المراسل عضو مجتهد
عدد المساهمات : 286 تاريخ التسجيل : 20/11/2010
| موضوع: الفكرة الأفروأوروبية والتاريخ يعيد نفسه الإثنين ديسمبر 06, 2010 7:22 pm | |
| الفكرة الأفروأوروبية والتاريخ يعيد نفسه 2010.12.02 د بشير مصيطفى اختتمت أمس الأول الثلاثاء بطرابلس أعمالالمؤتمر الثالث للشراكة الافريقية الأوربية ببيان حافل بعبارات الأملوالطموح والمطالب السمراء . وتتعلق تلك المطالب بدعم الاستثمار وتحقيقالشراكة المتوازنة والاندماج الاقليمي وهي نفسها المطالب التي أطلقت فيقمة القاهرة العام 2000 وفي قمة لشبونة العام 2007 . ومن الجانب الأوربيلم تلتزم الدول الأوربية بشيء سوى تأكيد الدعم الموجه للشراكةالأفروآسيوية والمقدر بـ 50 مليار يورو على آفاق 2013 في حين تبلغ الديونالأوربية المستحقة على افريقيا بما فيها الخدمات المالية 300 مليار يورو .فإلى أي حد تتقاطع الأهداف المعلنة لأطراف الشراكة على الساحة الإفريقية ؟وهل يملك الاتحاد الأوربي نفس الرؤية التي ينادي بها الأفارقة منذ العام1994 تاريخ دخول افريقيا في مسار الاتفاقيات التجارية والاقتصاديةالمشتركة مع أوربا ؟
- الأفروأوربية والاتفاقيات الصامتة
- ليس جديدا أن يرافع الأفارقة من أجلشراكة أكثر عدلا مع الأوربيين ، وليس جديدا أن تعقد المؤتمرات بين الطرفينبل الأكثر من ذلك أن مسعى المفاوضات لإطلاق اتفاقيات مشتركة شاملةللتجمعات الإفريقية يعود الى العام 2002 ، وتحصي افريقيا حاليا مشاريعومذكرات تفاهم اقتصادية بين الاتحاد الأوربي وكل من دول شرق افريقيا ، دولافريقيا الغربية ، مجموعة افريقيا الوسطى ودول افريقيا الجنوبية ولكن جميعتلك الاتفاقيات ظلت دون تطبيق فعلي وبعضها لم يحظ بإجماع المجموعات ،وبقيت فقط مجموعة شمال افريقيا خارج اطار الاتفاقيات الشاملة وربما رأىالاتحاد الأوربي في الاتفاقيات الثنائية أقصر طريق لتحقيق جدوى الشراكة فيظل القضايا العالقة بين دول الشمال الإفريقي أي قضية الصحراء وتباطؤ أداءالاتحاد الاقليمي المغاربي وموضوعات الأمن المشترك.
- ويمكننا أن نصف الاتفاقيات الشاملةالمذكورة بالصامتة لأنها لم تؤد الى صياغة برامج التنفيذ المناسبة لأسبابكثيرة منها مقاومة الجمعيات الأهلية للأهداف المعلنة في الأجندة الأوربيةوالتي توصف بالوجه الآخر للتوسع الاستعماري على قاعدة التجارة والدليل علىذلك هو التركيز الأوربي على التجارة الحرة والاستثمار في الخدماتوالانصياع لقرارات الشركات الخاصة ومجموعات رجال الأعمال الذين يبنونقرارات استثماراتهم على تحقيق الربح الرأسمالي بصرف النظر عن الأهدافالتنموية والشراكة الاستراتيجية والتعاون المشترك وغيرها من مصطلحاتالقاموس السياسي والدبلوماسي بين الدول .
- فشل الاتفاقيات الثنائية
- قال رئيس الجمهورية في كلمته أمامقادة الدول المشاركين في المؤتمر الثالث للشراكة الافريقية الأوربية :"الاستثمار هو الذي يجب أن يكون محور الشراكة بين افريقيا وأوروبا" وقالالزعيم الليبي : "إن تاريخ العلاقات الاقتصادية الأفروأوروبية اتسمبالفشل" ، كلام صحيح من منظور النتائج المتأتية عن الاتفاقيات الاقتصادية الثنائية بين الجانبين ، وبنظرة سريعة لتلك النتائج نرصد ما يلي : خسرتالجزائر – مثلا – جراء اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوربي خلال السنواتالثلاث الأولى من بدأ تطبيق الاتفاق العام 2005 ، 1.5 مليار دولار، رقميقترب جدا من المتوسط السنوي للاستثمارات الأوربية المباشرة في الجزائرخلال 10 سنوات والمقدرة بـ 17 مليار دولار . ولم يحسن الاتفاق شيئا فينسبة رأس المال الأوربي في التراكم الرأسمالي للجزائر مادام الرقم لايتجاوز 6 بالمائة ، وظلت 10 مشروعات جزائرية فرنسية حبيسة الأدراج منذالعام 2007 بسبب اشتراطات الطرف الأوربي القائمة على فكرة "السوق" بدل"الاستثمار" ، أما مع الشروع في تنفيذ الخطة الخمسية الجديدة 2010 – 2014 فإن رقم مساهمة رأس المال الأوربي في تنفيذ الخطة لا يكاد يذكر . ولكن فينفس الوقت ارتفعت المبادلات التجارية الجزائرية مع الاتحاد الأوربي الىسقف جديد هو 52 بالمائة ، تفسره الواردات الجزائرية من السوق الأوربيةبنسبة تقارب المائة بالمائة اذا استثنينا صادرات الطاقة في الميزانالتجاري الجزائري ، ولولا المحروقات التي تشبه في جانبها الريعي الذهبوالماس لرجعت بنا الوقائع الى التاريخ التجاري الأوربي الافريقي لفترةالقرن 18 عندما كان الوافدون الأوربيون من اسبانيا والبرتغال وفرنساوايطاليا يمرون على خيم القبائل الافريقية فيضعون عندها السلعاالاستهلاكية البسيطة ليجدوا بدلها في اليوم الموالي أكوام الذهب الافريقياللامع .
