حققت أعلى نسب المشاهدة في تاريخ الفضائيات العربية الدراما التركية تقتحم المجتمع الجزائري وتغير في عاداته 2011.02.28
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] بعد المسلسلات المصرية والدراما السورية، وقصص الحب
المكسيكية، توجهت الفضائيات العربية إلى نوع جديد من الدراما.. هي الدراما
التركية التي لاقت إعجاب المشاهد العربي وأصبحت تحقق أعلى نسب المشاهدة في
كافة أرجاء الوطن العربي من المحيط إلى الخليج حيث أصبحت ظاهرة تلفت الإنتباه، وذلك ما جعلنا نحاول التقرب من هذه الظاهرة ومحاولة معرفة تداعياتها في مجتمعنا الجزائري.
كانت
البداية على قنوات mbc في قصة “سنوات الضياع” ثم “نور”.. هكذا بدأت حكاية
المشاهد الجزائري مع الدراما التركية، عندما اكتشف نوعا جديدا من الدراما
التي أثارت فضوله، فكانت الإنطلاقة مجرد فضول لاكتشاف هذا المنتوج الجديد
والتعرف على هذه النوعية من المسلسلات ومدى اختلافها عما هو موجود في
الساحة، ولكن سرعان ما تحول ذلك إلى هوس بشيء إسمه “مسلسلات تركية”، ما أدى
إلى تهافت القنوات الفضائية على اقتناء هذا المنتوج الجديد الذي أصبح يصنع
الفارق في نسب المشاهد على أي قناة فضائية عربية.
الدراما التركية ..خروج عن المألوف..اعتبر
علماء الإجتماع العرب المسلسلات التركية خروجا عن المألوف، فطالما اعتاد
المشاهد العربي على متابعة المسلسلات المكسيكية المدبلجة التي تختلف كثيرا
عن مجتمعاتنا العربية على جميع الأصعدة، وإيجاد مسلسلات مدبلة تظاهي هذه
الأخيرة في الرفاهية والتقدم الذي يعيشه الغرب، هو ما تجلى في المسلسلات
التركية التي تحاول أن تصور المجتمع التركي المعروف بإسلامه.. فحسب علماء
الإجتماع هذا المجتمع المصور من خلال المسلسلات هو تركيبة غير مألوفة لدى
المشاهد العربي، فهي تمزج بين التحضر والتطور والإسلام الذي يُشعر المشاهد
بالإنتماء لهذا المجتمع، باعتباره أغلبية مسلمة. كما تلعب الدبلجة دورا
مهما، فهي باللهجة السورية التي طالما أحبها المشاهد العربي وتعود عليها،
بالإضافة إلى إخضاع أسماء الأبطال كذلك للدبلجة، ما يعطي المشاهد إحساسا
بالقرب أو الإنتماء لهذه المجتمعات، وهذا ما يجعله يميل إلى مشاهدتها
والإقبال عليها بسهولة.. فهي تحاول التقرب من المجتمعات العربية باعتبار
تركيا بلدا مسلما لا يختلف في تقاليده كثيرا عن المجتمعات الشرقية، ولكن
بلمسة علمانية تضفي شيئا من الإبهار..!
الطرح الجريء للقضايا الإجتماعية والطابوهات..العديد
من الجزائريين يحبذون المسلسلات التركية من حيث جرأة طرحها للمشاكل
الإجتماعية والعائلية، حيث يعتبرونها منبرا لتسليط الضوء على المواضيع التي
تعتبر جد مهمة، خاصة إذا تعلق الأمر بالحياة الزوجية والمشاكل التي
تواجهها.. هذا ما ذهبت إليه العديد من السيدات، مثل السيدة سمية، 32 سنة،
التي قالت “إن مسلسل “نور” وضح للرجال كيفية التعامل مع نسائهم، وعالج كل
المشاكل التي يواجهها الزوجان”، وأوضحت في ذات السياق أن الإعجاب كان
بشخصية “مهند” من حيث تعامله مع زوجته وليس من حيث شكله.
وفي نفس
الموضوع وضحت كاميليا، 22 سنة، أن المسلسلات تصور الواقع الذي نعيشه نحن في
مجتمعنا، إذ لا يمكن أن تعتبر قصص الحب شيئا غريبا عنا، فهذه العلاقات
تحدث عندنا ولا يمكن تجالها كما هو حاصل في الدراما الجزائرية. من جهته
السيد كمال، 40 سنة، أوضح في نفس الموضوع أن هذه المسلسلات تصور العديد من
الإنحرافات الأخلاقية، مثل الإجهاض، الزنا، والخيانة الزوجية.. وتأسف
قائلا: “للأسف لا يمكن لوم المسلسلات التركية فهذه الأمور تحصل كذلك عندنا،
وبالتالي للأسف الشديد هي تصور جوانب صحيحة إلى حد ما عن واقعنا المعاش،
وهذا ما يجعلنا ندمن على مشاهدتها، فهي تعالج مواضيع لم ولن تتجرأ الدراما
الجزائرية على طرحها بأي شكل من الأشكال”.. مع تحفظه على بعض التفاصيل مثل
الخمر وغيرها التي يعتبرها غريبة عن مجتمعاتنا العربية.
