لا تتردد للحظة واحدة، لن يخدعك بقلمه الناعم، هو وأمثاله يستحقون أكثر من القتل. إستل سيفك من غمده أو ربما إرفع مسدسك فسيكون أسرع واطلق النار على رأسه فورا. أجل لا يموت الكاتب إلا عندما تسدد الضربة إلى رأسه. لا أحد يستطيع إغتياله بقطع يد، أو رجل. لا يموت الكاتب إلا برصاصة يحرص على تلقيها في جبهته.
هؤلاء الصحفيون، يستحقون القتل، السحل وربما أيضا السلخ. جرائمهم تلك لا يمكن المعاقبة عليها إلا بهذا النوع من العقوبات. الصحفيون ثائرون، متمردون، منفتحون لذلك يستحقون القتل. يثورون دوما في وجه الحكام وغالبا في وجه التخلف في كلا الحالتين مجرمون.
سيدي الحاكم أفنى عمره في ترويض الشعب وتعليمه فن الخنوع والخضوع والرضى بما يمليه الحاكم والتابعون. فالشعب ملك الحاكم الذي له حق التدبير. سيدي رجل الدين، شارفت شمسه على المغيب وما زال بعد تناول وجبة الغداء الفخيم ينصح أتباعه بجدوى التقشف والتقنين. وهو ما زال يجد ويتعب لتعريف المؤمنين بفوائد الأدعية في تبيان الحظ السعيد وقدرة الماء المقدس على التحسين، وأن للمؤمن آخرة فما له ولشؤون دنياه الفانية.
أما الصحافيون، فشعب نمرود يؤمنون بديمقراطية وحقوق. وأن الناس، كل الناس، متساوون في الحقوق وفي الواجبات. في الواجبات لا مانع، لكن في الحقوق لا يمكن القبول. فهل يعقل أن ابن الفلاح له نفس حقوق بن الرئيس. لو سألت صحفيا لدافع عن ذلك بشرعة حقوق الإنسان والمواثيق الدولية. الصحفيون يثيرون الشغب، يهددون أمن البلد. الأدهى من كل ذلك أنهم ينيرون للناس شموعا في ضوء النهار. بعد ذلك لا يستحقون القتل. عذرا نسينا أن نستثني طبعا كُتّاب السلطان.
الصحفيون أيضا، في غالبيتهم كافرون، يعلنون على الملأ بأن لرجل الدين عبادته وليس عليه شيء من أمور الدنيا. وأن الناس أحرار في معتقدهم وليس لأحد محاكمتهم أو محاسبتهم. ويصر معظم الكُتّاب على اعتبار أن الدولة لا دين لها وأن الوطن للجميع. بعد كل ذلك ألا يستحقون اللعنة، الرجم والقتل أيضا.
ذات يوم في دولنا العربية، دول ديمقراطية "المنسف والأرز" كما يسميها أستاذي الدكتور عبدالله النفيسي، سيعلن الحاكم قانونا يجيز ممارسة الدعارة، موجودة فعلا وتحتاج فقط لإطار قانوني، وقانونا موازيا يمنع بموجبه كافة الأعمال الصحافية واعتبارها جرما يعاقب عليه القانون بالإعدام لما فيها من مخاطر تهدد أمن البلد وإيمانه.
الصحفيون يستحقون القتل لأنهم لا يعرفون كيف يمنعون أقلامهم من الكتابة أو آرائهم من المواجهة.
محمد حسين الأطرش