قناص عضو مجتهد
عدد المساهمات : 31 تاريخ التسجيل : 13/11/2010
| موضوع: توجهات عملية حول الأعمال في حقل وسائل الإعلام السبت ديسمبر 04, 2010 2:44 am | |
| توجهات عملية حول الأعمال في حقل وسائل الإعلام
ندوة نقاش يتوجب على مؤسسات وسائل الإعلام في البلدان التي تمر فيطورإنتقالي وفي البلدانالنامية أن تجد مصادر دخل وأن تحدد غاياتها، في ذات الوقت التي تعمل فيه على إرساء إستقلاليتها وقدرتها الإقتصادية علىالبقاء، حسب ما ورد على لسانندوة من الخبراء. تعمل حكومة الولايات المتحدة، وعدد مختلف من المؤسساتالخاصةوالمجموعات التي لا تبغىالربح، لأجل مساندة مزيد من الإستقلالية لدى وسائل الإعلام في أنحاء العالم. وهي تقوم بإرسال محترفين في مجالالإعلام من الولايات المتحدة إلى أماكنحول العالم لمساعدة الصحف، والمجلات، ومحطات الإذاعة، ومواقع الإنترنت في تطوير معايير أعلى لمقالاتهم وعملياتهم. فالإستقرارالمالي والإستدامة مهمان بنفس درجةأهمية المعايير المهنية والإستقلالية لتمكين هذه الوسائل من مواصلة نقل الأنباء. جمعت مديرة التحرير إلِّن أف. تومي فريقاً مميزاً منهؤلاءالمحترفين لمناقشة بعضتجاربهم خلال خدمتهم كمستشارين في عمليات وسائل الإعلام في البلدان التي تمرّ في طور إنتقالي. عمل وليام ايتش. سيمرينغ كمدرب إذاعي في إفريقيا،وأوروبا الشرقية،وآسيا. وقبل أن ينخرط فيهذا العمل الدولي، كان مدير محطة إذاعة عامة ومطوّر برامج. وكان أول مدير للبرمجة في محطة الإذاعة "ناشيونالببليك راديو"، وهي شبكة إذاعية أميركية. عمل ديفيد سايمنسون مستشارا في إدارة أعمال في عدد منوعمنالمطبوعات في أوروباالوسطى والشرقية، وكان، خلال بداية حياته المهنية في الولايات المتحدة، رئيسا وناشرا لجريدة متفرعة عن شركة تايم،ورئيس العمليات في جمعية الصحافةالقومية. عملت راشيل تومبسون مدربة في إدارة الوسائل الإعلامية فيأوروباالشرقية. وكانت قد عملتأيضاً مسؤولة تنفيذية في شركة أميركا أونلاين، إحدى أكبر شركاتالإنترنت في الولايات المتحدة، ومراسلة ومحررة في مطبوعات وسائل الإعلام ووسائل الاتصالات. أدارت الندوة شارلين بورتر، الكاتبة والمحررة في المجلة الإلكترونية قضايا عالمية بإدارة ندوة النقاش. سؤال: ما هي الحاجات الأكثر أهمية بالنسبة لوسائل الإعلام التيتحاولتأمين إستقلالية مالية،على الأخص في تلك الحالات التي لا تملك فيها أية تجارب لتوليدالأرباح أو جمع الرساميل؟ سايمنسون: فكرتي الأولى هي انهم بحاجة إلى التغلب على عارض "لا نقومبذلك أبداً بهذه الطريقة". مثلاً، كنت أبحث في كرواتيا عن فرص الحصول على الإعلاناتلوسيلة الإعلام المحلية، وكانالكل يقول، بدءاً من سفارتنا إلى وسيلة الإعلام نفسها: "لا مال هنا، لا يمكن عمل شيء". كانت الشوارع تغص بسيارات المرسيدس، وبيإم دبليو، وفولفو، ونعم، لم يكن هناكمال، أي أن المال لم "يكن موجوداً على الطاولة". هذا لا يعني انه لم يكنهناكأناس سوف يستجيبونللإعلانات. سؤال: إذن أنت تعزو موقفهمالسلبي إلى عدم خبرتهم في الإعلانات الصحفية وبيعالإعلانات؟ سايمنسون: صحيح، كما انه لم يكن عندهم أية خلفيّة، مثلاً، حول كيفية وضعأسعار الإعلان، وكيفية التشجيع علىنشر الإعلانات أكثر من مرة واحدة، وكيفية التواصل مع المعلنين المحتملين. كانت العقلية عامة تقول: "إذ جاءت الإعلانات، فسوفنأخذها" وكانوا يقولون: "نحن لا نعمل بهذهالطريقة. فالتسويق ليس جزءاً من ثقافتنا." لكن إذا كنت ترغب في المنافسة في عالم التسويق، يجب أن يكون ذلك جزءاً من ثقافتك. تومبسون: حسب تجربتي، كثيراً ما بوشر في إصدار المطبوعات على يد رؤساء تحريرملتزمين، ومن ثم أصبح تمويل هذهالمطبوعات تحدياً حقيقياً. قال لي أحد رؤساء التحرير "لا نريد أن نذهب ونطلب المساعدة". كان يعتبر ذلك شيئاً غير مقبول. إذاكانوا يريدون إنتاجنا، على حد إعتقاده،فعليهم أن يأتوا لمساعدتنا. سؤال: المعروف عن وسائل الإعلامالغربية مهارتها الجريئة في البيع. هل وجدتمخلال تجربتكم مع وسائل الإعلام التي تمر في طور إنتقالي هذا النقص؟ سايمنسون: هذه المهارة لا وجود لها. كان هناك، في براتيسلافا، مطبوعة أعمالناجحة جداً. كانت ناجحة لأن الشخصيناللذين أدارها جاؤوا إلى الولايات المتحدة، ودرسوا الأساليب المتبعة هنا، ثم عادوا إلى بلادهم وطبّقوها. كانت هذه هي المؤسسةالإعلامية الوحيدة التي أدركت أنعليها بيع الإشتراكات وأن لا تنتظر حتى يأتي إليها المعلن للاتفاق معها على شراء مطبوعتها. كانا الشخصين الوحيدين اللذين خرجا وأدركا أنالنشر في مجال متخصص يمكن أنيكون ناجحاً، وطريقة لكسب المال. لكنهما كانا شخصين غير عاديين. أصبحت وسائل الإعلام العامة، التي كانت تتمتع سابقاًبالدعمالسياسي والحكومي فيالدول الشيوعية السابقة، عندما تم وقف الدعم لها، كما الأطفال الرضيعة في الغابات. قال لي شاب قابلته في برنامج تدريبفي بيلاروس (روسياالبيضاء): "لاتعلميني ذلك، أرسلي المال فقط." سؤال: صف لنا يا بيل سيمرينغ، تجربتك مع محطات الإذاعة التيتسعىللإستقلال المالي. سيمرينغ: أولاً، يجب أن تكون في البلاد إرادة سياسية لمساندة الوسائلالإعلامية المستقلة من خلال تشريعاتتخص الوسائل وتؤمن الوصول إلى المعلومات، وتحدد ما هو التشهير، وتضمن حرية وسائل الإعلام. ويجب أن يصدر ذلك عن القادة الكبار. فمنالسهل في الواقع إقناع السلطاتأن من مصلحتها العليا أن تكون لديها وسائل إعلام مستقلة لأنها سوف تخدمها بشكل أفضل. وعندما تحدث عن وسائل الإعلام المستقلة، أود أن أضيفالوسائل"المحترفة" أو"المسؤولة". فاستقلال الوسائل في ذاته لا يضمن الديمقراطية والمجتمع المدني. ففي العديد من البلدان، تمّت خصخصة الإذاعاتفكان كل ما فعلته أنها أذاعت موسيقىالرّوك. حدث ذلك في بودابست، وكييف، وأولانباتور. فهم عملياً لا يقدمون أي برامج إخبارية. في منغوليا، مثلاً، كسبت الصحف الحرية من الدولة، ثمقالت: "نحنأحرار! نحن أحرار! يمكننافعل كل ما نريد". لكنها كانت فاقدة للمسؤولية، تنشر الإشاعاتوالقيل والقال، وهكذا أصبح بإمكان الحكومة تشويه سمعة الوسائل الإعلامية بسهولة، وتقول "أرأيتم، لا يمكن أن