الأشكال الاذاعية وسمات الاذاعي الناجح !!
لعل من الأمور المهمة التى ينبغى أن تهتم بها الإذاعة فى إطار سعيها لمواجهة منافسة التليفزيون، مسألة تطوير الأشكال البرامجية التى تقدم مضامينها من خلالها، حيث لابد وأن تتناسب تلك الأشكال أو القوالب مع طبيعة العصر وإيقاعه ومع أذواق الجماهير واحتياجاتها،
وكذلك مع طبيعة المنافسة مع التليفزيون وغيره من الوسائل المتطورة ... وسنحاول فى الاستعراض التالى أن نلقى نظرة على أهم تلك الأشكال وجوانب التطوير المقترحة لكل منها :
(أولاً) .. الحديث الإذاعى المباشر
تعريفه: حديث موجه من شخص واحد إلى الجمهور.
هدفه: تقديم الجديد حول موضوع أو قضية معينة فى إطار تثقيفى أو إعلامى أو ترفيهى.
شروطه: الوضوح ـ البساطة ـ الحالية ـ توفر عناصر الجذب ـ الدقة فى المعلومات.
كيفية كتابته:
(1) الإهتمام بالمقدمة الجذابة لأنها الأساس فى لفت الانتباه.
(2) استخدام الجمل القصيرة لتسهيل المتابعة.
(3) تقسيم الموضوع إلى أفكار رئيسية وفرعية ومراعاة التوازن بين تلك الأفكار وتوزيع مناطق الضعف والقوة على مدة الحديث.
(4) استخدام مستوى مناسب من اللغة بما يتوافق مع نوعية الجمهور.
(5) استخدام الأمثلة والدلائل لتقريب المعلومات ولتحقيق مزيد من الإقناع للجمهور.
(6) الإقلال قدر الإمكان من استخدام الأرقام التفصيلية التى قد يصعب متابعتها بالأذن.
كيفية تقديمه:
يفضل البعض أن يلقى الحديث المباشر شخصيات لها جاذبيتها لدى الجمهور حتى يمكن جذبه والاحتفاظ به طوال مدة الحديث، حيث أن طريقة الإلقاء يمكن أن تؤثر إيجاباً أو سلباً فى درجة قبول الحديث بصرف النظر عن الموضوع نفسه، كما أن البعض يفضل أن يكون الإطار الكوميدى أو النقدى الخفيف هو الأسلوب المستخدم فى تقديم الحديث، وعلى أى الأحوال فالحديث الإذاعى شكل لا يحتمل المدة الطويلة أى لابد من الإختصار قدر الإمكان وتقديم القضية المطلوبة بأقصر السبل وأكثرها جذباً للمستمع.
(ثانياً) .. الحوار الإذاعى :
تعريفه: حديث يدور ما بين اثنين أحدهما الإذاعى والآخر شخصية لها علاقة بالقضية أو الموضوع الذى يطرحه البرنامج.
هدفه: الاستفادة بما لدى هذا الضيف من معلومات وآراء وخبرات فى القضية المعروضة وتقديمها بطريقة أكثر جذباً مما لو عرضت من خلال حديث إذاعى مباشر.
شروطه: الحوار الإذاعى نجاحه متوقف على طرفين وهما الإذاعى والضيف.
فالإذاعى مطلوب منه فى الحوار الإذاعى أن يكون:
(1) متمكناً من الموضوع المطروح واطلع عليه بشكل جيد وأعد نفسه بكل المعلومات الجديدة حوله من كافة المصادر المتاحة.
(2) متمكناً من حرفية إدارة الحوار وقيادة دفته بما يفيد الجمهور المتلقى.
(3) على دراية بالشخصية التى يستضيفها ولديه معلومات جيدة عنها وعما يسمى بمفاتيح هذه الشخصية.
(4) على دراية بما يدور فى ذهن الجمهور من تساؤلات واستفسارات حول القضية المطروحة.
(5) مدرك لطبيعة البرنامج ولطبيعة المحطة التى يعمل من خلالها ولطبيعة الموضوع، ومستحضر كل ذلك فى ذهنه أثناء إدارة الحوار
أما ضيف البرنامج فمطلوب منه فى الحوار الإذاعى أن يكون:
(1) لديه الرغبة الحقيقية فى إفادة الجمهور وعدم تضليله أو تخديره.
