ساميه المشرفون
الأوسمة : عدد المساهمات : 69 تاريخ التسجيل : 13/11/2010
| موضوع: العولمة الاقتصادية الأحد نوفمبر 14, 2010 1:01 am | |
| مقدمة: شهد الربع الأخير من القرن العشرين وبشكل أكثر تحديد عقد التسعينات العديد من التغيرات العالمية السريعة والمتلاحقة والعميقة في آثارها وتوجهاتها المستقبلية، فالاقتصاد العالمي تحول إلى قرية صغيرة متنافسة الأطراف بفعل الثورة التكنولوجية والمعلوماتية. وقد نتج عن كل ذلك مفهوم جديد لا يزال يثير جدلا واسع النطاق حوله من حيث تحديده وآثاره وأبعاده وهو مفهوم العولمة Globalisation الذي لا يمكن استيعابه إلا في ضوء تلك التغيرات وفي إطار تزايد الاعتماد المتبادل Interdépendance وتكوين الأسواق العالمية وتحركات الأسعار والتحركات في حجم ونوعية الإنتاج وتوجهات التجارة العالمية وتحركات رؤوس الأموال الساخنة Hot money ، وبناءا على ذلك فقد انتشرت العولمة على كافة المستويات الإنتاجية والتمويلية والمالية والتكنولوجية والتسويقية والإدارية، ومن ناحية أخرى تعددت أنواعها ومجالات تطبيقها، فهناك العولمة الإقتصادية التي تبقى هي الأساس بكل الأنواع والتي تنقسم بدورها إلى العولمة الإنتاجية والمالية و هناك إلى جانب العولمة الاقتصادية العولمة السياسية والثقافية والاجتماعية وبالطبع، يكون تركيزنا هنا في التعريف بالعولمة منصبا أساسا على العولمة الاقتصادية. المبحث الأول: مفهوم العولمة، أسبابها ومظاهرها المطلب الأول: التعريف بالعولمة: كثرت التعريفات بالعولمة ولم تتفق الآراء على تعريف واحد شامل وجامع لها نظرًا لتشعب المحتوى الفكري للمفهوم وامتداده من ناحية كمجالات التطبيق إلى العديد من الجوانب الاقتصادية والسياسية والتكنولوجية ومن ناحية المستويات فإن هذا المفهوم وبالأخص في جبه الاقتصادي أخد ينتشر إلى كافة المستويات الإنتاجية والمالية التسويقية والإدارية، وفي ضوء هذا التحليل يمكن القول أن صياغة تعريف دقيق للعولمة تبدو مسألة شاقة، ورغم كل ذلك فمن الضروري طرح كل التعريفات التي وردت للعولمة في محاولة لتعميق الأبعاد المختلفة لهذا المفهوم بل ومحاولة الخروج بتعريف مناسب يخدم التحليل الخاص وأهم التعاريف ما يلي: 1- يشير مصطلح العولمة إلى عملية تعميق مبدأ الاعتماد المتبادل بين الفاعلين في الاقتصاد العالمي بحيث تزداد نسبة المشاركة في التبادل الدولي والعلاقات الاقتصادية الدولية لهؤلاء من حيث المستوى والوزن والحجم في مجالات متعددة وأهمها السلع والخدمات وعناصر الإنتاج بحيث تنمو عملة التبادل التجاري الدولي لتشكل نسبة هامة من النشاط الاقتصادي الكلي وتكون |أشكالا جديدة للعلاقات الاقتصادية في الاقتصاد العالمي. ولعل من الواضح أن هذا التعريف للعولمة يركز على أنها عملية متعلقة على تعميق الاعتماد المتبادل وتحويل الاقتصاد العالمي إلى وق واحدة تزداد فيها نسبة المشاركة في التجارة العالمية على أساس إعادة النظر في مبدأ التخصص وتقسيم العمل الدولي، والوصول إلى نمط جديد للتخصص وتقسيم العمل الدولي. 2. التعريف اللغوي: يرى أستاذ الفلسفة محمد عابد الجابري أن العولمة في معناها اللغوي تعني تعميم الشيء وتوسيع دائرته ليشمل العالم كله، وهي تعني الآن في المجال السياسي منظرًا إلية من زاوية الجغرافية "جيوبوليتيك"، العمل على تعميم نمط حضاري يخص بلد بعينه يخص بلد بعينه هو الو. م. أ على بلدان العالم أجمع. 3. العولمة ظاهرة مرتبطة بفتح الاقتصاديات وبتوسيع الأسواق ودخول عدد متزايد من الدول وسكانها والبلدان الاشتراكية سابقًا مع عدد متزايد من البلدان النامية القطاعات والشركات في السوق العالمية كما أن هذه الظاهرة مرتبطة بمتطلبات التطور التكنولوجي وزيادة المنافسة ودخول متعاملين جدد فيها. 4. وهناك تعريفات تركز على العولمة باعتبارها مرحلة تاريخية وعلى ذلك فالعولمة هي المرحلة التي تعقب الحرب الباردة من الناحية التاريخية والتحول للآليات السوق. 5. يعرفها الأستاذ محمد عابد الجابري على أنها توع أو نسق ذو أبعاد تتجاوز دائرة الاقتصاد فهي شاملة للمجال المالي والتسويقي والمبادلات والاتصال و... السياسة والأخلاق والفكر الإيديولوجي والعسكري. 