مالك بن نبي شغلته مهمة تغيير العالم الإسلامي
بقلم: د. مولود عويمر
أستاذ التاريخ
المعهد الأوربي للعلوم الإنسانية - باريس
تعتبر جريدة البصائر من أشهر الصحف العربية التي ظهرت في العصر الحديث ومن أكثر الجرائد الجزائرية رواجا في الداخل وفي الخارج(1) والمؤسف أن الباحثين لم يتعمقوا كثيرا في دراستها، واعتقد أن تسليط الضوء عليها بطريقة عملية وتحليل ما ورد فيها من أفكار وآراء سوف يزيل الستار عن صفحات مجهولة من تاريخ الجزائر الثقافي والسياسي ويكشف لنا جانبا مهما من جوانب التفكير الإصلاحي عند جمعية العلماء الجزائريين ويبرز أيضا طبيعة علاقاتها مع النخبة الجزائرية والأحزاب السياسية والحركات الدينية القائمة. وفي هذا الخصوص سيتناول مقالنا العلاقات بين جمعية العلماء ومالك بن نبي(2) من خلال جريدة البصائر كنموذج لهذه الدراسات.
تأسست صحيفة البصائر في كانون الأول ديسمبر 1935 وأشرف عليها الشيخ الطيب العقبي وحين تحولت من الجزائر العاصمة إلى قسنطينة في العام 1937 ترأسها الشيخ المبارك الميلي توقفت في 25 آب أغسطس 1939 وظهرت السلسلة الثانية في تموز يوليو العام 1947 واستمرت غلى أوائل نيسان أبريل 1956 وتعرضت مرات عدة للمصادرة في العام نفسه بسبب مواقفها الجريئة ومساندتها للثورة الجزائرية.
كانت جريدة البصائر تصدر يوم الاثنين قبل أن تتحول إلى يوم الجمعة وتحتوي على ثماني صفحات ويكون العنوان دائما أسودا وفي بعض الأحيان أخضرا أو أحمرا، ويكتب فرقه الآية القرآنية ﴿قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليك بحفيظ﴾ الأنعام 104 وتحت العنوان نجد هذه العبارة لسان حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ويزخر كل عدد بمجموعة من الصور.
كتاب البصائر: كثرت المقالات السياسية في الجريدة كتبها في غالب الأحيان محمد البشير الإبراهيمي والعربي التبسي وأحمد توفيق المدني والفضيل الورتلاني ومحمد خير الدين وعمر باعزيز وأبو يعلي الزواوي وعبد الرحمن شيبان، ونجد أيضا مقالات فكرية واجتماعية ودينية بأقلام الطيب العقبي وباعزيز عمر وأبي يعلي الزواوي والهاشمي التيجاني ومحمد الأكحل الشرفا.
والصحيفة غنية بالدراسات التاريخية أعدها المؤرخون الجزائريون مبارك الميلي وعبد الوهاب بن منصور وأحمد توفيق المدني وعبد الرحمن الجيلالي ورابح بونار ومحمد علي دبوز وشملت المقالات تاريخ الجزائر القديم والحديث وجوانب كثيرة من التاريخ الإسلامي واهتمت البصائر اهتماما كبيرا بالأدب والشعر ولا يخلو عدد منها من القصص وقصائد شعرية لكبار الدباء والشراء الجزائريين ونذكر منهم أحمد رضا حوحو ومحمد العيد آل خليفة وأحمد سحنون والربيع بوشامة وحمزة بوكوشة ومبارك جلواح وفرحات الدراجي واحمد ذياب وعبد الكريم العفون وفتحت المجال أيضا للشباب الطلبة وكان أشهرهم أبو القاسم سعد الله وعبد الله الركيبي وابو مدين الشافعي ومحمد الصالح رمضان ومحمد الطاهر فضلاء.
كان للصحيفة مراسلون في تونس علي الجنوبي، والقاهرة أبو القاسم سعد الله، أبو مدين الشافعي، عبد الكريم محمد، وفرنسا أحمد بن عاشور، محمد الزاهي، سعيد البياني، يزودونها بأهم الأحداث في الساحة السياسية والحياة الثقافية، ويقومون بمتابعة وتغطية نشاطات جمعية العلماء الجزائريين في الداخل والخارج، وقام علي مرحوم بمجموعة من الرحلات عبر الجزائر ومحمد الغسيري في المشرق العربي فنشرت كل شكل تحقيقات، توزع الجردية في الجزائر وفرنسا وفي كثر من القطار الإسلامية وتحتوي على أبواب ثابتة – صفحة للقراء, الأدب وفوائده، شؤون وشجون، أخبار الشعب، نفحات من الشعر الجزائري الحديث، منبر السياسة العالمية، منبر الوعظ والإرشاد، يوميات القضية الجزائرية - فتحت الجريدة صفحات للمفكرين والعلماء المسلمين فكتب فيها مباشرة علماء من المغرب وتونس ومصر والشام نذكر منهم علال الفاسي، عبد الله كنون، إبراهيم الكتاني من علماء المغرب والمناضل السياسي التونسي محيي الدين القليبي والشاعر السوري عمر بهاء الدين الأميري والأمير شكيب أرسلان وسيد قطب في 23 كانون الثاني - يناير - نشرت البصائر المقال الأول لسيد قطب تحت عنوان كفاح الجزائر قدمته بكلمات تقول فيه: وجد الأستاذ سيد قطب في صحيفة البصائر التي هي اللسان المعبر عن كفاح الجزائر في سبيل المحافظة على إسلامها وهويتها وربط نهضتها بالعامل الإسلامي صدى دعوته الصارخة فأحبها وبادر بإرسال هذه الكلمة البليغة إليها إذ تُحلي صدرها بها، إنما تنشر صفحة جهاد أحد العلماء العاملين من أعلام هذه النهضة...