(2) لديه معلومات جديدة ودقيقة حول الموضوع المطروح فى البرنامج.
(3) لديه اقتناع بأهمية الوسيلة التى يتحدث من خلالها ومدى تاثيرها على الجمهور.
(4) لديه اقتناع بكفاءة الإذاعى الذى يدير معه الحوار وعمق معلوماته.
(5) لديه القدرة على توصيل ما لديه من معلومات بشكل واضح ومفهوم للجمهور دون فلسفة أو مظهرية او تعالى على الناس.
ولذلك فإن مسألة اختيار هذين الطرفين لبرنامج الحوار مسألة مهمة للغاية، فاختيار الموضوع أو القضية المطروحة لا شك أنها نقطة ضرورية وأساسية لكن الضيف الذى سيقدم معلوماته وآرائه حيال هذا الموضوع، وكذلك المحاور الذى سيدير دفة الحوار هما الأساس الأكثر تأثيراً فى الجمهور، فكم من برامج طرحت قضايا مهمة لكنها لم تصل للجمهور بالشكل المتوقع نتيجة عدم التوفيق من جانب الإذاعى أو من جانب الضيف المتحدث.
كيفية الإعداد للحوار الإذاعى:
(1) الاختيار الجيد للموضوع الذى يشعر معد البرنامج أنه:
(أ) موضوع جديد.
(ب) يهم أكبر عدد ممكن من الجمهور.
(ج) تتعدد الأراء حوله.
(د) يصلح لطرحه كقضية عامة وليست فردية.
(هــ) لا يتعارض مع قيم المجتمع والعرف السائد فيه.
(و) لا يحدث مجرد ضجة إعلامية بدون فائدة حقيقية للجمهور.
(2) الاختيار الجيد لضيف البرنامج، وذلك بضرورة أن يتوافر لديه المعلومات الجيدة عن الموضوع أو التخصص فى الموضوع المطروح، إضافة إلى المواصفات السابق ذكرها.
(3) الحصول على معلومات جديدة عن الموضوع من خلال المصادر المختلفة سواء أكانت مصادر شخصية أو مصادر مكتبية.
(4) الحصول على معلومات جيدة عن ضيف البرنامج وآراءه واتجاهاته.
(5) تحديد الهدف من الحوار سواء أكان حوار معلومات، أم رأى، أم حوار شخصية لأنه على ضوء هذا الهدف تتحدد طريقة وأسلوب ونوعية الأسئلة المطروحة.
(6) إعداد الأسئلة الخاصة بالبرنامج والتى ينبغى أن تراعى:
(أ) تغطية كافة جوانب القضية.
(ب) التركيز على النقاط التى يشعر الإذاعى أنها تشكل جوانب ناقصة عند الجمهور وينتظر البرنامج للحصول عليها.
(ج) التسلسل المنطقى لهذه الأسئلة.
(د) ألا تكون تلك الأسئلة إيحائية أو متكررة أو تقليدية.
(هـ) توافق طبيعة الأسئلة مع طبيعة الضيف وكذلك طبيعة المحطة.
تنفيذ الحوار الإذاعى:
يراعى فى التنفيذ أن يكون الإذاعى متمرساً بشكل جيد على إدارة الحوار بحيث لا يستغرق وقتاً طويلاً فى المقدمة الإنشائية ولا يستغرق وقتاً طويلاً فى طرح السؤال لأن القاعدة الإذاعية أن السؤال الطويل يسفر عنه إجابة طويلة وكلاهما غير مطلوب إذاعياً، وكذلك فإن مقاطعة الضيوف قد تكون مطلوبة فى بعض الأحيان إذا استشعر الإذاعى أن الضيف مبالغ فى إجاباته أو غير محدد، لكن هذه المقاطعة ينبغى أن تتم بحساب حتى لا تصبح عادة لدى الإذاعى فى كل الأسئلة أو مع كل ضيوفه.
ويراعى الإذاعى كذلك أن يكون متيقظ مع إجابات الضيف، بحيث يمكن أن يستخرج منها بعض الأسئلة الجديدة التى لم يضعها من قبل فى النص المعد، كذلك عليه أن يستوقف الضيف إذا شعر بعدم وضوح جزئية من كلامه، وعلى الإذاعى أن يهتم بوضع الميكروفون وحركته أثناء إدارة الحوار.