6. يري الاقتصادي العربي والوزير السوري السابق محمد الأطرش العولمة على أنها اندماج أسواق العالم في حقول التجارة والاستثمارات المباشرة وانتقال الأموال والقوى العاملة والثقافات ضمن إطار من رأسمالية حرية الأسواق وتليها خضوع العالم لقوى السوق العالمية، مما يؤدي إلى اختراق الحدود القومية، وإلى الخسارة في سيادة الدولة، وإن العنصر الأساسي في هذه الظاهرة هي الشركات المتعددة الجنسيات. 7. العولمة نتاج عملية تاريخية لتطور نمط الإنتاج الرأسمالي، تطور قواه المنتجة التي تبرز مظاهرها في الثورة العلمية والتكنولوجية واستخدامها لتطور علاقات إنتاجه وبالتالي فهذه التحولات تمس البنى الفوقية الإيديولوجية السياسية والفكرية والثقافية . والعولمة ليست فقط مجموعة من العالقات المترابطة الناتجة عن فتح الاقتصادية بل أنها إيديولوجية حقيقية للتغيير الاجتماعي السياسي الثقافي والفكري. 8. العولمة نمط معين من الحياة أداتها الأساسية الشركات المتعددة الجنسيات الممارسة بكفاءة لبلورة نموذج مثالي للتحرير من مختلف صور الاستعباد. 9. وهناك تعريف يركز على العولمة باعتبارها "تجليات لظواهر اقتصادية" وتتضمن هذه الظواهر تحرير الأسواق والخصخصة وانسحاب الدولة من النشاط الاقتصادي ولأداء بعض وظائفها وخصوصا في مجال الرعاية الاجتماعية وتغيير لنمط التكنولوجيا والتوزيع العابر للقارات للإنتاج من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر والتكامل بين الأسواق الرأسمالية. ü وهكذا يلاحظ تعدد التعريفات المطروحة للعولمة ونحن مع الرأي الذي يرى أن كل هذه التعريفات جميعًا هي في مجموعها تكاد تكون المكونات الأساسية لتعريف واحد جامع للعولمة فهي تجمع بين جنباتها كونها تمثل حقبة تاريخية وهي تجليات لظواهر اقتصادية وهي أخيرًا "ثورة تكنولوجية واجتماعية" المطلب الثاني: العوامل والأسباب التي أدت إلى العولمة تعتبر العولمة نتاج لعوامل كثيرة أدت إلى ظهورها عند منتصف الثمانيات ومن هذه العوالم ما هو إقتصادي ومنعا ما هو سياسي و ثقافي ويؤثر ويتأثر كل عامل من العوامل السابقة، بالعوامل الأخرى ولكن ستقتصر على أهم العوامل الإقتصادية فقط، دون إنكار لأهمية العوامل الأخرى قي تأثيرها على العولمة. 1-انخفاض القيود على التجارة العالمية: بدأت القيود بعد الحرب العالمية الثانية تخفض من وطأة الحماية، وأصبحت هذه العوالم تعتمد على الضرائب المركبة، في تنظيم التجارة، وفي ضل رعاية الجات (GATT) وتم تحقيق تقدم في تحري التجارة الدولية في بعض المجالات وقد ترتب على المفاوضات المتعددة الأطراف التي تمت في إطار الجات، تخفيض في الضرائب الجمركية على السلع الصناعية في الدول المتقدمة من 40% عام 1940م، إلى أقل من 10% في المتوسط بعد جولة طوكيو عام 1989م، حيث بلغت 6% للإتحاد الأوروبي و 4.4 % لليابان 4.9 بالمائة للولايات المتحدة الأمريكية. 2- التطور الصناعي في الدول النامية وزيادة تكاملها مع السوق العالمية: يعد ما حققته الدول النامية من نمو في الفترة السابقة، والحالية كأحد أهم الأسباب للعولمة، فقد أرتفع نصيب دول شرق آسيا في الفترة من 1965 – 1988 من الناتج العالمي المحلي الإجمالي للعالم من 5 بالمائة إلى 20 بالمائة من الناتج الصناعي العالمي، من 10 بالمائة إلى 23 بالمائة، وزاد نصيب القطاع الصناعي من الناتج المحلي الإجمالي في الدول النامية منخفضة الدخل، واستمرت الزيادة في السكان في الدول النامية بمعدل 2 بالمائة سنويا. 3- تكامل أسواق المال الدولية: تعتبر الحركة الدولية لرأس المال مظهرًا أساسيا من مظاهر التكامل المالي الدولي، كما أن صورة هذه الحركة ودرجاتها ترتبط ارتباطا وثيقا بفرض كفاءة الأسواق المالية الدولية، حيث تعد هذه الأسواق هي القناة التي تتدفق خلال الأدوات المالية المختلفة عبر مختلف دول العالم، وتأتي هذه التدفقات بين الدول، أو خلال الأسواق المالية استجابة للاختلاف في معدلات الفائدة على الأدوات والأوعية المختلفة وفيما بين الأسواق المختلفة بالأسواق المختلفة بالإضافة إلى الاختلافات في درجة وأشكال الرقابة المفروضة على تحركات رأس المال. 4- زيادة أهمية تدفقات رأس المال الخاص والاستثمار الأجنبي المباشر: يوضح تقرير أفاق الإقتصاد العالمي 1997م، الصادر عن صندوق النقد الدولي ومؤشرات زيادة أهمية التدفقات رأس المال الخاص والاستثمار الأجنبي المباشر فابتدءا من منتصف الثمانينات بدأت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في أنحاء العالم في الزيادة. 