تعرضت جريدة البصائر لمشكلات مالية في عامي 1948 و 1950ثمن العدد 30 فرنك فاضطربت إلى تقليص عدد صفحاتها إلى أربع صفحات مرة كل شهر وفتحت قائمة الاكتتاب فجاءها الأموال من كل أنحاء الجزائر ومن المغتربين الجزائريين كما هو واضح من قوائم المتبرعين التي تحرص الصحيفة على نشرها تنويها بالمحسنين وتحفيزا للمترددين.
كتب مالك بن نبي في ميزان البصائر: قامت البصائر بعرض كتاب مالك بن نبي بأقلام إسماعيل العربي والشيخ باعزيز عمر وأحمد توفيق المدني.
كتب إسماعيل العربي مقالتين تحت عنوان ما هي شروط النهضة الجزائري؟ انتقد فيه كتاب شروط النهضة الذي أصدره مالك بن نبي في العام 1949 ركز في المقالة الأولى على أسلوب المؤلف ومنهجيته وطريقته في عرض الأفكار، يمكن تلخيص النقد في النقاط التالية: التركيز المخل القلق وألإيراع في عرض الأفكار، وضع عناوين ضخمة لفصول قصيرة، التعقيد العلمي المقصود، الإشارة إلى بعض العلماء والفلاسفة دون اقتباس لآرائهم في محل الاستشهاد(3).
في المقالة الثانية فند إسماعيل العربي أفكار بن نبي التي تناولت بالنقد مشاركة جمعية العلماء في المؤتمر الإسلامي ومساندتها لمشروع بلوم فيليت واهتمامها بالسياسة، فجمعية العلماء تمثل حركة شعبية كبيرة لا يمكن لها أن تنطوي على نفسها ولا تشارك في الأحداث التي تمس من قريب الشعب الجزائري فالمؤتمر الإسلامي جمع أغلب القوى السياسية على الولاء لسلطة الاحتلال، فتاريخ الجمعية شاهد على صراعها مع الاستعمار قبل العام 1936 وبعده. وهنا يكمن خطأ بن نبي الذي جعل من هذا التاريخ منعطفا في تاريخه للحركة الإصلاحية، إذ واصلت الجمعية نشاطها التربوي الذي بدأته في عام 1931 كما تبينه البعثات الطلابية إلى الخارج وعدد المتخرجين المتزايد من المدارس الحرة وتأسيس معهد ابن باديس في قسنطينة في الأربعينيات(4).
شارك الشيخ باعزيز عمر في ندوة أعدها الطلبة لمناقشة كتاب شروط النهضة، دافع عن مالك بن نبي ضد خصومه الذين انتقدو بشدة الكتاب: مست المناقشة مجمل آراء المؤلف في النهضة الجزائرية، ولكن النجاح في إصابة الرأي وجمع أطراف الموضوع لم يكن حليفها دائما لأنها كانت في جو ضيق من الفكر – ولو اتسع مجال التفكير قليلا وتجرد عن دوافع نفسية خاصة وأهواء لا تنتهي بصاحبها إلى الاستنتاج العقيم – لكانت المناظرة جديرة بالاعتبار ولصلحت أن تكون عنوانا على تقدم الفكر والثقافة واتجاهها نحو خدمة الشعب وترقية مداركه، ما رأيه في الكتاب؟ تعرض الشيخ باعزيز لبعض أفكار المؤلف بشيء من النقد تشبه انتقادات إسماعيل العربي ثم يضيف قائلا: إن مجموع آراء الأستاذ بن نبي التي أدلى بها في كتابه ما يرضي رجل الدين وإصلاح ولا يسخط رجل الثقافة الغربية والسياسية الحزبية الحاضرة عندنا إذا تجرد نظره إليه من الأهواء والنزعات وفي الأخير ينصح الشاعر باعزيز عمر الكاتب بإعادة النظر في الكتاب وتصحي بعض الآراء وشرح وتوضيح الأفكار الغامضة ليكون الكتاب أصدق قيلا وأجمل أثرا(5).
