شيعة السعودية يحيون ذكرى عاشوراء في أجواء يسودها الترقب
2010-12-17
القطيف (السعودية) ـ من أولف ليسينج: على غرار
أشقائهم الشيعة في أنحاء الشرق الأوسط أحيا حسين وأصدقاؤه في السعودية ذكرى
عاشوراء الخميس وإن كان يساورهم شعور بالقلق بشأن مستقبلهم في المملكة
المحافظة التي يعيش فيها غالبية سنية.
استيقظ مئات الشيعة في بلدة
القطيف الصغيرة المطلة على الخليج بالمنطقة الشرقية الغنية بالنفط مبكرا
وهم متشحون بالسواد لينضموا الى المواكب التي كانت محظورة لإحياء ذكرى مقتل
الإمام الحسين.
ويختبر الشيعة الذين طالما اعتبرتهم السلطات السعودية
ورجال الدين السنة مهرطقين او حتى عملاء لإيران تعهدات الرياض بالسماح لهم
بممارسة شعائرهم بحرية اكبر.
وهم يخشون الان تراجعا عن تلك التعهدات في صراعم الطويل من اجل الاعتراف بهم.
فحرية
إحياء ذكرى عاشوراء دون التعرض لمضايقات نسبيا في القطيف والقرى المجاورة
هي ثمرة تغييرات بدأها العاهل السعودي الملك عبد الله منذ توليه الحكم عام
2005.
لكن الملك يبلغ من العمر 87 عاما وهو يعالج في نيويورك. بينما قضى
اخوه غير الشقيق الأصغر منه بقليل ولي العهد الأمير سلطان العامين
الماضيين خارج البلاد للعلاج من مرض لم يتم الإفصاح عنه. وفي ظل احتمالات
الخلافة يخشى الشيعة من أنه اذا جاء ملك اكثر ميلا للاتجاه المحافظ فإنه قد
يكون اكثر صرامة معهم. وقال حسين 'مستقبلنا يتوقف على ما اذا كان لدينا
ملك ليبرالي او اكثر ميلا للمحافظة'.
وقد يكون من المرشحين المستقبليين
الأمير نايف وزير الداخلية. ويرأس الأمير نايف جهازا أمنيا كبيرا وهو مقرب
من رجال الدين الوهابيين.
ورقي الامير نايف العام الماضي الى منصب
النائب الثاني لرئيس الوزراء وهو المنصب الذي يجعله مسؤولا عن إدارة البلاد
اذا كان الملك عبد الله والأمير سلطان خارج البلاد.
وقال شاب شيعي آخر يدعى عبدالله 'نحن نخشى نايف'.
وقالت
جين كينيمونت من ايكونوميست إنتيليجنس يونيت التي تقدم بيانات عن الدول
وقطاع الاعمال بها ان هذه المخاوف منتشرة على نطاق واسع لأن الإصلاحات التي
أجراها الملك عبد الله لم تسفر في كثير من الأحيان الا عن تغيرات في أسلوب
الحكم وليس تغيرات مؤسسية. وأضافت 'نتيجة لهذا هناك خطر التراجع عنها'.
وشهدت
المنطقة الشرقية توترات العام الماضي بعد أن قال رجل الدين الشيعي نمر
النمر في خطبة إن الشيعة يمكن أن يطالبوا ذات يوم بدولة لهم وهي دعوة لم
تسمع الا نادرا بعد قيام الثورة الإسلامية في ايران عام 1979 وقد أثارت
اضطرابات بين الشيعة السعوديين.
وفي حين خفف زعماء الشيعة المعتدلون من
حدة الاحتجاجات بعد خطبة النمر فإن الكتابات المناهضة للحكومة على الحوائط
في المجاورة التي تندد بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تظهر أن
الغضب لا يزال مستعرا. كما علقت صور الشيعة الذين اعتقلوا في الاحتجاجات
على أعمدة الإنارة.
ويقول مسؤولون إن الشيعة يمثلون عشر سكان السعودية البالغ عددهم 18 مليون مواطن. ويقدرهم دبلوماسيون بنحو 15 في المئة.
وفي
حين يستطيع الشيعة ممارسة شعائرهم في القطيف فإنهم يقولون إنهم سيعتقلون
اذا حاولوا القيام بهذا علنا في مدينتي الدمام او الخبر المجاورتين.
وقال الكاتب الشيعي محمد الشيوخ إن الوضع مختلف تماما هناك اذ لا يمكن بناء مساجد للشيعة هناك.
وخلال
موكب عاشوراء ارتدى كثير من الشبان الجينز او القمصان والكنزات الصوفية في
رفض مبطن للجلباب وغطاء الرأس الأبيض وهو الزي التقليدي في السعودية في
المكاتب الحكومية والمدارس. لكنهم لم يمارسوا طقس جلد أنفسهم الذي تمارسه
الطائفة الشيعية اثناء إحياء هذه الذكرى في بلاد أخرى. ويذهب الكثير من
شيعة السعودية الى دولة البحرين المجاورة حيث يمثل الشيعة أغلبية هناك
ويجري الاحتفال بعاشوراء بشكل اكثر علنية.
وقالت وزارة الخارجية
الأمريكية في تقريرها السنوي الدولي عن الحريات الدينية الذي صدر الشهر
الماضي إنه في الدمام التي يوجد بها عدد كبير من الشيعة هناك مسجد واحد
لهم. وأضاف التقرير أن تسعة من أماكن العبادة المخصصة للشيعة في الخبر
والاحساء أغلقت. وبموجب اتفاق مع الحكومة عاد زعماء الشيعة الذين عاشوا في
منفى اختياري منذ احتجاجات عام 1979 الى البلاد في التسعينات.
ويقول
زعماء معتدلون إن الأوضاع أفضل مما كانت عليه قبل عشر سنوات لكن ابناء
طائفتهم يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية. وعلى الرغم من احتواء المنطقة
الشرقية على معظم ثروة السعودية النفطية فإنها أقل ثراء من الرياض.
وتنفي
الحكومة الاتهامات بالتمييز قائلة إن جميع المواطنين يتمتعون بنفس الحقوق.
وأعلنت عن استثمارات مثل سوق جديد للأسماك في القطيف لكن الشيعة يقولون إن
قراهم متخلفة وإنهم يحرمون من المناصب المهمة في الحكومة وأجهزة الأمن.
وقال
دبلوماسي غربي في الرياض 'من المؤكد أن الملك عبدالله نواياه طيبة لكن
الكثير من رجال الدين ومسؤولي الحكومة لا يثقون في الشيعة... أما أن يصبح
(الأمير) نايف ملكا فهذا أمر غير متصور بالنسبة لكثير من شيعة السعودية'.
(رويترز)
القدس العربي