تصدقوا ماتقرأونه". وهكذا، فإن هذا النوع من الإستجابةللإستقلالية يُقوّض مصداقية ودور الوسائل كمصدر صادق للأخبار غير المنحازة والضرورية للديمقراطية وللمجتمع المدني. عندما استلم رئيس وزراء منغوليا الحالي منصبه، قال انهلا يريد أنيرى صحفاً تتعمد الإثارةحيث تنشر صور الأجسام المقطوعة الرأس وقصص الجنس على الصفحاتالأولى. أما بالنسبة للإستقلالية الاقتصادية للوسائل الإعلامية،فيجب أنتكون هناك نماذج وأمثلةلكي يدرك الصحفيون أن بالإمكان القيام بأعمال مربحة ، بحيث يكونوا مسؤولين على استقلاليتهم دون السعي إلى الإثارة. سايمنسون: أو اللجوء إلىأساليب مشينة. سؤال: ماذا عن الوضع الذي يضعفيه فرد ثري أو مجموعة اليد على وسيلة إعلامكانت تُموّل سابقاً من قبل الحكومة لاستخدامها لغايات خاصة؟ سايمنسون: لا يجب أن يفاجئناهذا. ففي تاريخ وسائل الإعلام في الولايات المتحدة، خلال التسعينات من القرن التاسع عشر وأوائل سنوات القرن العشرين، هذا مافعله الأثرياء. لكن الضغط الشعبيونضوج المجتمع غيّرا الأُمور. في نهاية المطاف، يقرر السوق الحر ما إذا كنت ستستخدم جريدتك كأداة خاصة بك. فإذا لم يشترِ الناسجريدتك لأنها لا تلبي حاجاتكم، فلنيكون لديك قراء، ولن يكون لك صوت. ثمة شيء أود قوله زيادة على ما قاله بيل: إننا نميل إلىتعريفالصحافة الحرة بأنها توفرلنا الحق بقول ما نريد. ويمكنك القيام بذلك حتى في البلدانالتي يحتاج فيها الصحفيون إلى ترخيص، لكن هذا ليس هو مفهوم الحرية. للصحافة الحرة حرية جمع المعلومات دونما تدخل، وحرية نشر هذهالمعلومات. إن وجهات النظر التحريريةفي صحيفة ما ليست بنفس أهمية السماح للناس بالتعرف على الوقائع وثم اتخاذ القرار المناسب. سؤال: هل يمكن للسوق الحرة أن تطالب المؤسسات الإعلامية أنتكونمسؤولة؟ سايمنسون: السوق تطالب بذلك، لكن لكسب القراء، يحاول المحررون شيئاً آخر. الصحفاليوغوسلافية تنشر صور العراةفي الصفحة الأولى التي لا علاقة لها بالأخبار ولا بمسؤولية صحفية مشروعة. قال لي الناشر مرة: "لهذا السبب يشترون جريدتنا،وهكذا نصل إليهم". كان من الصعب أن أقولله ان ذلك لا يفيد وان فيه إهانة للنساء. جاء هذا الناشر لاحقاً إلى الأمم المتحدة لتغطية زيارةرئيس وزراءبلده، وأخذ معه أعداداًمن الصحيفة. نظرت دائرة الصحافة التابعة للأمم المتحدة إلى الصور العارية على الصفحة الأولى وقالت له ان ليست لديهمطبوعة مسؤولة. كانت هذه أولمرة أدرك فيها عمق المشكلة. أما عندما حاولت أنا أن أُحدثه حول الموضوع فظهرت كأني متزمت جداً. أظن أن هناك أمرا غير مفهوم جيداً في البلدان النامية:فالناسالذين لهم صوت، أو الذينيريدون قول شيء ما، يقومون فعلاً بقوله، لكن ما لا يدركونه هو أن لا أحد سيقرأ ما يقولون إلا متى أدركت الصحيفة مايريده القراء ومتى لبت حاجتهم.