فن التعليق السياسي فى الاذاعة !!
يعتبر فن التعليق السياسي من الفنون الإذاعية التي تحتاج إلى مهارات خاصة وقدرات فائقة في مجال العمل الإعلامي ويقابل فن التعليق الإذاعي فن المقال الافتتاحي في الصحافة, وتدخل في مادة التعليق معظم عناصر المقال الافتتاحي من انتقاء خبر يشغل اهتمام الرأي العام وتحليله وتفسيره والتعليق على جوانبه المختلفة ويعد التعليق السياسي حديثاً إخبارياً مباشراً يكتبه أحد المتخصصين لإبداء رأى معين في قضية من القضايا.
وإذا كان التحليل الإخباري يكتفي بعرض وشرح وتفسير المعلومات فإن التعليق يركز على الرأي ويقدم وجهات نظر المعلق والمحطة الإعلامية وفلسفة الحكم, والنظام السياسي السائد ،، وهنا تبدو أهمية التعليق السياسي كرسالة إعلامية.
وفى معظم دول العالم الثالث تهتم محطات الإذاعة بالتعليقات السياسية ويعهد إلى كتاب متخصصين بكتابتها, يستعان يبعضهم من بين الكتاب السياسيين في الصحف, أما أغلبية المعلقين فتنتمي إلى الجهاز الإخباري في الشبكة أو المحطة الإذاعية.
وفى الدول التي كانت تتبع النظام الشيوعي في الماضي, اهتمت محطات الراديو والتليفزيون بالتعليقات التي تعكس وجهة نظر الحزب الشيوعي تجاه العديد من القضايا المطروحة محلياً ودولياً. ومثلت تلك التعليقات جزءاً من المهمة الدعائية للإذاعة,
وفى بعض الأحيان كانت محطات الراديو والتليفزيون تذيع تعليقات سياسية مرسلة إليها من وكالة الأنباء الرسمية الناطقة بلسان الدولة ،،، أما الدول الغربية كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وغيرها من الدول الديمقراطية فلم تلق التعليقات السياسية اهتماما كبيراً من محطات الإذاعة بهذه الدول خاصة تلك التي يسود فيها النظام التجاري.
ومع تزايد الاهتمام بالدور الإخباري للإذاعة بدأت بعض المحطات بتقديم تعليقات إذاعية, ولكنها كانت وستظل دون معدلات اهتمام الإذاعات في الدول الشيوعية ودول العالم الثالث بهذا اللون من الفنون الإذاعية .
خصائص التعليق السياسي :
1 – يتناول التعليق السياسي موضوعا آنيا يشغل اهتمام الجمهور .
2 – يتعمد التعليق الخلط بين الخبر والرأي وبين التقرير والحكم عليه .
3- قد لا يظهر الخلط بين الخبر والرأي في نص التعليق فقط, بل يظهر أيضاً في نبرات وصوت المذيع أثناء إذاعة التعليق.
4- لا يعبر التعليق عن وجهة نظر كاتبه بقدر ما يعبر عن سياسة الدولة والجهاز الإعلامي وتمثل هذه السياسة (دستور العمل) بالنسبة التعليقات كما هو الحال بالنسبة لكتاب المقالات الافتتاحية في الصحف.
5- يتم اختيار موضوع التعليق في إطار خطة العمل السياسي والإعلامي التي توضع في الصباح أو المساء ويشارك في وضعها عدد من المسئولين الإذاعيين بالشبكة أو المحطة الإذاعية.
6- تبدو الأهمية القصوى للتعليقات السياسية أثناء الأزمات التي تمر بها الدولة, ويرتبط التعليق السياسي بالراديو أكثر من ارتباطه بالتليفزيون لقناعة السلطة بالدور الخطير للراديو وتخطيه الحواجز والحدود بلا عوائق.
7- لا يقتصر التعليق على الشرح والتفسير وإلقاء الضوء على الجوانب المختلفة للموضوع فحسب بل يهدف إلى تشكيل أفكار المستمع على النحو الذي يفكر به المعلق تماماً وتحمله كلمات التعليق.
8- يجب أن يتم تقديم التعليق في ثوب جذاب, تتشكل خيوط نسيجه من الألفة واليسر والبساطة والإقناع المنطقي.
9- لغة التعليق السياسي هي اللغة الإعلامية المفهومة المبسطة لدى عامة الجمهور والتي تتسم بالموضوعية وتنأى عن الذاتية وتتجه مباشرة نحو الهدف.