لقد بقي مالك بن نبي متمسكا طوال حياته بقناعاته على الرغم من الانتقادات التي وُجهت له من أطراف مختلفة نوادي للتهذيب في فرنسا كانت مركزا لالتقاء العمال الجزائريين والطلبة العرب الوافدين للدراسة وبعض المستشرقين، وكان عددها ثمانية، يتسع كل منها لألف من المستمعين، يتمتع الخطباء بحرية الكلام ومهاجمته الاستعمار.
وجهة العالم الإسلامي: صدرت الطبعة الأولى لكتاب وجهة العالم الإسلامي في العام 1954 ولاقت ترحيبا من القراء والنقاد على السواء قام أحمد توفيق المدني بعرض كتاب وجهة العالم الإسلامي (هوية الإسلام كما جاء في المقال) في البصائر قدمه للقراء بإعجاب وتقدير: الأستاذ الجزائري مالك بن نبي عبقري من عباقرة العصر الحديث في قطرنا الذي لا يزال يخرج عظماء الرجال... والأستاذ ابن نبي لا يكتب حين يكتب، معتمدا على نظريات فارغة، ارتجالات يتفتق عنها الذهن، بل إنه نظرا لنشأته العلمية البحت، وتبحره في الرياضيات والهندسة، يحلل ويدقق ذ, ويُبسط المقدمات العلمية والفلسفية ليستخرج منها النتائج المعقولة المنطقية، أما كتب ابن نبي فهي كلها خاضعة للموازين العلمية والقوانين الطبيعية والقياسات المنطقية ومن هذه الناحية كانت لكتبه تلك القيمة العظيمة التي اشتهر بها والتي سجلت اسمه بين كبار المنتخبين.
ختم أحمد توفيق المدني مقاله بالدعوة إلى قراءة متأنية للكتاب ودراسة الأفكار الواردة فيه ومدح الكاتب: فالواجب أن نوليه عناية في البحث والدراسة توازي على ألقل العناية التي أوجدها عند الباحثين الغربيين،وبارك الله في علامتنا الجليل النافع ووفق الأمة لتنشيطه حتى يوالي مثل هذه الجهود التي ترفع رأس الأمة الجزائرية المسلمة وتعطي عنها صورة مشرقة للعالم أجمع(6).
لم نجد في جريدة البصائر إلا هذه المراجعات التي تناولت كتابان لمالك بن نبي: شروط النهضة ووجهة العالم الإسلامي، وودت الإشارة إلى كتابه الظاهرة القرآنية الذي نال استحسان جمعية العلماء، ولكن هذا الكتاب صدر في فترة احتجاب الصحيفة فلم يكن محل عرض وتقويم، إنما نشرت البصائر ترجمة كاملة للمقدمة التي كتبها الشيخ محمد عبد الله دراز.
الإسلام جاء من أول يوم كمشروع حضاري فرض على اتباعه القيام بالشهادة على المدنيات القائمة والشهود يقتضي الحضور والحضور في مفهوم الإسلام تمكين وأداء لوظيفة الاستخلاف وتعمير الأرض.
مالك بن بني في نظر مراسل الجريدة في تونس: في صيف 1949 ألقى مالك بن نبي في مقر جمعية قدماء المدرسة الصادقية وحضر اللقاء الشيخ عبد الرحمن شيبان رئيس جمعية الطلبة الجزائريين في تونس سابقا، والأديب محمد الصالح بن شيكو، ومحمد علي العنابي رئيس جمعية قدماء الصادقية والمؤرخ التونسي المعروف حسن حسني عبد الوهاب وغيره من النخبة التونسية، تابعت الصائر الحدث ونشرت عنه عرضا كاملا.
قدمه علي الجندوبي مراسل الجريدة في تونس على هذا النحو: الأستاذ مالك بن نبي أحد أفذاذ ونوابع القطر الشقيق وهذا النابغة، رغم تقشفه وانزوائه فهو شعلة ذكاء ومادة أساسية لنهضة الشمال الإفريقي المفتقر لأمثال هؤلاء النوابع المؤمنين بالواقع من دون خيال.