المسلسلات تغير أحوال بعض الناس بعد
بداية عرض المسلسلات التركية، أصبحت مصالح الحالة المدنية في كافة أنحاء
الوطن تسجل طفرة في الأسماء بالنسبة للمواليد الجدد، فهي سجلت تخليا بنسبة
كبيرة عن الأسماء الجزائرية الموروثة عن تراثنا الغني.. فما أكثر الأولاد
الذين أصبحوا يحملون اسم “مهند” والبنات اللاتي يحملن اسم “لميس”، والذي
يقدر بالآلاف عبر كافة التراب الوطني منذ سنة 2007، تاريخ بداية عرض
المسلسلات التركية.. فكل مسلسل يُعرض أصبحت أسماء أبطاله شائعة، وكل أم تلد
مولودا تسميه على اسم بطل أوبطلة مسلسل.. “سمر”، “نهال”، “سوزان” وغيرها.
والجيل الجديد من الأطفال أصبح يحمل أسماء بعيدة كل البعد عن أسمائنا
الجزائرية العريقة، وأصبح
يُعرف بجيل المسلسلات التركية..!
كما
أن هذه المسلسلات أصبحت غيرت العادات المنزلية لدى كثير من النساء والرجال،
فالنساء أصبحن يجتهدن من أجل إتمام العشاء باكرا قبل مواعيد عرض المسلسلات
التي تبدأ من السادسة مساء فما فوق، وحتى الرجال تغيرت مواعيد دخولهم إلى
المنزل.. فهناك من يحبذ المشاهدة مع العائلة، وهناك من يتجنب الدخول إلى
المنزل في هذا الوقت لأنه يدرك حالة الإندماج مع المسلسل التركي التي
سيجدها في منزله، ناهيك عن المشاكل العائلية التي تحدث في هذا السياق،
والتي تتنوع بين الإنزعاج من قضاء الوقت أمام التلفزة وإهمال الزوج،
والغيرة من تعلق النساء بأبطال المسلسلات، والعكس.. كما حدث مع السيدة
ليندة، 29 سنة، التي تشتكي من هوس زوجها بـ”لميس” لدرجة أنه أصبح يناديها
بهذا الإسم.. وكذلك السيد عادل، الذي يقول في هذا السياق، إن زوجته تقضي
حوالي أربع ساعات في اليوم في مشاهدة المسلسلات التركية على حساب أعمالها
المنزلية، وهذا ما دفعه إلى منعها من مشاهدة التلفاز.. فاحتدت المشاكل
بينهما ووصلت إلى مرحلة خطيرة من الخلافات..!
الحمى التركية.. في اللباس والسياحة منذ
بداية انتشار هذه المسلسلات، أصبحت الفتيات تتهافت على شراء الألبسة
والماركات التركية لمحاولة التشبه بالممثلات التركيات اللائي لا يخفى عنا
أنهن يعشن في مجتمع أوروبي علماني، لا يشبه مجتمعاتنا المسلمة التي تفرض
عادات لا يمكن تجاوزها، خاصة إذا تعلق الأمر بلباس المرأة، حيث أصبح لباس
فتياتنا ونسائنا بعيد وغريب عن مجتمعنا المحافظ، والكل أصيب بالحمى
التركية.. فالألبسة المصنوعة في تركيا أصبحت تحتل الصدارة في الأسواق
الجزائرية من حيث الطلب عليها. هذا ما تحدث عنه سمير، صاحب محل ملابس
نسائية في شارع حسيبة بن بوعلي بالعاصمة، الذي وضح أن السلعة التركية كثر
الطلب عليها في السنوات الأخيرة بشكل لافت حتى أنه يكفي أن يقول أن مصدر
اللباس تركيا حتى يحظى بإعجاب الزبونات. وعلى حد قوله فالسلعة التركية
أصبحت تتفوق على مثيلتها الباريسية في السوق الجزائرية.
كما أن تركيا
أصبحت وجهة سياحية بامتياز في الجزائر، فأصبحت وكالات السفر في الجزائر
تلاقي إقبالا كثيفا على الرحلات إلى تركيا في كل فصول السنة، والعديد من
النساء يجبذن تركيا، وبالأخص إسطنبول، من أجل قضاء شهر العسل أو العطلة
السنوية. والغريب في الأمر أن الجزائريين أصبحوا يعرفون أسماء المدن
التركية ويسعون إلى زيارتها من أجل السياحة.. بعد مشاهدتها على الشاشة.
علماء الدين.. هي ترويج للإنحلال الخلقي المسلسلات
التركية لاقت معارضة كبيرة من طرف رجال الدين في الوطن العربي، التي وصلت
إلى حد تحريم مشاهدتها من طرف العديد من الأئمة والمشايخ في كافة الوطن
العربي، على غرار الجزائر، أين عرفت في الآونة الأخيرة هجوما شرسا من طرف
أئمة المساجد والدعوة إلى عدم مشاهدتها، على اعتبار أنها تحرض على الرذيلة،
وترخص العلاقات الغير الشرعية بين الجنسين، وتجعل من الزاني والزانية
بطلين يتعاطف معهما جميع المشاهدين..! كما تبيح الإجهاض الذي يحرم في شتى
الأحوال تبعا لتعاليم ديننا الحيف.
وعلى حد قولهم فهذه المسلسلات أباحت
كل الممنوعات ودلت شبابنا على طرق وأساليب الرذيلة والفاحشة، وجعلت
مرتكبيها أشخاصا مثاليين يسعى الكل إلى تقليديهم والتشبه بهم. وحسب رجال
الدين فالمسلسلات التركية تدس السم في مجتمعنا وتحارب عقول شبابنا ونسائنا،
وتجعل الجميع يسعون إلى اللعب بنار الخطيئة.. وهذا أمر خطير يدعو الجميع
إلى التفكير في عواقبه.
د. فيروز
الفجر