المراسل عضو مجتهد
عدد المساهمات : 286 تاريخ التسجيل : 20/11/2010
| موضوع: الاعلام والفساد الأربعاء ديسمبر 01, 2010 8:30 pm | |
| الاعلام والفساد عدنان شيرخان
في دول عديدة في اسيا وافريقيا حيث مرتع ومراعي الفساد بجميع انواعه، لا يخفيالعديد من كبار المسؤولين غضبهم من وسائل الاعلام فيما يخص قضايا الفساد،ويحملونها مسؤولية تضخيم هذه القضية واعطائها حجما اكبر بكثير مما هي على ارضالواقع، يعتقدون ان الفساد في بلدانهم اقل بكثير مما تصوره وتعرضه وسائل الاعلام. وفي الجانب الاخر تعتقد غالبية كبيرة من المواطنين بأن الاعلام يقف على رأسالمقصرين في فضح الفساد، وان مجموعة من العوامل والدوافع تقف شامخة وراء هذاالتقصير تترواح بين الخوف من عواقب الكتابة عن الفساد بجدية، وبين المساهمةوالمشاركة في الفساد بتلقي اموال من فاسدين مقابل السكوت، والابتعاد بنشر مواضيعتتعلق بالاثار المدمرة التي ستلحق بالارض نتيجة ظاهرة الانحباس الحراري. من المثير للسخرية حقا اتهام الاعلاميين بتضخيم ظاهرة الفساد، والاولى اتهامهمبالتقاعس عن اداء دورهم المهم في كشف هذه الظاهرة، والبحث عن الذين يقفون وراءها،وقبولهم بالصمت او التستر بضعف او انعدام المتابعة الاعلامية للفساد، وان انعقادلسانهم عندما يأتي ذكر الفساد، اشاعة لمشاعر الخوف التي تحيط بالفاسدين وانهم لايتورعون عن فعل اي شئ عندما يمس الاعلام اوضاعهم. ولكن لمحاربة الفساد بجميع انواعه وصنوفه السياسي والمالي والاداري وجه اخلاقييقوم به المجتمع، عندما تشيع ثقافة احتقار الفساد والفاسدين والمفسدين والتصدي لهمبمنتهى الشجاعة. على النقيض من المجتمعات التي تظهر الاحترام للفساد والاعجاب بماتؤول اليه احوال الفاسدين، وتقديس الصعود المالي السريع للاشخاص وان لم يأت شرعيا،وجاء عن طريق ( الفهلوة)، ومواجهة الشرفاء بالمثل الشائع ( الرجال اللي اعبيبالسكلة رقي)، او ان فلانا ( ذيب امعط ) يسرق وينهب ولا يستطيع القضاء والنزاهةاثبات شئ ضده. مشكلة الفساد في جوانب عددية تتعلق بالموقف منه اجتماعيا واخلاقيا، ومن رمي تبعاتهعلى مخلوقات تأتينا من المريخ، المجتمع الذي يظهر احتراما كما يظهر المجتمعالبريطاني مثلا للصحافة التي تتصدى للفساد، يفكر الفاسدون ألف مرة قبل ان يفعلواشيئا. في بريطانيا وقبل نحو ثلاثة اشهر نشرت صحيفة الديلي تلجراف نفقات اعضاء البرلمانالبريطاني، وقالت انهم طالبوا بتعويضات من خزينة المجلس بين تغطية تكاليف صيانةمنازل ريفية او بيوت فخمة بتكاليف بلغت عشرات الاف الجنيهات. واشتملت القائمة طلباحد النواب دفع راتب سنوي بلغ 14 الف جنيه لموظف يقوم برعاية المنزل الخاصبالنائب، وطلب اخر بدفع الفي جنيه لتنظيف نفق يحيط بمنزل ريفي لاحد النواب، وايضادفع تكاليف صيانة لمهبط طائرات عمودية. واعتبرت الجريدة هذه الطلبات التي تتعلقبنفقات باذخة سيثير حفيظة دافعي الضرائب بشكل اوسع ويثير الشكوك حول اداء مكتبمراقبة نفقات مجلس العموم. المعلومات (الصحيحة) التي نشرتها الصحيفة، دفعت برئيس مجلس العموم البريطاني مايكلمارتن الى الاعتذار والتعبير في بيان صدر باسمه عن عميق أسفه للفضيحة التي تحيطبنفقات نواب البرلمان البريطاني، وقال " إن النواب خذلوا الشعبالبريطاني"، وعندما تعالت الأصوات المطالبة باستقالته، لم يتردد بالاستجابةلها وقدم استقالته، وهو أول رئيس لمجلس العموم يجبر على التنحي من منصبه منذ أكثرمن ثلاثة قرون. لقد ضغطت التغطية الاعلامية المكثفة على مجلس النواب بشدة وحطمت اضلاعه، وجعلتالناس ينظرون الى السياسيين وكأنهم مجرد نفعيين يسلبونهم اموال الضرائب، ونسفت أياخلاقيات يعتقد الناس انها لا تزال متبقية لدى السياسيين ومؤسسات الديموقراطيةالراسخة. ماذا سيحدث لو اوتي الاعلام في دول عديدة مثل ما اوتي في بريطانيا من قوة ونفوذواحترام ومصداقية، وصال على الفساد ودمر حصونه التي كانت تبدو باعين الكثيرينمنيعة. معظم قضايا الفساد تمر على الشعوب النائمة المنبطحة المسترخية، التي تنتظردائما ان يأتيها شئ من المجهول لينقذها، اما الشعوب الحية فلا تنطلي عليها الحيل،وبأمكان صحيفة واحدة كما فعلت الديلي تلغراف ان تهز عرش مجلس العموم وان تجبررئيسه على الاعتذار والاستقالة. المعارك ضد الفساد من اصعب واشرس المعارك، ولنتتقدم الشعوب خطوة الى الامام، ما دامت ارضة الفساد تنخر اقتصادها، وتسرق نسبعالية من مواردها، وتصبح مصداقية المشاعر الوطنية التي يحرص السياسيون على اظهارهابمناسبة وبدون مناسبة موضع شك كبير ..
| |
|