تكلم مالك بن نبي عن القوى الروحية الإسلامية ولخص محاضرته بالفرنسية، ويظهر من خلال الجريدة أن بن نبي أبهر الحاضرين بتحقيقاته العلمية وأسلوبه الممتاز الذي لم نعرفه من غيره والذي توصل به إلى إفهام الجمهور حتى وصل قمة المجد: فقد تناول بحثه بأسلوب علمي وبحث وأجاد في تحقيقاته العلمية الفلسفية المنطقية في شأن المقارنة بين المدنية الإسلامية والمدنية الغربية مُعطيا أمثلة واقعية حسابية مستمدة من الأصول المنطقية والحقائق العلمية واضعا جدولا أمام مستمعيه مصورا فيه العناصر الأساسية والخريطة الحسابية الناطقة بالأرقام والتي دائرة قطبها والمحور الأساس لها هو الروح الإسلامية، وقد انحصر بحثي العلمي في ثلاث نقاط، الروح، التراب، الزمان، مبينا أن كل مدنية فقدت أساسها الروحي هي سائرة إلى الاضمحلال والانهيار.." ويبدو من هذا العرض الوجيز والمحاضرة ليست في الحقيقة إلا تقديما وتعريفا لكتاب شروط النهضة للجمهور التونسي سيما أن ناشر الكتاب (عبد القادر ميموني) مدير شركة النهضة الجزائرية حاضرا في اللقاء.
نجحت محاضرة مالك بن نبي وأشاد بها الحاضرون، يقول عنها رئيس جمعية قدماء الصادقية: "إن هذا الحديث اشتمل على ثلاثة دروس ثمينة وهذا البحث لم يُطرق مثل اليوم منذ عهد المؤرخ ابن خلدون". ويذهب في الاتجاه نفسه العلامة حسن حسني عبد الوهاب إذ يقول: "إن الشباب التونسي في حاجة إلى أمثال التوجيه العلمي الثقافي الممتاز الذي توفق إلى إبرازه محاضرنا، إن هذا البحث لم يُتناول منذ عهد ابن خلدون فلهذا استحق محاضرنا إعجابنا وتقديرنا وافتخارنا ولجزائر هناؤها"(7).
تحدث مالك بن نبي عن صحف جمعية العلماء:" المنتقد" و"الشهاب" و"الدفاع" و"البصائر"، وكان يكن لها احتراما كبيرا فيعتبر نفسه المروج الأول لمجلة الشهاب في أفلو حين كان يشتغل عونا قضائيا فيقول عنها في مذكراته: "فمجلة الشهاب قد جددت في نفسي خلال إقامتي بأفلو الأفكار التي كانت أروجها في مقهى بن يمينة والمدرسة"(
.
بن نبي والصراعات السياسية: تكلم عن جريدة الدفاع التي يصدرها الشيخ الأمين العمودي، وعاب عليه عدم نشر مقاله "مثقفون أو مثيقفون" الذي هاجم فيه فرحات عباس، وقد رفضه لكي لا يحطم "مستقبل فرحات عباس في الحلبة السياسية"(9)، وكان عباس في هذه الفترة حليفا لجمعية العلماء، ويمثل أحد أقطاب المؤتمر الإسلامي الجزائري.
تطرق مالك بن نبي لصحيفة "البصائر" بخاصة عند الحديث عن كتابه "شروط النهضة" وشرح نظريته حول الصراع الفكري فقد اعتبر ردود العلماء على آرائه حول جمعية العلماء غير دقيقة وتنم عن عدم فهمهم لأفكاره وغفلتهم في ميدان الصراع الفكري الذي تحرك خيوطه بدقة القوى الاستعمارية الكبرى مستهدفة في المقام الأول تشغيل المفكرين والعلماء والمسلمين بالقضايا الصغرى وصرف أنظارهم عن القضايا المصيرية.
كان لجهود جمعية العلماء المسلمين وممثليها في فرنسا تأثيرا كبيرا حتى على الباعة المتجولين والعمال الأميين الجزائريين، فكانوا يتحدثون بحماسة عن حركة الإصلاح.
لم ينس مالك بن نبي "البصائر" التي رفضت نشر جوابه على مقال كتبه فرحات عباس في جريدة الجمهورية الجزائرية، يقول في هذا الصدد بعد مرور سنوات عدة على هذا الحدث:"ومما يزيد في هول الموقف أنني حاولت – بعد نشر الرد المقنع – حاولت أن أنشر مقالتي باللغة العربية حتى تؤدي مفعولها بصورة مباشرة فأرسلت بها إلى جريدة جمعية العلماء "البصائر" وأوكلت لها أمر الترجمة والنشر، فلم تفعل شيئا لأن جهازها الصحافي باللغة العربية وباللغة الفرنسية كان كله تحت تصرف عملاء نعرفهم وأردنا أن نكشف أمرهم في حديثنا مع الشيخ العربي التبسي في مناسبات مختلفة ولكن من دون جدوى لأن فضيلة الشيخ على الرغم مما نعرف له من سمو أخلاق لم يكن بفقه معنى لأسلوب الصراع الفكري حتى عندما يكون هذا الأسلوب في منتهى الوضوح"(10).
