ساميه المشرفون
الأوسمة : عدد المساهمات : 69 تاريخ التسجيل : 13/11/2010
| موضوع: المبادئ البنيوية السوسورية الإثنين نوفمبر 22, 2010 8:19 pm | |
| المبادئ البنيوية السوسورية اأ- نبذة عن حياة فردينان دي سوسور: ولد دي سوسور في جونيف بـ سويسرا في 17 نوفمبر 1857م، وقد انحدر من عائلة فرنسيةبروتستانية؛ هاجرت عائلته من لوزانخلال الحروب الفرنسية في أواخر القرن 16م إلى سويسرا. و شاءت الأقدار أن يولد هذا الرجل بعد عام واحد من مولد فرويد و قبل عامواحد من مولد إيميل دوركايم، فكانلهذا الثلاثي شأن كبير في توجيه مسار العلوم الانسانية و إحداث ثورة على المفاهيم والمناهج الكلاسيكية آنذاك. وبعد تلقيه التعليمالأولي في جونيف، انتقل إلىبرلين لمزاولة دراسته ومكث هناك خلال الفترة الممتدة ما بين 1876 - 1878 يدرس اللسانيات وعلىالرغم من أنه تتلمذ على يد بعض النحاة الجدد، إلا أنه كان يخالفهم في تصورهم العام و يرفض نظرتهم الضيقة للسانيات. و ما بين 1880 - 1891 قام بزيارة باريس للإقامة فيها، وتولى خلال هذه الفترةمنصب مدير الدراسات في المدرسةالتطبيقية للدراسات العليا. و في نفس الوقت كان يحاضر لمجموع الطلبة في اللسانيات التاريخية و المقاربة. عام 1891 رحل إلى مسقطرأسه واستقر هناك يدرس فيجامعة جونيف، إلى أن توفي عام 1913م. وهكذا قضى جلّ حياته فيدراسةالللسانيات التاريخية والمقاربة، وقد تعرض في أواخر حياته إلى جملة من الإنتقادات جعلته ينعزل و يكف عن البحث في مجال السيميولوجيا. أما عن مؤلفاته، ففيالواحد والعشرين من عمره نشر دوسوسور مؤلفه الأول الذي جلب له شهرة عالمية عنوان الدراسة حول النظام البدائي للصوامت، في اللغات وقد كان هذاالمؤلف عنوان أطروحته للدكتوراه التيناقشها عندما كان طالبا. كما دعم دي سوسور أيضامؤلفه هذا بمجموعة من المقالاتحول اللغة، جمعت كلها بعد وفاته من بينها Receille de publication. أما كتابه الشهير فقد صدر 3 سنوات بعد وفاته أي عام 1916مبعنوان محاضرات في الألسنية العامةوام يكن هذا الكتاب ليرى النور لو لم يقم طلبته بجمع محلضراته التي كان يلقيها في جامعة جونيف من 1906 إلى 1911. ثم قام هؤلاء الطلبةبتصنيفها وتبويبها و نشرها في الشكاالنهائي الذي هي عليه الآن.
ب - أهم المبادئ التي أثرت في فكره: سبق وأن ذكرنا أن ديسوسور ولد وترعرع في إطار مناخي علمي ثري من جانبعائلته أو من الخارج( المحيط الفكري العام) ومن بين المذاهب التي أثرت على فكره نذكر: * الإتجاه الإجتماعي : كانتالأفكار التي جاء بها مؤسّس المدرسة الفرنسيةلعلم الإجتماع إيميل دوركايم تتمثل أساسا في أهمية و قد كانت هذه النظرية الإجتماعية تؤكد على أن الأفراد بسبب تعايشهم يكونونالضمير الجمعي أو الشعور الجماعي،وهذه الصفات الجماعية هي سابقة لوجود الفرد وباقية بعده ومستقلة عنه، وفي نفس الوقت فهي تمارس ضغطا عليه و هو ما دفع دوركايمللحديث عن فكرة الإنتحار في كتابهالانتحار. وقد أثر هذا المذهب علىدو سوسور في صياغة خاصية أساسية من خصائصالدليل و هي الطابع الاعتباطي في اللغة. * الإتجاه الإنضمامي:ويعتبر جونلوك و دافيد هيوم أهمرواد هذا المذهب، إضافة إلى الباحث ألكسندر بان الذي طور هذا المذهب. يرى أنصار هذا التيار أنّالحياة النفسية تحكمها قوانين الإنضمام و أنّ الأحاسيسهي بمثابة ذرات تشكل الحياة النفسية. وقد أثرت هذه الفكرة على دي سوسور حيث اعتبر أنّ اللغة هي أيضا كائن متكامل يتكون منمجموعة من الدلائل اللغوية يؤدي التغييرفي موقع واحدة منها إلى التغيير في شكل و معنى النسق اللغوي ككل. *مفهوم الكل:و هو أيضا إتجاه إجتماعي ينطلق من معنى أو مفهومالكل، حيث تفطن كل من أوغست كونت وكارل ماركس و إيميل دوركايم أهمية للكل وهو ذلك الشيء الزائد و المتجاور لكل من أجزائه، وقد أضاف دي سوسور إلى هذا المفهوم مبدأأساسي هو أنّ اللغة أيضا نظاما عاماخاضع لمجموعة من القوانين الداخلية، فاللغة حسب دي سوسور هي نظام من الدلائل لا تعرف قيمة الدليل إلا من خلال التقابل الإيجابي والسلبي داخل نفس النظام وهذا يعنيأنّ اللسانيات البنيوية عند دي سوسور هي لسانيات الداخلية و ليست الخارجية، وهي من النقاط التي انتقد فيها دي سوسور.
