بختـي بن عودة وهوس الانخراط
بقلم : المهدي ضربان
[ شوهد : 1420 مرة ]
مازلت أحتفظ بمسودة الحوار الذي أجريته معه يوما عبر دفة أسبوعية (الوقت ) التي كانت تصدر عن يومية ( الوطن ) ، يومها قال لي المرحوم بختي بن عودة كلاما ، لا أتصور أن يضاهيه كلام من آخر يحيل الذات على توليفة من الرؤية الثاقبة في عالم النسق والنسقية ..فعن تجربته في ( الجاحظية ) قال المرحوم الذي كان يشغل رئيس تحرير بدورية ( التبيين ) .." التبيين قفزة جاحظية بذلك اليتم الأساسي ..وهي تكرس اليوم وغدا مشروع تنوير لا ريب فيه.. وحينما أوكلت إلي رئاسة التحرير قلت كيف نغافل ما انتهت إليه أصابع الغير ، وكيف نلملم هوس الانخراط في حالة لا حالة لها ، أي بمواجهة العادي والائتلافي تكون الحبسة في ما وراء اللسان هي ترجمة لإحساسنا بضرورة التحليل والعلم والسؤال النقدي .ليست التبيين غير هذا المكان الثقافي لقول ما يؤكد هذه الضرورة ويتجاوزها في الآن ذاته ..لسنا مجبرين على كوكبة كل الفضاءات القائمة ، نحن نفتح بوابات النار للذين يشاركوننا ما يتعاضد على مستوى اللغة والمعيش والحلم .والدعوة موجهة للذين يشتكون من النقصان . فقط لنعتبرها المخبر وليس المعبر .فهي كذلك كلما اختلفنا على حرية الدم وليس على ملكيته الجنيالوجية "..
هذه الرؤية التي قالها الناقد بختي بن عودة هي نموذج للحالة الدلالية التي رسم معالمها عبر دفة ( التبيين ) الجاحظية تخاطب الذات عبر رسائل الإضافة التي يهندسها من لهم باع في تجذير الرؤية والأنساق الفكرية عبر بوابة التخمين الواعي ، إنها تجليات للخطاب الذي يسكنه هوس الانخراط ، في سوق ثقافية متفتحة صانعة للاحتجاج الفكري ، تقرأ الأحداث وترسم الحالات المختلفة لكل المشتغلين بمجال التحليل دون استصغار أو تدمير للتجارب المختلفة ..بن عودة سلك مع ( التبيين ) حالة من الوعي الذي يحيل على التأمل والإقلاع بدون شطحات نرجسية ، كان مسكونا بهذه اللغة التي يوفرها ذلك العناد في أن تكون أنت من دون ضجيج ولا اعتباط كما كان يقول لي دائما في رواق الجاحظية ..إبان بداية التسعينيات ..وفعلا نجح بن عودة في قراءته غير البريئة عن التبيين وهي دلالة من عنوان محاضرة عن التبيين رسمت صورة للجاحظ الذي يعتبره بن عودة أول مؤسس لعلم الإتصال ..هذا ما أردت التأشير به لواحد كان عندي بمثابة الفيلسوف)