وبقي مالك بن نبي متأثرا كثيرا بهذا الحدث وبالانتقادات التي وجهتها له "البصائر" كما يظهر ذلك بوضوح في الطبعات الأخيرة لكتبه التالية:"شروط النهضة" "في مهب المعركة" "الصراع الفكري في البلاد المستعمرة"، في الحقيقة إنني أخشى أن يكون "النقد" لم يدخل بعد في عاداتنا ولم يستقر في جونا العقلي، وإن الكلمة ذاتها لم تبرح أجنبية عن قاموسنا، أو أنها تعني شيئا آخر، كان كلمة "نقد" وكلمة "تشويه" مترادفان في لغتنا، إنني أخشى هذا و أتذكر أن هذه الخشية قد اعترتني في مناسبة أخرى عندما نشرت كتاب "شروط النهضة" وكنت خصصت فيه فصلا لذكر الحركة الإصلاحية التي قامت بها جمعية العلماء في البلاد، وغذ بي أجد يوما في جريدة جمعية العلماء "البصائر" ردا بقلم أحد أعضائها المتكلمين باسمها، يرد علي كان كتبي المذكور لم يكن همه إلا الكلام في هذه الجمعية بما يشوه سمعتها"(11).
وعلى أية حال لقد ظل مالك بن نبي مواظبا على مطالعة الصحيفة وحريصا على الكتابة فيها.
مقالات مالك بن نبي في صحيفة "البصائر": نشرت صحيفة "البصائر" ثلاث مقالات لمالك بن نبي بين 1949-1953 ورفضت نشر مقالة كتبها ردا على جريدة الجمهورية الجزائرية كما ذكرنا سابقا.
نشر المقال الأول في شباط (فبراير) 1949 بعنوان "ميلاد المسيح عند المسلمين"، أرسله إلى الجريدة من تبسة سجل فيه خواطره عن الميلاد الذي احتفل به المسيحيون في كانون الأول (ديسمبر) 1947 وهذا ما يدل على أن المقال كُتب في الشهر نفسه وتأخر بنشره شهرين، تعرض للبعد الديني لهذه المناسبة والقيم العليا التي نادى بها المسيح عليه السلام ثم تساءل بن نبي عن حاله المسلم الجزائري والمسيحي الفلسطيني في هذا اليوم الذي يمثل عيدا للفرنسيين في الجزائر المستعمرة ويوما جديدا في سجل دولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية منذ نصف عام.(12)
حمل المقال الثاني والثالث عنوانا واحدا: في طريق ظهور مدينة, ظهر المقال الثاني في 6 آذار (مارس) 1953 ونشر الثالث في نيسان (أبريل) 1953، ويبدو من العنوان والأسلوب أن المقالتين مترجمتين من الفرنسية إلى العربية بالإضافة إلى المصطلحات التي تختلف تماما عن المرادفات التي تعود على استعمالها بن نبي.
قد ذكر بن نبي في كتابه "في مهب المعركة" أنه سبق له أن أرسل مقالا إلى "البصائر" وضعه بالفرنسية ليقوم جهازها الصحافي بترجمته إلى العربية، ويحتمل أن يكون المقالين نقلتهما "البصائر" من جريدة الشاب المسلم لسان حال شباب جمعية العلماء الصادرة بالفرنسية والتي كان يكتب فيها بن نبي بانتظام، وقد أعادت "البصائر" نشر مقالات الدكتور عبد العزيز خالدي، صديق مالك بن نبي، والمسلم الفرنسي الدكتور سلمان بنوا بعد أن ترجمتهما إلى العربية.
استهل مالك بن نبي المقال الثاني بحديث موجز عن مفهوم التاريخ ولا نظريات التاريخية، وأشاد بالعلامة ابن خلدون الذي أبرز دور العلاقات الاجتماعية في بناء الحضارات وتأسيس الدول ولم يكتف بالنظريات القديمة التي تمجد الفرد وتفسر مسيرة الإنسان الحضارية تفسيرا بطوليا.
وشغلت بن نبي ثلاثة أسئلة جوهرية: هل للمسلم من المؤهلات التي تمكنه كفرد من التحضر والمساهمة في عملية التغيير؟ هل في العالم الإسلامي من قدرة كمجتمع على الإبداع وتحويل طاقاته الكامنة إلى فاعلية؟ هل في العالم الإسلامي كأمة من الخصائص ما يخوله حق القيام بدور الشهادة على العالم الحاضر؟
فضل بن نبي التركيز على السؤال الأخير وأحال القارئ إلى كتابه "شرط النهضة" ليجد إجابات مفصلة عن السؤالين الأولين.
أبرزت القضية الفلسطينية في كل أبعادها نقطتين متناقضتين: كشفت عن ستار التخلف السائد في العالم الإسلامي من جهة، إذ استطاع اليهود رغم قلة عددهم أن يقيموا دولة على الأراضي الفلسطينية ومن جهة أخرى أيقظت الضمير الإسلامي المقهور حيث تفاعلت الجماهير مع القضية وخرجت لتطالب بحقها في الدفاع عن مقدساتها فاعتبر بن نبي ردود فعل الشعوب من علامات النهوض، وبدأت له ملامح التمدن في التغييرات السياسية التي ظهرت في مصر وباكستان وإيران.