2) المبادئ البنيوية السوسورية:
* اللسان نظام دلائل:
إنّ اللسان على حد تعبيردي سوسورنظام من الأدلة المتواضععليها، فهو كما يقول الحاج صالح: " ليس مجموعة من الألفاظ يعثر عليها المتكلم في قواميس أو يلتقطها بسمعه من الخطاباتثم يسجلها في حافظته، كماأنه ليس مجموعة من التحديدات الفلسفية للاسم والفعل والحرف أو القواعد المسهبة الكثيرة الشواذ، بل هو نظام من الوحدات يتداخل بعضهاببعض على شكل عجيب و تتقابل فيهابناها في المستوى الواحد، التقابل الذي لولاه لما كانت هناك أدلة" الجديد في نظرة اللسانيات البنيوية الحديثة هي أنها عوض أن تهتمبالجزئيات و الأحداثاللغوية لذاتها منعزلةبعضها عن بعض مثلما كان يفعل اللغويون في العصور الماضية، أصبحت اللسانيات تنظر إلى اللسان ككل وهو يتشكل من بنية،هذه الأخيرة عبارة عن شبكة تجدفيها كل وحدة لغوية مكانها و تربطها بالوحدات الأخرى، علاقات صورية مبنية على أساس اتحاد الهويات و اختلافها. والوحدات اللغوية علىمختلف المستويات اللغوية من أصوات، كلمات، جمل ومعاني تشكل نظما جزئية. مثلا: في نظام الأصواتالحلقية، لوأخذنا حرفي (ع)و(ح)لوجدناهما يتحدان في المخرج ( الحلق ) و لكنهما يختلفان في كون (ع) مجهور و (ح) مهموس، وهنا يمكن أن نضع كل صوت حلقي فيمكان خاص به وهو بالتالي يقابلدائما حرفا آخر مثلا (ح) يقابل (خ)، هذه الوحدات لا تكتسب هويتها داخل النظام اللغوي ( نظام الأصوات الحلقية) إلا عند مقابلتها لغيرهافي مستواها ( الحروفالمهموسة) فهي تأخذقيمتها بهذا التقابل. القيمة عند دي سوسور هيالعلاقاتالداخلية و ليست الخارجيةوهنا شبه دي سوسور النظام بلعبة الشطرنج، إذ لا تهم المادةالتي صنعت منها قطع اللعب( العاج، الخشب..) وهنا العلاقة خارجية لأن مادة الصنع لن تغير في قانون اللعب لكن إذا ما زدنا أو أنقصناقطعة من قطع اللعب هنا سيختلالنحو الذي وضع عليه اللعب وهنا العلاقة داخلية. دي سوسور لا يهتم بالنظام الخارجي للمفردة، و إنما قيمة المفردة تكمن في علاقاتهاالداخلية. مثلا في نظام اللغة العربية، لمعرفة قيمة كلمة (فرح) يجب أن نقابلهابمرادفاتها سواء كان التقابل الإيجابيأي مع سرور، بهجة، سعادة...، أو التقابل السلبي أي الأسى، الحزن... إذا كانت بعض المفاهيم التي وضعت من طرف اللغويين غير دقيقةأو غير واضحة فإنّ دي سوسور يقترحالرجوع إلى نظام القيم الذي يقسمه إلى قسمين: ** نظام التكافؤ بين أشياء تختلف أجناسها. مثال: يتم التكافؤ في علمالإقتصاد بين العمل و الأجرة أما في علم اللسان فهذا التكافؤ يتم بين الدال و المدلول. ** النظام اللساني الذي لا تجد فيه اللفظة قيمتها إلا بالتقابل مع كل الألفاظالأخرى في ذلك النظام. مثلما رأينامع كلمة (فرح).