أيضاً على الإذاعى أن يضع أسئلته بما يتوافق مع مدة ووقت البرنامج حتى لا يجد صعوبة بعد ذلك فى عملية المونتاج، وكذلك عليه مراعاة طبيعة الأسئلة التى يتناسب وضعها فى بداية أو وسط أو نهاية الحوار.
والخلاصة، أن الحوار الإذاعى مهارة ينبغى أن تتوافر لدى أى إذاعى وذلك لأن إتقان الحوار يساعد الإذاعى على إتقان الأشكال الإذاعية الأخرى التى يعتبر الحوار هو عمودها الفقرى، ومن الصعب أن تجد إذاعى ناجح لأنه قارئ جيد للنص فقط، ولكن الإذاعى الناجح لابد وأن يكون أيضاً محاوراً ناجحاً ومتمكناً لهذا فالحوار مهارة ينبغى تطويرها والاهتمام بها من كل الإذاعيين.
(ثالثاً) .. التحقيق الإذاعى :
تعريفه: شكل برامجى يهدف إلى البحث عن الحقائق من خلال استعراض الآراء المتعارضة حول قضية معينة، بما يساعد المستمع فى النهاية على تكوين رأى خاص به. ومن أهم شروط هذا الشكل الموضوعية الكاملة فى عرض الآراء والاتجاهات، وعدم التحيز لأى رأى فيها، وقد يبدو هذا التحيز من خلال الزمن الممنوح لجانب على حساب الجانب الآخر، أو ترتيب عرض الفقرات، أو نوعية الأسئلة أو طريقة التعليق على الإجابات. كل ذلك ينبغى أن يتم بموضوعية تامة وأن يكون الهدف الأساسى منه هو الوصول إلى الحقيقة الكاملة.
شروطه: أهم شروط نجاح التحقيق الإذاعى إتقان الإذاعى لفن الحوار والقدرة على الحصول على المعلومات من المتحدثين، والقدرة على الوصف الدقيق للأحداث بما يجعل التحقيق بمثابة صورة صوتية واقعية للحدث تتسم بالموضوعية والصدق وعدم المبالغة.
الإعداد للتحقيق:
الحصول على المعلومات شرط أساسى للإعداد الجيد لموضوع التحقيق خاصة إذا كان مسجلاً، فالفرصة ستكون سانحة للإذاعى كى يجمع العديد من المعلومات من مصادرها المختلفة، أما إذا كان التحقيق على الهواء فإن الإذاعى عليه أن يجمع المعلومات من موقع الحدث وعليه أن يحصل على الآراء المختلفة بما يساعد فى النهاية على تكوين صورة متكاملة عن القضية أو موضوع البرنامج.
وقد يتخيل البعض أن دور الإذاعى فى التحقيق هو مجرد ربط الحوارات مع بعضها فقط، ولكن الحقيقة هى أن النص الإذاعى ينبغى أن يكون له دور مهم فى التحقيق جنباً إلى جنب مع الحوارات دون أن يكرر أحدها الآخر فى نفس المعلومات فتكامل النص مع الحوار مسألة مهمة جداً.
ويتضمن الإعداد للتحقيق مسألة مهمة أخرى وهى اختيار المتحدثين الذين ينبغى أن يمثلوا كافة وجهات النظر المتعلقة بموضوع البرنامج. وينبغي أن تكون لديهم القدرة على نقل وجهات نظرهم بوضوح للجمهور دون المساس بوجهات النظر المخالفة أو التقليل من قيمتها.
تنفيذ التحقيق:
وتنفيذ التحقيق ينبغى أن يتم في الموقع، ولذلك فالوصف الدقيق لمكان الحدث يمثل العمود الفقرى فى التحقيق الإذاعى، والخلفيات المأخوذة من المكان نفسه تثرى واقعية التحقيق وتزيد من تأثيره النفسى على المستمع ومن المهم أيضاً إجراء اختبارات جيدة للصوت حتى لا تطغى الخلفيات على أصوات المتحدثين، كما ينبغى التنبيه على المتحدثين بمراعاة الدقة والموضوعية فى كل المعلومات التى يقدمونها للمستمعين.