5- التقدم التكنولوجي وانخفاض تكاليف النقل والاتصالات: ذكر DOSI أن التغيرات التكنولوجية أحد محركات العولمة، وكذلك أكد على أهمية هذا العامل ودور التقدم التكنولوجي في المواصلات والاتصالات على تسارع عمليات العولمة، كما أوضح Lipsey أن التكنولوجيا الحديثة ترتب عليها انتقال في النظم عبر الإقتصاديات العالمية. المطلب الثالث: مظاهر العولمة يتفق أغلبية الباحثين والمتتبعين لتطوير هذه الظاهرة، إن عددًا من المظاهر المتداخلة والمترابطة والمتفاعلة فيما بينها تتميز أساسًا: 1- الثورة العلمية التكنولوجية: إن تكنولوجيا المعلومات هي أحدثت مفرزات التطور التكنولوجي وقد أدي تطور تكنولوجيا النقل والاتصال لإلغاء حواجز الوقت المسافة بين مختلف البلدان، كما تنامى نقل السلع جوًا وبسرعة بين أسواق متجاورة، كدول الإتحاد الأوربي مثلاً، وحتى بين الدول العربية وأسواق دول مجاورة، كما تطورت وبسرعة وسائل الإتصال الإلكترونية لنقل الصوت والبيانات متضمنة البريد الإلكتروني، والفاكس والانترنيت، وشبكات الإتصال التليفونية العالمية السريعة، وهو ما أتاح لمصانع ومنظمات خدمية أن تخدم أسواقًا أوسع وأكثر، وسمح لشركات أن تركز بعض عملياتها في منطقة معينة مع تقديم منتجاتها عبر فروع تختار مواقعها قرب عملائها، وكانت شبكة الأنترنيت من أهم ما أفرزته ثورة تكنولوجيا المعلومات. وقد أصبحت مجالات استخدام هذه الشبكة عديدة. فعلى المسوقين وضع تشكيلة منتجاتهم وأسمائها وصورها وأسعارها، ومنافذ توزيعها والتسهيلات والمقترنة ببيعها لجدب العملاء. وتضع البنوك خدماتها المصرفية وبرامجها الإفتراضية وتضع بورصات الأوراق المالية المتداولة وأسعارها، وغير ذلك من الاستخدامات وبالتالي فإن ثورة التكنولوجية وتطور وسائل الإعلام عبر القارات بالأقمار الصناعية والحاسبات الآلية جعل العالم كله سوق واحدة تقريبًا (قرية صغيرة). 2- التكتلات الإقليمية: منذ أواخر الخمسينيات بدأت بوادر التكتل الإقليمي بظهور السوق الأوروبية المشتركة في عام 1959م، ثم تكتل شرق آسيا "ASEAN" في عام 1967م، ثم منتدى التعاون الآسيوي الباكستاني "APEC" في عام 1989م، فالسوق الأمريكية الشاملة "NAFTA" في عام 1994م، ثم سوق "ميركوسور" الأمريكية الجنوبية في عام 1995م، وأخ\ت هذه التكتلات الدولية شكل أسواق مشتركة تنزع مها جميع قيود التجارة وتسود الحرية في انتقال السلع ورؤوس الأموال العالمية. 3- الاتفاقية العامة للتعرفة والتجارة GATT: في أبريل عام 1994م، أعلن قيام النظام التجاري العالمي الجديد حيث بدأ تنفيذ الاتفاقية العامة للتعرفة الجمركية والتجارة "الجات" اعتبارا من بداية 1995م، وتقضي الاتفاقية بتحرير تدريجي زمنيا ونوعيا للتجارة العالمية في السلع والخدمات والملكية الفكرية، وقد أدى إبرام هذه الاتفاقية وما تضمنته من خفض تدرجي للتعرفة الجمركية وحصص الاستيراد إلى الإسهام في عولمة التجارة والاستثمارات وجعلها أيسر على نطاق أسواق الدول الأعضاء في هذه الاتفاقية 4- التحالفات الإستراتيجية لشركات عملاقة: لم يعد تحليل وتفسير الفرص وما توجهه مختلف الشركات يتطلب فقط منظورًا محليًا أو إقليميا. بل أصبح المنظور العالمي ضرورة أساسية. إن ضرورة التصدي لتهديدات المنافسة العالمية لا تعني السعي الحثيث لاختراق أسواق أجنبية، وقد أصبح تكوين إستراتيجيات تحالفية أحد أهم سبل \لك. وقد تحولت شركات كبيرة أنهكها التنافس من إستراتيجيات التنافس إلى إستراتيجيات التحالف، والهدف المرجو هو تقليل تكلفة التنافس وتكلفة البحوث والتطوير ونقل التكنولوجيا بشكل منفرد، وتعزيز القدرات التنافسية للمتحالفين. ومن أمثلة التحالفات تحالف "توشيانا" مع "موتور ولا" في صناعة وتسويق وسائل الإتصال الإلكترونية، و"سيمتر" مع "فيليبس" في صناعة شرائط الفيديو، وفي صناعة السيارات تحالف كل من "فورد" مع "مازدا" و "خنزال موكور" مع "تويوتا". 