10- يجب أن يظهر الخبر الرئيسي لموضوع التعليق في الصدارة أو في مكان قريب من البداية كلما أمكن.
11- التعليق السياسي الجيد هو الذي يركز على تقديم الحقائق والوقائع وينأى عن الأسلوب الإنشائي الإنفعالى.
12- يتميز التعليق بأنه يجمع بين فنون التحرير الإخباري وفن كتابة الحديث الإذاعي المباشر, وفن المقال الصحفي.
13- يتسم التعليق في معظم الإذاعات بالتركيز على معالجة القضايا السياسية أكثر من أية قضايا أخرى وذلك على عكس التحليل الإخباري الذي تتنوع موضوعاته لتشمل مختلف الأنشطة والفعاليات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها.
14- يجب أن يدور موضوع التعليق حول فكرة واحدة يتناول المعلق مختلف جوانبها.
15- التعليق هو فن الدعوة إلى رأى وخير الدعوات ما كان مقنعاً والإقناع وليد قوة المنطق والحجة والبرهان ،، لذا لابد أن يكون التعليق متضمناً لأقوى الحجج والبراهين والدلائل حتى يكون مقنعاً ويؤدى الأثر المطلوب.
16- من المهم أن تكون بداية التعليق جذابة مشوقة تستحوذ على اهتمام جمهور المستمعين خاصة وأن مستمعي التعليق السياسي ليسوا بالكثرة المعروفة لمستمعي البرامج الأخرى, مما يحتم على المعلق أن يمسك بتلابيب مستمعيه من أول جملة في التعليق.
17- يفضل أن يبتعد التعليق عن الدخول في تفاصيل ترهق المستمع وتسبب له الملل وتجعله يعزف عن المتابعة.
18- قد يوضع للتعليق عنوان, وقد لا يوضع له عنوان,
19- يجب إعادة التركيز على الفكرة الأساسية للتعليق في السطور الأخيرة منه حتى تثبت الفكرة في ذهن المستمع.
20- يجب أن يستغرق التعليق الوقت المخصص له بدون زيادة أو نقصان وغالباً ما تتراوح مدة التعليق بين سبع وعشر دقائق.
21- التعليق الناجح هو الذي يشد أذن المستمع من البداية إلى النهاية بحيث ينتهي قبل أن يتمنى المستمع انتهاءه.
الشروط الواجب توافرها في المعلق السياسي :
1- أن يكون مثقفاً واسع الإطلاع على دراية بالشئون العامة مثل كاتب المقال الافتتاحي في الصحيفة اليومية.
2- أن يتمتع بفكر إخباري وسياسي قادر على استيعاب وشرح وتفسير وتحليل الأحداث والتعقيب والتعليق عليها.
3- أن يكون ملماً بقواعد وأصول الكتابة الإذاعية.
4- أن يكون ملماً بقواعد اللغة العربية وأن يكون قادراً على استخدام مفرداتها بسهولة ويسر ومرونة.
5- أن يكون على دراية واسعة بالمناطق والأسماء التي تصنع الأخبار.
6- أن يكون على دراية تامة بتقنيات العمل الإذاعي.
7- أن يكون واسع الأفق, ذكياً, حاضر البديهة يتمتع بشخصية ديناميكية.
8- أن يعلم جيداً أن التعليق الذي يكتبه لا يعبر عن رأيه الشخصي بقدر ما يعبر عن السياسة العامة للجهاز الإعلامي, وتوجهات الدولة بصفة عامة لذا فإنه من الأفضل أن ينكر ذاته كما يفعل كتاب المقالات الافتتاحية في الصحف اليومية.
9- يجب أن يكون المعلق على دراية تامة بجوانب السياسة العامة للدولة, الداخلية منها والخارجية, وأن يكون ملماً بأحدث الاتجاهات بها وما يكمن خلفها من فلسفات.
10- يجب أن يمتلك الحاسة النقدية التحليلية التي تتيح له التعليق على الأحداث المهمة بتمكن واقتدار.
12- قد يلجأ كاتب التعليق لإذاعته بصوته وفى هذه الحالة يجب أن يتمتع بمميزات الكاتب والمذيع في آن معاً وقد لا يكون صوت المعلق على نفس الدرجة من الكفاءة التي يتميز بها صوت مذيع النشرة الإخبارية, لكن الحقيقة أن المعلق ـ في بعض الأحيان ـ خير من يستطيع إقناع المستمعين بما يود أن يقوله.
منقول عن مقال/ د / عبد الله زلطة أستاذ الإعلام المساعد بجامعة بنها