ولا شك فى أن التحقيق الذى يتم بشكل مسجل يساعد على تلافى العديد من الأخطاء المحتملة من خلال المونتاج. أما صعوبة التحقيق الحى فهى أن الخطأ فيه لا يمكن علاجه، لذا فالإعداد الجيد علاوة على خبرة الإذاعى وتمكنه تساعد على خروج التحقيق بأفضل شكل ممكن.
(رابعاً) المجلة الإذاعية :
تعريفها: يمكن القول بأن شكل المجلة هو تجميع لكافة الأشكال الإذاعية الأخرى من أجل عرض موضوع معين أو عدة موضوعات بشكل جذاب غير ممل للجمهور سواء أكان هذا الجمهور نوعى أم جمهور عام.
فالمجلة الإذاعية تتضمن الحديث المباشر ـ والحوار ـ والتحقيق ـ بل والدراما أيضاً ـ كل ذلك بشكل مصغر، مما يؤكد على أن شكل المجلة واحد من أكثر الأشكال جاذبية بالنسبة لجمهور المستمعين، وهذا أيضاً قد يبرر طول مدة المجلة عن غيرها من الأشكال الأخرى، حيث أن تنوع الأشكال الإذاعية المستخدمة في المجلة يسهم في زيادة جاذبيتها للجمهور.
الإعداد للمجلة:
قد تهتم المجلة الإذاعية بموضوع واحد يتم عرضه من خلال الفقرات المختلفة، وقد تتنوع الموضوعات التي تتناولها الفقرات داخل المجلة، وفى نفس الوقت قد نجد أن هناك مجلة عامة، وأخرى متخصصة في مجال معين ـ وهذا التخصص ممكن أن يكون فى:
(أ) المجال الذي تعالجه المجلة: صحى ـ ثقافى ـ رياضى ـ إخبارى.
(ب) الجمهور الذى تستهدفه المجلة: مجلة للشباب ـ مجلة للمرأة ـ مجلة للعمال.
ولهذا فإن تحديد نوعية المجلة سواء عامة أو متخصصة مسألة مهمة للغاية فى مرحلة الإعداد لفقراتها، وهذا الإعداد لن يتم بشكل سليم ما لم يكن الإذاعى متمكناً من كافة الأشكال البرامجية بما يسمح له بأن يجهز لفقراته ويختار لكل منها الشكل الذى يتلائم مع طبيعة ما تحتويه من معلومات، وكذلك من المهم أن يراعى الإذاعى التوازن بين فقرات المجلة، وتوزيع الموضوعات على الفقرات بشكل علمى وليس عشوائى، ولابد من أن يؤخذ فى الاعتبار طبيعة الجمهور المستهدف وأهم احتياجاته ورغباته.
تنفيذ المجلة:
فى غالبية الأحوال يتولى تنفيذ المجلة أكثر من صوت واحد على أن يراعى تناسب الأصوات مع بعضها، كما ينبغى أن يراعى عدم التوسع فى الفقرات لأن كل فقرة لابد وأن تتناسب مع بقية أجزاء المجلة، ولابد من مراعاة تناسب الموسيقى المستخدمة مع طبيعة تخصص المجلة وطبيعة الجمهور الذى تستهدفه هذه المجلة.
(خامساً) .. برامج المناقشات الإذاعية :
تعريفها: مادة إذاعية تهتم بعرض كافة الآراء التى تدور حول قضية أو مشكلة أو ظاهرة تهم الجمهور بشكل عام، وهى تختلف عن التحقيق فى أن الآراء تكون مجتمعة مع بعضها وتتناول النقاش الموضوعى حول القضية مما يضفى على البرنامج المزيد من الحيوية والجاذبية.
وبرامج المناقشات أصبحت من أكثر الأشكال جذباً للجمهور وانتشاراً بين المحطات الإذاعية وأيضاً القنوات التليفزيونية وهى ما اصطلح على تسميتها فى الآونة الأخيرة ببرامج Talk Show والتى كثيراً ما تدور حولها مناقشات واختلافات حول جدواها وقيمتها بالنسبة للجمهور.
الفكرة الأساسية فى برامج المناقشات هى لقاء يجمع أصحاب الآراء المختلفة حول مائدة واحدة ليدور بينهم نقاش علمى موضوعى ـ يعرض خلاله كل فرد منهم آرائه واتجاهاته ومبرراته وأسانيده، ويفند الآراء الأخرى دون تجريح ـ ليخرج المستمع فى النهاية بفائدة أو معلومة أو يكون رأياً شخصياً حول القضية المثارة.