5- الشركات العالمية: مع تزايد الاتجاه نحو إدارة اللا حدود جغرافية "Borderless management " تنامي ظهور وتأثير الشركات العالمية، بعد أن كان توسع الشركات يأخذ صورة تعدد ونشر الفروع في السوق المحلية، تطور الأمر لتعدد ونشر الفروع الخارجية عالميا لا سيما مع الدعم الفائق الذي هيأته شبكات المعلومات العالمية والتجارة الإلكترونية، وتزايد حضور وتأثير وسطوة الشركات متعددة الجنسيات والعبرة للقارات على المساحة العالمية. وهي شركات يقع المركز الرئيسي لها في دولة المقر، وتدير عملياتها في أسواق متعددة عبر العالم بهدف الاستحواذ على فرص سوقية متزايدة. ومن أمثلة \لك إدارة شركة "جنرال موتورز" لفرعها بالإسكندرية وشركة "نستلة" أكبر شركة عالمية في صناعة الأغذية التي تبيع منتجات في أوروبا غير تلك التي سعها في الولايات المتحدة الأمريكية. وأدى تنامي عمليات الشركات المتعددة الجنسيات والعبرة للقارات كأداة رئيسية للعولمة، لسعيها اختيار مواقع لمصانع ونقاط آخرين أو توزع لها في أسواق خارجية. 6- معايير الجودة: في عام 1987م، وضعت المنظمة الدولية للمواصفات القياسية (ISO) ومقرها جنيف مواصفات قياسية عالمية اتفقت داخل المجموعة الأوروبية بشكل خاص والدول الصناعية الكبرى بشكل عام، لتوحيدها لكافة المنتجات ماعدا منتجات الكهرباء والمنتجات الغذائية. وهذه مواصفات إدارة الجودة المعروفة بالإيزو 9000 أحد المؤشرات على عولمة أنشطة الأعمال لا سيما بعد أن أصبحت هذه الشهادة وبسرعة هدفا لشركات عديدة حول العام تسعى لأن تزاول أنشطتها في أوروبا أو تكتسب سمعة وشهرة متبنية لمدخل عالمي للجودة الشاملة. وقد سارت عدوى سعي الشركات للحصول على هذه الشهادة عالميا كسلاح تنافسي، كما يتزايد عدد العملاء الذين يشترطون حصول المنظمات التي يتعاملون معها على هذه الشهادة وعالم اليوم والغد يسعى لأن لا تقبل أسواقه إلا منتجات (سلع وخدمات) تقدمها منظمات تتوافق نظمها مع متطلبات نظام الجودة العالمي (ISO 9000) كأحد المعايير الرئيسية للتبادل التجاري العالمي. 7- زيادة حركة التجارة والاستثمارات العالمية: ويمكن تلخيص ذلك فيما يلي: 7-1- تزايد حجم الصادرات عبر العالم: حيث أصبحت تمثل 35 بالمائة من الناتج الإجمالي العالمي بعد أن كانت تمثل 12 بالمائة فقط عام 2691م. -2-7 تزايد حركة الاستثمارات العالمية الخارجية: فمثلا قام اليابانيون بشراء العديد من المصانع في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا وذلك لزرع مانعهم في البلدان التي تضم أسواقهم. 7-3- انفتاح النظم المالية العالمية: فخلال الثمانينات والتسعينيات من القرن العشرين ألغت كثير من دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية سقوف أسعار الفائدة وسمح هذا لكثير من البنوك، أن تجدب مستثمرين أجنب أكثر، قدمت لهم أسعر فائدة أعلى. وفي نفس الوقت خففت القيود على إنشاء فروع لبنوك أجنبية، وهكذا أصبحت النظم المالية العالمية أكثر إنفتاحًا. المبحث الثاني: أنواع وخصائص العولمة المطلب الأول: أنواع العولمة لعل من المتتبع للتطورات المتلاحقة للعولمة نلاحظ نجد أن هناك مجموعة رئيسية من التغيرات العالمية التي حدثت على نطاق واسع والمتمثلة في النمو السريع للمعاملات الحالية الدولية وكذلك النمو السريع للاستثمار الأجنبي المباشر(FDI) ،وبصفة عامة من خلال الشركات متعددة الجنسيات وتصاعد الثورة التكنولوجية وتكامل نظام الإتصالات بشكل كبير بالإضافة إلى تكامل الأسواق في مجال السلع، والمتأمل في هذه التغيرات العالمية يكتشف النقاب عن أن العولمة تتحدد في نوعين رئيسيين هما " العولمة الإنتاجية أو عولمة الإنتاج" و" عولمة مالية"، ويبدو أنه من الضروري توضيح كل نوع من خلال التحليل التالي: أ- عولمة الإنتاج: يلاحظ أن عولمة الإنتاج تتم بدون وجود أزمات مأساوية كما يحدث بالنسبة للعولمة المالية، وتتحقق العولمة المالية بدرجة كبيرة من خلال الشركات المتعددة الجنسيات، وتتبلور عولمة الإنتاج من خلال اتجاهين: أ-1 –الاتجاه الأول والخاص بعولمة التجارة الدولية: حيث يلاحظ أن التجارة الدولية زادت بدرجة كبيرة خلال عقد التسعينيات حيث بلغ معدل التجارة الدولية ضعفي نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فعلى سبيل المثال زاد معدل التجارة العالمية بحوالى 09 بالمائة عام 1995م، بينما زاد الناتج العالمي بنسبة 5 بالمائة فقط، وبالطبع زاد نصيب