هنا تكمن أهمية المحررين. فالصحفي الأفضل - في الإذاعة، أو التلفزيون، أو الإنترنت، أو الصحف - هو ذاك الذي يستطيع اكتساب شريحةمن القراء أو المشاهدين أو المستمعين،وليس الذي يخلق أموراً لإرضاء غروره الذاتي. سيمرينغ: ذهبت لأول مرةإلى جنوب إفريقيا سنة 1993 قبل الإنتخابات. كانت الإذاعات الأهلية المحلية جزءاً من النضال من أجل التحرر، أي بمثابة إعطاء صوتللذين لا صوت لهم. وانطلاقاً منقناعة الحكومة بأن هذه الإذاعات الأهلية سوف تخدم الديمقراطية بصورة أفضل، فقد أعطت تراخيص فقط إلى محطات الإذاعة الأهلية ابتداء منسنة 1994، وهي السنة التي مُنحتفيها التراخيص لأول مرة، ولغاية 1995. ذهبت إلى أول ورشة عمل بينما كان الناس يتحدثون عنالإذاعة الأهليةقبل أن تباشر البث. كانوايقولون: "الآن يحق لأي كان أن يكون في الإذاعة." وذهبت إحدى هذه المحطات إلى درجة أنها وضعت ميكروفونات فيالشوارع وتركت أيا كان يقول ما يشاء. وعندما بدأت المحطات البث، كان المستمعون يقولون،"كان هذا مُقدّم برامججيد". أو، "نريد مزيداً من البرامج بلغتنا"، أو إقتراحات مختلفةأخرى. كانواصريحين جداً في إبلاغهمالمحطات عما يريدون الإستماع إليه، كمثال عن كيفية توجيه السوقالحر للبرامج. أصبحت هذه المحطات بسرعة شديدة التحسس لهذه القضاياوحاولت تحسينالنوعية بدلاً من تركالناس يواصلون الكلام إلى ما لا نهاية. سؤال: ديفيد سايمنسون، ألم تشهدأنت أيضاً بعض الأحوال الإنتقالية المضطربةنحو الخصخصة خلال عملك كمستشار في بلدان أوروبا الشيوعية سابقاً؟ سايمنسون: أجل، في سلوفينيا، تمّت خصخصة مطبوعة كنت أعمل كمستشار فيها،وأعطي جميع المحررينوالمراسلين فيها اُسهماً(في الشركة). أصبح يجتمع هؤلاء ويقيلون رئيس التحرير كل أسبوعلمجرد أنهم أصبحوا أصحاب المطبوعة لذلك. وبدلاً من أن أعلمهم فن التسويق، أمضيت ثلاثة أسابيع لتشكيل مجلس إدارة ولوضع بعضالسياسات التشغيلية. فالخصخصة كانت مشابهةفي هذا الوضع للفوضى ولا يمكنك أن تضع خطة عمل أو أية خطة أخرى مع الفوضى. سؤال: لنعد لبعض الوقت إلى مسألة إرساء قابلية الاستدامةمالياً . بيلسيمرينغ، كنت تستعدلإعطائنا الأمثلة عن بعض هذه الأساليب التي لاقيتها بينما كنت تعمل كمستشار لمحطات إذاعة تصارع لتصمد في أنحاء مختلفةمنالعالم. سيمرينغ: ذكر ديفيد انه رأى سيارات المرسيدس في كرواتيا كدليل على وجودالمال اللازم في ذلك المجتمع لمساندةالإعلان في وسائل الإعلام. طبعاً، ليس في صحراء غوبي (بمنغوليا) أي سيارة مرسيدس؛ هناك فقط رعاة، وحيوانات، وبعض سيارات الجيب.لكن هناك أعمالا صغيرة في المراكزالإقليمية. عندما ذهبت إلى هناك لأول مرة قبل سنتين لزيارة محطة إذاعية، اعتقدت أن ما من سبيل لها لجمع المال من خلال الإعلانات.لكن عندما عدت هناك في أيلول/سبتمبركان لديهم إعلانات في الإذاعة يقول فيها أحدهم: "لدي لبن فرس بـ 15 سنتا لليتر الواحد. اتصلوا بي على العنوان التالي".أو، "أود القيام بنزهة على ظهر جوادفي أولان باتار". أو، "لقد فقدت عدداً من خيولي". سايمنسون: مثل الإعلانات المبوّبة على الراديو. سيمرينغ: تماماً. يحصلون على ثلث دخلهم من مثل تلك الإعلانات. لديهم شخصبائع في السوق يجمع هذه الإعلاناتمن التجار أو أي شخص يلتقيه. صحيح أن هذه الإعلانات صغيرة لكن نطاقها الصغير يفيدهم. سؤال: هل تعني أن قسماً كبيراًمن إعلاناتهم لا يأتي من الشركات التجارية وقطاعالأعمال كما نفكر نحن في الغرب، بل من الأفراد الذين يبيعون حليب الفرس، أو يريدون القيام بنزهة على ظهر جواد؟ سيمرينغ: أجل، هذا صحيح، لكن هناك معلنين من رجال الأعمال كما نعرفهم نحنأيضاً. واحدة من بين أنجح الشركاتالتجارية هي شركة تنتج البوظة - اسمها: سيمبا آيس كريم كومباني. يضعون قطعة نقدية في أحد أكواز البوظة حتى إذا ما وجد أحدهم القطعة،يذهب بها صاحب الحظ هذا إلىمحطة الإذاعة ويحصل على جائزة. قد تكون هذه الجائزة ملابس رياضية، أو كرة السلة، أو مسحوق تجميل للمرأة. ثم يعيدون استخدام القطعةالنقدية، كان هذا العمل ناجحاًلدرجة أن شركة البوظة المنافسة جاءت إلى المحطة لتشتكي. "لم يعد أحد يشتري البوظة التي نبيعها". كان الإعلان فعلاً ناجحاًجداً. لننتقل إلى محطة أخرى تعمل في الشمال في درخان، فيمنغوليا،بموازنة تبلغ ألف دولارأميركي في السنة، انهم يعملون كثيراً على أساس المقايضة. يقعمركزهم في أحد المباني السكنية العالية التي تعود إلى العهد السوفياتي السابق. لقد قايضوا بضائع أخرى للحصول على التيار الكهربائيوالهاتف. ولديهم إتفاق مع المستشفىلتأمين العناية الصحية لموظفيهم. لقد تحدثت إليهم حول التمويل عن طريق إصدار الأسهم أو السندات، كما هي الحال عندنا بالنسبةللإذاعات العامة في الولايات المتحدة،فقالوا "لدينا هكذا إتفاق مع جمعية المستأجرين في شقق البناية". فسألت، "ماذا تحصل جمعية المستأجرين"؟ فأجابوا، "نذيعأسماء المستأجرين الذين لا يسددون بدلاتالإيجار." تومبسون: كنت أعمل معوكالة أنباء محلية في مولدوفا، إلى الشمال من شيسيناو، قرب مدينة بالتي. من ناحية عامة، الأخبار الاقتصادية - أخبار قطاع الأعمال -هناك سلعة ذات قيمة كبيرة، وقدأدركت هذه الوكالة ذلك. لكن بما أن الوكالة كانت موجودة خارج العاصمة، لم تكن تتمتع بموقع مناسب جغرافياً لتلقط الأخبار حول ما يجريفي الحكومة، وفي المصارف الرئيسية،وهلمّ جرا. كانت في مدينة بالتي نسبة متنامية من النشاط الاقتصادي،لكنه كانمن الصعب على المراسلينجمع المعلومات ووضعها ضمن سياق مفيد لرجال الأعمال في المنطقة.وكما تبيّن لوكالة الأنباء أن الرسميين الحكوميين ورجال الأعمال أنفسهم، لم تكن لديهم إلاّ معلومات قليلة جداً. فلم تكن هناكتقليد بالنسبة لتبادل المعلوماتحول النشاط الاقتصادي، كما أن قطاع الأعمال الصغير الحجم لم يكن قد أدرك بعد كيف يمكنه استخدام الأخبار المتعلقة بالنشاطالاقتصاديلمصلحته. كانت الوكالة جريئة ومقدامة، وبدأت تعمل مع جمعية التجارالمحليةلتدريب صغار رجال الأعمالفي العمل مع العاملين في حقل العلاقات العامة ليعلّموهم كيفيةعقد مؤتمر صحفي أو ما شابه. كانوا يتوجهوا خارج نطاق العمل الصحفي لتعليم قرائهم ولخلق سوق حر لمنتجاتهم. اعتبرت أن هذا عمل جريء للغاية، لكنه أثار أيضاً بعضدواعي القلق.