إذاً لو تحولت برامج المناقشات إلى مجرد صخب وضجيج وانفعالات واتهامات، لانعدمت فائدتها ولصعب على المستمع أو المشاهد أن يستفيد منها، وهنا لابد وأن نشير إلى أن بعض القنوات رغبة منها فى الإثارة وجذب الإنتباه تختلق قضايا وتثير حولها الجدل دونما فائدة حقيقية تعود على المتلقى من وراء ذلك، وهذا يعتبر صورة من صور الصحافة الصفراء لذلك فإن نجاح برامج المناقشات يعتمد فى الأساس على 3 محاور:
(الأول) .. موضوع جيد ـ يهم الجمهور ـ يتسم بالحالية أى جديد لم يسبق تناوله، ويسمح باختلاف الآراء حوله، أى لا يكون قضية محسومة لا تحتمل الاختلاف أو النقاش.
(الثانى) .. مجموعة جيدة من المتحدثين ـ ممن لديهم خبرة جيدة فى الموضوع أو القضية المطروحة ـ ولديهم القدرة على التعبير عن وجهات نظرهم بشكل موضوعى ـ دون انفعال أو تجريح للآخرين أو تسفيه لآرائهم.
(الثالث) .. مدير جيد لهذه المناقشة ـ لديه القدرة على إدارة دفة الحوار بين المتحدثين بلباقة وموضوعية وحسم وجرأة، وعليه أن يكون محايداً تماماً فى تعامله مع جميع الأطراف، فضلاً عن معلوماته الجيدة حول القضية المطروحة.
الإعداد للمناقشة:
وهى تتطلب جهداً كبيراً فى إعدادها من حيث جمع المعلومات عن الموضوع، واختيار ضيوف الحلقة، وإجراء مقابلات مبدئية معهم، والتعرف على طبيعة شخصياتهم وحجم الاختلافات بينهم، وتحديد موعد المناقشة، ومكان تسجيلها أو إذاعتها على الهواء، وتجهيز المواد التى سيتم الاستعانة بها سواء تسجيلات أو موسيقى أو مؤثرات.
تنفيذ المناقشة:
ومرحلة التنفيذ تتوقف سهولتها ونجاحها على المرحلة السابقة وهى الإعداد. فكلما تم الإعداد بشكل جيد، سهل ذلك من مسألة التنفيذ وإجراءاتها، وخلال مرحلة التنفيذ لابد من الاهتمام بإعداد مقدمة وافية عن موضوع الحلقة وأهميته، وضيوف الحلقة وعلاقتهم بالموضوع، كما ينبغى أن تغطى أسئلة الإذاعى كافة استفسارات الجمهور، وكذلك ينبغى أن يمنح كل فرد من المتحدثين الفرصة الكاملة فى التعبير عن آرائه، وأن يكون هناك إمكانية للمقاطعة من الآخرين لكن بشكل حضارى ومنظم وبما لا يحول المناقشة إلى فوضى لا قيمة ولا عائد من ورائها.
(سادساً) .. البرنامج الخاص أو الفيتشر :
وهو من الأشكال الإذاعية الجذابة فيما لو أحسن إعداده وتنفيذه، حيث يسمح بالتغطية الإذاعية المتكاملة لقضية ما من خلال المعلومات الجيدة وأيضاً من خلال الآراء المختلفة المكملة لتلك المعلومات.
ويختلف الفيتشر عن التحقيق فى حجم اللقطات الصوتية الموجودة فى كل منهما، ففى التحقيق يكون الحوار متكامل، أما فى الفيتشر فإنه يعتمد على لقطات صوتية سريعة من المتحدثين لا تزيد الواحدة منها عن 45 ثانية ـ والاختلاف الثانى يكون فى حجم المعلومات التى يحتويها النص، حيث تكون أكثر عمقاً وتفصيلاًًً فى الفيتشر عنها فى التحقيق ـ لذلك فإن الفيتشر يحتاج إلى جهد كبير فى عملية المونتاج لاختيار أقوى اللقطات وتنظيمها بما يخدم الهدف الأساسى من البرنامج فى النهاية.