لقد صارت الأساليب الاستعمارية القديمة القائمة على الاحتلال والعنف العسكري غير قابلة لعالم ما بعد الحرب العالمية الثانية فالسلام والتعايش والتفاهم بين الأمم صار ضرورة لدرء حرب عالمية أخرى فالصراع تحول من ميادين الحرب إلى مخابر العالم ومراكز الفكر والاقتصاد.
يختم بن نبي مقاله قائلا: "إن العالم الذي يدنو من التكتل الحتمي ولو على الرغم منه لم يبق فيه – تقريبا - مجال للأفكار الهرمة المناقضة للغاية التي يتجسم فيها بقاء الجنس البشري(13).
واصل مالك بن نبي في المقالة الثالثة حديثه عن التطور العلمي والازدهار الاقتصادي في المجتمعات الغربية من دون العالم الذي يدنو من التكتل الحتمي ولو على الرغم منه لم يبق فيه، تقريبا مجال الأفكار الهرمة المناقضة للغاية التي يتجسم فيها بقاء الجنس البشري.
إبهار واحتقار فمظاهر المدنية منتشرة في كل مكان لكن أمرا آخر يشغل بال بن نبي:هل يمكن لهذه المدنية أن تؤمن للإنسانية؟؟ وتصب الإنتاج المادي الهائل في قالب حضارة يستفيد منه كل البشر؟ هنا يتحدث بن نبي عن مشكلة الثقافة، فالثقافة الغربية تهتم فقط بالجانب المادي دون اعتبار للقيم الروحية والأخلاق، فالعالم الذي يخترع أسلحة الدمار لا يفكر حين يصنعها بالأضرار التي ينجم عن استعمالها والسياسي لا يرى فيها إلا مصدرا للقوة وأداة للترهيب ووسيلة لتحقيق التوسعات الاستراتيجية وجذب المصالح الاقتصادية، وفي اتجاه معاكس تعتني الثقافة الإسلامية كثيرا بالروح والأخلاق ولا تهمل بتاتا الإبداع والبناء الاقتصادي يصفها مالك بن ني في المقال بهذه العبارات: "إن الثقافة الصحيحة هي أن تكون جد مناسبة لتلك الروح الطامحة إلى السمو والرامية إلى أكرم الإنسان ورفعه من الحضيض وإسبال نعم الله التي أنعم به عليه لإسعاده ولو رمت الثقافة غلى ذلك وحررت الإنسان من دون تمييز ديني أو عنصري فإنها تكون قد أحسنت صنعا وصح لنا أن ننعتها بنعت الثقافة المدنية الرفيعة لا ما هي عليه اليوم من الجبروت والطغيان...".
بعد الموازنة بين التصور العربي والإسلامي للثقافة والحضارة يختم مالك بن نبي مقاله بالتفاؤل لأن الإسلام جاء من أول يوم كمشروع حضاري فرض بالشهادة على المدنيات القائمة على اختلاف الأوطان وامتداد الأزمنة والشهور يقتضي الحضور والحضور في مفهوم الإسلام تمكين وأداء لوظيفة الاستخلاف وتعمير الأرض إن المسلم إذا أدرك أنه سيكون شاهدا على الناس وأدرك أنه كان ضحية مدى قرون لثقافة الاستعمار وكان رغم كل ويلاته صابرا طامعا في رحمة الله ولم تغره المادة ولم يبع دينه بدنياه إذا أدرك كل ذلك فقد يؤمن أن النصر سيكون حليفه وإن المدنية المقبلة في خدمته وأن المسلم والمؤاخاة لا يتحققان إلا على يديه وأنه سيكون له في الدنيا دور إنشاء وتعمير يتمدن فيه ويمدن وذلك في عالم متحد لا يصبوا إلا إلى الرقي الصحيح(14).
الثقافة الغربية تهتم فقط بالجانب المادي دون اعتبار للقيم الروحية والأخلاق
مشاركة مالك بن نبي في نشاطات جمعية العلماء المسلمين: تأثر مالك بن نبي منذ شبابه بالحركة الإصلاحية بقيادة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وواضب على مطالعة جرائدها وعرف المصلحين من أمثال الشيخ عبد الحميد بن باديس والشيخ العربي التبسي، في العشرينيات وعندما استقر في فرنسا للدراسة ثم للعمل ساهم في نشر الأفكار الإصلاحية في الأوساط الطلابية والعمالية العربية.