ففي البيئة المثاليةللعمل الصحفي، يتجاوز المرء المؤتمر الصحفي. فيذهب إلى أبعد منه ويجد معلومات أخرى. فالإنخراط في العلاقات العامةحمل معه إمكانيات الوصول إلى طاقاتكامنة بحيث يتوجه الصحفي إلى أبعد من عمله الرئيسي، إلى أبعد من تركيزه على نقل الأخبار. سايمنسون: إذا أردت أن تنجح إقتصادياً، عليك أن تفي بحاجات الناس، حاجات القراءوالمشاهدين. هذا صحيح بغض النظرعن أي نوع من الوسائل التي تعمل فيها. ما حصل في أحيان كثيرة في البلدان الشيوعية السابقةً في أوروبا هو أن عمليات وسائل الإعلامكانت قد بدأت كأصوات مضادة للحكومات.وكانت أحياناً سلبية للغاية. فخلال عملي مع الصحف في كرواتيا سنة 1999، طرحت عليهم السؤال التالي: "ماذا سيحدث بعد أن يرحل(الرئيس السابق فرانجو)تودجمان" ؟ كان منالمعروف انه يعاني آنذاك من مرض السرطان. أجابوا، "ماذا تقصد؟" لم يكن لأحد أن فكر في الموقف الذي ستتخذه الصحيفة، أومن ستدعم أو تعارض، عندما يموت. في سلوفينيا، في الصحيفة التي ذكرت حيث سادت الفوضى، هبطالتوزيعمن 100,000 إلى 27,000نسخة خلال سنتين لأنهم كانوا لا يزالون يدعون إلى الإستقلال الذي كان قد حصل قبل سنتين. رفضوا التركيز على حاجاتالبلاد بعد سنتين، كما أن هذه الحاجاتكانت قد تغيّرت. لم يبق لهم علاقة بالأحداث الجارية كما كانوا في السابق. غالباً، ما يتجاهل القائمون على الوسائل الإعلامية ضرورةالتعرفعلى ما هو مفيد لقرائهمأو مشاهديهم. وهذا هو الفرق بين العمل للنجاح في السوق والكتابةلمجرد اللذة الذاتية. سيمرينغ: عليك أيضاً أنتفكر في كيفية أن يكون لسلعتك دور في مساعدة المجتمع الأهلي والاقتصاد. ففي سوويتو، الضاحية السوداء غرب مدينة جوهانسبيرغ في جنوبإفريقيا، كان لدى الإذاعة الأهليةالمحلية في سووتيو محل بيتزا يقوم بدور الراعي لها. كان هذا المحل ناجحاً جداً وذلك نتيجة للإعلانات في الإذاعة التي مكنته من فتحمحل ثانله. ثمة طريقة أخرى لجمع المال أردت ذكرها: ساند برنامج شبكةوسائلالإعلام التابع لمعهدالمجتمع المنفتح، جمعية الصحف الإقليمية في مولدوفا لتمكين تلك الصحف من تقديم عروض بيع جماعية للمعلنين، وقدمكّنهم ذلك من زيادة المبالغ الماليةالواردة من الإعلانات بنسبة كبيرة لهم جميعاً، بالمقارنة مع بيع الصحف في الشوارع. بعدها، ساعدهم معهد المجتمع المنفتح على دفعأجور ملاحق الصحف التي تقدم التقاريرالتحقيقية التي كانت تنشرها الصحف مرة كل شهر. مع تطور الجمعية، التي كانت مسؤولة عن تقديم المساعدةعلى الصعيدينالإقتصادي والصحفي،إستفادت أيضاً جميع الصحف. لكن غالباً، ما تكون بعض هذه الجمعياتغير فعّالة. وهم بحاجة إلى رؤيا جديدة وإلى قيادة جديدة. تومبسون: خلال عملي في كييف، رأيت الإتصالات المناطقية تنمو، ورأيت الناسالعاملين في الصحف ومواقع الإنترنتيعملون معاً لتعليم المعلنين، ولتبادل الخبرة حول وضع أسعار الإعلانات، وحول أفضل الطرق لذلك. وكلما حصل المزيد من ذلك يعتبرجيد، لأنه يساعد ربما في بناء الإقتصادفي المناطق. إنه قيّم جداً. سؤال: الذي يدهشني عندما أسمعهذه النوادر من هذا العدد الكبير من البلدانحيث سبق لكم أن عملتم هو الإبداع. لقد لاقيتم بعض الحلول الإبداعية الرائعة التي لا وجود لها في أي مكان في النموذج الغربي. هل لاتزال وسائل الإعلام في تلك البلدانتجد طرقاً جديدة تماماً للقيام بعملها؟ سايمنسون: أجل، لكن من الضروري القول إن جميع تلك الأشياء الرائعة التي نتحدثعنها لا يمكن أن تنجح إذا كانتهناك تدخلات حكومية. انه جزء هام من الرسالة. فالحاجة إلى وسائل إعلام حرة دون أي تدخلات حكومية مهمة جداً . ففي كل مرة تريد الحكومةوضع قوانين تنظيمية على أي شيء،يصبح الأمر خطيراً. عندما كان فلاديمير ميسيار رئيساً للوزراء في سلوفاكيا،كانتالحكومة تقرر أين تطبعالجرائد. فإذا كانت الجريدة تعارض ميسيار، كانت الحكومة تسحب الجريدة من مطبعة أوفسيت حديثة وترسلها إلى مطبعة قديمةيعود تاريخها إلى سنة 1909. فجأةتخسر الجريدة إعلاناتها من شركات السيارات كما تخسر جميع الشركات التي كانت تتطلب إخراجاً جيداً لإعلاناتها. وكانت الحكومة تنكر أيةمسؤولية بالنسبة لانخفاض دخلتلك الجريدة المعارضة. في مثل هذا النوع من الجو، تتعرض وسائل الإعلام الحرة للخطر. سيمرينغ: لكن إذا حاولنا التشديد على ملاحظاتك حول الإبتكار، فثمة إبتكارهناك، كما أن على الذين يذهبونمنا إلى هناك كمستشارين لمؤسسات وسائل الإعلام في الدول التي تمرّ بطور إنتقالي أن يعترفوا بذلك، وأن لا يحاولوا فرض النموذجالغربي. فهو لا يناسب. فإذا نحنأعطيناهم مبادئ التغطية المنصفة، والدقيقة، والمتزّنة للأخبار، ولممارسات العمل السليمة، فانهم سوف يبتكرون مبادئ عملانية تناسبهم أكثر. إننا نعطيهم الأدوات لبناء هيكلية، ونبين لهم الموادالتي تصلحوالتي لا تصلح للنشر. أناأبدأ دائماً بتصريح عن المهمة المعهودة إلي، لأنه يجب أن تكونلدينا رؤيا معينة عما تستخدم وسائل الإعلام من لأجله. قد تنجح في تحقيق أرباح، لكنك بحاجة إلى خدمة مصالح بلدك ومجتمعاتك. سايمنسون: أعتقد أن رسالة وسائل الإعلام هي إحدى أقل الأمور فهماً في الأسواقالناشئة. أتذكر مرة كنت أنظرإلى بيان عن الأرباح والخسائر في مؤسسة نشر ناجحة جداً وسألت عن رسالة المؤسسة. أجابوا: "أن تكون مربحة". قلت لهم:"انظروا، سوف تربحوا لو توقفتم عن إصدارالمجلة الملحقة، فالجريدة هي التي توفر لكم الأرباح". قالوا انه لا يُمكنهم أن يفعلوا ذلك، وكان علي أن أجيب: "إذن، فالربح ليسرسالتكم." سيمرينغ: سأقول فقط إن الإنسان بحاجة لأن تكون لديه رسالة واضحة، وشعور عميقبأهمية المعلومات في مجتمع حرّ.فالتزام الدقة والحقيقة يجب أن يكون شبيها بالثقة المقدسة التي لدى الطبيب. إن تزويد القراء والمشاهدين بالمعلومات التي يمكنهم الوثوق بها هو واجب مهني. فالبقاء على صلة وثيقة بالقراء والمشاهدين هو أيضاًضروري، لأنعليك أن تحصل منهم علىالاستجابة وأن تبقى على اتصال معهم. فهم يغذّون ويُعلمون رسالتك. فالتحدّي هو أن نقدم المعلومات بطريقة جذّابة بحيث ترغبالناس فيسماع وقراءة ما يحتاجونلمعرفته. سيمرينغ، وسايمنسون، وتومبسون شاركوافي النقاش هذا في مكتب برامج الإعلام الدخارجي في واشنطن، العاص
| |
|