والفيتشر يهتم بالموضوعات التى تحتاج إلى زيادة معلومات الناس حولها، لذا فالبعض يميل إلى تسميته بالبرنامج الخاص الذى يمكن أن يدور حول حدث ما أو ظاهرة ما أو قضية ما، أو شخصية معينة، أو مناسبة معينة، تحتاج إلى تسليط المزيد من الضوء حولها لإفادة جمهور المستمعين
ويمكن الاستفادة من اللقطات الصوتية مع ضيوف البرنامج بطريقتين:
(الأولى) .. أن يؤخذ جزء منها داخل البرنامج لتدعيم المعلومات الواردة فى النص.
(الثانية) .. أن يستفاد من الجزء الآخر من هذه اللقطات فى تدعيم النص بما تحتويه هذه اللقطات من معلومات أو إحصاءات أو بيانات.
وينبغى أن نؤكد على أهمية النص الإذاعى فى الفيتشر، وضرورة الاهتمام بتدعيمه بكل الحقائق والبيانات الحديثة والصحيحة، وأن يراعى الموضوعية والحياد فى طرح الآراء الخاصة بالضيوف، وأن نقلل قدر الإمكان من استخدام الموسيقى حتى يكون التركيز الأساسى على عنصرى البرنامج الأساسيين: النص + اللقطات الصوتية .
(سابعاً) .. الدراما الإذاعية :
فى معظم البحوث والدراسات التى أجريت على جمهور المستمعين، حصلت الدراما على المراكز الأولى من حيث تفضيل الجمهور، واهتمامهم ومتابعتهم لها، وهذا يؤكد أهمية هذا الشكل ومدى تأثيره فى الجمهور. ويؤكد أيضاً ضرورة الاهتمام به وتوظيفه بشكل يجعل له قيمة وفائدة وليست مجرد مادة لشغل الوقت أو الترفيه فقط.
الجديد الآن فى الدراما الإذاعية هو كيف يمكن أن نستفيد بها فى خدمة قضايا التنمية - أو ما يسمى بالدراما التنموية. وهى تحمل نفس مواصفات الأعمال الدرامية العادية، إلا أن اهتمامها بالمضمون الهادف يكون هو الأساس فى كتابتها وأيضاً فى إخراجها. لذا فإن البعض يرى أن إخراج الدراما الإذاعية التنموية ينبغى أن يهتم أساساً بالمضمون مع الإقلال قدر الإمكان من الموسيقى والاكتفاء بالمؤثرات وباستخدام الظهور والتلاشى فى عملية النقل بين المسامع الدرامية، خوفاً من أن تشغل الموسيقى اهتمام المستمع على حساب المضمون التنموى. ولكن ذلك لا يعنى أن بناء الدراما التنموية مختلف، حيث أنه لابد وأن تحتوى على كل عناصر البناء الدرامى المعروفة من فكرة جيدة وجذابة، وحوار منطقى ومفهوم وغير إنشائى، وشخصيات واضحة المعالم ومرسومة بشكل جيد، وأداء متمكن من الممثلين والممثلات، إضافة إلى عناصر الصراع والتشويق الدرامى والنهاية المقنعة والمبررة والمقبولة من جانب المستمعين.
إذاً فالدراما التنموية لا تعنى وضع جمل إنشائية وشعارات قد يضحك منها الجمهور، وإنما صعوبتها تأتى فى أن تكتب دراما هادفة تخدم أغراض جادة ولكنها فى نفس الوقت جذابة وممتعة ومشوقة للجمهور بما لا يجعله ينصرف عنها، والصعوبة لا تكمن فقط فى الكتابة، وإنما أيضاً فى الأداء ، وفى الإخراج، فكلاهما ينبغى أن يتم بطريقة احترافية تحترم عقلية المستمع، فقد انتهى عصر الدراما ذات الصوت العالى والأداء الانفعالى المبالغ فيه والذى يميل إلى الأداء المسرحى التقليدى، ولذلك لابد من أن يراعى ذلك فى الإخراج الدرامى بما يتناسب مع طبيعة العصر وطبيعة الجمهور المتلقى وطبيعة الإذاعة نفسها كوسيلة.
منقول عن مقال
د. عاطف عدلى العبد كلية الإعلام - جامعة القاهرة