التجارة العالمية، ويلاحظ أن الشركات المتعددة الجنسيات هي التي تقف وراء زيادة معدل نمو التجارة العالمية بقوة بالإضافة إلى مشاركتها في زيادة الناتج العالمي ويضاف إلى ذلك أن 90 بالمائة من التجارة العالمية دخل في مجال التحرير. أ-2- الاتجاه الثاني والخاص بالاستثمار الأجنبي المباشر: يلاحظ أن معدل نمو الاستثمار الأجنبي المباشر زاد بمعدل أسرع وأكبر من زيادة معدل نمو التجارة العالمية حيث كان معدل نمو الاستثمار المباشر يميل في المتوسط إلى حوالي 12 بالمائة خلال عقد التسعينيات، ويرجع ذلك بالدرجة الأولى إلى دور الشركات المتعددة الجنسيات في إحداث المزيد من العولمة والتي تعمل بدورها على خوض المزيد من التحالفات الإستراتيجية فيما بينها لإحداث المزيد من عولمة العمليات في مجال التكنولوجيا والأسواق. ب- العولمة المالية: تعتبر العولمة المالية الناتج الأساسي لعملية التحرير المالي، والتحول إلى ما يسمى بالانفتاح المالي، مما أدى إلى تكامل وارتباط الأسواق المالية المحلية بالعام الخارجي من خلال إلغاء القيود على حركة رؤوس الأموال ومن تم أخذت تتدفق عبر الحدود لتصب في أسواق المال العالمية بحيث أصبحت أسواق رأس المال أكثر ارتباطا وتكاملا. يمكن الاستدلال عن العولمة المالية بمؤشرين هما: ب-1- المؤشر الأول: والخاص بتطور حجم المعاملات عبر الحدود في الأسهم، والسندات في الدول الصناعية المتقدمة، حيث تشير العمليات إلى أن المعاملات الخارجية في الأسهم والسندات كانت تمثل أقل من 10 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في هذه الدول في عام 1980م، بينما وصلت إلى ما يزيد عن 100 بالمائة في كل من الو. م. أ (USA) وألمانيا عام 1996م، وإلى ما يزيد عن 200 بالمائة في فرنسا إيطاليا وكندا في نفس العام ( أي 1996م) . ب-2- المؤشر الثاني: والخاص بدور تداول النقد الأجنبي على الصعيد العالمي في الإحصاءات تشير إلى متوسط حجم التعامل اليومي في أسواق الصرف الأجنبي وارتفعت من 020 مليار دولار في منتصف الثمانينات إلى حوالي 1.2 تريليون دولار عام 1990م، وهو ما يزيد عن 8.4 بالمائة من الاحتياطيات العالمية لجميع بلدان العالم في نفس العام. المبحث الثاني: خصائص العولمة لعل التأمل في المحتوى الفكري بل والتاريخي للعولمة يكشف النقاب عن عدد من الخصائص الرئيسية التي تميز العولمة عن غيرها من المفاهيم الأخرى ذات التحولات الجذرية ولعل أهم هذه الخصائص ما يلي: 1. سيادة آليات السوق والسعي لاكتساب القدرات التنافسية: حيث يلاحظ أن أهم ما يميز العولمة هي سيادة آليات السوق واقترانها بالديمقراطية، بدلا من الشمولية واتخاذ القرارات في إطار من التنافسية والأمثلية والجودة الشاملة واكتساب القدرات التنافسية من خلال الاستفادة من الثورة التكنولوجية وثورة الإتصالات والمواصلات والمعلومات، وتعميق تلك القدرات المتمثلة في الإنتاج بأقل تكلفة ممكنة وبأحسن جودة ممكنة وبأعلى إنتاجية والبيع بأسعار تنافسية على أن يتم كل ذلك في أقل وقت ممكن، حيث أصبح الزمن أحد القرارات التنافسية الهامة التي يجب اكتسابها عند التعامل في ضل العولمة. 2. ديناميكية مفهوم العولمة: وتتعمق ديناميكية العولمة إذا ما تأملنا أن العولمة تسعي إلى إلغاء الحدود السياسية والتأثير بقوة على دور الدولة في النشاط الاقتصادي، بل أن ديناميكية العولمة يمكن أن نراها أيضا فيما ستسفر عنه النتائج حول قضايا النزاع وردود الأفعال المضادة من قبل المستفيد من الأوضاع الاقتصادية الحالية حفاظا على مكاسبها، واتجاه ردود الأفعال الصادرة عن الخاسرين من تلك الأوضاع وخاصة من الدول النامية في حالة تكتلها للدفاع عن مصالحها ويكشف عن ذلك في القريب العاجل للاجتماع الثالث لمنظمة التجارة العالمية في 12/99. 