* نظرية الدليل اللساني (الدال و المدلول): يتألف الدليل اللساني حسب دي سوسور من تعبير صوتي (صرة سمعية) و مضمون(صورة مفهومية) " صورة مفهومية ذهنية". يسمى التعبير الصوتي فينظرية دي سوسور الدال و المضمون مدلولا،ويرتبط الدال بالمدلول ارتباطا بنيويا بحيث ما يمثله الأول يحيل و يستدعي في الوقت ذاته ما يمثله الآخر، وهنا يمكن تشبيه الدليلاللساني بالورقة، وجهها الظاهرهو الصوت (الدال) و وجهها الخفي (المدلول) ومن ثم لا يمكن فصل المفاهيم عن الأصوات التي تنتقل عن طريقها.
* الطابع الإعتباطي: أ- في علم اللسان: حسب دي سوسور فإن العلاقة بين الدال و المدلول اصطلاحية،إتفاقية، وعرفية بين أعضاء الجماعةاللغوية و الدليل على ذلك هو تعدد الأسماء (الدلالات) بالنسبة لنفس المسمى. مثلا نجد أن كلمة (بيض)لها عدة تسميات فنجد (الدّحي) في ليبيا، (العْظاَم)في شرق الجزائر، (تيمَــلاّيين) في منطقة القبائل بالجزائر... ويترتب عن الطابع الاعتباطي طابع الوجوب الذي يمثل العلاقةالداخلية للدليل، حيث تصبح مفروضةعلى الجميع و ليس بإمكان أحد التغيير لا في كيفية كتابة الدال و لا في طريقة نطق هذا الدال. ب- في السيميولوجيا: أيفيما يخص الصور البصرية و الصوتية، فإن علاقاتهابالواقع ليست كلها اعتباطية على عكس علم اللسان، فهي قد تكون جزئيا أو كليا معللة. مثلا: لإشارة المرورالدالة على مدرسة( حذار مدرسة ) فهي جزئيا معللةلأننا في الأساس لدينا مدرسة ولهذا وضعنا إشارة لحماية التلاميذ عند العبور... أي هناك علاقة بين الدال و المدلول.
* التسلسل الخطي: الدليل اللساني ذو طابع متلاحق، يرسل و يستقبل ليس في آن واحد وإنما يتم ذلك بصفة متعاقبة علىالمحور الزمني. وعليه لا يمكن احلال وحدتين لغويتين في نفس الموقع في مدرج الكلام . ويمكننا هذا التسلسل منالتمييز بين نوعين من الأنظمة: ** الأنظمة التي تقع دوالها في الزمان: مثل الموسيقى، اللغةالمنطوقة... ** الأنظمة التي تقع دوالها في الفضاء: مثل الصور الفوتغرافية... هناك من يرى أنها تخضعللتسلسلالخطي بحكم اننا ندركالصرة ككل ثم ننتقل إلى الجزئيات، ونجد من يرى بأنه لا يمكن أن تكون هذه الوحدات خاضعة للتسلسل الخطي لأنها تُدركدفعة واحدة.
* الطابع المميز: معنى التمييز هو أن لكلدليل لغوي أو حرف في اللغة دوره الخاص، فقد تكون العلاقةبين الحرفين (ض) و (س) علاقة مميزة،لأن استبدال حرف (ض)بـالحرف (س) يؤدي إلى اختلاف الهيئة و المعنى. مثال: ضـــيف/ســيف. أما في اللغة الفرنسية فالعلاقة بين الحرفين استبدالية لأن تغيير حرف بآخر لنيكون مميزا لأنه سوف يكون اختلافلهجي. مثال: باريس(Paris)/ باريز(Paris).
* التقطيع المزدوج: وهي الصفة التي تميز لغةالانسان عن أشكال الاتصال الأخرى، وترتكز حسب مارتينيعلى تجزأة الملفوظ إلى وحدات دالة أي إلى مونيمات و يمكن أن تشكل هذه الأخيرة منفردة معنى محدد، كأن نجزأ الجملة التالية: كتب/ عمر/ الدرس ( 3وحداتدالة) في حين أن التقطيع الثانييتم فيه تجزأة كل وحدة دالة إلى وحدات دنيا غير دالةأي إلى الفونيمات. مثلا: كتب هي كـ/تـ/ب هذا فيما يخص الأنظمةاللغوية،اما فيما يخص الأنظمة غيراللغوية فهي نسبية في قضية خضوعها للتقطيع المزدوج. مثلا: الصيغة الرياضية2+3=5 عند تقطيعها نحصل على وحداتل غير قابلة اللتقطيعالثاني 2/3/5، فهي إذن غير قابلة للتقطيع المزدوج.
المراجع: - فردينان دي سوسور،محاضرات في الألسنية العامة، ترجمةيوسف الغزي. المؤسسة الجزائرية للطباعة،الجزائر.1986. - كاترين فوك و بيارلي قوفيك، مبادئ في قضايا اللسانيات المعاصرة، ترجمةالمنصف عاشور.ديوانالمطبوعات الجامعية،الجزائر.1984. - عامر الحلواني، فيالقراءة السيميائية.كلية الآدابو العلوم الانسانية، الطبعة الأولى، تونس.2005.
| |
|