكينية والسفير الامريكي عبر المسؤول الكيني عن دهشته من الموقف الامريكي حيث قال ان واشنطن غضت الطرف عن شحنتي اسلحة وصلت للجنوبيين فيما تثير مشاكل حول الاخيرة. وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة الكينية الفرد موتوا قد علق على استيلاء الصوماليين القراصنة على الشحنة بقوله انها 'خسارة عظيمة لنا'. ولكن الناطق الرسمي كان يكذب لان الجنوبيين حصلوا وتحت عين ادارة بوش على 67 دبابة من نوع 'اس- 72'. ونقلت 'نيويورك تايمز' عن مسؤول جنوبي قوله ان المسؤولين في ادارة بوش علموا عن الصفقة لكنهم قرروا غض النظر، وتؤكد الوثائق ان الكينيين اعلموا الامريكيين عن الصفقة. لكن فضح القراصنة الصوماليين للصفقة ادى بادارة اوباما لتقديم احتجاج للحكومة الاوكرانية وكذا الكينية.
وتقول الصحيفة ان مصير الاسلحة التي لا تزال في صناديقها في الميناء الكيني تشير الى حالة الغليان التي تسبق عملية الاستفتاء حيث تزعم ان الاسلحة تتدفق الى الطرفين الشمالي والجنوبي لدرجة ان وزيرة الخارجية الامريكية، هيلاري كلينتون وصفت الوضع بانه قنبلة موقوتة. والغريب في الموقف الامريكي في حينه ان الدبلوماسيين لم يكونوا مبالين بالنشاطات العسكرية للجنوبيين، فحسب تقرير كتبه البرتو فرنانديز الذي عمل مسؤولا لمكتب المصالح الامريكية في الخرطوم، في تشرين الاول/اكتوبر 2008 قال انه اخبر المسؤولين الجنوبيين بانه في الوقت الذي لا ترغب فيه الولايات المتحدة بزيادة في نشاطات الحشد العسكري لكنها تتفهم ان حكومة الجنوب تشعر بالحاجة الى عمل مثل ما تقوم به حكومة الشمال، وحذر المسؤولين الجنوبيين باتخاذ الحيطة في اي عمليات شحن اسلحة قادمة لتجنب عملية الاختطاف وما يترتب عليها من الكشف عنها واثارة انتباه الاعلام.
ولا يعرف ان كانت الادارة الامريكية الحالية قد طلبت من حكومة نيروبي الاحتفاظ بالاسلحة لحين عقد الاستفتاء. ويقول المسؤولون الكينيون ان الادارة الامريكية طلبت منهم في الوقت الحالي عدم نقل الاسلحة للجنوب السوداني.
القدس العربي