3. تزايد الاتجاه نحو الاعتماد الإقتصادي المتبادل: ويعمق هذا الاتجاه نحو الاعتماد المتبادل Interdependence ما أسفر عنه عقد التسعينيات من اتفاقات تحرير التجارة العالمية وتزايد حرية انتقال رؤوس الأموال مع وجود الثورة التكنولوجية والمعلوماتية، حيث يتم في ضل العولمة إسقاط حاجز المسافات بين الدول القارات مع ما يغير ذلك من تزايد احتمالات إمكانيات التأثير والتأثر المتبادلين وإيجاد نوع جديد من تقسيم العمل الدولي والذي يتم بمقتضاه توزيع العملية الإنتاجية وبخاصة الصناعية بي أكثر من دولة، بحيث يتم تصنيع مكونات أي منتوج نهائي في أكثر من مكان واحد. ينطوي مفهوم الاعتماد المتبادل على معنى تعاظم التشابك بين الأطراف المتاجرة، ويؤدي هذا التشابك إلى خلق علاقة في اتجاهين بين كل بلد وآخر أو بين مجوعة وأخرى من البلد، فإن كانت التبعية الإقتصادية تنطوي على تأثير أحد الأطراف على الآخر وبالتالي يكون أحداهما تابعا والأخر متبوعا فإن الاعتماد الاقتصادي المتبادل يعني وجود تأثير من كل من الطرفين على الآخر يكون كلاهما تابعا والآخر متبوعا في نفس الوقت. 4. وجود أنماط جديدة في تقسيم العمل الدولي: حيث تقسم العولمة بوجود أنماط جديدة من تقسيم العمل الدولي، وقد ظهر ذلك واضحا في طبيعة المنتج الصناعي حيث لم يعد في امكان دولة واحدة مهما كانت قدرتها الذاتية أن تنقل هذا المنتوج بمفردها، وإنما أصبح من الشائع اليوم أن نجذ العديد من المنتجات الصناعية مثل السيارات والأجهزة الكهربائية، والحاسبات الآلية، وغيرها تتم بتجميع مكونات في أكثر من دولة، بحيث تقوم كل وإرادة منها بالتخصص في صنع أحد المكونات فقط، ويرجع ذلك إلى تعاظم دور الشركات المتعددة الجنسيات في ضل العولمة بالإضافة إلى حدوث الثورة التكنولوجية والمعلوماتية والاتصالات. ومن هنا ظهرت أنماط جديدة لتقسيم العمل لم تكن معروف ومن أهمها ظهور تقسيم العمل بين البلدان المختلفة في نفس السلعة وأصبح من المألوف بل من الغالب بالنسبة لعدد كبير من السلع الاستهلاكية المعمرة والآلات أن تظهر نفس السلعة في قائمة الصادرات والواردات لنفس البلد. 5. تعاظم دور الشركات متعددة الجنسيات: تعتبر الشركات المتعددة الجنسيات أحد السمات الأساسية للعولمة فهي تؤثر بقوة على الإقتصاد العالمي من خلال ما يصاحب نشاطها في شكل استثمارات مباشرة من نقل التكنولوجيا والخبرات التسويقية والإدارية وتأكيد ظاهرة العولمة. ويضاف إلى ذلك أن تلك الشركات العملاقة ذات الإمكانيات التمويلية الهائلة تلعب دور العائد في الثورة التكنولوجية التي نقلت الفن الإنتاجي إلى أن يصبح فن إنتاجي كثيف المعرفة وبالتالي فهي من هذا المنظور تعمق الاتجاه نحو العولمة الإقتصادية. 6. تزايد دور المؤسسات الإقتصادية العالمية في إدارة العولمة: لعل من الخصائص الهامة للعولمة تزايد دور المؤسسات الإقتصادية العالمية في إدارة تعميق العولمة، وخاصة بعد انهيار المعسكر الاشتراكي إلى تفكيك الإتحاد السوفياتي سابقًا وتلاشي المؤسسات الإقتصادية لهذا المعسكر، وإنشاء منظمة التجارة العالمية (WTO) ، في أول يناير عام 1995م، وانضمام معظم دول العالم إليها، ومن ثم اكتمال الضلع الثالث من مؤسسات النظام الإقتصادي العالمي التي تمثل العولمة أهم سماته بل هي الوليد الشرعي له، وبالتالي أصبحت هناك ثلاثة مؤسسات تقوم على إدارة العولمة من خلال مجموعة من السياسات النقدية والمالية والتجارية المؤثرة في السياسات الإقتصادية لمعظم دول العالم وهذه المؤسسات هي: ü صندوق النقد الدولي والمسؤول عن إدارة النظام النقدي للعولمة. ü البنك الدولي وتوابعه، والمسؤول عن إدارة النظام المالي للعولمة. ü منظمة التجارة العالمية، والمسؤولة عن إدارة النظام التجاري للعولمة. ولعل قيام العولمة على تلك المؤسسات تعتبر من أهم دعائمها، حيث أصبح على الأقل هناك نظام متكامل للعولمة تعمــــل من خلاله. المبحث الثالث: أدوات العولمة وأثارها المطلب الأول: أدوات العولمة 1. الشركات متعددة الجنسيات: تعتبر الشركات المتعددة الجنسيات هي الأداة الأساسية للعولمة، وهي شركات غربية أغلبها أمريكية، وهذه الشركات تتكون من عدد من الفروع تتوزع عبر أنحاء المعمورة، والشركة الواحدة تنتج منتجات متنوعة تبدأ من أقل شيء يحتاجه الإنسان إلى أكبر شيء تحتاجه الدول، وتتسم هذه الشركات بعدم تمركز الإنتاج في مكان واحد وبالتالي فهي تسوق إنتاجها إلى جميع أنحاء العالم، فتجدها تستخرج المادة الخام من دولة معينة وتحوله إلى مادة وسيطة في بلد آخر ثم تنتجه على شكل مادة نهائية في بلد ثالث، ولهذه الشركات رؤوس أموال ضخمة تعتمد عليها لتقوم بهذه العمليات، وتستطيع هذه الشركات تحريك رؤوس أموالها في أنحاء العالم بحرية بفضل قوانين حرية التجارة العالمية، وبما أن هذه الشركات تسعى للربح أولا وأخيرًا، فإنها تضع كل خطوط إنتاجها ومصانعها في الدول النامية الفقيرة حيث توجد سوق العمل الرخيصة، بينما الدول المتقدمة التي أسست فيها هذه الشركات تعاني من نسبة بطالة مرتفعة وتستطيع هذه الشركات أن تسحب استثماراتها من بلد نام إلى آخر، فيفقد بذلك آلاف العمال وظائفهم فيغرف ذلك البلد في البطالة والفقر. وهذه الشركات تقوم اليوم بعمليات اندماج ضخمة تتأسس على إثرها شركات أكبر وأكبر وتسيطر على الأسواق والبشر فماذا يمنعها فكل شيء معبد أمامها. 