في العام 1936، أرسلت جمعية العلماء المسلمين مجموعة من العلماء لتأسيس نوادي تهذيبية في فرنسا تهتم بالجالية الجزائرية المقيمة فيها واستمر نشاط هذه النوادي حتى 1956، نذكر من بين هؤلاء المصلحين: الفضيل الورتلاني، سعيد صالحي، سعيد البيباني، حمزة بوكوشة، الربيع بوشامة، عبد الرحمن اليعلاوي، محمد الزاهي، محمد الصالح عتيق، إسماعيل العربي، مبارح جلواح، فرحات الدراجي، والبشير العياضي.
تشتمل نوادي التهذيب على قاعة للصلاة ومدرسة لتعليم الدين وتدريس العربية والتاريخ الإسلامي والجغرافيا والأناشيد الدينية والمسرح والرياضة، وتقدم النوادي الوجبات الشرقية من شاي وحلوى بأثمان زهيدة لجذب المسلمين وإبعادهم عن المقاهي، وأماكن اللهو والترقية المنتشرة في المدن الفرنسية الكبرى، كانت هذه النوادي مركزا لالتقاء العمال الجزائريين والطلبة العرب الوافدين إلى فرنسا للدراسة وبعض المستشرقين وساهم بعضهم في نشاطاتها التربوية والثقافية وفي إحياء المواسم الدينية بتلاوة القرآن وإلقاء المحاضرات وتنشيط الحفلات نذكر منهم على سبيل المثال محمد عبد الله دراز، عبد الرحمن تاج، عبد الحليم محمود، صبحي الصالح، محمد المبارك، ماسينيون، بلاشيرو، البير..إلخ يقول الدكتور المبارك في هذا الصدد: "حضرت كثيرا من اجتماعاتها في باريس حينما كنت طالبا في جامعاتها ما بين 1935 و 1938 وكان عدد هذه النوادي التي لا يتسع كل منها لألف من المستمعين ثمانية وكان الخطباء يتمتعون بحرية الكلام ومهاجمة الاستعمار وبث روح الاستقلال لا يتمتعون بمثلها في الجزائر (...) وبلغت قوة الحركة أن البائعين المتجولين في باريس من الجزائريين والعمال الجزائريين كانوا يحدثوننا بحماسة على حركة الإصلاح هذه"(15).
كانت تربط مالك بن نبي بالعلماء الجزائريين الناشطين في فرنسا صلة صداقة قوية سيما مع الشيخ سعيد الصالحي والشيخ سعيد البيباني، وكان يتردد كثيرا على نوادي التهذيب في باريس ومرسيليا ويلقي فيها المحاضرات ويشارك في الندوات وأشارت جريدة "البصائر" إلى ذلك مرات عدة بداية من العام 1938 حيث ألقى محاضرة في نادي التهذيب في مرسيليا حول الاستعمار وحضر اللقاء الشيخ سعيد الصالحي الذي زار هذه المدينة وأقام عند مالك بن نبي(16)، في نيسان (أبريل) 1948أسندت النوادي لباريسية الرئاسة الشرفية لاجتماعها لمالك بن نبي وألقى خلاله محاضرة في تفسير آية التغيير من سورة الرعد وحضر الاجتماع الدكتور صبحي الصالح من لبنان، والدكتور علي سلكان بنوه (مسلم فرنسي) ومجموعة من الطلبة المشارقة، يقول المراسل الخاص لجريدة "البصائر" في باريس واصفا هذا التجمع وملخصا ماورد في محاضرة بن نبي: "وصل الرئيس الشرفي للاجتماع، الصحافي البارع الأستاذ مالك بن نبي فحيته الجموع بموجة من التصفيق الحاد (...) ولما تقدم الأستاذ الكبير السيد مالك بن نبي من منصة الخطابة اهتزت القاعة بعاصفة من التصفيق والهتاف، واستهل خطابه البليغ بالآية الكريمة ﴿إن الله لا يغير ما بقوم حتة يغيروا ما بأنفسهم﴾ سورة الرعد، الآية 11، فشرحها شرحا وافيا بين مسؤولية الأمة في تغيير ما بها من منكر وأصابها من ضير حتى تخرج من حال الضعف إلى القوة والمنعة، ومن التدهور والانحطاط إلى الكرامة والمجد، وقوطع هذا الخطاب مرارا بعاصفة من التصفيق الحاد(17).