- الرؤية الأوربية ورحلة القفز على فكرة الأفروآسيوية
- انعقد في "باندونج" العام 1955 مؤتمركبير تحت شعار "الشراكة الأفروآسيوية" بمشاركة 29 دولة افريقية وعربية و23دولة من آسيا . وتزامن المؤتمر مع الحقبة الأخيرة للتوسع الاستعماريالأوربي في افريقيا واستهدف تحقيق أهداف ثلاثة هي : التحرر من الاستعمار ،تحقيق التنمية لدول الجنوب وإطلاق "عدم التحيز" كموقف سياسي للدول العضوة. وسرعان ما تراجعت فكرة الأفروآسيوية عندما لبس المركز الرأسمالي تجاهافريقيا وبقية العالم لبوس "التعاون الاقتصادي" بدءا من حقبة السبعينات ،وكانت أدوات هذا التعاون : المساعدات الفنية ، المساعدات المالية ، خطوطالقرض الموجهة للاستيراد ومنح تحفيزات للصادرات الإفريقية نحو أورباوأغلبها من المنتجات الطبيعية والزراعية والمعادن والمحروقات . وبذلكتوزع القرار الافريقي بين استراتيجية النمو على قاعدة التعاون جنوب - جنوبواستراتيجية التعاون على قاعدة شمال - جنوب مما أضعف الفكرة الأولى وطورالفكرة الثانية الى مستوى الشراكة التي انعقد مؤتمر طرابلس من أجلها للمرةالثالثة ، وفي ذات الوقت تشتتت المطالب الافريقية بين قضايا : السياسة ،الأمن ، الارهاب ، الفقر ، الأمراض المتنقلة عبر المياه ، الحكم الصالح ،الفساد ، النهب المنظم لخيرات القارة ، الاستثمارات الأجنبية ، المساعدات، المساواة بين الجنسين ، التنمية البشرية ، المناخ ، الطاقة ،التكنولوجيا وقريبا الفضاء والنووي . تشتت عقد من وظيفة التنفيذ وأغرقالشعوب الافريقية في خطابات أدبية لا طائل من ورائها .
- ولكن ما قيل في طرابلس كان قيل قبلا فيلشبونة العام 2007 وقيل قبلا في القاهرة في 2000 وأكيد سيقال مثله فيعاصمة المفوضية الأوربية بروكسل العام القادم ، الأفارقة يواصلون المرافعةمن أجل تبادل متكافئ وتنفيذ التعهدات وتحويل التكنولوجيا والاستثماروتعويض الخسائر الناجمة عن تحرير التجارة أما الأوربيون فيطمحون لأسواقجديدة أكثر استقرارا وأمنا ، ولطلب على التجارة تساعد الشركات الأوربيةعلى النهوض من جديد من عثرات الأزمة المالية العالمية وتحمي موازنات الدولالصناعية الكبرى من حالات العجز التي عصفت بكل من الاقتصاد اليوناني ثمالايرلندي وفي التوقعات الاقتصاد البرتغالي والبريطاني .
- يبدو أننا نتجه لمرحلة ستغير فيهاالحاجة موقعها حيث ستحتل افريقيا مكانا أكثر ملاءمة لفرض اشتراطاتها علىخلفية مواردها وتوازنها المالي وسعة سوقها الداخلية وعلى خلفية تراجع أداءالاقتصاد الأوربي وإشراف المؤسسات الضابطة للتوازن في الأسواق الأوربيةعلى الانهيار، ولكن هل تملك كل الدول الافريقية ذات الرؤية وذات الاستعدادالسياسي الذي يتيح لها فرصة التحول الى فكرة أخرى اذا ما استمرت أوربا فيتجاهل تلك الاشتراطات؟
- Messaitfa.bachir@gmail.com
| |
|