2. الثورة المعلوماتية: جاءت الثورة المعلوماتية كتطور نتج عن الثورة الصناعية التي كانت قبلها، وقد سادت هذه الثروة متمثلة في "الأنترنيت" في إعطاء حركة العولمة دفعة قوية ساهمت في انتشارها، وذلك بسبب سرعة الإتصالات وسهولتها وسرعة الحصول على المعلومة وتوفرها، فمثلا يستطيع من في الشرق أن يتكلم مع من في الغرب مباشرة، وأن يراه في نفس الوقت، لينطبق القول القائل بأن العالم أضحى قرية كونية صغيرة. فقد نجد في الأنترنيت ألاف الدوريات والمجلات والكتب والمواقع الثقافية والتعليمية والمواقع التابعة للمؤسسات والشركات والمنظمات الحكومية والأفراد في تجمع أقل ما يقال عنه أنه رهيب عجيب، إلا أن خبراء الأنترنيت يقولون أن تكنولوجيا الأنترنيت لا تزال في طور الطفولة، وأنها لم تحقق أكثر من 05 بالمائة تقريبا من الإمكانيات الكامنة فيها. ملاحظة: تعتبر بعض المنتجات والمؤسسات الأمريكية رموزا للعولمة مثل بسبسي، كوكاكولا، وسلسلة مطاعم ماكدونالد وكنتاكي … إلخ. 3. المؤسسات والمنظمات الإقتصادية العالمية: وهو ما يتجلى فيما تطلع به بعض المنظمات الدولية البنك الدولي للإنشاء والتعمير وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية WTO التي أنشئت عام 1995، كما سبق وذكرنا والتي يمكن اعتبارها القوة الضاربة للعولمة الإقتصادية فقد أصبح هذا الثالوث بمثابة آلية التحكم والتوجيه للاقتصاد العالمي ولعل ما يد لعلى ذلك ما أعلم عنه مدير منظمة التجارة العالمية حين صرح قائلاً: إننا نكتب دستور إقتصاد عالمي واحد. المطلب الثاني: أثار العولمة 1. أثار العولمة الناتجة عن اتفاقية جولة أورجواي لتحرير التجارة: إن تنفيذ اتفاقية جولة أورجواي سوف ينتج عليه زيادة في التجارة والاستثمار والدخل والرفاهية للدول النامية، وذلك لزيادة إمكانيات دخولها أسواق العالم المتقدم بالإضافة إلى تعزيز الكفاءة بسبب إلتزام تلك الدول بتحرير تجارتها الخارجية، ولكن ستتفاوت المكاسب التي تحصل عليه كل دولة من الدول النامية. كذلك تحصل الدول النامية على مكاسب مثل تحسين القواعد التي تحكم الاستثمار والتجارة من خلال الإصلاح والمؤسساتي في الدول النامية. بالإضافة إلى زيادة المنافسة العالمية التي سوق تعترض الدول النامية سواء داخل أسواقها أو في الأسواق الخارجية. 2. أثار العولمة المالية: ظهرت العولمة المالية نتيجة تحرير الأسواق المالية في كل الدول، فقد قامت الدول النامية بإلغاء القيود على التدفقات المالية عبر الحدود وأصبحت الدول النامية أكثر تكاملا مع النظام المالي العالمي، وقد دعم هذا التوجه العالمي في إطار اتفاقية جولة أورجواي لتحرير التجارة في الخدمات المالية والمصرفية. ويمكن أن يترتب على تدفقات رؤوس الأموال الواحدة التخفيف من مشكلة التمويل الخارجي للدولة ولكن حجم التدفقات يمكن أن يؤثر بشكل سلبي على الاستقرار الكلي. 3. أثر العولمة على الاستثمار الأجنبي: حقق الاستثمار الأجنبي المباشر معدل نمو بلغ ضعف معدل نمو الناتج المحلي العالمي، بينما تجاوز في الثمانينات أربعة أضعاف معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، وأستمر نمو الاستثمار الأجنبي المباشر في أوائل التسعينيات، وبلغ الاستثمار عام 1996م، حوالي 350 مليار دولار بزيادة قدرها 10 بالمائة عام 1995م. كما أنه هناك عوامل أخري مهمة تعمل على جدب الاستثمار الأجنبي المباشر وتشمل هذه العوامل: -الاستقرار السياسي والأسواق المحلية وأسواق التصدير. -النظام التشريعي والبنية الانكماشية ورأس المال البشري والنظام المالي والمصرفيوكفاءة وحجم القطاع الخاص وتوافر الأمان الشخصي. كما أن انخفاض تكلفة العمل لم تعد كفيلة لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر،فالمستثمر يهتم بصفة أساسية بالإنتاجية، ويتوجه حيث يتمتع الإنتاج بالجودة والمعايير والسعر العالمي. 