لم تحدث قطيعة بين مالك بن نبي وجمعية العلماء المسلمين في العام 1949 إثر صدور كتابه "شروط النهضة" فاستمر مالك بن نبي في المشاركة في نشاط نوادي التهذيب في الخمسينيات كما تخبرنا بذلك "البصائر" فقد حضر الحفل الذي أقامته نوادي التهذيب في باريس نيسان (أبريل) بمناسبة وفاة الإمام عبد الحميد بن باديس وألقيت في الحفل كلمات الدكتور كمال أبو المجد والدكتور صبحي الصالح والشيخ البياني، أشاد فيها برائد الحركة الإصلاحية في الجزائر(18) وإذ توقفت البصائر عند هذا الحد ولم تنقل لنا إلا الأجزاء من هذه المحاضرة فباستطاعتنا أن ندرك أفكارها العامة بفضل ما كتبه بن نبي عن ابن باديس في مناسبات أخرى: لقد كان ابن باديس مناظرا مفحما، ومربيا بناء، ومؤمنا متحمسا، وصوفيا والها، ومجتهدا يرجع إلى أصول الإيمان المذهبية، ويفكر في التوفيق بن هذه الأصول توفيقا عزب عن الأنظار إبان العصور الأخيرة للتفكير الإسلامي المصلح الذي استعاد موهبة العالم المسلم كما كانت في عصر ابن تومرت في إفريقيا الشمالية.(19)
وتشبيه ابن باديس بالإمام المهدي بن تومرت أكبر علماء دولة الموحدين تكرر مرات في كتب مالك بن نبي مما يؤكد تقديره لرئي س جمعية العلماء الجزائريين.
الخاتمة: تبين لنا من خلال هذه الدراسة أهمية جريدة البصائر كمصدر لتاريخ الحركة الإصلاحية الجزائرية وصلاتها بالتيارات السياسي والدينية والشخصيات المؤثرة في المجتمع الجزائري في النصف الأول من القرن العشرين، واستطعنا من خلال هذه الجريدة أن نبرز صفحات مجهولة من تاريخ مالك بن نبي، ستساعد لا شك في قراءه على فهم مجموعة من أرائه والأحداث التي تمس من قريب أو من يعيد موضوعنا وتحكم عليها على علم.
إن تباين وجهات نظر مالك بن نبي مع العلماء الجزائريين لم يكن ذريعة للخلاف وسببا للصراع على الساحة الثقافية والسياسية وإنما فتحت جمعية العلماء العجال لبني نبي ليعبر عن قناعاته الفكرية على صفحات جرائدها: البصائر والشاب والمسلم ومن نواديها الإصلاحية في الجزائر وفرناس، وإن استفاد مالك بن نبي من هذه المنابر التي هي ضرورية في المشوار الفكري فإن جمعية العلماء بلا شك وجدت في بن نبي سندا قويا لها فقد دافع عنها ضد خصومها وعرف بأفكارها ورجالها عبر مؤلفاته ومقالاته ومحاضراته فالحوار عند الاختلاف في الرأي والتسامح بعد الحوار والتعاون على نصرة قضية الحق أسس يجب أن تقوم عليها كل العلاقات الاجتماعية وتسير عليها كل الحركات الإصلاحية وتسود بين المصلحين.
الهوامش: (1) محمد ناصر، الصحف العربية الجزائرية من 1847 إلى 1939، الجزائر اشركة الوطنية للنشر والتوزيع، 1980 محمد عبد الملك مرتاض، أثر الصحافة العربية بالجزائر يفي النهضة الوطنية، الجزائر، الثقافة، العدد 28، ايلول (سبتمبر)1975، علي مرحوم، نظرة على تاريخ الصحافة العربية الجزائرية، الجزائر، الثقافة، العدد 43، شباط(فبراير)آذار (مارس)1978، ص 23 – 36.
(2) عن حياة مالك بن نبي، انظر مولود عويمر، مالك بن نبي...مسيرة رجل الحضارة 5 – 19، 1973، باريس، مجلة رؤى، العدد 12 حزيران(يونيو)تموز(يوليو)2001 ص 26-30.
(3) البصائر العدد 87، 18 تموز (يوليو)1949
(4) البصائر العدد 89، 8 أوت 1949
(5) البصائر، العدد 74، 4 نيسان (أبريل)1949
(6) البصائر العدد322، 10 حزيزان (يونيو)1950
(7) البصائر العدد 47، 30 آب (أغسطس)1948
( مالك بن نبي، مذكرات شاهد القرن، دمشق، دار الفكر، 1974، ص184
(9) مالك بن نبي نفس المرجع، ص366
(10) مالك بن نبي، في مهب المعركة، دمشق، دار الفكر، 1986، ص107
(11) مالك بن نبي المرجع السابق، ص 110
(12) البصائر العدد 66، 7 شباط (فبراير)1949
(13) البصائر العدد 22، 6 آذار (مارس) 1952
(14) البصائر العدد 224، 3 نيسان (ابريل)1953
(15) مولود عويمر، نشاط جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في فرنسا1936- 1954، مجلة المجتمع، الكويت، العدد 1431، 19 كانون الأول (دبسمبر)2000، صص46-47
(16) البصائر العدد 13، 9 أيلول (سبتمبر)1938، 11 تشرين الثاني (نوفمبر)1938
(17) البصائر العدد 268 23 نيسان (أبريل)1954
(18) البصائر العدد 273، 28 آيار(مايو)1954
(19) عمار الطالبي، ابن باديس حياته وآثاره تقديم مالك بن نبي، بيروت، دار الغرب الإسلامي، 1983، ج1، ص1.