6. وتعتبر الشركات المتعددة الجنسيات محرك العولمة والتي تسهم في تدفق الاستثمار المباشر، كما تعتبر مصدرًا لنقل المعرفة الفنية، والإدارية والتنظيمية وذلك من خلال التدريب وتوفير العمالة المتخصصة. 4. أثر العولمة على الجهاز المصرفي: للعولمة تأثير على الجهاز المصرفي، في أي دولة من دول العالم، ونشير منذ البداية أن الآثار الإقتصادية للعولمة على الجهاز المصرفي قد تكون إيجابية وقد تكون سلبية وتصبح المهمة الملقاة على عاتق القائمين على إدارة الجهاز المصرفي هو تعظيم الإيجابيات وتقليل الآثار السلبية، ويمكن توضيح أهم الآثار فيما يلي: ü إعادة هيكلة صناعة الخدمات المصرفية:حيث توسعت مساحة ونطاق أعمالها المصرفية وأصبحت تقوم البنوك بخدمات مالية ومصرفية لم تقم بها من قبل. ü التحول إلى البنوك الشاملة: وهي تلك الكيانات التي تسعى دائما إلى تنويع مصادر التمويل والتوظيف وتعبئة أكبر قدر ممكن من المدخرات في كافة القطاعات. ü الاندماج المصرفي: لعل من أهم الآثار الإقتصادية للعولمة ما يحدث حاليا من موجة إندماجات مصرفية، بين البنوك الكبيرة والصغيرة نفسها، وذلك بدافع النمو والتوسع وزيادة الربحية ودافع زيادة القدرة على المنافسة العالمية. ü خصخصة البنوك: وهي مرتبطة بشكل عام بظاهرة الخصخصة العالمية، وتتلخص أهم دوافع خصخصة البنوك في التحديات التي تواجه العمل المصرفي. المبحث الرابع: البلدان النامية ومواجهة تحديات العولمة ترتب عن العولمة الإقتصادية زيادة الاعتماد الاقتصاد المتبادل بين دول العالم، ولذلك فإن الدول النامية وخاصة الدول الأقل نموا تواجهها ظروف بالغة الصعوبة ومن بينها انخفاض رصيد رأس المال البشري وعدم توافر البنية الأساسية وعدم الاستقرار السياسي بالإضافة، إلى ارتفاع مستويات الدين الخارجي الأمر الذي ترتب عليه عدم قدرة استفادة هذه الدول من العولمة، ومن هذه العوامل أيضا ضعف جانب العرض واعتماد هذه الدول على سلعة أو سلعتين في التصدير بالإضافة إلى التقلبات التي تلخص بأسعار صادرات الدول. كما أن هذه الدول تعاني من صعوبة جذب الاستثمار الأجنبي المباشرة نتيجة عدم استقرار البيئة الاقتصادية الكلية وعدم توافر رأس المال البشري، والعمالة الفنية، بالإضافة إلى عدم توافر البنية الأساسية، بل أن الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء قد تدهورت أوضاعها حتى قاربت مستوى البأس، وقد تحتاج إلى حولي 30 إلى 40 سنة حتى تسترجع مستويات المعيشة التي كانت عليها منذ بداية الاستقلال، ومن تم فإنه إذا أرادت الدول النامية مواجهة تحديات العولمة، فمن الضروري أدت تحقق الدول الاستقرار في السياسات الاقتصادية الكلية الأمر الذي يعزز الثقة التي تشجع الاستثمار المحلي وتدفق رأس المال الأجنبي إلى الداخل. ولمواجهة تحديات العولمة يجب أن تقوم هذه الدول بزيادة درجات التعاون والتنسيق فيما بينها فيمكن أن تقوم مثلا الدول المتنافسة على جذب الاستثمار الأجنبي بالتنسيق فيما بينها في هذا المجال. وكذلك في مواجهة التكتلات الاقتصادية الأخرى كما يمكن مواجهة هذه التحديات من خلال إقامة نوع من أنواع التكتل الاقتصادي فيما بين الدول النامية كوسيلة لتنسيق السياسات فيما بينها ولجذب المزيد من الاستثمارات نظرًا لأهمية الأسواق الكبيرة في جذب الاستثمارات بجانب العوامل الأخرى. الخاتمة: وخلاصة القول بعد أن انتهينا من استعراض أبرز المظاهر الاقتصادية للعولمة هو القوى الداعية للعولمة والداعية لها إنما تستهدف إزالة الحدود الإقليمية والقيم الوطنية التي تفرضها الدول لكي تجعل من العالم كله ساحة للعب ذلك فضلا عن انفرادها وحدها بتقرير قواعد اللعبة، وفقا لما تتمتع به هي من قدرات ومهارات بالأسلوب الذي تجيده، بحيث تؤمن لنفسها الفوز على منافسيها، الذين فرض عليهم أن يلعبوا في لعبة لن يربحوا فيها، ووفقا لقواعد تتحيز لفريق على حساب فريق آخر. وهو ما بنبأ منذ البداية بأن المباراة ستكون غير متكافئة وبطبيعة الحال فإن نتيجة مثل هذا المباراة تكون محسومة مسبقًا. | |
|